لم يغب الفنانون عن احتفالات الذكرى الثانية للثورة فقد منحوا شارع الحبيب بورقيبة إيقاعا خاصا بأغانيهم وألوانهم وقصائدهم. الحرية هي العنوان الكبير للثورة التونسية ورغم الإخفاق الاقتصادي والغموض السياسي والهشاشة الأمنية نجح التونسيون بعد عامين من الثورة في الحفاظ على الحرية وهي المكسب الذي لا يختلف حوله التونسيون مهما كان لونهم السياسي.
منذ 9 جانفي انطلقت الاحتفالات بالثورة بشكل رسمي في تظاهرة تنظمها المندوبية الجهوية للثقافة بتونس وقد جمعت هذه التظاهرة بين الشعر والموسيقى وعرض للكتب بمساندة إذاعة تونس الثقافية التي خصصت استوديو خاص احتفالا بالحرية الى جانب حفل الأوركسترا السمفوني التونسي الذي اختتم هذه التظاهرة التي كان لها إيقاع خاص في الشارع الذي تحول الى رمز للثورة منذ عامين .
واذا كان الاحتفال الرسمي مهما فإن البرنامج الثقافي الذي أعدته الجبهة الشعبية مع حزبي الجمهوري والمسار منح هذه الاحتفالات طابعا اجمل فهذه الاحزاب ناضلت من اجل الحرية والديمقراطية وهي أول الاحزاب التي من حقها الاحتفال بهذه الثورة بعد سنوات الجمر .
الائتلاف الثلاثي اعد برنامجا ثقافيا جمع بين الموسيقى والفنون التشكيلية والفوتوغرافيا وقد كان التفاعل الشعبي كبيرا اكد ان التونسيين لن يقبلوا التخلي عن الحرية ولا العودة الى بيت الطاعة ولا الخضوع لمنطق الحزب الواحد.
الجميل في ما حدث يوم امس ان شارع الحبيب بورقيبة احتضن الجميع فقد كان لحركة النهضة أقوى أحزاب الائتلاف الحاكم تعبيراتها الموسيقية إذ أعدت ركحا امام المسرح البلدي وقدمت مجموعات موسيقية تتغنى بالثورة التونسية والفلسطينية مع بعض الاغاني والهتافات الدينية كما لم يغب السلفيون عن هذا الاحتفال وقد جسد شارع بورقيبة امس نموذجا جميلا للتعايش بين التونسيين.
الدرس
احتفال التونسيين امس بالذكرى الثانية للثورة كان نموذجا للتعايش بين كل التيارات والأطياف السياسية وهو تأكيد للشعار الذي رفعته حركة الوطنيين الديمقراطيين ان «تونس اخرى ممكنة» فتونس تتسع للجميع والدكتاتورية والاستبداد ليسا حزبا ولا رئيساً بل بنية تفكير والقطع مع الاستبداد لا يتطلب القطع مع اسم الحزب الحاكم سابقا كما يروج أنصار الحكام الجدد بل وأساسا مع بنية التفكير التي تدعم وتبرر الاستبداد فلا فرق بين هذا الحزب او ذاك الا باحترام التعددية وشروط التداول السلمي على السلطة وهذا ما أراد المبدعون ان يعلنوه رسما وشعرا وموسيقى في الذكرى الثانية للثورة.