احتضن المركب الثقافي بالمنستير مؤخرا الصالون الوطني لفن الكاريكاتير الذي جمع مدارس مختلفة في فن كان يعتبر إلى الأمس القريب ممنوعا أو مقتصرا على مجالات دون غيرها ولكنه بعد الثورة عرف أبعادا أخرى فتحرر وجعل ممارسيه يبدعون في رسم لوحات معبرة تنوعت مواضيعها واهتمت بشكل كبير بالشأن السياسي. وعندما نتحدث عن فن الكاريكاتير فإننا نذكر بكل تأكيد الفنان رشيد الرحموني ومنير الهادفي وحسن المشيشي وليليا هلول وحمزة السلطاني وعمار بلغيث وإبراهيم الدريدي ونجيب الشك وتوفيق الكوكي وحاتم بوزويتة ووسام بن سمير وبدر الدين والي وغيرهم ممن كانوا حاضرين في الصالون بأعمالهم التي كانت عبارة عن رسائل نقدية مدرجة في صور كاريكاتيرية تحمل روح الفكاهة وتنم عن مواهب نادرة يفترض أن تعزز بأخرى حتى تجعل من الساحة خليطا فسيفسائيا يؤسس إلى فن مستقل بذاته محصنا ومتمتعا بهامش من الحرية.
وشهد الصالون الوطني تقديم ثلاث مداخلات الأولى بعنوان «الطاقة النقدية للكاريكاتير» للأستاذ فاتح بن عامر والثانية بعنوان «كاريكاتير الراهن» للأستاذ بشير قرشان والثالثة بعنوان «تجربة فنان» للأستاذ عمار بلغيث واستعرض فيها المتحدثون تاريخ الفن الكاريكاتيري والعلاقة العدائية بين الرسام والسياسي وكذلك تطور نسق الإنتاج الكاريكاتيري وظهور موجة جديدة ذات صبغة سياسية قوية لم ترق لفئة معينة حاصرت المبدعين في هذا المجال.
واعتبر المتدخلون أن تحرر الرسام هو مكسب حقيقي ثمنته عديد الأطراف وأشاروا إلى أن الكاريكاتير أصعب من الرسم باعتباره يتجاوز الكلاسيكية في «الصنعة» ليبلغ عبقرية الإبداع في تحديد الموضوع والأهداف.
وأوضح الأساتذة أن فن الكاريكاتير متأصل في التونسي الذي يحب النكتة والنص الهزلي الساخر وأنه لم يتعد المجالات العامة التي لها علاقة بالحياة اليومية للمواطن وأنه كان في العهدين البائدين محرما في بعض مجالاته ومصدر إزعاج ومضايقة لممارسيه مما حد من حيوية النشاط ككل.
وقال المتدخلون إن الكاريكاتير كان نوعا ثانويا تذيل به الصحف مواضيعها الهامة قبل أن يشهد بعد الثورة ظهور بعض «الكاريكاتيريين الجدد» الذين أصبحوا مع زملائهم القدامى يعبرون عن آرائهم ومواقفهم بكل جرأة ليصبح الرسم اليوم وسيلة تواصل معتمدة ومتداولة وعلى مستوى عال من الإبداع التقني ومن البلاغة.