«من أجل بعث شبكة للسياحة التضامنية»، نظمت وحدة مثاقفات متوسطية بكلية الاداب والعلوم الانسانية بصفاقس يوما دراسيا بالاشتراك مع المندوبية الجهوية للثقافة ومركز سيرسينا للبحوث حول الجزر المتوسطية بقرقنة. اليوم الدراسي وكما أراد منظموه خرج عن الطرح الكلاسيكي في إلقاء المحاضرات واتخذ شكلا حواريا بمشاركة مجموعة من الباحثين والخبراء والمختصين الى جانب ممثلين عن قطاعات السياحة والثقافة والبيئة وبعض ممثلي مكونات المجتمع المدني بنزل أقواس بصفاقس. وفي كلمته بين الدكتورعبد الحميد الفهري رئيس وحدة مثاقفات متوسطية في مفتتح الورشة ان الغاية من هذه التظاهرة هو جمع افكار ومقترحات وتصورات يمكن ان تدرج في وثيقة تؤسس لهذا الصنف من السياحة المفقودة في بلدنا خلافا للمغرب الشقيق ومصر ولبنان وخاصة موريتانيا التي كانت سباقة في هذا الصنف السياحي. فالسياحة التضامنية التي نجحت في يوغسلافيا وفرنسا لا تقوم على رأس المال بل تقوم على التراث والثقافة والأخلاق تدفع السياحة الداخلية وتدمج الفئات الشعبية في مسالكها انتاجا واستهلاكا دون التغاضي عن الزائرين الخارجيين الذين تستهدفهم السياحة الكلاسيكية وبأكثر توضيح قال عبد الحميد الفهري ان قاعدة الاستثمار في هذا الصنف من السياحة الجديدة الذي لا تزال تونس غير مصنفة فيه يقوم بالاساس على الرأس المال التراثي والبشري دون الاستثمارات المالية الضخمة ويراعي الخصوصيات الاجتماعية والثقافية للمجتمع ويحترم مقومات البيئة والمحيط مبرزا ان المطلوب اليوم تكاتف كل الأطراف للانطلاق في هذا «المشروع السياحي» الذي بالإمكان إنجازه في تونس التي تتوفر فيها كل الخصوصيات والمميزات للسياحة التضامنية وربيعة بلفقيرة المندوب الجهوي للثقافة بصفاقس أبرزت في كلمتها اهمية المخزون والمؤهلات الطبيعية والثقافية التي يمكن توظيفها في السياحة التضامنية التي لم تعرف انطلاقتها المرتقبة في جهة صفاقس بسبب السياسة التصنيعية بالجهة وعدم احترامها لمقومات احترام البيئة والمحيط. وتحدثت ربيعة بن فقيرة عن مقومات السياحة بصفاقس التي تتميز بمخزون ثقافي ومعماري وتاريخي بل وحتى سياحة الأعمال والمؤتمرات لتخلص إلى أن مندوبية الثقافة بصفاقس منكبة على دراسة بعض المسالك السياحية برا وبحرا، كما هي منكبة على دراسة لتوظيف المعلم الحضاري سوق الحدادين ربما لتحويله إلى أجنحة موسيقية وسينمائية وتراثية تهتم بمخزون الجهة مع إمكانية وجود فرقة موسيقية تهتم بجمع التراث الفني وتسجيله وغيرها من الأفكار التي بسطتها المندوبة ربيعة بن فقيرة التي ثمن الدكتور عبد الحميد الفهري مجهوداتها في المساندة والإحاطة بل وتنشيط المشهد الثقافي بصفاقس. وأكد المندوب الجهوي للسياحة إلياس مسلم على أن صفاقس يمكن ان تكون بما لها من إمكانيات طبيعية وثقافية وبشرية سباقة في ارساء المقومات الاولى لما يسمى بالسياحة التضامنية في تونس دون أن يخفي الصعوبات والعراقيل التي تستوجب هي الأخرى دراسة معمقة. وفضل مندوب السياحى تناول الموضوع بشكل علمي ينطلق من تحديد المصطلحات ومفاهيمها لبلوغ الهدف دون تشتت بين مصطلحات متداخلة كالسياحة البيئية والإيكولوجية والتراثية والتضامنية وسياحة الأعمال مبرزا أن صفاقس بإمكانها أن تجمع بين هذا وذاك مبينا أن المندوبية الجهوية للسياحة ومن ورائها الوزارة حريصة على تنويع المشهد السياحي. المشاركون في الحوار من وجوه سياحية وثقافية ومجتمع مدني أكدوا على على اهمية المخزون التراثي للمدينة العتيقة وما تكتنزه من معالم ثقافية الى جانب المؤهلات البيئية والحضارية لجزر قرقنة وطينة والمحرس والغريبة وغيرها من المواقع التاريخية بصفاقس وبقية الولايات والجهات القريبة منها. وتناول جانب النقاش كذلك ضرورة إدراج مختلف هذه المواقع والمنتوجات ضمن مسلك سياحي يجسم مفهوم السياحة التضامنية ويثمَن خصوصيات الجهة الثقافية والسياحية والتراثية والطبيعية التي لم تثمن بعد رغم أهميتها.
وتناول المتدخلون عديد الصعوبات والعراقيل القائمة التي تعطل المشاريع السياحية لجهة صفاقس وغيرها من جهات البلاد منها غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في الشأن السياحي والقوانين والتراتيب والتشريعات المكبلة لتطوير المشهد السياحي وتنويعه. مجمل هذه المقترحات والأفكار ينتظر أن يتم تجميعها في ورقة عمل تكون منطلقا عمليا ل « صناعة « السياحة التضامنية التي نجحت فيها العديد من الدول باعتبارها لا تكلف شيئا أكثر من الأفكار وتفعيل المتوفر لخلق فرص عمل لا يمكن حصرها.