رفعت أوساط سياسية فرنسية عدة حدة الانتقادات الموجهة للدور المفترض لقطر إزاء الجماعات المسلحة في مالي وخاصة بعد استيلاء ثلاث جماعات منها على شمال مالي. ندد ميشيل ديسمين النائب الشيوعي في مجلس الشيوخ ومارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية في اليمين المتطرف،، بالدعم المالي الذي تقدمه قطر لهذه المجموعات. وتعقيبا على تصريح للشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أمير قطر قال فيه إن القوة لن تحل مشكلة شمال مالي، قالت لوبان وفقا لفرانس 24 ان «قطر غير راضية عن التدخل العسكري الفرنسي في مالي لأنه يهدف إلى دحر الإسلاميين المتشددين الموالين لهذه الإمارة في كل أنحاء العالم».
وكانت أسبوعية «لوكانار أنشينه» الفرنسية الساخرة قد نقلت في جوان الماضي عن مصادر استخباراتية فرنسية قولها أن أمير قطر منح مساعدات مالية للجماعات المسلحة التي احتلت شمال مالي، دون أن تذكر قيمة هذه المساعدات وطريقة منحها، مضيفة أن السلطات الفرنسية كانت على علم بتصرفات القطريين في شمال مالي.
وفي جويلية من العام المنصرم أيضا، وجه سادديالو، عمدة مدينة غافي شمال مالي، اتهامات لقطر بتمويل الإسلاميين المتواجدين في هذه المدينة وقال ديالو لإذاعة «أر تي أل» :«إن الحكومة الفرنسية تعرف من يساند الإرهابيين، فهناك مثلا قطر التي ترسل يوميا مساعدات غذائية إلى شمال مالي عبر مطاري غاوتمبكتو».
ومما زاد من شكوك عمدة غاحول طبيعة الدور القطري في شمال مالي، النشاط الإنساني الذي كانت تقوم به جمعية «الهلال الأحمر القطري» الصيف الماضي بشمال البلاد، حيث كانت توزع مساعدات غذائية لسكان غاو، وكانت وكالة «فرانس برس» نقلت عن عنصر من حركة «الجهاد والتوحيد» لم تكشف هويته حينها، «أن قطر كانت تساعد هذه الحركة لكي تتقرب من السكان».
إلى ذلك، يرى خبراء فرنسيون أن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى علاقة ما بين قطر والجماعات الإسلامية المسلحة المتواجدة في شمال مالي. إذ يشير أندريه بورجو، باحث في المركز الوطني للبحوث العلمية ومتخصص في شؤون مالي أنه بالرغم من عدم توفر أدلة دامغة عن وجود رابط بين الجماعات المسلحة وقطر، إلا أن هناك مؤشرات تدل على ذلك. من جهتها، نفت الدوحة رسميا كل الاتهامات الموجهة إليها، حيث قال أحد موظفي جمعية «الهلال الأحمر القطري» في تصريح لوكالة «فرانس برس» إن هدف تواجد الجمعية في «غاو هو تقييم الأوضاع الإنسانية والغذائية وليس مساندة الجماعات الإسلامية».
لكن إريك دينيسي، رئيس المركز الفرنسي المكلف بالبحوث في مجال الاستخبارات، يرى أن قطر اعتادت لعب أدوار كثيرة في المناطق التي تتواجد فيها الجماعات الإسلامية، كما الحال في ليبيا وسوريا. وقال مهدي لزار، وهو متخصص في علم الجغرافيا، في مقال نشرته أسبوعية « الإكسبريس» الشهر الماضي، أن العلاقات بين قطر والجماعات المسلحة ليست جديدة، بل سبق لهذه الإمارة النفطية أن مولت مدارس وجمعيات دينية في مالي.
وأضاف :«مالي لديها ثروات نفطية كبيرة وتحتاج إلى استثمارات من أجل استغلالها وقطر تمتلك كل التقنيات والإمكانيات اللازمة لذلك». وتابع أن « قطر تسعى إلى رفع مستوى تأثيرها الاستراتيجي في دول غرب إفريقيا ودول الساحل وتريد منافسة السعودية في العالم الإسلامي».