إصدار صكوك اسلامية لأول مرة في تونس وذلك في إطار ميزانية العام القادم بقيمة مليار دينار يهدف حسب مسؤولي الحكومة الى الاستفادة من المليارات الموجودة في السوق الاسلامية بدول الخليج وآسيا لتمويل مشاريع مختلفة. «الشروق» تحدّثت الى الخبير المالي الأستاذ عز الدين سعيدان عن مفهوم الصكوك الاسلامية وأسباب اللجوء إليها وهل يمكنها أن تكون حلاّ للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمرّ به بلادنا.
تحمّل الربح والخسارة
في البداية وضّح الخبير أن السوق المالية الاسلامية تختلف في تعاملاتها مع السوق التقليدية إذ ترتكز على الآية القرآنية {أحلّ اللّه البيع وحرّم الربا} ذلك أن المقترض إذا ربحت مشاريعه التي موّلها من السوق الاسلامية بواسطة صكوك أو قرض رقاعي بعد مدة زمنية محدّدة (3 4 سنوات) يعطي جزءا من هذه الأرباح الى الجهة الاسلامية التي موّلته والتي قد تكون مؤسسات مالية أو تأمينات أو عائلات ثرية أو رجال أعمال.. وفي حال خسارة المشروع يتحمل المموّل جزءا من هذه الخسارة ولا يتمّ تحديد نسب الربح أو الخسارة مسبقا.
وبالنسبة الى ميزانية الدولة التونسية ستبحث الحكومة عن سوق اسلامية تمكّنها من المبلغ المقترح خاصة وأن هناك أموالا في السوق الاسلامية تبحث عن فرص استثمار مطابقة للشريعة.. علما وأن الضمانة الوحيدة لإسناد هذه الأموال هو مدى نجاعة ونجاح المشروع حيث يتمّ تقييم المخاطر ومن هنا يتمّ الموافقة أو رفض الاستثمار.
لماذا الصكوك الاسلامية؟
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن لماذا يتمّ اللجوء في تونس الى الصكوك الاسلامية؟.. عن هذا السؤال أجاب الخبير المالي لأن وضع اقتصادنا صعب ويزيد صعوبة ودخولنا الى السوق التقليدية زاد صعوبة خاصة بعد نزول مرتبة تونس في التصنيف الائتماني من «+ 3B» (الذي كان يخوّل لنا الحصول على القروض بفائض معقول ودون ضمانة خارجية) الى «2B» أي أنه للحصول على قرض لا بدّ أن تضمننا دولة أخرى مثل أمريكا أو اليابان.. لأن المخاطر عالية ويعدّ اللجوء الى الصكوك الاسلامية أحد حلول المرحلة الحالية.
حلول أخرى
سألنا المختص عن حلول أخرى فأجاب أن ذلك ممكن بتوضيح الرؤية السياسية للبلاد وإصلاح الوضع السياسي وتصحيح المسار الانتقالي الديمقراطي والكفّ عن كل أشكال العنف وتحديد تاريخ نهائي للانتخابات والانتهاء من كتابة الدستور.. لو تمّت هذه المسائل السياسية سيتغيّر الوضع الاقتصادي بصفة ملموسة في تونس خلال شهر أو شهرين لأننا أضعنا فرصا غالية جدا كان من الممكن استثمارها رغم أن الاقتصاد هو أفضل سند للانتقال الديمقراطي، وسيلمس المواطن انفراجا في الأسعار والمعيشة والاقتصاد لو تمّ توضيح الرؤية السياسية.
نجاحات مزعومة
سألنا مصدرنا عمّا تردّده الحكومة من نجاحات اقتصادية فأجاب بأنه غير صحيح ذلك أن قسطا كبيرا من الوقت والجهد أضعناه في التجاذبات والعراك السياسي الذي أضرّ بالبلاد والعالم ينظر إلينا.
ولاحظ أنه رغم سداد تونس لالتزاماتها لخلاص ديوننا من الخارج تراجع ترتيبها في التصنيف الائتماني نظرا الى ما قاله بعض الساسة في المعارضة عن جدولة ديوننا وذهب البعض الى حدّ مطالبة بن علي بخلاصها نظرا الى أنها تمّت في عهده كل ذلك أثّر على اقتصادنا سلبا فنحن تحت المجهر والعالم يتابع ما يحدث والأسواق العالمية تتأثر بكل ما ينشر في وسائل الاعلام.
فزّاعات
رغم أهمية وجدية التحذيرات التي يطلقها أهل الاختصاص في المجال الاقتصادي مازال رجال السياسة يعتبرونها فزاعات رغم ما طال التونسي من تضرّر جراء غلاء المعيشة والتوترات الاجتماعية وتواصل تفاقم البطالة فإلى متى يستمرّ هذا التجاهل لمعاناة التونسي اليومية التي قامت من أجلها الثورة قبل نحو سنتين؟ وإذا ما تواصلت التوترات السياسية هل تجد الحكومة من يراهن بالاستثمار في تونس سواء من السوق الاسلامية أو التقليدية؟!