بالرغم من التجاذبات التي سبقت انعقاد المؤتمر الوطني للحوار الا أن الاتحاد العام التونسي للشغل نجح في أن يجمع المجتمع التونسي حول مبادرته... تغيب كل من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية لم ينجح في ابعاد الأضواء على أهم مبادرة حوار وطني أطلقت ليس فقط بعد 14 جانفي بل في تاريخ الدولة التونسية المستقلة.
نقطة قوة الاتحاد العام التونسي للشغل أنه كان دائما ينجح في جمع كل الأطراف حوله. أهمية المؤتمر الوطني للحوار أنه نجح في جذب الأضواء اليه وتقليص الاهتمام بمشروع خارطة الطريق الذي أطلقته «الترويكا» مؤكدا أن أهمية الحوار لا يمكن لأي خارطة طريق أن تنفيها.
اطلاق مشروع «الترويكا» لم يقدر في نظر المراقبين أن يسرق الاضواء أو يقلص الاهتمام بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل فجلسة الافتتاح أكّدت أن الأغلبية الساحقة من الأطراف السياسية ومكوّنات المجتمع المدني تتمسك بمبادرة الاتحاد كآلية للوصول الى توافق وضبط خارطة للطريق.
نجحت مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل في أن تتحول الى قوة ضغط حقيقية على كل الاطراف السياسية بما في ذلك الأطراف السياسية التي كانت تحسب نفسها قوية وقادرة على قلب كل الموازين وهذا ما يحسب الآن للاتحاد العام التونسي للشغل ويحسب لمبادرته التي رغم محاولة «سحب البساط» نجحت يوم أمس في تجميع الكثير من الفرقاء.
العباسي يُحرج النهضة والمؤتمر : لا تخذلوا هذا الشعب ولا تستهينوا بإرادته
«كم كنا نأمل في حضور حزبي النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية وكم كنا نودّ لو فاجأتنا الترويكا بالاعلان عن التوافقات الايجابية التي توصلت اليها في رحاب هذا المؤتمر الوطني للحوار». هذا أسف أكده صباح أمس الأمين العام حسين العباسي في افتتاح المؤتمر الوطني للحوار الذي غابت عنه حركة النهضة وحزب المؤتمر وفي كلمته قال العباسي ان ما دفعنا الى المبادرة بالدعوة الى مؤتمر وطني للحوار هو ما لاحظناه من تراجع مخيف للتوافق الذي كان متوفرا نسبيا بين الاطراف السياسية ومكوّنات المجتمعي المدني حول طبيعة المرحلة الانتقالية وآليات الانتقال الديمقراطي. وأكد العباسي ان التعنت والتشدد في المواقف لن يفيدنا بل يبدد طاقاتنا ويوهن عزائمنا.
وأضاف: علينا ان نقلع عن الافكار المسبقة والانطباعات الموروثة كي ندخل بقدم ثابتة في طور جديد من الحياة الجماعية مؤسس على حرية الفكر والديمقراطية ومستند الى مفهوم المواطنة ومبدأ الحوكمة التشاركية والمسؤولية المجتمعية.
وخاطب حسين العباسي المشاركين في المؤتمر قائلا: «لا تخذلوا هذا الشعب ولا تستهينوا بإرادته في الحياة ولا تصادروا استحقاقات ثورته في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية إنها أمانة في أيديكم» وحاول العباسي تشخيص حقيقة الوضع الذي تعيشه تونس وقال إن بلادنا تمر بظرفية حرجة وبلحظات حاسمة من تاريخها ما بعد الدكتاتورية.
وأضاف: إنها ظرفية تتسم بتحديات داخلية وخارجية متعددة ومتنوعة ومتأكدة ارتفع فيها منسوب الاحتقان الى درجة لا تطاق وتراجعت فيها المؤشرات الاقتصادية والمالية الى حد بات ينذر بأسوإ المواقف وظرفية طغى عليها التنافر الى حد العداء وهو واقع أصبح يهدد جديا مسار الانتقال الديمقراطي والوئام الوطني الذي قادنا منذ بداية الثورة وبات برهن الاستحقاقات المشروعة التي نادى بها شعبنا المنتفض على الفقر والتهميش والاستبداد ولايزال ينادي بها وينتفض من أجلها الى اليوم.
وشدد حسين العباسي على أن الحوار الوطني حول القضايا الهيكيلية التي تهدد الاستقرار والامن العام وتغذي الغضب الشعبي وتعمّق الهوة بين الجهات والفئات وبين الأجيال هو الضمانة الوحيدة للمرور من المرحلة الانتقالية بأقل الاضرار.
وأضاف: إن التأسيس لثقافة جديدة للحوار الوطني يتطلب منا الاهتداء الى آليات تضمن استمراريته في ظل أطر يحدد المؤتمر تركيبتها ودورية اجتماعاتها مع التأكيد على أهمية وضع سقف زمني معقول ومقبول اعتبارا لطبيعة الاستحقاقات وتأكدها وما تتطلبه من اجراءات ترتيبية وقانونية يفترض انجازها متسعا معقولا من الوقت.