اتهم امين عام حزب الشعب وعضو المجلس الوطني التاسيسي محمد البراهمي خلال ظهوره ببرنامج "لاباس" على قناة "التونسية" رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بادارته بتشكيل حكومة ظل بدل تلك التي يراسها حمادي الجبالي. واثار هذا التصريح اسئلة حول واقع هذه "الحقيقة" وما يمكن أن يترتب عنها من اثارة في هذا الوقت بالذات. ولئن اظهر البراهمي ما يبرر موقفه ذلك سواء من خلال تدخل الغنوشي في مسائل سياسية لا تعنيه بشكل مباشر باعتباره لا ينتمي إلى الحكومة أو لأنه لا ينتمي حتى إلى المجلس الوطني التأسيسي إلا انه بات يقرر وبشكل متواتر أهم الخطوط العريضة للحكومة. ومن أولى التجليات التي أظهرت ما تقدم مثلا إعلان الغنوشي عن تغيير متوقع في الحكومة وذلك قبيل المؤتمر الوطني السادس للحركة وقد كان آخرها إعلان رئيس حركة النهضة عن الموعد الانتخابي القادم وتحديده لتاريخ جويلية 2013 على حد قوله. كما تمظهرت اشكال التداخل في عدة صور منها حضوره في قصر الجمهورية يوم أداء أعضاء حكومة الجبالي اليمين، كما أن راشد الغنوشي اخذ صفة المتحدث الرسمي باسم التونسيين في محافل دولية رغم حضوره بصفته رئيس حركة سياسية. كما تجلى ذلك خلال حضوره حفل استقبال رسمي لرئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية الذي زار بلادنا في وقت سابق حيث حضر اللقاء وقتها رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي ومستشار الحكومة عبد الفتاح مورو وراشد الغنوشي الذي لا صفة حكومية له للحضور باعتبار أن اللقاء رسمي بالاساس وليس لقاء حزبيا. وقد أدت كل هذه التدخلات إلى ظهور عدة أسئلة حول «استقلالية» حكومة الجبالي عن حركة النهضة، بل ذهب العديد من المتابعين إلى التساؤل عن الدور الحقيقي لرئيس الحركة. فهل بات الغنوشي يشكل حكومة موازية لحكومة منتخبة ؟ موقفا النهضة والتكتل وفي إجابته عن هذا السؤال استبعد الناطق الرسمي باسم التكتل محمد بنور هذا الادعاء مبينا في ذات السياق أن "وزراء الحكومة من ممثلي التكتل لم يخضعوا لأيّة ضغوطات أو قرارات من هذا القبيل". وأضاف بنور: لو احسسنا باي نوع من العمل الموازي لقدمنا استقالتنا فورا من الحكومة لانه من المستحيل أن نقبل لأنفسنا "دور شهود الزور" على حدّ وصفه. وبين بنور "أن الوزراء لا يعيشون تحت أي ضغط وهو ما يفند ادعاء بعض السياسيين لان مثل هذا القول هو ادعاء باطل". وفي ذات السياق نفى عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة احمد المشرقي ما تم تداوله في هذا الشان معتبرا أن "الامر لا يعدو أن يكون سوى سوء فهم ذلك أن اعتى الديمقراطيات تقوم على التشاور بين الأحزاب الحاكمة والحكومات من اجل التنسيق وتحقيق الأهداف المدرجة ضمن البرامج الانتخابية وهو ما يحصل بالضبط بين أطراف الحكم الثلاثة في تونس". حكومة "فرد" ومن جهته اعتبر عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري وعضو المجلس الوطني التأسيسي رابح الخرايفي أن "كل المؤشرات السياسية تدل على تدخل رئيس الحركة في الشأن الحكومي بمفرده". وارجع الخرايفي ذلك إلى عدة مواقف منها "تصريحات الغنوشي والتي كثيرا ما تسبق تصريحات الوزراء أو حتى رئيس الحكومة على غرار التحوير الوزاري وتحديد موعد للانتخابات واداء المجلس الوطني التأسيسي خاصة ان تصريحاته كثيرا ما تظهر بصيغتها التقريرية وليست مجرد تصريحات سياسية لرئيس حزب وهو ما ادى إلى اضطراب في الاداء الحكومي والتي وصلت إلى حد العجز بسبب اداء وزراء الحكومة والذين هم في نفس الوقت اعضاء للمكتب السياسي للحزب مما ادخل نوعا من التعارض بين الاداء الحزبي والاداء الحكومي". ولم يخف الخرايفي التاكيد على وجود "رجال دولة حاسمين" في هذا الشان الوطني في اشارة منه إلى كل من رئيس الحكومة حمادي الجبالي ووزير الداخلية علي العريض بشان الحسم في ملف السلفيين وامتناعه عن الترخيص لمسيرة كانت مقترحة من قبل رئيس الحركة في شهر جوان الماضي. الولاء للحزب ومن جانبه لم ينف الناشط والمحلل السياسي ماجد البرهومي هذا التداخل الحاصل بين مهام رئيس الحركة والحكومة حيث قال أن راشد الغنوشي "هو الآمر والناهي في الحركة حتى أن أصواتا سمعت من هنا وهناك من داخل الحركة تطالب بأن يبقى الغنوشي رئيسا للحزب الحاكم الحالي مدى الحياة وبالتالي فإن لراشد الغنوشي باعتباره رئيسا لحركة النهضة سلطة على من هم دونه منزلة في السلم الهرمي ومن ذلك السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة باعتباره الأمين العام لحركة النهضة وكذا لباقي وزراء الحكومة النهضويين". واضاف "فالانضباط داخل النهضة يفرض طاعة رئيس الحركة والائتمار بأوامره وبالتالي فمن المنطقي أن تخضع الحكومة برئيسها ووزرائها النهضويين إلى إرادة رئيس حركة النهضة وكذلك وبوزرائها غير النهضويين من حزبي المؤتمر والتكتل باعتبار أنه جيء بهم لملء الفراغ ولم ينالوا حقيبة سيادية واحدة إذا استثنينا وزارة الدفاع التي لديها وضع خاص". وخلص البرهومي إلى القول "ان الغنوشي ليس بحاجة إلى إنشاء حكومة جديدة باعتبار سيطرته على الحكومة الحالية ولعل عدم استقالة وزراء النهضة من حركتهم حين أسندت لهم عضوية الحكومة يساهم في حصول هذا الخلل ولا بد من الفصل بين الإدارة والحزب لمعالجة هذه الوضعية الغريبة".