مبحث الأموال والبنوك والمضاربة والمرابحة والأسهم والسندات، وكيفية سداد الديون وحكم البيع بالتقسيط وبطاقات الائتمان وغيرها من أكثر المسائل الفقهية تعقيدا في عصرنا الحديث، والاجتهاد في هذه المسائل لا يخلو من شروط وصعوبات فرضها العصر. الجمعية التونسية للزكاة تأسست من أجل هذا الهدف النبيل، وللتعريف بأنشطتها وأهدافها وأهم برامجها المستقبلية وعلاقتها بسلطة الإشراف، عقدت في نهاية الأسبوع ندوة صحفية سبقتها مداخلة للشيخ محمد قويدر والخبير المحاسب مخلص العجيلي حول «زكاة الأموال في البنوك».
اللقاء حضره رئيس الجمعية الخبير المحاسب محمد مقديش والكاتب العام أستاذ التربية الإسلامية محمد قويدر والمدير التنفيذي الإمام الخطيب الشيخ الحبيب القلال ومراقب الحسابات الشرعي الشيخ أحمد بوشحيمة والخبير الإقتصادي رضا سعد الله وعدد كبير من المحاسبين المهتمين بالمسائل الفقهية .
وردا على أسئلة «الشروق» ، أبرز المتدخلون أن الجمعية التونسية للزكاة وإن كان مقرها الاجتماعي بصفاقس، فإنها ذات صبغة وطنية وستعمل في هذه الفترة المقبلة على تركيز فروع بمعتمديات الولاية ثم تعميم التجربة على بقية الولايات.
وبين المتدخلون ان الجمعية لا تجد تجاوبا من سلطة الإشراف، وللتأكيد على ذلك بينوا انهم لم يتمكنوا بعد من مقابلة وزير الشؤون الدينية، بل إن مصالح الوزارة حالت دون مشاركة الجمعية في ملتقى دولي حول الزكاة انتظم بإحدى الدول العربية .
وعن المرجعيات الفقهية للجمعية، وإجابة عن سؤال ل«الشروق»، قال أعضاء الجمعية «إننا لسنا من دعاة التلفيق ومرجعيتنا سنية مالكية وقاعدتنا الشرعية في الخلاف هي ان الحكم للحاكم لرفع الخلاف».
و أضاف المتحدثون «إننا نعتمد على الموروث الفقهي على المذاهب الأربعة، ولدينا العديد من المصادر والمراجع في هذا الباب»..، وبين بعضهم أن الجمعية تحرص على إصدار مصنف في الغرض يتناول المسائل الفقهية سيصدر لاحقا يحمل عنوان «دليل التونسي للزكاة».
وفي سؤال لأحد الزملاء الصحفيين عن امكانية التعامل مع البنوك داخليا وخارجيا دون ربا في ظل المنظومة العالمية البنكية، قال المشرفون على الجمعية «هذا الكلام ليس جديدا وهو يردد منذ عصور انحطاط الدولة الإسلامية، وإذا انطلقنا من منطق أن الإسلام دين شامل فإنا نعلم أن ما جاء به الإسلام صالح لكل المسلمين في كل زمان ومكان.. و منذ التسعينات حرص المسلمون على إيجاد البدائل البنكية والمصرفية والتعامل دون الفوائض الربوية، واتضحت بذلك عديد المصطلحات المتعلقة بالمرابحة والمخاطرة والسلم والمشاركة، وقد وجد العلماء المسلمون من الآليات البديلة للتمويلات بالسوق النقدية وفق الشريعة.. ولا خوف على تنظيم الإقتصاد التونسي دون ربا».
الجمعية التونسية للزكاة تلت على الحضور مشاريعها المستقبلية، ليبين الأعضاء انهم يعتزمون تنظيم «الملتقى الدولي الثاني للمالية الإسلامية» أيام 27 و28 و29 جوان المقبل للنظر في بعض المسائل منها «تشخيص لواقع الفقر والبطالة في تونس» والمفهوم المعاصر للتمليك في مصارف الزكاة ودوره في بعث المشاريع الصغرى «ودرس بعض النماذج في تمويل المشاريع من أموال الزكاة» رؤية مقاصدية للوقف «ودور الوقف في معالجة الفقر والبطالة» و«التمويل الأصغر ودوره في معالجة الفقر والبطالة». كما يتضمن الملتقى الثاني ورشات عمل حول «الصيغ المعاصرة للوقف» وزكاة الوقف في المناهج التعليمية وغيرها من المسائل التي ستؤثث هذا الملتقى الذي يعلق عليه المشرفون عديد الامال لتبسيط هذه المفاهيم والآليات الفقهية المعاصرة .
في كلمة الجمعية التونسية للزكاة تهتم بمسائل فقهية جد معقدة مما يستوجب منها الإستعانة بالفقهاء والدارسين والمهتمين مع الإنفتاح على التجارب السابقة رغم قلتها والأهم من ذلك التعامل بكل حذر للتوصل إلى فتاو صادرة عن المفتي العالم بالأحكام الشرعية والمتقيد بشرط الإفتاء.