نظمت الجمعية التونسية من اجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد» بالتعاون مع مكتبها الجهوي بقفصة لقاء حواريا بين الناخبين والمنتخبين حول دور العدالة الانتقالية في التنمية تميز بتجاذبات حادة وانسحابات واختلفت الرؤى بشأن عدة مسائل جوهرية. اللقاء شارك في تنشيطه من خلال المداخلات والتفاعل مع النقاشات نواب الجهة بالمجلس التأسيسي زهرة صميدة عن حركة النهضة ومحمد كحيلة عن الحزب الديمقراطي التقدمي وحسن الرضواني مستقل منشق عن العريضة الشعبية وفيصل جدلاوي مستقل وعبد السلام شعبان عن حزب المؤتمر وفي كلمة الافتتاح اشار السيد معز بوراوي رئيس جمعية عتيد إلى ان جمعيته ساهمت في انجاح المسار الديمقراطي وقد تمكنت من الانتشار في كامل البلاد من خلال بعث 24 مكتبا جهويا واستقطبت ما لا يقل عن 2600 منخرطا اضافة إلى بعث 6 مكاتب بالخارج واضاف السيد معز ان عتيد هي الجمعية الوحيدة التي راقبت كامل المسار الانتخابي وقدمت مقترح نص لدسترة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومشروع قانون لبعثها. السيدة زهرة صميدة اهتمت في مداخلتها بموضوع الاستبداد والانتهاكات مشيرة إلى اذرع ثلاثة دعمته هي الذراع الامني والذراع السياسي وذراع النخبة المنظرة للاستبداد مشيرة إلى ان الاتجاه نحو سن قانون للعدالة الانتقالية خطوة مهمة ليسترجع ضحايا الاستبداد حقوقهم اما السيد محمد كحيلة فقد اشار إلى ان العدالة الانتقالية اشمل من التعويضات مؤكدا على دورها في تعزيز التوازن الجهوي وانطلاقها من تامين اصلاحات عميقة في المجالات الادارية والقضائية والامنية. السيد حسن الرضواني تحدث عن توصيف المظالم وتحديد مرتكبيها وارجاع الحقوق إلى اصحابها وذلك من خلال تفكيك منظومة الفساد مقرا ببعض التعثر في العدالة الانتقالية في غياب التوافق الوطني وأكد الرضواني ان المظالم التي تعرض لها الافراد لا يجب أن تخفي ما عانته الجهات من تهميش ومنها جهة قفصة التي لم تستفد من ثروة الفسفاط على مدى عقود ومن جهته اكد السيد فيصل الجدلاوي على اهمية سن القانون المنظم للعدالة الانتقالية وبعث مجمع قضائي مشيرا إلى ان مرحلة التأسيس لهذا الهيكل قد طالت وهذا ما سيعقد حسب رأيه المتابعة اللاحقة لبعض ملفات العدالة الانتقالية مؤكدا على مشاركة الجميع من احزاب وجمعيات ومنظمات في سن قانون العدالة الانتقالية رافضا بالتوازي مع ذلك انفراد المجتمع المدني بسن القوانين المنظمة للهيكل المختص بالعدالة الانتقالية ولاحظ الاستاذ الجدلاوي ان بعض الممارسات تساهم اليوم في تعطيل العدالة الانتقالية وارجاع الفاسدين.
احتجاجات ونقاشات
قبل الاستماع إلى اراء المشاركين في هذا اللقاء انسحب اغلب نواب المجلس التأسيسي للقيام ببعض التصريحات الاذاعية والتلفزية ولمأرب اخرى مما اثار احتجاج الحاضرين الذين تداعوا إلى الانسحاب ايضا وهو ما تم فعلا ليعود الجميع إلى قاعة الاجتماع بعد ان هدأت الخواطر حيث تساءلت السيدة درصاف عن دور اعضاء المجلس التأسيسي وهم يلاحظون بوضوح تأخر الحسم في ملف العدالة الانتقالية داعية اياهم إلى الجدية في التعاطي مع هذا الموضوع اما محمد الناصر لعماري عن جمعية البيئة والتنمية بالمتلوي فقد تحدث عن اثر الانظمة السابقة في عقلية التونسي ملاحظا ان ممارسات عديدة مازالت تحول دون تطور نسق التنمية بالبلاد منها الاعتصامات العشوائية واستباحة هيبة الدولة واستشراء الانانية والنزعات الجهوية والعروشية ومساهمة بعض وسائل الاعلام في تردي الذوق العام وانعدام الجدية والموضوعية في تناول القضايا التي تعكس الشواغل الحقيقية للمواطن. الدكتور رؤوف حسناوي عن رابطة حقوق الإنسان توجه بلوم شديد إلى نواب قفصة بالمجلس التأسيسي اذ اشار إلى انهم لم يتدخلوا يوما في موضوع الشواغل التنموية للجهة مذكرا بان الثورة قامت من اجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية وفي موضوع العدالة الانتقالية أكد د. حسناوي على المساءلة والمحاسبة والتسامح معبرا عن انزعاجه من الفتن وحالة «الفوران» الاجتماعي التي يرى انها تحول دون معالجة القضايا الرئيسية للبلاد اما السيد الاخضر صويد اعلامي فقد اشار إلى ان الحديث عن العدالة الانتقالية يمر حتما عبر معالجة المسالة التنموية في المستوى الجهوي ملاحظا في هذا الصدد ما اعتبره تهميشا لجهة قفصة في كل المجالات الصحية والاقتصادية والبيئية وتردي البنية الاساسية مؤكدا على حق الجهة في نسبة من مداخيل الفسفاط تمكنها من تدارك ما فاتها وضمان مستقبل ابنائها في العيش الكريم وقد حمل السيد صويد المسؤولية لنواب الجهة بالمجلس التأسيسي في الدفاع عن حق قفصة في تنمية شاملة .الاعلامي والناشط الفاهم بوكدوس اشار إلى ان مسار العدالة الانتقالية بتونس نوعي في مستوى ابعاده الاجتماعية داعيا اعضاء المجلس التأسيسي إلى صياغة قوانين تضمن حق الشغل والصحة لافتا الانتباه إلى ان الفساد مازال قائما وفاعلا في عديد المواقع منها الاعلام مشيرا إلى ان مسؤولين فاسدين هم إلى اليوم على راس عديد المؤسسات الإعلامية العمومية متسائلا عما فعله المجلس التأسيسي في هذا الصدد ولم يفت السيد بوكدوس إلى ان يشير بكل اسف إلى ان المشهد التونسي اليوم متميز بغلبة التدافع السياسي والايديولوجي على حساب المصلحة العامة للبلاد .السيد عبد الرزاق الضاوي تحدث عن مآسي المناضلين السياسيين وما تعرضوا له من انتهاكات وتشريد وتجويع على امتداد عقود مستغربا كيف انضم بعض المناضلين الصادقين إلى تشويه الضحايا وبخسهم حقهم في جبر الاضرار والتعويض .قضايا عديدة اخرى اثارها الحاضرون منها عدم التقدم في الحسم في ملفات فساد معروفة في مؤسسات مختلفة بالجهة وما يتهدد مطار قفصة من اتجاه نحو اغلاقه بعد تعليق رحلاته كما انتقد البعض ما تتناقله الفضائيات من تجاذبات ومعارك في المجلس التأسيسي لا تهم المواطن وتهز صورة المجلس المنتخب ودافع بعض المتدخلين عن حق الجهة في نصيب من المناظرات تراعي نسبة البطالة المرتفعة فيها.