قد نختلف مع فوزي البنزرتي في بعض المواقف وننتقده بسبب احتجاجاته المتواصلة على الحكام وانفعاله على حافة الميدان ولكن لا أحد قد ينكر عليه أنه مدرب كبير. تحصل فوزي البنزرتي على 11 لقبا على الصعيد المحلي والقاري والإقليمي مع الترجي الرياضي والنادي الافريقي والنجم الساحلي هذا فضلا عن تجاربه الاخرى مع المنتخب الوطني التونسي والمنتخب الليبي وأيضا في الخليج.
«الشروق» حاورت فوزي البنزرتي لاستفساره عن مستقبل الكرة التونسية وكذلك بخصوص المواقف التي صدرت عنه مؤخرا ازاء عدد من الشخصيات الرياضية في مقدمتها سامي الطرابلسي ونبيل معلول وكذلك لمعرفة حقيقة الاتهامات التي وجهت له خلال الساعات الاخيرة من بعض الأطراف الإماراتية بخصوص بعض التفاصيل التي رافقت تجربته في الشارقة الإماراتي، وفي ما يلي تفاصيل هذا الحوار:
اقتحمت عالم التدريب منذ موسم 1977 1978 وتركت بصمة واضحة في الكرة التونسية... ومع ذلك لم تكن ضمن القائمة الموسعة للمدربين المرشحين لتدريب المنتخب، فما تفسيرك لهذا الأمر؟
من المؤسف ان يتم تعيين مدرب المنتخب الوطني استنادا الى الولاءات والعلاقات الشخصية وبما أنني لا أجيد المجاملة وبقية الأساليب المعتمدة في كواليس الكرة التونسية كالاتصال بالمسؤولين وما شابه ذلك ولا أملك ايضا مدير أعمال مثل بقية الفنيين لم يتم ادراج اسمي ضمن المرشحين لتدريب المنتخب الوطني.
لكن ألا تعتقد ان الجامعة صرفت عنك النظر بحكم أنه سبق لك تدريب «نسور قرطاج» في مناسبتين؟
لقد تم الاستنجاد بخدماتي في ظرف زمني قياسي عن طريق بعض الضغوطات الصادرة عن شخصيات فاعلة جدا ولم أستطع بالتالي رفض تدريب الفريق الوطني لأن المصلحة الوطنية اقتضت آنذاك تواجدي على رأس الإطار الفني لكنني لم أحصل على فرصتي بالكامل.
ما هي الاحترازات التي لديك بخصوص تعيين معلول على رأس الاطار الفني للمنتخب؟
ليست لدي اي اعتراض على تعيين معلول خاصة وأنني من المدربين الذين يشجعون سياسية التعاقد مع الإطارات الفنية المحلية ولكن كنت أتمنى أن تستعين الجامعة بعدة أطراف مشهود لها بالكفاءة من فنيين واعلاميين ومسؤولين... عند اختيار المدرب الوطني.
هل نفهم من كلامك أنك تشكك في دور الادارة الفنية الذي يقال انه كان حاسما في اختيار المدرب الجديد؟
شخصيا لا أعترف بوجود الادارة الفنية لأنها غير فاعلة بحكم أن الادارة الفنية من واجبها ايجاد الحلول الكفيلة بتطوير الكرة في بلادنا ووضع البرامج والتمتع بالصلاحيات الضرورية، أما في الوقت الراهن فهي إدارة شكلية فحسب.
لا بد من اعادة النظر في عدة مسائل جوهرية أهمها تكوين اللاعبين الشبان والاعتماد على بطولة ب12 فريقا فحسب استنادا الى نظام المجموعتين (البلاي «أوف» والبلاي «آوت») وصرف النظر عن المشاركة في مسابقة كأس افريقيا للاعبين المحليين «الشان» لأن اللاعبين التونسيين لن يتحملوا الضغط المسلط عليهم بسبب الروزنامة التي تتضمن المسابقات المحلية والافريقية والاقليمية وهو ما يؤدي حسب اعتقادي الى ارهاق اللاعبين خاصة منهم الدوليين بحكم أن بعضهم يصبح عاجزا عن التمتع بقسط من الراحة والتقاط الأنفاس والاعداد البدني الذي يسبق الموسم الجديد كما حصل مع يوسف المساكني وأسامة الدراجي.
في سياق حديثنا عن الكرة التونسية والمنتخب لاحظنا انك انتقدت بشدة سامي الطرابلسي في وسائل الاعلام الجزائرية، فهل من توضيح؟
قلت انه يفتقر الى التجربة ذلك أنني كنت أتمنى ان يشرف سامي الطرابلسي على بعض الفرق ثم يلتحق بتدريب المنتخب الاول حتى يكتسب الخبرة الضرورية للنجاح في هذا المنصب مع العلم بأنني أعتقد ان تجربته مع الفريق الوطني كانت ناجحة نسبيا قياسا بالظروف التي رافقت فترة اشرافه على المنتخب.
وماذا عن مساعدك السابق في الترجي ماهر الكنزاري الذي أصبح الآن المدرب الأول لفريق «باب سويقة»؟
كنت أشرت مرارا الى ان الكنزاري يتمتع بكفاءة عالية جدّا ولديه قدرات فائقة على مستوى تحضير اللاعبين من الناحية البسيكولوجية وهو مشروع مدرب كبير وقد برهن على ذلك مع النادي البنزرتي حيث كاد يقوده الى التتويج بلقب البطولة لذلك أظن أنه سينجح مع الأصفر والأحمر مع العلم ان عثرات الفريق خلال الموسم الحالي كانت متوقعة لأنه يعيش فترة انتقالية لكن يجب ان لا تستغرق الكثير من الوقت لأن جمهور الترجي يرفض الانتظار.
في المقابل ألا تعتقد ان حال الافريقي الذي دربته في وقت سابق قد تغيّر كثيرا؟
نعم لأن المال قوام الأعمال كما أن الفريق يزخر بعدة لاعبين ممتازين وأعتقد شخصيا أن الافريقي أصبح في ثوب البطل قبل الأوان قياسا بما قدمه الى حدّ الآن.
دخلت النجم الساحلي من الباب الكبير ومرفوعا على الأعناق غير أن علاقتك به انتهت في أروقة المحاكم (لجنة النزاعات)، فماذا حصل؟
لقد مرّ النجم الساحلي بظروف مالية صعبة جدّا يعرفها القاصي والداني حتى أنني كنت أعمل على إقناع اللاعبين بعدم الاضراب عن التمارين بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم وعندما ازداد الوضع تعقيدا ولم أتحصل على راتب شهر ونصف قررت مغادرة النجم وذلك بعد ان أعلمت إدارة الفريق عن طريق رسالة مضمونة الوصول الا ان النجم رفع ضدي قضية وقد صدر حكم يلزمني بدفع 45 ألف دينار وهو حسب اعتقادي حكم خارق للقوانين مع العلم بأنني أردت غلق هذا الإشكال بصفة ودية من خلال عقد جلسة صلحية مع إدارة النجم غير اننا لم ننجح في ذلك وعموما أؤكد ان النجم يحظى بمكانة خاصة في قلبي وخاصة جمهوره الرائع الذي كان يصفق لشخصي حتى عندما أفوز مع فريق آخر على حساب النجم الساحلي كما أن الفريق لديه عدة مواهب كروية قادرة على الذهاب بعيدا في سياق البطولة ولا يفتقر الآن الا إلى تعزيز صفوفه بلاعب أو اثنين من الطراز الرفيع على مستوى الخط الأمامي.
وماذا عن فريقك الأم الاتحاد المنستيري الذي تألق خلال الموسم الحالي؟
الاتحاد يفتقر الى الامكانيات المادية بالمقارنة مع الأندية الكبرى اذ ليس باستطاعته شراء لاعبين من الطراز الرفيع. اتهمتك بعض الاطراف الإماراتية مؤخرا بالحصول على جزء من الأموال الخاصة بصفقة انتقال الليبي أحمد الزوي الى الشارقة عندما كنت تشرف على حظوظ هذا النادي
فما تعليقك على ذلك؟
أنا بريء من هذه الاتهامات وقد دربت على امتداد عدة عقود ولم أتحصل على مليم واحد «حرام» مع العلم بأن بعض المدربين عادة ما يتحصلون على «عمولتهم» أثناء قيام فرقهم بالانتدابات.
نعرف أنك من الشخصيات الرياضية التي اقتحمت عالم السياسة من بوابة قائمة مستقلة (الجرأة والطموح) فهل مازلت مصرا على «الخلط» بين السياسة والكرة؟ أولا لن أعتزل التدريب لأنني لو فعلت فإنني سأصبح مريضا كما أنني سأواصل نشاطي السياسي.
ولا أنكر أنني تأثرت بعدة شخصيات سياسية تونسية تتمتع بالروح القيادية مثل الفقيد شكري بلعيد كما أنني أرتاح نسبيا لحزب «نداء تونس» (حزب الباجي قائد السبسي) وفي المقابل أعتقد ان خطاب عدة سياسيين آخرين اتسم بالغموض كما هو الشأن بالنسبة الى حمه الهمامي..
نترك لك كلمة الختام... فماذا تقول؟
سأعود قريبا الى الميادين لأنني أرفض «البطالة» وأعشق التدريب وأتمنى أن يتحسّن الوضع الأمني في تونس لأنني تحوّلت مؤخرا الى الإمارات ولاحظت أن عددا كبيرا من رجال الأعمال هاجروا من تونس باتجاه هذا البلد نظرا لتدهور الوضع الأمني كما أتمنى التوفيق للمدرب الجديد للمنتخب.