كثر الحديث عن الكنوز والجدير بالذكر أن المنقبين اختاروا المناطق الأثرية ومقامات الأولياء الصالحين للبحث عن هذه الكنوز... وآخر هذه الأضرحة التي تم الاعتداء عليها ضريح سيدي بركات بالدهماني. خلال جولة أخذتنا إلى الأرياف المحيطة بالدهماني جلب انتباهنا آثار التنقيب التي تداول الأهالي عديد الروايات حولها فقدموا لنا المعلومة مع تجنب ذكر الأسماء. بربوع منطقة ابة والتي توجد بها بقايا اثار اسلامية (العهد الحفصي) حدثنا البعض عن مواقع استخرجت منها «ماليات «وتداولوا حديثا حول أشخاص أصبحوا بين عشية وضحاها أثرياء وربطتهم علاقات بمقربين من النظام البائد. وغير بعيد عن أبة تراءى لنا مقام الولي الصالح «سيدي سالم» الذي رمم منذ سنوات، لم تكن أثار النبش ظاهرة لكن الجدران لم تسلم من اعتداءات المراهقين من خلال الكتابة بالفحم وتخليد ذكريات العشق والغرام.
غادرنا هذا المقام باتجاه طريق الكاف وعرجنا شمالا لنقف أمام مقام «سيدي بوثنية» حيث أشار محدثنا إلى حفر قال انه يعود الى ما قبل الثورة حيث استخرجت من المكان «مالية» كما ازيل معلم كان بالمكان. واصلنا طريقنا الى منطقة بن عرعار حيث توجد الضيعة الفلاحية التابعة لديوان الأراضي الدولية ومدرسة التكوين المهني سابقا وقصر «مدام جواف «الذي يعود الى الفترة الاستعمارية وبجانبه مراقد وضريح مسيحي مزخرف احتوى رفات من كانوا يقطنون المكان من أجانب. هذا المعلم بدوره لم يسلم من عملية النبش والتكسير بحثا عن شيء مدفون لا يعلم أمره إلا صاحبه.
وعند الوصول الى سيدي عسكر يتراءى لك ضريح «سيدي عسكر المسراتي» وقد طالته منذ قرابة الشهرين عمليات نبش حيث حفر المعتدون حفرة قاربت المتر على حد تعبير شاهد عيان على الحادثة لم يضفروا إلا بالعظام فلاذوا بالفرار. وتتواصل رحلتنا لنتوغل في منطقة الصراوات وتحديدا بمنطقة العلاوة حيث أكد احد المواطنين على اكتشاف وجود حفرتين بضريح الولي الصالح «سيدي مصدق» واضاف ان الباحثين عن «الماليات»يركزون أساسا على الأضرحة النائية والموجودة بمناطق بعيدة عن التجمعات السكنية حتى لا ينكشف أمرهم وهؤلاء لهم قناعة راسخة بأن كل ولي صالح «مدفون على مالية» لذلك نراهم يلهثون وراء نهب الأضرحة. وغير بعيد عن المكان وبعد قطع بضع كيلومترات نصل الى ضريح سيدي بركات حيث تصدعت القبة وهناك اثار لاتربة وتدمير للجزء العلوي من العمودين كما تعرض القبر الموجود تحت الثابوت الى النبش والحفر وقام السكان باعادة ترميم القبر والدليل على ذلك حداثة الاسمنت المستعمل.
لقد اكد بعض المهتمين بالتاريخ والتراث فداحة الخسارة التي تنجر عن مثل هذه العمليات، فلا بد من تدخل عاجل للسلط المسؤولة بوضع من يحرس هذه المعالم ويقوم على صيانتها لما لها من قيمة تراثية وتاريخية وما توفره من مادة لدارسي التصوف والتاريخ الحديث من خلال «النصوص المنقبية» التي تزخر بها الزوايا والأضرحة.