عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والديه و ولده و الناس أجمعين» (رواه البخاري و مسلم). إن حب المؤمن لنبيّه و رسوله صلى الله عليه و سلم لهو أنبل شعور يزكّي النفس و ينير القلب و ينمّي العقل و يقوّم السلوك ويسمو بصاحبه في سلّم القيم إلى الحدّ الذي يبرز فيه سرّ تفضيل الإنسان على سائر الكائنات لا يبلغ الحب هذا المستوى العالي من الشعور والنبل إلا متى سيطر على المحب سيطرة كاملة فأستأثر باهتمامه، واستولى على مراكز الإحساس عنده ، وصار تأثيره فيه تأثير الطاقة في المحرّك أو الهواء في الكائن الحي! علامة هذا الحب الطاهر الرفيع رسمها القاضي عياض في[ الشفاء] بقوله: «فالصادق في حبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم من تظهر علامات ذلك عليه و أولها الاقتداء به واستعمال سنته و اتباع أقواله و أفعاله، والامتثال لأوامره، واجتناب نواهيه ، والتأدّب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكره!»
وهذا الكتاب الفرنسي الإنساني Saint-Exupéry ( 1900- 1944 ) يقول :« L`expérience nous montre que s`aimer , c`est regarder ensemble dans la même direction » La Terre des Hommes , 1939 و إذا كان الحب غير مستوف لشرائطه كان مجرّد إحساس سطحي عابر ، يخوّل لصاحبه حق الانتماء إلى صف المحبين، و لا يعبد له طريق الحظوة لدى من أحب».
أما الاكتفاء في التعبير عن الحب لنبي الرحمة ورسول الإسلام، صلوات الله عليه بترديد المدائح مناسباتيا، وإعداد الحلويات والتمتع بالفسحات والنزهات فهو أبعد ما يكون عن حقيقة ما تدعو إليه تعاليم الإسلام إذ هو من قبيل التفريط في الجوهر و الحفاظ على الاعراض، محاولة للتخفيف من وطأة الشعور بالإثم الناشئ عن التهاون بما أوجبه الدّين الحنيف، وأوصى به سيّد المرسلين، عليه شرائف الصلوات والبركات والرحمات!! قال الله تعالى: {و ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا و آتّقوا الله، إن الله شديد العقاب} (الحشر 10).
فهل نحن حقّا آخذون بما أتى به من قرآن وسنّة و منتهون عمّا نهانا عنه وملتزمون بتقوى الله كما يجب ، وكما يحب الله والرسول (ص)؟؟!