وسط جو مشحون يملأه الغضب و التشنج شيع مساء أمس أهالي منطقة دوار هيشر جثمان الفقيد خالد القروي الذي قتل خلال المواجهات الحاصلة ليلة الإربعاء الماضي بين أعوان الأمن والسلفيين وذلك وسط جمع ضخم من الملتحين و من المنتمين إلى التيار السلفي الذين رددوا عبارات من بينها حسبنا الله ونعم الوكيل في وزارة الداخلية و حركة النهضة و الله أكبر... «الشروق» واكبت عملية الدفن التي انطلقت في حدود الساعة الثالثة مساء إذ بدخولك منطقة دوار هيشر تلاحظ وجود تعزيزات أمنية كثيفة ضمت وحدات التدخل والامن العمومي تمركزت في عدة مناطق وذلك تحاسبا لاشتباكات يمكن ان تحصل حسب ما أفادنا به أحد اعوان الامن.
الفقيد كان مكشوف الوجه و قد ردد الجمع عبارات مفادها أنه مات شهيدا للدفاع عن الدين الإسلامي وقد قام الحشد بصلاة الجنازة عليه بجامع النور وسط حضور كبير من أهاليه ومن الشباب الملتحي والسلفي الذين توجهوا بجثمانه إلى مقبرة بوشوشة التي تبعد عن منطقة دوار هيشر بعض الكيلومترات أين تم دفنه...
عبر الشباب السلفي عند تشييع جثمان الفقيد عن غضبه وشدة استنكاره لما تعرضه له القتيل خالد القروي معتبرين ذلك جريمة لن يغفر لمرتكبيها ...وقد حاول أحدهم طردنا متوجها نحونا بألفاظ سيئة بتعلة أننا لا ننقل الحقيقة و لكن مع ذلك حاولنا نقل ما أمكن لنا.
قبل دفن الفقيد حصلت اشتباكات خفيفة بين بعض الصحافيين والمنتمين إلى التيار السلفي حيث أفادنا زميلنا العامل براديو كلمة أنه تم الإعتداء عليه عندما كان بصدد ممارسة عمله كما تم تهديد البعض الأخر من الصحافيين ببعض الآلات الحادة والسكاكين والسيوف.
عند تشييع الفقيد تحدث بعض الشيوخ بصوت عال عن الواقعة مؤكدين «أن هناك خطة رسمتها أطراف داخلية و خارجية لاستئصال التيار السلفي حتى يمنع صوته من الوصول الى الشعب التونسي ومنع انتشار دعوته بسبب مصادمتها لمشاريعهم الفاشلة والبائسة ولمناقضتها للجاهلية المعاصرة المفروضة على الشعب التونسي حتى تبقى تونس تحت وصاية وأحقاد وأطماع الغرب المحتقر للشعب العربي والناهب لخيراته».
كما تمسك الشباب السلفي وبعض الملتحين بالثأر لمقتل خالد القروي وذلك بمحاسبة حركة النهضة و وزارة الداخلية. رصدنا بعض الأحاديث الجانبية التي جمعت السلفيين ببعضهم وقد بدا عليهم الاحتقان والغضب والتوتر والتوعد بالثأر ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة النكراء والبشعة حسب ما قالوا. كما حاولنا التحدث الى بعضهم الذين أفادوا أن ما صرح به أعوان الامن مجرد أكاذيب و مغالطات ومبررات لجرائمهم .
أحدهم قال «إنه توجد أطراف تسعى إلى خلق فتنة داخل البلاد والذي نخشاه ان يكون هذا الشرارة الأولى للنار التي يحاول بعض المغرضين إشعالها لتكون مبررا لشن حملات أمنية وعسكرية للقضاء على مكاسب الثورة من حرية تفكير والتعبير والدعوة إلى الله سبحانه وبالتالي يكون الشباب الذي يتبنى المنهج السلفي أول ضحاياه تحقيقا لمصالح الفاسدين واستجابة لضغوط الحكومات الغربية المحاربة لله ولرسوله».
كما توجهت «الشروق» إلى منزل الفقيد حيث التقينا والدته هالة الشابي التي كانت طبيعية وهادئة (متحجبة) و التي حدثتنا وهي بصدد قراءة بعض الآيات القرآنية «أن ابنها من مواليد 1987 ومنذ طفولته كان يؤدي الصلاة وقد عرف بحسن علاقاته بكل الناس وطيبة قلبه وحبه لدينه وتطبيقه لما آمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم».
وبخصوص الواقعة أفادت السيدة هالة الشابي أن ابنها تلقى طلقات نارية في انحاء عديدة من جسده وأن أعوان الامن كانت لهم نية في قتله وما زعموا به مجرد أكاذيب قائلة أن ابنها تلقى النار من الخلف وهو بصدد معانقة المؤذن الذي قتل أيمن العمدوني. وتمسكت والدته بأنها ستتبع أعوان الامن و وزارة الداخلية قضائيا قائلة إن ابنها مات شهيدا وهو امر طالما تمناه...