احتضنت قاعة العروض بدار الثقافة ابن خلدون المغاربية مساء أول أمس، لقاء أدبيا وفنيا بعنوان «سياسة الاغتصاب في الآداب والفنون»، نظّمه صالون «ناس الديكامرون» الذي يديره الروائي كمال الرياحي. تواصل اللقاء على مدىثلاث ساعات من الزمن أو أكثر رغم محاولات الاختصار وذلك لأهمية الموضوع المطروح (الاغتصاب) والخلفية السياسية المتعلّقة باغتصاب الفتاة التونسية من قبل عوني أمن في الفترة الأخيرة.
5 اغتصابات
استضاف الصالون في هذا اللقاء الروائي التونسي الهادي ثابت، صاحب الرواية السياسية «الاغتصاب»، الصادرة بالقاهرة ، سنة 2008، والتي لم تجد ناشرا بتونس على حد تعبير الروائي كمال الرياحي.
أبرز ما جاء على لسان الروائي الهادي ثابت كان قبيل مغادرته اللقاء بقليل وتحديدا في عنصر النقاش لما صرّح بأن الفتاة التونسية المغتصبة من قبل عوني أمن، لم تغتصب مرّتين فحسب بل إن «الفتاة اغتصبت 5 مرّات... نعم... فقد اغتصبت في مرحلة أولى مرّتين من عوني الأمن واغتصبت في مرحلة ثانية، معنويا، من قبل وزير الداخلية ووزير العدل، وحاكم التحقيق...».
الروائي التونسي الهادي ثابت تحدّث كذلك، أثناء تقديمه لروايته «الاغتصاب» عن مضمون هذه الرواية قائلا: «هي رواية سياسية تكشف قضايا الاغتصاب السياسي داخل السجون التونسية في العهدين السابقين (أي في فترتي رئاسة بورقيبة وبن علي)»، وذكر أن بطل الرواية هو شاب عامل يغتصب في مركز بحث، وهو عبارة عن فيلا بمنطقة نعسان وذلك في زمن الحكم البورقيبي. وقال ان البطل اغتصب لأنه قرّر أن يكون بطلا لذلك تم اذلاله بالاغتصاب، على حدّ تعبيره.
اليسار نظيف
وعرّج الروائي الهادي ثابت، في سباق حديثه عن روايته، على تعرّض عديد الاشخاص والمناضلين المنتمين الى اليسار للتعذيب وخاصة للاغتصاب، لكنه أبرز أن كل المغتصبين من اليسار لا يصرّحون بما تعرّضوا إليه في السجون، وأكّد على صعيد متّصل، أن «اليسار التونسي لم يمارس العنف ضد العنف الممارس عليه في العهدين السابقين».
وشدّد في هذا الصدد على أن مشكلة اليسار هي الشخصنة، إلا أن اليسار نظيف، كا جاء على لسانه، وأبرز صاحب رواية «الاغتصاب» أن تحرّك اليسار التونسي في الفترة البورقيبية، كان عبارة عن حركة ثقافية كبيرة جدا، أربكت النظام الذي كان سببا مباشرا في تكوين الاتجاه الاسلامي لضرب اليسار على حد تعبيره.
دراسة تحليلية
دراسة موضوع «الاغتصاب» في صالون «ناس الديكامرون» لم تقتصر على مداخلة الروائي الهادي ثابت، فقد قرأ، الكاتب أيمن الدبوسي الباحث في علم النفس، مقطعا من روايته الجديدة «النفساني» والتي تحدث فيها عن الاغتصاب من خلال حوار بين اخصائيين نفسانيين.
كما قدّم الاستاذ عدنان جدي الباحث في الفلسفة والجماليات قراءة علمية نقدية للوحات فنية (رسوم تشكيلية وصور فوتوغرافية، ورسوم كاريكاتورية) عن موضوع الاغتصاب لأكبر المبدعين في هذا المجال، علما وأن اللقاء استهله هذا الباحث بعرض مشهد اغتصاب من فيلم «اينيفرسيل» لڤاسبار، هذا المشهد قال عنه عدنان جدي انه اختير من بين 30 لقطة الاكثر اثارة في السينما العالمية، وقام بتحليل الاثارة السلبية لهذه اللقطة او المشهد المعروض علميا ونفسيا.
سخرية طفل
وتجدر الاشارة الى أن أبرز المتدخلين في عنصر النقاش، طفل، (لم ينه مرحلة التعليم الاساسي)، مسك المصدح بكلتا يديه الصغيرتين ليتحدث عن موضوع الاغتصاب برؤيته الخاصة، فيقول «الأمن الذي من المفترض أن يحمي البلاد والمواطنين أصبح يغتصب!! ومن يدري اليوم اغتصب «مريم» وفي المستقبل قادر على اغتصاب الاطفال؟!...».
كلام قاطعته شقيقته الاكبر منه سنا قائلة «لقد أصبح أخي كثير السخرية من أعوان الامن، وأصبح يقول كلاما ساخرا من قبيل ما حدث قبل مجيئنا لهذا اللقاء حيث خاطبني عند مرورنا من أمام اعوان أمن قائلا: «هيّا نذهب فالبلاد أصبح عدد كبير من البوليسية...».