المعروف ان إضرابات الجوع تكون عادة من أجمل مطالب التشغيل لكن الفنان حلمي ناجح الذي علق إضراب الجوع المفتوح مؤخراً كان إضرابه من اجل حرية التعبير! في قرية تلابت من ولاية تطاوين نشأ الفنان الشاب حلمي ناجح، منذ سنوات الطفولة بدا حواره الصامت مع الطبيعة ومنحوتاتها التي صنعتها العوامل الطبيعية طيلة قرون لم يدرس حلمي الفن ولم يتخرج من معاهد عليا ولا من أكاديميات لكنه نجح في ان يحول الصخر والطين الى منحوتات فنية خلابة تهز الروح والوجدان.
عاما بعد اخر كان حلمي ناجح يعمل في صمت بعيدا عن الأضواء وبعيدا عن كل دوائر الاهتمام والنقد والدعم راضيا بمحيطه الصغير الذي منحه حب الناس وتقديرهم ورغم المناخ السياسي الذي كانت فيه مجالات التحرك السياسي محدودة انتمى حلمي الى الحزب الديمقراطي التقدمي الفضاء الوحيد الذي كان مفتوحا تقريبا قبل الرابع عشر من جانفي للأصوات الخارجة على السرب فكان حلمي واحد من هؤلاء إذ كان منخرطا في الحراك السياسي والاجتماعي التقدمي من اجل حياة أجمل. العدوان
لا يملك حلمي فضاء يعمل فيه فكان يتنقل بمنحوتاته من فضاء الى اخر وخلال شهر فيفري الماضي تسلل احد الحاملين للأفكار المعادية للفن والحياة الى مسرح الهواء الطلق بتطاوين فكسر منحوتاته وطلا بعضها الاخر باللون الابيض حتى يفقدها اي قيمة فنية وجاءت هذه الحادثة لحظات قبل وصول أصدقاء حلمي من المناضلين الذين أرادوا الاطلاع على تجربة هذا الفنان العصامي.
هذه الحادثة التي أدانتها قوى المجتمع المدني آنذاك خلفت جرحا عميقا في وجدان حلمي الذي نظم إضراب جوع مفتوح من اجل لفت الانتباه لمأساته فلا شيء يمنع من تكرار الاعتداء على منحوتاته ووزارة الثقافة مطالبة بحمايته من خلال تمكينه من فضاء للاحتفاظ بمنحوتاته حتى لا تصل اليها أيادي أعداء الفن والحياة مرة اخرى ولا اعتقد ان هذا المطلب بعزيز ولا مستحيل.
حلمي علق إضراب الجوع بعد وعود من وزارة الثقافة ورجاؤنا ان تسارع بتوفير فضاء لهذا النحات الشاب حتى لا يسقط في هاوية اليأس والإحباط التي تقتل الموهبة وتضيع الإبداع.
كما ننتظر تدخلا من اتحاد الفنانين التشكيليين ونقابة مهن الفنون التشكيلية لتنظيم معرض لحلمي الناجح في العاصمة للفت الانتباه لمأساة هذا الفنان الذي لم يطلب شيئا اكثر من حماية اعماله وحقه في الإبداع!