ظاهرة تبدو للوهلة الأولى غريبة ومستهجنة أن تفتقد مبان فاخرة معدّة للسكنى أو للعمل المكتبي الربط بشبكة الماء أو الكهرباء أو الاثنين معا... لكن الظاهرة موجودة في قلب مدينة سوسة حيث تعطّلت مصالح الكثير من الباعثين العقاريين بسبب هذا الإشكال. المشكلة تعود بالأساس إلى أمور تقنية بحتة يُفترض أن يتم حلّها بالتنسيق بين البلدية والشركة التونسية للكهرباء والغاز، لكن أصحاب العمارات المتضررة اضطروا إلى رفع الأمر إلى القضاء لنيل مرادهم دون جدوى.
أحد الباعثين العقاريين اتصل ب«الشروق» مستظهرا بكل الوثائق الإدارية ذات الصلة بعمارته الكائنة بشارع فيكتور هيغو وسط سوسة والتي انتهت أشغالها منذ نحو سنتين وصارت جاهزة للاستغلال لكن مطلب ربطها بالتيار الكهربائي قوبل بالرفض.
وقد بررت الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه رسميا امتناعها عن قبول المطلب بعدم موافقة البلدية على القيام بأشغال الحفر اللازمة وسط الطريق المحاذي للعمارة وهو إجراء ضروري للربط الكهربائي.
وأكّد الباعث انه اتصل بشركة الكهرباء والغاز مرارا لكنها تمسكت بموقفها وأبلغته بأنه لا يمكن تزويده بالنور الكهربائي إلّا في صورة حصوله على حكم قضائي في الموضوع لتجاوز مسألة الترخيص البلدي التي تبقى في علاقة بين البلدية والشركة ولا دخل لصاحب المبنى فيها.
واضطر الباعث إلى رفع حكم قضائي رُفض في مرحلته الابتدائية قبل أن تقضي محكمة الاستئناف بسوسة بإلزام الشركة التونسية للكهرباء والغاز بربط بنايته بالنور الكهربائي وقد صدر الحكم الاستئنافي في 14 أوت 2012 وأصبح باتا وحاول صاحب المبنى تنفيذ الحكم عبر إيفاد عدل منفذ إلى الشركة لكن الأمور لم تتغير بما أنّ الذريعة التي تقدمها الشركة لامتناعها عن ربط العمارة بالكهرباء لم تتغير رغم وجود حكم قضائي في الغرض.
مفارقات.. وإشكالات
وأشار صاحب هذا المبنى إلى أنه لم يجد مشكلا في تزويد بنايته بشبكة الماء الصالح للشراب حيث لم تمتنع بلدية سوسة عن تقديم الترخيص للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وتمت الأمور دون اللجوء إلى القضاء وهو ما يزيد من غرابة استمرار الوضع على ما هو عليه بخصوص التزود بالتيار الكهربائي. وحتى اتصالات الشاكي بولاية سوسة لم تثمر أي تدخّل لفائدته ليبقى الأمر معلقا بعد أن خرج من اختصاص القضاء.
ولا يقتصر الأمر على هذه الحالة فحسب بل إنّ أكثر من 60 عمارة حديثة البناء لا تزال تعاني هذا الإشكال مع فوارق بسيطة في التفاصيل، ومن بين هذه المباني 5 عمارات قريبة من الطريق السياحية وسط مدينة سوسة وأخرى بمنطقة سهلول وبمنطقة شط مريم وهي مناطق حيوية يكثر الإقبال عليها سواء للسكن أو للعمل المكتبي، مما يستوجب تدخلات عاجلة لفض هذا الإشكال.