ببادرة من أصحاب مدارس تعليم السياقة لإقليم الشمال الشرقي التونسي التأمت جلسة عمل بدار الثقافة بالمروج الأول لتدارس الوضع المهني والمشاكل التي يواجهها القطاع وذلك بالتنسيق مع غرفة النقابة الجهوية. افتتح السيد توفيق العبيدي رئيس الغرفة اللقاء بالتعرض إلى بعض المشاكل المادية التي يمكنها أن تنزلق بالقطاع إلى فسح المجال للفساد والرشوة والمحسوبية. وأكد السيد العبيدي على أن العديد من أصحاب مدارس تعليم السياقة خاصة المبتدئين منهم يتعرضون إلى صعوبات جمة أهمها صعوبة استخلاص الديون المتخلدة بذمتهم والمتعلقة بشراء سيارات التعليم. وأدت الصعوبات المادية إلى القيام ببعض التجاوزات، فهناك من أصبح يقدم عروضا مغرية من أجل استقطاب الحرفاء وجلبهم عن طريق عرض أسعار منخفضة جدّا، تصل إلى أكثر من 50% يتساءل المتدخل عن مدى جدوى التكوين داخل هذه المدارس بمبلغ متفق عليه مسبقا(وفقة) لا يتجاوز 300 دينار وكيف يمكن للحريف أن يتحصّل على رخصة السياقة بمبلغ ضعيف لا يفي بتسديد أقل عدد ممكن من ساعات التعليم؟ وقدم السيد العبيدي افتراضين لا ثالث لهما إما أن يعمل صاحب مدرسة تعليم السياقة بأسعار زهيدة تؤدي به حتما إلى الإفلاس أو أن يبحث عن طريق سهلة للربح تشوبها الشكوك وتفتح أبوابا كثيرة للفساد والرشوة، وهنا يرجح محدثنا الافتراضية الثانية.
مصداقية الشهائد الاجنبية
المداخلة الثانية كانت للسيد الطاهر الساحلي رئيس الغرفة الوطنية السابق الذي قام خلالها بمقارنة وضع قطاع تعليم السياقة في السنوات الأولى للاستقلال مرورا بفترة الثمانينات ووصولا إلى الوقت الراهن وهي من أحلك الفترات
وأشدها على القطاع نتيجة تداخل عدة عناصر من أهمها سهولة وعدم مصداقية البعض من شهادات الكفاءة المهنية المسندة من قبل دول أجنبية مثل سوريا، العراق، موريطانيا وخاصة الأردن وأضاف السيد الساحلي بأنه تم ضبط الشهادة بعدة شروط جديدة لإنقاذ القطاع وإيقاف التيار من بينها شرط إعادة الاختبار الكتابي في تونس قبل التنظير لكن الظاهرة التي تفشت مؤخرا وبداية من سنة 2009 هي بروز السماسرة والوسطاء فالعديد من أصحاب المدارس ينتدبون مدربين بطرق عشوائية وغير قانونية دون الشروط المطلوبة كما تفشت ظاهرة المتاجرة والمساومة في التسعيرة مع الحريف خاصة المقترضين منهم والعاجزين على تسديد قسط الدين فيلتجئون إلى طرق ملتوية وغير قانونية لتغطية مصاريفه.
السيد عمر بن بريك صاحب مدرسة ببن عروس تحدث عن سعر تكلفة الساعة الواحدة من تعليم السياقة المحددة بقيمة 19.085د من قبل مكتب الدراسات ورغم كل ذلك فهم يعملون بثمن 18 دينارا للساعة الواحدة كما يقترح الترفيع في التسعيرة إلى حدود 23 دينارا و تكلفة الامتحان من 60 إلى 80 دينارا حتى يتمكن من مجابهة المصاريف الكثيرة وتقيهم من الدخول في متاهات الرشوة والفساد. أما السيد الحبيب الذوادي صاحب مدرسة سياقة ببنزرت فتحدث عن مشكل التنافس بين المدارس وكثرتها في مدينتي بنزرت ومنزل بورقيبة حيث تضاعف عددها ثلاث مرات مما أجبر البعض منهم إلى التنزيل بالتسعيرة إلى حدود 12 د للساعة الواحدة في حين اقترح السيد أحمد فخر الدين الجلاصي من مركز امتحان باردو البحث عن آليات لاعتمادها قصد كسب الثقة بين جميع المدارس والابتعاد عن التجاوزات وسن قوانين وتراتيب تضبط عملهم.
السيد نور الدين التستوري صاحب مدرسة تعليم سياقة بنابل تعرض إلى مسألة الإعلانات الزائفة وكيفية مجابهتها إذ أنها تهدف إلى إغراء الحريف وتعمل على تقديم تكوين رديء يتسبب في كثرة حوادث الطرقات.
ويقترح السيد قابيل من أريانة بعث لجان مراقبة مدارس السياقة لأن الكثير منهم يعمل دون وثائق وتراخيص وشهادات تأمين ودعا بالمناسبة إلى تأسيس عمادة لإيقاف النزيف ومعاقبة المخالفين ومساءلتهم. كما أفاد السيد محمد البرقاوي من منوبة فاضاف أن هناك عدة مشاكل منها أزمة المدربين الذين يعملون بعد عملهم الأصلي وهناك منهم من يكتري رخصة ويقترض لشراء السيارة ثم يسعى إلى تحقيق الربح السهل باعتماد أساليب غير شرعية منها الرشوة. ويقترح السيد الحبيب بن فاضلة من بن عروس تحديد عدد امتلاك سيارات التعليم بسيارة واحدة عوضا عن 3 و4 سيارات حتى يترك مجال العمل لغيره من أصحاب المدارس. وتحدث السيد «المولدي الثاني صوف» صاحب مدرسة سياقة بمدينة المروج عن تدهور وضع القطاع فأفاد بأن المتسبب الرئيسي في ذلك هو الرشوة والفساد وحمل النقابة المسؤولية في ذلك بعدم الكشف عن الفاسدين من أصحاب المهنة والضرب على أيديهم وقد قال حسب تعبيره بأن العديد من السماسرة قد غزوا القطاع.