وفرت المندوبية الجهوية للثقافة حافلة على ذمة مجموعة من مثقفي الجهة لنقلهم إلى تونس بغاية متابعة فعاليات معرض الكتاب الذي يمثل فرصة مهمة للنهل من المعارف والعلوم من خلال المحامل الورقية الوطنية والعربية سيما الجديدة منها. أروقة المعرض الدولي للكتاب حين وصلنا كانت مكتظّة بالكتب وبأسماء دور النّشر التونسية والعربية وخاصة المصرية التي هي ضيف شرف في هذه الدّورة فطالعتنا العناوين في حلة جديدة من ابتكارات الناشرين والمصمّمين فقد قابلتنا العناوين التي ما كان يتسنى لها الحضور لولا الثورة وبين الفينة والأخرى تطالعك صور لغائبين حاضرين على الدوام شهداء الثورتين التونسية والمصرية كما تطالعك أعلام دول عربية ترفل في حلّتها الجديدة مابعد الثورة، تطلّ عليك من هذا الرواق للمعروضات أو ذاك تتخلّل الكتب التي كانت أسعارها والحقّ يقال نفسها التي تعرض به خارج المعرض... كما يلاحظ الزّائر كثرة العناوين الدينية والفقهية وما نهج سمتها في مقابل تقهقر نسبيّ لحضور الكتب الإبداعية والعلمية.
أما الأنشطة الموازية للمعرض والخاصة باليوم الثالث منه فقد استهللناها بلقاء روائيّ أثثه الروائيّ التّونسيّ كمال الرّياحي حيث استضاف الكاتب الجزائري الايطالي عمارة لخوص وقد تطارح معه جملة من الجوانب التي عرّفتنا على هذه التجربة المهجريّة في الكتابة ومدى أثرها في شخص كاتبها وقد أبدى الكاتب شغفه بهذه التجربة الإيطالية التي يعتبرها ميلاده الحقيقي روائيّا ووجوديّا وقد حامت أسئلة الجمهور في تعقيبهم على هذه النبّذة عن حياته حول مدى اطمئنانه للكتابة بالإيطالية وإيثارها على حساب انتمائه الأصل وفي المساء أمن لنا المعرض مداخلة شعرية للشاعر المصري جمال بخيت وسط حضور لمثقفين من مصر وتونس ومختلف الوسائل الإعلامية السمعية والبصرية والمكتوبة لنتابع بعد ذلك ومع ثلة من نادي القصة أبي القاسم الشابي ورشة حول الكتابة القصصية قراءات وشهادات ومقترحات للنهوض بهذا الركن الإبداعيّ ...بينما بدا الحضور الجماهيري باهتا في لقاء أرادت أن تؤثثه الدكتورة رجاء بن سلامة حول الدكتور فتحي المسكيني.
كما لفت انتباهنا تلوّن الرواد على هذه الدورة ففي كلّ جناح وفي كل ممرّ وعلى كلّ سلّم انتهجته تقابلك أسراب من الزّائرين الملتحين والذين يلبسون الزّي «الدّينيّ» كانت الأجواء عبارة عن فسيفساء يغلب عليها الطابع اللافت ربما لأننا حديثي عهد به ولم نألف حضوره في تناغم مع المشهد المعتاد للبلاد.
أجواء لطيفة وإقبال مشجّع على الكتاب في عرسه خاصّة أمام استثنائية الظروف التي تسود المناخ العام لأمّ الثورات العربية.