الدفاع عن مشاريع الوزارة... ليست مهنتي... ورغم اقراري بالارتجال الحاصل في تظاهرات وزارة الثقافة او بعض تظاهراتها على الاقل فإن الانصاف يقتضي الا نلغي بجرة قلم واحدة جهد عشرات الموظفين والذين هندسوا لمعرض الكتاب وعشرات الناشرين لمجرد تسرب امرأة تبيع داخل المعرض «حكاكات» مزخرفة ومنجزة بطريقة بديعة... او لبيع احدهم خارج المعرض بعض انواع العطور... هل يكفي هذا السبب لنهاجم معرضا كاملا بدعوى انه لا جديد فيه سوى كتب اهوال الموت وعذاب القبر...؟ ان هذا الحديث فيه كثير من التجني لان المعرض يعج بالكتب الجيدة التي غصت بها بعض الاروقة مثل دار الساقي او دار الجمل او منشورات دار توبقال المغربية او دار محمد علي وغيرها من الدور...
ان الهجمة على الكتب التراثية تقف وراءها عقلية استئصالية تريد التنفير من الكتاب الديني الذي عاد بقوة من خلال رموزه الذين قرر المخلوع منعهم لتجفيف المنابع... لكن الوزارة غالطت الجمهور حين تحدثت عن الممنوعات .... اي ممنوعات؟ كتب الغنوشي ملأت الدنيا وكذلك كتب القرضاوي وسيد قطب ومحمد قطب وفتحي يكن.... لكن اين «الممنوعات» الاخرى؟ فباستثناء بعض الكتب «الوقحة» مثل «تاريخ الارداف» او ديوان ابن حكيمة الذي يعرفه هواة الادب ويعرفون محتواه لم تكن هناك كتب حاضرة توصف ب«الممنوعة» وخاصة تلك التي تهاجم ما سمي ب«الربيع العربي» عدا كتاب هادي دانيال «خريف عربي بغيوم صهيونية ». معرض تونس الدولي للكتاب كانت فيه عدة انشطة ثقافية وتمت خلاله العديد من الورشات وتقديم الكتب والتظاهرات المتفردة ولعلها الوحيدة عربيا مثل تجربة ناس الديكاميرون (الحلبة) التي شهدت نزالا سرديا متفردا.
المعرض شهد ايضا حملة توقيع شملت الآلاف تمسكوا فيه بالفصل 27 من مشروع الدستور التونسي الذي يطالب بتجريم كل اشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. كما كانت هناك حملة توقيع لعهد تونس للحقوق والحريات بموادها التسع وقد امضى عليها المئات...وأنشطة اخرى كثيرة تحسب لمعرض تونس للكتاب الذي شهد منذ أكثر من 5 سنوات تدهورا مثل سائر انشطة وزارة الثقافة التي فرطت في كل الانجازات الثقافية الجميلة....
ولعل كمال الرياحي الذي نفدت طبعة دار الساقي من روايته «المشرط» وايضا روايته «الغوريلا» التي لقيت صدى جيدا قد اوجز حين لخص الحكاية كلها بقوله «بعض زوار معرض الكتاب حدقوا في اللحي والجلابيب اكثر من الكتب».