تغير وضع المرأة التونسية بتغير الحكومات التي عرفتها تونس من بورقيبة إلى الترويكا لتنتهي حيث انطلقت ولتجد نفسها تناضل من أجل المحافظة على المكتسبات القديمة. بعد أن ساهمت في دحر الإستعمار اعترف الزعيم الحبيب بورقيبة بمجهود المرأة التونسية ونزع عنها حجاب الخجل والخوف ليعطيها إشارة الإنطلاق نحو المشاركة في الحياة العامة دون ميز بينها وبين الرجل.
ورغم صعوبات التعليم الموجودة في ذلك الزمن على الجميع تمكنت عديد النساء من التعلم ودخول المدارس بإيعاز من شيوخ الزيتونة الذين آمنوا أن التعليم نور للفتيات كما الذكور.
وجاء الطاهر الحداد ليناصر المرأة ويطالب بتقنين حقوقها وواجباتها وظهرت مجلة الأحوال الشخصية كضامن لحقوقها ووجدت حينها عديد الأصوات الرجالية التي انخرطت في منظومة تشريك المرأة في مواقع القرار وكانت فتحية مزالي وسعاد يعقوب الوحشي من أبرز النساء اللاتي عملن في حكومة بورقيبة الأولى من مؤسسات الإتحاد القومي النسائي باقتراح من بورقيبة ورئيسة له على امتداد 12 سنة ثم وزيرة للمرأة والثانية وزيرة للصحة وكانت الإرادة السياسية آنذاك تتجه نحو النهوض بالمرأة ليس بسبب الإيمان فقط بقدراتها ولكن لمسايرة الأصوات التقدمية خاصة في البلدان الأوروبية التي تنادي بعدم إقصائها .
وعاشت المرأة عموما أكبر موجات التحرر في الفكر واللباس مع نهاية الستينات إلى نهاية السبعينات حيث تأثر العالم العربي بموجات جديدة للتنوير والإصلاح فتغيرت العقليات في اتجاه تمتع الأغلبية من الفتيات بالتعليم والإختلاط.وعرفت ظهور أول طبيبة في العالم العربي وهي مفيدة بالشيخ التي كانت تتنقل في الأرياف لتوعية الفتيات.
ديكور
سنة 1987 عندما أمسك بن علي بمقاليد الحكم كانت المرأة قد فرضت ذاتها في جميع الميادين وعلى جميع الأصعدة وازدادت عملية دفعها نحو الأمام طيلة 23 سنة من حكمه واستخدمت بطريقة غير مباشرة كورقة سياسية لتحسين صورة نظام بن علي في الداخل والخارج فتكون ورقة انتخابية في تونس ومرآة تعكس الابعاد التقدمية في الخارج.
وبذلك حاول بن علي فتح المجال للمرأة التونسية لتكون موجودة كديكور احيانا، ووضع بن علي المرأة التونسية في الواجهة خاصة في مواقع القرار فعرفت فترة حكمه أكبر نسبة تواجد المرأة في السياسة حيث اكتشف التونسيون بعد الثورة انه فوت في صلاحيات الرئاسة لزوجته ليلى بن علي واهتم بتربية إبنه...
وفي مستوى الحكومة شغلت المرأة خاصة منصب وزيرة للمرأة بل إن هذه الوزارة كانت حكرا عليها كما شغلت منصب وزيرة للصحة وكاتبة دولة في بعض الوزارات، وفاقت الذكور في التعليم العالي وانخرطت في المجتمع المدني بكثافة ونشطت في مجال المعارضة رغم القمع ومنهن راضية النصراوي وسهير بالحسن وسهام بن سدرين...
تهديدات
بعد الثورة ونهاية حكم بن علي واجهت المرأة التونسية أصوات تنادي بالعودة بها إلى الوراء قادمة خاصة من الإسلاميين والسلفيين تحديدا. وعوض التفكير في تجاوز النقائص والعراقيل التي عرفتها خلال عقود من الزمن وجدت نفسها مضطرة الى الدفاع عما حصلت عليه بعد سنوات من النضال المتواصل.وفي المقابل بدا موقف حكومة الباجي قايد السبسي داعما للمرأة رغم أنه لم يمنحها إلا وزارتين وهما الصحة والمرأة على غرار بورقيبة رغم استماتة الناشطات في الحقل النسائي في المطالبة بالتناصف وهو ما أثار موجة من الانتقادات حينها بأن المرأة لازالت مجرد ديكور.
وفي حكومة الترويكا حاولت النهضة كحزب ينتمي إليه إسلاميون متهمون بالدعوة إلى الرجوع بالمرأة إلى الوراء وبعدم الإعتراف بمجلة الأحوال الشخصية كضامن لحقوق المرأة وواجباتها تهدئة الخواطر وترشيح عدد من نسائها للتواجد بالمجلس التأسيسي والحصول على مناصب ضئيلة جدا في حكومة تشكلت بعد ثورة ومنها وزيرة المرأة ووزيرة البيئة وكاتبة دولة للتجهيز .وبدت المرأة في الوضع الحالي مجرد ورقة انتخابية وأداة للتسويق السياسي في الداخل والخارج مفاده أن الممسكين بالحكم هم إسلاميون تقدميون.وعموما عادت المرأة لتدافع عن حقها في الوجود جنبا إلى جنب مع الرجل في جميع الميادين ولكن بأكثر حدة وأكثر شراسة.
قالوا في المرأة
الرئيس المؤقت المرزوقي
يجب إخراج قضية المرأة من الصراع الأيديولوجي السياسي بين الشق الحداثي والشق الإسلامي لمجتمع منفصم ومضطر للملمة أجزائه تفاديا للحرب الأهلية، الباردة أو الساخنة.
... فالمرأة أصبحت ككرة القدم التي تتقاذفها الأرجل؛ وأول همّ لكل لاعب هو تسجيل هدف ضد الفريق الآخر؛ أما حالة الكرة المسكينة فتبقى من آخر مشاغل الجميع. والهدف بالطبع هو السلطة اكتسابا ومحافظة، وما المرأة إلا حجة وذريعة.
زعيم النهضة الغنوشي
أكّد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في أمسية رمضانيّة في ولاية بنزرت، على المساواة بين المرأة والرجل وعلى تكريم الإسلام لها وأنّ النّساء مساويات للرجال في القيمة الإنسانية وأمام الله والقانون. وتحدّث الغنوشي عن مكانة المرأة في حزب النهضة، وقال «لو لا المرأة التونسية ودعمها لحركة النهضة، ما حقّقت النهضة الأغلبية».
اليوم ينعقد : ظروف استثنائية لمؤتمر المرأة التونسية
ينعقد اليوم مؤتمر الإتحاد الوطني للمرأة التونسية بأحد النزل بسوسة بعد أن حكمت المحكمة برفض مطلب إيقافه أول أمس. وبناء عليه ينتظر أن يلتئم المؤتمر في ظروف استثنائية تشوبها الخلافات والمواجهات بين الشق الرافع للقضية والشق الموالي لراضية الجربي . وعلمت «الشروق» أن كل شق منهن جاهز لكل أشكال المواجهة التي قد تصل حد ممارسة العنف. وللإشارة تتقدم اليوم 20 مترشحة للمكتب الجديد موزعات بين 10 من القدامى و10 من الجدد.