حوار كاتب الدولة للخارجية التهامي العبدولي، للشرق الأوسط ، يطرح أكثر من نقطة استفهام ، عن خفايا الهجوم الحاد الذي شنه على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ووصل حد التكهن بأنّ مستقبل النهضة ليس معه وانما مع رئيس الحكومة حمادي الجبالي. العبدولي دخل الحكومة من بوابة حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وهو محل انتقادات لاذعة منذ مدة لإهماله عمله الدبلوماسي وانشغاله بتلميع صورته الشخصية، وخاصة بعد اتهامه بالركوب على مسألة الهجوم على مقرات اتحاد الشغل منذ أشهر.
نقد التهامي العبدولي للغنوشي يبقى حسب الملاحظين مبررا ومقبولا فهو قبل كل شيء مثقف وجامعي، ولكن محاولة افتعال مشكلة بين رئيس حركة النهضة وأمينها العام تبدو غريبة وخاصة من عضو حكومة يفترض منه التزام واجب التحفظ . من حق العبدولي إطراء الجبالي ونقد الغنوشي واعتباره موضوعيا، وصادقا ولكن السياق الراهن يجعله «هدية مسمومة» لا يفرح بها حمادي الجبالي، ولا تساعد الترويكا على الحفاظ على تماسكها. والغريب أنها لم تثر أي رد فعل من شريك النهضة في الحكم، حزب التكتل وأمينه العام مصطفى بن جعفر .
هل يعني ذلك مباركة لموقف كاتب الدولة للخارجية؟ ام خوفا من انضمامه لقافلة الغاضبين والمنسحبين من الحزب ؟ هل دفع راشد الغنوشي بهذا التصريح ثمن ضعف الانضباط الحكومي ام غياب الانضباط الحزبي داخل الترويكا ام هي مناورة من حليفه بن جعفر، تذكر بمواقف محمد بنور ضد التعيينات الحكومية في الإعلام؟ تصريح التهامي العبدولي، لا يجب ان يمر ، كما لو كان تصريحا عاديا او عفويا خاصة بعد تداوله الواسع من طرف وسائل الإعلام الوطنية. عضو الحكومة من حقه التعبير عن رأيه، ولكن من واجبه الالتزام بالواجبات التي يقتضيها منصبها وموقعه في الحكم. ويبدو ان الموضة في تونس اليوم هي التمتع بثمار الحكم، والتصرف بروح المعارضة . منطق غريب. ولا سيما حين يكون مقترنا بمحاولة واضحة لدق «إسفين» بين رئيس حركة النهضة وأمينها العام. لمصلحة من؟ هذا هو السؤال.