المخرج سامي التليلي صاحب شريط «نعلبو الفسفاط» الفائز بالجائزة الاولى للأفلام الوثائقية الطويلة في الدورة السادسة لمهرجان الامارات في أبوظبي كان له لقاء مع «الشروق» بعد عودته من أبوظبي فكان الحديث التالي حول شريط «نعلبو الفسفاط». «عملي هو اول عمل عربي يتحصل على الجائزة الاولى من مسابقة الافلام الوثائقية الطويلة بقصر الإمارات أبو ظبي منذ سنوات يتناول احداث انتفاضة الحوض المنجمي بالرديف سنة 2008 على مدى عامين من الاحداث ثم يعود اليها بعد اربع سنوات ليطرح سؤاله ماذا تغير في ملحمة الرديف بعد ثورة 14 جانفي»؟ سيناريو واخراج سامي التليلي ومن انتاج درة بوشوشة وحبيب عطية. بداية مشاهد الشريط تم تصويرها وتسجيلها سنة 2008 خلال انتفاضة الحوض المنجمي وتحديدا بمدينة الرديف.
ثم قمت بتسجيل شهادة لبعض القيادات والشباب من المشاركين في تلك الاحداث وهم كل من عدنان الحاجي وبشير العبيدي وعادل الجيار وهارون حليمي وكذلك زوجات قادة الاحداث وهن كل من السيدة جمعة رحالي زوجة عدنان الحاجي والسيدة ليلى زوجة بشير العبيدي. وان كانت احداث الشريط مستوحاة من تلك الفترة التاريخية وهو ما يجعلها اقرب الى التسجيل والتوثيق والسرد فإنني حاولت من خلال الاشتغال عليها سينمائيا من خلال كتابة السيناريو واخراجها اخراجا فنيا يوظف التاريخ لخدمة الكتابة السينمائية بطريقة فنية تتحول معها تلك الاحداث التاريخية الى احداث فكرية بطريقة ترقى بالواقع الى المستوى الفني هذا النص شاركت به في احدى الورشات العالمية ECRITURE DU SUD وبعد الثورة لأنه يستحيل علي وعلى كل مخرج تونسي ان يحول النص حول الاحداث المناوئة للنظام القائم الى سينما بحكم المراقبة والتضييق على حرية الابداع خلال فترة النظام السابق خاصة ان شريطي الوثائقي «بدون رصاص» قد تعرض الى المنع فترتها وتم محاصرته ومنعه من العرض
لكن بعد توفر مناخات الحرية والابداع بعد الثورة قمت بتحويل هذا النص الى سينما فكان شريطي الذي توج مؤخرا «نعلبو الفسفاط» بالجائزة الاولى في مهرجان الامارات بقصر السعيد بأبو ظبي خلال الدورة السادسة للأفلام العربية الطويلة وانا استعد خلال هذه الايام للمشاركة به في الدورة 24 لمهرجان قرطاج وقد تمت برمجته فعليا. كما سأشارك به في المسابقة العالمية للأشرطة الوثائقية الطويلة كما لا يفوتني ان انوه ان هذا الشريط حصل على دعم من وزارة الثقافة للأشرطة الوثائقية الطويلة. والعرض الاول الافتتاحي سيكون خلال ايام في تكريم لهذه المدينة المناضلة التي انطلقت منها اول شرارات الثورة التونسية خارج الاطر السياسية والحزبية قبل ان يدخل بعد ذلك الى قاعات السينما. اما عن موضوع الشريط فهو يتناول احداث انتفاضة الحوض المنجمي التي انطلقت في هذه المدينة المنجمية على لسان مناضليها الذين نسجوا تلك الاحداث ميدانيا وصنعوا خيوطها وتعرضوا الى التعذيب والهرسلة والسجن.
وكذلك ضحى ابناؤها وخيرة شبابها بأرواحهم وضحوا بأنفسهم في تلك الملحمة التاريخية. كذلك ركزت على المرأة المنجمية المناضلة وتضحياتها داخل معركة الحياة اليومية المنجمية وتغير وجه الواقع المر والمعفر بوجوه البؤس والفقر رغم وجود اسباب الغنى والثروة تحت باطن الارض من مادة الفسفاط تحكمت فيها سماسرة النظام السابق وتتقاسم ارباحها في حين يعيش اهل الحوض المنجمي تحت خط الفقر المدقع بالبطالة الخانقة وغياب التنمية وأسباب العيش الكريم. الفسفاط تحول من ثروة ونعمة انعم بها الله على تلك المنطقة الى نقمة وعامل للتفقير وهو ما جعل اختيار عنوان الشريط «نعلبو الفسفاط» معبأ بالدلالات الرمزية التي تنبع من هذا الواقع كما عاينته الكاميرا.