عقدت بالمركز الجهوي للتربية والتكوين المستمرّ بباجة جلسة تقييم الاستشارة الخاصّة بمدرّسي التعليم الابتدائي حول اصلاح المنظومة التربوية الّتي تمّ اجراؤها خلال شهر جوان الماضي هذه الجلسة كانت بحضور الخبيرة الفرنسية مارغريت آلتات. حضر الجلسة متفقدو المدارس الابتدائية والمساعدون البيداغوجيون ومديرو المدارس وعدد من المدرّسين وأشرفت عليها الخبيرة الفرنسية «مارغريت ألتات» وهي أستاذة جامعية ومستشارة دولية في تقييم المنظومات التربوية الى جانب السيد عبد الوهاب شوّد المسؤول عن البرنامج التربوي بمنظّمة اليونيسيف والسيدة الهام بربورة رئيسة مصلحة الحياة المدرسية بوزارة التربية .كما حضر السيد عبد السلام الحبوبي المندوب الجهوي للتربية بباجة والسيد مبروك البوكاري مدير المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمرّ.
وقد تم عرض أهم الآراء والتوصيات من أجل تطوير عملية الاستشارة مستقبلا وذلك انطلاقا من المحاور الثلاثة التي تضمّنتها وهي التعليم بتونس والتعليم الابتدائي والمدرسة الابتدائية وكانت المناقشات ثريّة حيث تباينت الأفكار في جوانب من الاستشارة وتوافقت في أخرى منها الاّ أنّ جميع المتدخّلين اتّفقوا على أنّه لم يقع التّحضير لها مسبقا ولم تبلغ مسامع المربّين وهو ما أكّده المربّي رضا المنصوري بمدرسة شارع بورقيبة عمدون الّذي أضاف أنّ المدرّسين فقدوا الثّقة في جدوى هذه الاستشارات وضعف حماسهم باعتبار أنّ الوضع مازال لم يتغيّر باتّجاه القيام باصلاحات جديّة داخل المدرسة رغم مشاركتهم في لقاءات واستشارات مماثلة .
كما تحدّت المربّي المهدي العربي عن المحور الأول من الاستشارة الذي حظي بجانب أوفر من الزّمن المخصّص على مدار يوم كامل دون المحورين الآخرين وأضاف أنّ تزامن الاستشارة مع نهاية السنة الدراسية ساهم في تشتّت اهتمام المدرّسين وضعف قدرتهم على التّركيز الى جانب صعوبة اكتمال نصابهم بالمؤسّسة التربوية خصوصا وأنّهم كانوا قد أنهوا اجراء امتحانات الثلاثي الثالث ليشرعوا في عملية الاصلاح .
أمّا السيد منير مبزعيّة مدير مدرسة جبل الشعرة فقد أشار من خلال مداخلته الى وجود بون شاسع بين ما ينظّر من قوانين وما يتمّ اقراره من برامج وواقع المدارس التي تعاني من بنية تحتية رديئة ، في حين أكد المربّي المنصف المديني بمدرسة حي السكر بباجة على أنّ ظروف العمل بالمدارس الابتدائية وتوقيت تمرير الاستشارة وضيق المساحة الزّمنيّة المخصّصة لها لم تكن مجدية باعتبار حرارة الطّقس وغياب هيكلة لادارة أشغالها وهو ما ذهب اليه أيضا السيد منجي الحويجي مدير مدرسة «عش الزيتون» بنفزة حيث قال انّه من المفارقات أن يواصل المدرّسون بعد يوم واحد من انجاز الاستشارة تقديم عدة تصورات واقتراحات كان بالامكان الاستفادة منها.
من جهته أشار المربي عبد الرزاق من مدرسة «قرسطاية» الى شساعة محاور الاستشارة التي لا يمكن الاتيان عليها في يوم واحد وكان من الأجدى التركيز على تملّكات التّلاميذ التي عرفت نقصا كبيرا نتج عنه تدنّ في تحصيلهم العلمي وعدم تعميم برنامج المقاربة بالكفايات على كلّ المدارس باعتبار وجود فوارق عديدة بينها وأضاف أنه ورغم الخصاصة والفقر الذي كانت تعاني منه المناطق الريفية فقد كان مستوى التلاميذ جيّدا .
اما السيّد المنصف الطرخاني المساعد البيداغوجي بدائرة باجة 3 فقد أشار الى موضوع هامّ جدّا وهو يتعلّق بالاطار العام لتمرير الاستشارة حيث تزامنت مع وجود علاقة متوتّرة بين الوزارة والنّقابة العامّة للتعليم الابتدائي التي كانت تستعدّ لتنفيذ اضراب بالقطاع وأضاف أنّه لا يمكن القيام بالاستشارة في غياب قانون أساسي واضح المعالم للمدرسة الابتدائية مستشهدا بمقاطعة 6 ولايات لها .
وكان نصيب تدخّل المتفقدين بهذه الجلسة هامّا حيث طرح السيّد الحبيب الخلفي متفقد المدارس الابتدائية بدائرة باجة 2 موضوع القيام باصلاح لبعض ثغرات التّقييم واجراءات الارتقاء والرّسوب الّتي لا تستدعي انتظار الاعلان عن استشارة وطنية أو نتائجها ، أمّا السيّد يوسف الخلفي متفقد المدارس الابتدائية بعمدون ومقرّر اللّجنة الفنيّة الجهويّة المكلّفة بكتابة التقرير الجهوي فأشار الى أنّ عددا من التقارير غلب على بعضها التّحرير المتسرّع وغياب الفهم المعمّق لواقع المنظومة ممّا سبّب اقتراح بدائل موغلة في الطّموح والمطلبيّة ورغم ذلك فقد أمكن الوقوف على جملة من المقترحات الجيّدة من قبل المدرّسين لاصلاح المنظومة التربوية .
ثمّ أحيلت الكلمة الى السيّدة حسناء المعافي رئيسة اللّجنة الفنيّة الجهويّة المكلّفة بكتابة التقرير الجهوي التي تحدّثت عن ظروف انجاز هذه الاستشارة حيث وفي غياب خبراء وباحثين في مجال تقييم المنظومات التربوية بالجهة وقع الاعتماد على لجنة من 6 متفقدين للمدارس الابتدائية للقيام بعمليّة جرد 146 تقريرا من جملة 153 مدرسة مشاركة في الاستشارة بالولاية وذلك لمدّة 24 يوما امتدّت على شهري جويلية وأوت ورغم حرارة الطّقس وتزامن ذلك مع شهر رمضان المعظّم فقد أمكن انجاز المطلوب في الآجال المحدّدة .
وفي ختام هذه الجلسة أكّدت الخبيرة الفرنسية أنّ الهدف من تنظيم هذه الجلسات على المستوى الوطني هو تكوين مجموعة فنيّة وطنيّة قادرة على تنظيم استشارات مقبلة وهي المكلّفة بذلك من قبل منظّمة اليونيسيف وأنّ الاستشارة حول اصلاح المنظومة التربوية بتونس لا بدّ أن تنطلق وان سارت بخطى بطيئة في بدايتها فانّه من المهمّ التّركيز على تحديد الأولويات لأنّ مجالات اصلاحها عديدة ولا يمكن الاتيان عليها في ظرف زمني وجيز .