حالة الانفلات وعدم الاستقرار الأمني والنفسي وضبابية المستقبل جعلت الشباب التونسي في وضعية هشة وعرضة للتجاذبات من مختلف التيارات لعل أخطرها دعوات التبشير أو التنصير كما جعلته عرضة للدعوات المتطرفة التي تنادي بها الحركات الوهابية التي تنشط بكثافة في تونس بما تحمله من عنف وراديكالية في المواقف. يرجح البعض هشاشة وضع الشباب التونسي وضياعه بين المسيحية والوهابية إلى اعتماد هذه الدعوات رغم اختلافها على الترغيب والمنح المالية التي تصل بالنسبة إلى الدعوات المسيحية حسب عدة مصادر إلى تمكين معتنقيها الجدد من أجر شهري مما جعلها تجد إقبالا في بعض الأوساط الشبابية.
وفي خصوص دعوات التنصير تذكر بعض المصادر غير المنفق على دقتها أن عدد التونسيين المعتنقين لهذه الديانة بنحو 30 ألف تونسي لكن الرقم لا يرقى إلى هذا الحجم بالنسبة إلى عدة مصادر إذ لا يتجاوز بضعة آلاف صحيح أن هذه الظاهرة غير جديدة على تونس وموجودة منذ سنوات لكن وتيرتها تصاعدت إثر الثورة ووجود مناخ من الانفلات مما جعلها تتكاثر سواء على صفحات الانترنات أو مباشرة عن طريق مبشرين.
وهو نفس الأمر بالنسبة إلى رواج الفكر الوهابي بتونس والذي عرف انتشارا واسعا عبر الفضائيات والدعاة الذين عرفوا شهرة واسعة وسط الشباب أمام غياب تام للخطاب الديني في مجتمعنا خلال السنوات الماضية.
الفقر والجهل
«الشروق» تحدثت إلى مستشار وزير الشؤون الدينية السيد صادق العرفاوي الذي ذكر منذ البداية أنه يستبعد أن يكون عدد الذين اعتنقوا المسيحية في تونس قد بلغ 30 ألف تونسي والعدد رغم غياب أرقام رسمية لا يمكن أن يتعدى ما بين ألف إلى ألفي متنصر .
وأضاف أن هذه الحركات التبشيرية موجودة في الدول العربية والاسلامية وتركز عموما على الدول الفقيرة والتي يكثر فيها الجهل وذلك بقصد اغراء الشباب لكن في تونس تقوم الحركة على أساس أن شبابنا منفتح ويقبل الرأي المخالف كما زادت بعد الثورة على أساس وجود صراع بين التيار العلماني والاسلامي مما يدفع الشباب للبحث عن بديل ثالث بالاضافة إلى حلم الشباب في الهجرة والزواج بأجنبيات والعمل أو الدراسة بالخارج.
مجرم شرعا وقانونا
وواصل نفس المصدر بأن هذا النشاط مجرّم شرعا وقانونا باعتبار أن فيه اكراه ناعم وذلك عبر التحفيز باستعمال حاجة الناس المادية وفيه استغلال للنفوذ. سألنا مصدرنا عن برامج الوزارة للحدّ من هذه الظاهرة فأجاب بأن التبشير ظاهرة لا بد أن تواجهها الدولة ضمن البرامج التعليمية والتثقيفية أما دور المساجد في هذا المجال فليس كبيرا بإعتبار أن الشباب الذي يتنصر ليس متدينا ولا يرتاد المساجد عموما...وبالتالي فالخطاب المسجدي تأثيره في الظاهرة سيكون محدودا.
لا تجوز
وأضاف مستشار وزير الشؤون الدينية أن المقارنة بين التيار الوهابي والتبشير لا يجوز حسب رأيه بأي حال ومع ذلك فإن انتشاره في تونس واضح ولاحظ أن تسمية «وهابية» لغويا غير صحيحة لأن مؤسس هذا التيار محمد ابن عبد الوهاب ومن الأصح تسميته بالتيار المحمدي... وأضاف أن هذا التيار في الأصل حنبلي (أهل الحديث) الذي يقابله التيار الأشعري ويعود إلى القرن 3 هجري ويضم عدة تيارات ولاحظ أن هذا التيار لايعتمد في انتشاره في تونس لإغراءات مادية بل تعود المسألة إلى نهاية التسعينات وما يعرف بالصحوة الاسلامية في تونس وسائر الدول الاسلامية وهو توجه نحو التدين جاء كنتيجة للعولمة حسب قوله ونتيجة وجود فراغ ديني في تونس وجدت الفضائيات والدعاة اقبالا كبيرا من التونسيين في غياب علماء الزيتونة وما يزال التيار السلفي الوهابي يستقطب الشباب في تونس لأن الآلة الاعلامية التي تبثه قوية عبر الفضائيات المتعددة وإلى جانب الامكانيات الضخمة يعتمد هذا الفكر على الخطاب البسيط والواضح و«راديكالي» وسطحي يستسهله الشباب ويميل إليه. سألنا مصدرنا لماذا لا يتم بث خطاب ديني معتدل في قنواتنا حتى تكون بديلا لهذه التيارات المتطرفة يمينا وشمالا ويلجأ إليها شبابنا. فأجاب بأنه لا توجد مساحة في التلفزة الوطنية لذلك فبالكاد يتم برمجة مساحات ضيقة للبرامج الدينية وإحداث قناة دينية عملية مكلفة لم يتقدم إليها بعد أي باعث.
اعتبر الاستاذ ابراهيم الهادفي كاتب عام المجلس الاسلامي الأعلى (سابقا) أن التيار الوهابي يهدف إلى محو الشخصية الدينية التونسية لأنه تيار معتدل وهو تيار يؤثر في الشباب غير المتشبع بدينه، وقد نشط هذا التيار في ظل الانفلات الذي تعيشه البلاد ويعدّ تيارا عنيفا إذ أتهم مؤخرا في تونس بهدم عديد الزوايا كما هدم في السابق قبور الصحابة ويرى مصدرنا أن الحل للتصدي لهذا التيار هو العودة إلى علماء الزيتونة والابتعاد عن الفكر المتطرف.
وفي خصوص الخطر المسيحي ذكر مصدرنا أنه موجود أيضا ويرتكز على اغراء الشباب العاطل والحالم بالهجرة ويجب أن تتصدى الدولة لانتشار هذه الظاهرة في صفوف الشباب.
ذكرت رئيسة جمعية مساندة الأقليات بتونس ل«الشروق» أن عدد الذين اعتنقوا الديانة المسيحية في تزايد لكن لا يمكن الحصول على أعدادهم بدقة لأن الكثير منهم يغيّرون دينهم في سرية تامة وحتى عائلاتهم لا تعلم بذلك.
ونفت أن تكون هناك مغريات مادية ذلك ان العديد منهم منحدر من عائلات ميسورة، ولاحظت أن الكنيسة الكاتوليكية تعتمد شروطا صعبة لقبول المسيحيين الجدد. واعتبرت أن المسألة تدخل في إطار الحرية الشخصية ما دام هناك تبادل احترام حقوق الآخرين.
77 بالمائة من التونسيين غير راضين على الوضع العام في البلاد قال إقبال اللّومي مدير مؤسسة ELKA أمس الإثنين إن استطلاعا للرأي أعد مؤخرا بالتنسيق مع المعهد الأمريكي الجمهوري الدولي IRI حول الوضع في تونس توصل الى أن نسبة 77 بالمائة من التونسيين غير راضين على الوضع في البلاد. وأضاف اللومي في برنامج ميدي شو إن استطلاعا مماثلا اجري في مارس 2011 توصل الى ان نسبة التفاؤل على الوضع العام في البلاد بلغت آنذاك 79 بالمائة. وحول الشخصيات التي يحبذها التونسيون، أفاد اقبال اللومي ان الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس تحصل على نسبة رضاء بلغت 46 بالمائة في حين تحصل راشد الغنوشي على نسبة 30 بالمائة.
بين 10 و20 اسما في قائمة المرشحين لخلافة الجبالي صرح رئيس مجلس شورى حركة النهضة والقيادي في الحركة فتحي العيادي أن لديهم قائمة تضم بين 10 و20 إسما من المرشحين لخلافة الجبالي في منصبه كرئيس للحكومة وذلك في صورة تقديم استقالته من هذا المنصب. وأكد أن من بين الأسماء المرشحة لهذا المنصب وزير الصحة الحالي عبد اللطيف المكي. وأوضح فتحي العيادي في تصريحات اذاعية أن اللجوء إلى قرار استقالة الجبالي من رئاسة الحكومة لن يكون أمرا ضروريا في صورة عدوله عن قراره.