لقد ظهرت حقيقة الخطب الرنانة والوعود المسيلة للعاب التي ملئت بها خطابات الاسلام السياسي والمالي تلك البرامج الكاذبة المتستّرة بالدين والوطنية لقد أوصلنا الوعد الكاذب إلى المنعرج الخطير الذي برز بأشدّ ما يكون الوضوح إثر اغتيال المناضل الوطني الديمقراطي شكري بلعيد شهيد الوطن والانسانية ولا يتمثل الخطر في فشل الحكومة فهو منتظر وإنما التغطية على ذلك الفشل بطرق عدة أهمها الاغتيال السياسي الممنهج والدعوة عبره إلى أفغنة الوطن إذا لزم الأمر في صورة الانهزام للاسلام السياسي والمالي الذي اختاره البيت الأبيض حلاّ لتمرير مشروع الأوسط الجديد الذي فشل باعتماد الغزو وآلة الحرب الرهيبة وإذا كانت العولمة هي اليد الواحدة ذات الأصابع المتعددة لفرض خيارات الامبريالية وتركيع الطبقات الكادحة والشعوب فإن من أحشائها انبثقت يد الثورة المناهضة لها ذات أصابع متعددة.
إثر اغتيال الشهيد تهاطلت مبادرات سياسية لمعالجة الوضع الراهن ولكنها كانت مؤثثة في عمقها بجنون حب الوصول إلى السلطة لذلك يجب على خلص الخط النضالي لتحرير العمل والطبقات الكادحة المضطهدة والشعوب المقهورة في وطننا أن يحللوا الوضع الراهن ويستنبطون الحل الثوري المناسب بطريقة علمية وعملية. وكمساهمة منا في قراءة اللحظة الراهنة واستنباط الملائم للتجاوز علميا وعمليا فإننا نرى مايلي :
1 تقييم الوضع الراهن
1 أ فشل الحكومة فشلا تاما لاتباعها جوهريا مخطط زين العابدين بن علي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية تصديا لمشروع الانتفاضة بمسارها الثوري الذي تطالب به جماهير شعبنا الفقيرة المستغلة والمضطهدة سياسيا
اتباع كلّي لخيارات البيت الأبيض وخدمة دول الخليج برأسيها قطر والسعودية رئيسيا أما ثانويا فهي مصالح فرنسا ومن ورائها الاتحاد الأروبي وهذا يشير إلى الصراع الخفي بين الامبرياليات المنضمة لحلف الناتو. اقتصاديا :
خضوع كلي لاملاءات البنك العالمي لخدمة مصالح الامبريالية العالمية وخدمها الكمبرادور والبيروقراطية وكبار الملكية العقارية والسماح لبروز الاقتصاد الموازي لاقتصاد الوطن لتأمين تأبيد العمالة والتبعية ونتج عن ذلك فظاعة تفقير الطبقات الاجتماعية المضطهدة حتى أصبح الجسد مهددا لفقدان قوته اليومي. ثقافيا :
أ تخفيض ميزانية وزارة الثقافة والترفيع لمثيلتها وزارة الشؤون الدينية التي ليس لها ما يبرر في بعثها. ب تحويل أماكن العبادة إلى منابر خطب ايديولوجية وسياسية إضافة إلى جعلها مراكز تجارية مثل جامع الفتح بوسط العاصمة . ج تحويل محطات السفر إلى مكتبات تعمل على ترويج الفكر الوهابي والغيبي والخرافي. د السماح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لضرب ظاهرة الفنون (العبدلية...) ولتعنيف الفنانين في جميع الاختصاصات ولضرب الفكر العلمي بالهجوم على المؤسسات الجامعية وكيد التهم للعمداء (كلية الآداب منوبة). اجتماعيا:
أ انتشار وتوسع ظاهرة الاجرام والاعتداء على الممتلكات وتفشي ظاهرة الادمان على المخدرات والاتجار بها بما يفوق أيام بن علي بسبب ازدياد ظاهرة الفقر المدقع وانتشار البطالة بما يفوق قبل 14 جانفي وخاصة في المناطق الداخلية التي ازدادت تهميشا . ب تراجع الاقبال الجدي على الدراسة في المدارس والمعاهد وبعث انتشار الكتاتيب لتأسيس فعلي لتعليم مواز لتعليم الدولة والدعوة وممارسة الزواج بما يخالف ما ورد في مجلة الأحوال الشخصية والرجوع إلى مانادت به بدايات التنظيمات الاسلامية من وجوب الفصل بين الجنسين ومكوث المرأة في المنزل... ج تهميش دور البلديات في تنظيم الحياة العامة في المدن والقرى فانتشرت ظاهرة غياب التنظيف في كل المدن وأضحت الشوارع أسواقا للاقتصاد الموازي مع تغييب قانون السير في الطرقات.
1 ب فشل المجلس التأسيسي :
حاد عن مهمته الأصلية وهي صياغة الدستور وعجز عن بناء ما يلزم لممارسة الانتخابات وتجاوز المدة الزمنية المخولة له وابتعد عن المساهمة في انجاز مطالب الانتفاضة ومسارها الثورة وذلك لاستفادة النواب أطول فترة ممكنة من الجرايات المنتفخة التي وصلت إلى ضعف ما تقاضاه نواب بن علي.
2 مقترح الحل :
أ الشعب
موضوعيا سيمارس خياراته في إعادة مساره الثوري إلى الطريق السوي بالعمل على فكّ يد الشدّ إلى الوراء. ب القوى السياسية الوطنية والتقدمية ومكونات المجتمع المدني : تكوين لجنة وطنية إضافة الى هيئة المحامين المكلفة بملف القضية للمعاينة والمتابعة وهي تتكون من : واحد عن الجبهة الشعبية وواحد عن الاتحاد العام التونسي للشغل وواحد عن عمادة المحامين وواحد عن نقابة الصحافيين وواحد عن منظمة حقوق الانسان وواحد عن النساء الديمقراطيات وواحد عن نقابة القضاة إضافة إلى واحد من خبراء القانون وتكون على اتصال دائم بالقوى الديمقراطية عالميا. العمل على حل الميليشيات ما يسمى برابطات الثورة والشرطة السلفية ومحاسبتها قضائيا لما اقترفته من جرم . عزل الأئمة الذين وقع تنصيبهم بالقوة والمتنفذين في جامع الزيتونة ومحاسبتهم قضائيا اضافة إلى كل من دعا إلى التكفير والنداء إلى القتل. تجميد نشاط كل الجمعيات المشبوهة والتحقيق في مصادر التمويل والتصرف فيه. التراجع عن جميع التسميات في مفاصل الدولة الحساسة التي أقدمت عليها الترويكا وخاصة في الأشهر الأخيرة. الاستعانة بنقابات الأمن والموظفين السامين المشهود لهم بنظافة اليد للكشف عن حقيقة ما جرى في أروقة وزارة الداخلية كما الشأن لوزارة العدل. التنفيذ العاجل لكل الاتفاقات المبرمة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل بكل هياكله وتجميد الأسعار وتتبع الأيادي الخفية العاملة على تحقيق مشروع ما يسمى عادة بأثرياء الحرب وبناء الاقتصاد الموازي المعتمد أساسا على التهريب توريدا وتصديرا والترفيع في الاداء الضريبي للشركات والمصانع حسب حجم رأس المال وربحه وتوفيق وتوقيف لسياسة القروض المتبعة حاليا وتعويضها بأخرى تراعي بناء الاقتصاد الوطني والعيش الكريم إضافة إلى إنشاء صندوق خاص بالمناطق الداخلية المهمشة والمعطلين عن العمل مهما كان مستواهم التعليمي وإسناد خطة الإشراف على البنك المركزي إلى خبيرين فأكثر مشهود لهم بالكفاءة ونظافة اليد. إعادة الاعتبار إلى المؤسسات الجامعية والاعتذار رسميا إلى المشرفين عليها والمدرسين والدارسين والعاملين بها. إعادة الاعتبار إلى الاتحاد العام لطلبة تونس واعتباره الناطق الرسمي باسم الطلبة. خلق مناخ سليم لاتحاد المرأة حتى يؤثث من جديد بما يناسب ما تصبو إليه المرأة في وطننا. حل جميع القضايا الأخرى الخاصة بالقضاة والاعلاميين وما شابه.
ج : المنفذ :
حكومة كفاءات غير منتسبة حزبيا يفرزها مؤتمر وظني للإنقاذ يتكون من جميع الأحزاب السياسية دون إقصاء إلا من ثبتت إدانته وهي مهمة يتكفل بها قضاء مستقبل وجميع مكونات المجتمع المدني بحضور دولي ديمقراطي غير منحاز للامبريالية والاستعمار.