نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تحقيقاً عن ليبيا تقول فيه ان المتطرفين الاسلاميين يسيطرون فيها على شرق البلاد مشيرة الى ان عناصر منهم قريبة من «القاعدة» وايديولوجيتها تثير الخوف في هذه المنطقة من ليبيا.: «وقالت الصحيفة ان متطرفين اسلاميين مسلحين يعملون في الظل يقومون بترويع مدينة درنة الليبية الشرقية، بعد ستة اسابيع من الهجوم الدامي على القنصلية الامريكية في بنغازي والذي سلط الضوء على التطرف الديني المتنامي في ليبيا.
ويتم تحميل المسؤولية عن حملة من التفجيرات والتهديدات بالقتل الموجهة الى اهداف حكومية ليبية لمتطرفين اسلاميين مسلحين، من بينهم الميليشيا الاكثر نفوذا في المدينة، كتيبة شهداء ابوسليم، والتي يقول السكان ان افكارها قريبة لتنظيم «القاعدة».
واضافت انه «ما يتكشف هنا قد يكون المثال الأكثر تطرفا على المواجهة الجارية في ليبيا، مما يؤكد مدى عمق زرع الأصوليين لبذورهم في الفراغ الأمني الذي تتسم به ليبيا منذ سقوط القذافي معمر في سبتمبر الماضي..
وقال فتح الله العوام، رئيس المجلس المحلي الضعيف: «لا أحد سيمنع أي شخص من القيام بأي شيء»، والنشطاء أحرار في الذهاب والإياب من المدينة والمناطق المحيطة بها كما يشاؤون. «لا توجد شرطة ولا جيش ولا ميليشيات. لا شيء. انها مدينة مفتوحة من الشرق والغرب».
ويقول بعض الليبيين ان وجهات النظر المتطرفة يتم اعتناقها على نطاق واسع ليس فقط بين الميليشيات الاسلامية نفسها. وهذه حقيقة قالوا ان الولاياتالمتحدة فشلت في فهمها في أعقاب هجوم بنغازي. كما قالوا انه ليس كل المتطرفين في درنة أوفي أي مكان آخر في ليبيا ينتمون إلى مجموعة واحدة. وأشاروا الى ان أولئك الذين يشاطرون تنظيم «القاعدة» ايديولوجيته كثيرون، وهذا يخلق فرصة كبيرة للتجنيد.
وقال سعد بلقاسم، الذي كان يعمل موظفاً بيروقراطي في المحكمة المنحلة في درنة «إنها طريقة في التفكير»، وأضاف: «انهم يخطفون الناس كما يفعلون في أفغانستان. يخدعون الشباب ويرسلونهم لتفجير انفسهم».
ومن عدة نواح، فان سيطرة الإسلاميين هنا ليست مفاجأة. فقد وقفت درنة المهملة والمحافظة والفقيرة جدا في عهد القذافي، بمقاومتها الاسلامية الشرسة للنظام القديم وبإرسال المزيد من الجهاديين إلى العراق خلال الاحتلال الأمريكي اكثر من أي مكان آخر في ليبيا وفق ما تقوله الصحيفة..
وأوضحوا ان الذين ينتمون إلى فكر الميليشيات أهدافهم بسيطة... وقال طارق الشرقي، وهوإمام أصولي في درنة وعلى علاقة وثيقة مع «أنصار الشريعة»، انهم يريدون تطبيق القانون الإسلامي أوالشريعة، ويريدون طرد الولاياتالمتحدة من الأراضي الاسلامية».
وقال ان السكان المحليين يعتبرون الطائرات بلا طيار التي يسمعونها الآن تزن في السماء «شكلا من أشكال الاحتلال»، وقال ان الليبيين سيشنون «الجهاد» لاجبارهم على الانسحاب.
وحتى قبل شهر واحد، احتلت كتيبة شهداء أبوسليم المباني وحرست نقاط التفتيش حول المدينة، وكانت تعمل إلى جانب الجماعات ذات التفكير المماثل، بما في ذلك الفرع المحلي لجماعة أنصار الشريعة، المشتبهون الرئيسيون في هجوم بنغازي.
وقال حسين المساري، وهوصحافي محلي: «كانوا هم الشرطة والمجرمين في نفس الوقت»... ودفعوا بقوة لتطبيق لشريعة الإسلامية، وهددوا أولئك الذين يحبذون رؤية طرابلس للحكومة المركزية والدستور. وقال انهم نشروا قوائم القتل على صفحات الفيسبوك الجهادية المجهولة.. ويقول مسؤولون انه كان لا مفر، في اعقاب سقوط القذافي وغياب القانون، من ان تصبح درنة مقصد المتشددين...
ويمكن رؤية السبب في ذلك من خلال موجات العواصف التي تهب بعد الظهر فالمباني الصفراء المتهالكة ترتكز على تلال رملية في مواجهة بحر ازرق اللون لا يسبح فيه احد.. وقد تضاءل عدد سكان المدينة في السنوات الاخيرة بعد ان غادرها من وجد منهم الفرصة المناسبة له، حسب قول المجلس المحلي.
وقالت ابتسام استيتة، عضوالمؤتمر الوطني العام عن درنة «انه الفراغ هنا فهناك الكثير من وقت الفراغ. ومعظم الناس يشعرون كما لوان حياتهم مقيدة، وعلى ذلك فانهم لا يفكرون الا في الخطوط الامامية والموت والجهاد».
وقالت استيتة انها قامت بحملة خلال العام الفائت للضغط بقوة على السلطات الوطنية في طرابلس من اجل فتح ابواب الفرص لتطوير درنة لدرء انزلاق المنطقة المحتمل الى ما يشبه اليمن اوافغانستان جديدة.
وقالت مشيرة الى كلمة القتها عبر شاشات التلفزيون: «قلت للوزراء في الاجتماع ان على ليبيا ان تتعامل مع هؤلاء المتشددين اولا. ما الذي يدعونا الى انتظار ردود فعل العالم؟». غير ان الوحيدين الذين استجابوا لدعوتها كانوا سكان بلدتها من دون غيرهم.
وقالت «تلقيت تهديدات بالقتل على الفور» وقال بلقاسم، وهومن بيروقراطيي درنة سابقا، وقال غيره ايضا انهم يعتقدون انه لا يزال بالامكان انقاذ درنة. غير ان الانتخابات الامريكية وتعهد الرئيس اوباما ب«أن يسعى للقبض على الذين قاموا بهجوم بنغازي، يخيم على الحياة في هذه المنطقة.. وقال كثيرون انهم يخشون الضغوط الامريكية للانتقام من عملية بنغازي وان يؤدي ذلك بالوضع القلق الان الى حافة الهاوية.