عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق سنية الدهماني..    فيديو - سفير البرازيل :'' قضيت شهر العسل مع زوجتي في تونس و هي وجهة سياحية مثالية ''    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    عاجل/ آخر أخبار قافلة الصمود..وهذه المستجدات..    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    ضربة "استثنائية".. ما الذي استهدفته إيران في حيفا؟ (فيديو)    رفض الإفراج عن رئيس نقابة قوات الأمن الداخلي وتأجيل محاكمته إلى جويلية المقبل    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    الإتحاد المنستيري: الإدارة تزف بشرى سارة للجماهير    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    تصنيف لاعبات التنس المحترفات : انس جابر تتراجع الى المركز 61 عالميا    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    باكستان تتعهد بالوقوف خلف مع إيران وتدعو إلى وحدة المسلمين ضد "إسرائيل"    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    تونس: حوالي 25 ألف جمعية 20 بالمائة منها تنشط في المجال الثقافي والفني    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    فيلم "عصفور جنة" يشارك ضمن تظاهرة "شاشات إيطالية" من 17 إلى 22 جوان بالمرسى    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأولياء الصّالحون يتهدّدهم "الإغتيال"!
تحقيق: رياح "تكفيريّة" تهبّ على تاريخنا وهويّتنا
نشر في الصباح يوم 12 - 11 - 2012

تحقيق :منية العرفاوي - يلجأ آلاف التونسيين الى الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين للتبرّك والتقرّب من الله وتوسّل الشفاء من أمراض نفسية أو الجسدية..
رجال ونساء يحملون قناعة يصعب زحزحتها بالقدرات الخارقة للولي الصالح في مساعدتهم على تجاوز عقبات تنغّص حياتهم وتؤرقهم..فتيات تختلف مستوياتهن الثقافية والاجتماعية لكن يجمعهن "الايمان" بأن زيارة الزوايا والأضرحة للتبرّك بها قد يحمل "معجزة " الظفر بزوج طال انتظاره..منذ قرون والتونسي وفيّ لهذه الثقافة، ثقافة اجلال واكبار الزوايا ومقامات الأولياء ربمّا للخصال التي ميزت هؤلاء الأولياء الصالحين والتي تعتبر من خيرة الميزات والخصال الانسانية كالورع والتقوى والزهد ومساعدة الفقراء..حتى ساد الاعتقاد الشعبي "أن تونس محمية بأوليائها الصالحين"..
لكن اليوم يشعر القائمون على معظم الزوايا وأضرحة الأولياء الصالحين في كامل البلاد بحالة من الهلع والخوف بعد الهجمات التي تعرّض لها في الأشهر الأخيرة عدد من الزوايا والمقامات ومنها الاعتداء على السيدة المنوبية..بدعوى مقاومة الشرك والوثنية داخل الأضرحة خاصّة وأننا في تحقيقنا التالي توصلنا الى حقيقة مفادها أن جلّ القائمين على هذه الزوايا تلقوا تحذيرات من مجموعات متششدة للكف عما تعتبره تلك المجموعات شركا..
وفي هذا التحقيق سنتناول مسألة الزوايا والمقامات من مختلف جوانبها حضاريا وتاريخيا ودينيا...

"ضرب الخفيف".. أعمال "الدروشة" و"نشر أفكار الشرك تهمتهم":
2012 سنة انتهاك مقامات الأولياء وهدم الزوايا..و«اليونسكو» تندد !
شهدت سنة 2012 منذ بدايتها هجمة غير مسبوقة في تاريخ البلاد على الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين وأضرحتهم حيث تعرّضت أكثر من 10 مقامات في جهات متفرقة من البلاد الى الاعتداء بالهدم ونبش الأضرحة وتدمير القباب وقد شكّل الاعتداء الأخير الذي تعرّض له مقام السيدة المنوبية ,صدمة لدى الرأي العام باختلاف مشاربهم الفكرية والايديولوجية لأن المقام هو جزء من الذاكرة الوطنية ومن هويتنا الحضارية وهو ما دفع أعرق المنظمات الأممية,اليونسكو الى التنديد بهذه الفعلة الشنيعة حيث أدانت ايرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في بلاغ صادر عن مركز الاعلام للأمم المتحدة بتونس في 22 أكتوبر 2012 ما اعتبرته أعمال تدنيس وتدمير طالت ضريح السيدة المنوبية كما شدّدت بوكوفا على أهمية الدور المناط بعهدة المجتمع المدني في حماية "التراث الاستثنائي" لفائدة الأجيال القادمة.
وقد تابع الرأي العام باستياء شديد ما تعرّض له مقام السيدة المنوبية من اعتداء صارخ وأعمال نهب وحرق طالت حتى المصاحف ولكن هذا الاعتداء سبقه عدد من الاعتداءات في مناطق متفرّقة من تراب الجمهورية ولعلّ أبر هذه الانتهاكات والأعمال التخريبية طالت كلا من زاوية سيدي عبد القادر الجيلاني بمنزل بوزلفة من ولاية نابل في 14 سبتمبر 2012 في تاريخ تزامن مع العملية النوعية لاستهداف السفارة الأمريكية..وطرح أكثر من استفهام حول خلفية الاعتداء التي تعرّضت له الزاوية ناهيك وأن مجموعة تدّعي أنّها من أنصار الطريقة القادرية أصدرت على مواقع التواصل الاجتماعي بيانات تشجب هذا الاعتداء وتعتبر أن من تقف وراءه جماعات وهابية بتواطؤ مع حزب حركة النهضة الحاكم.
الأولياء مستهدفون حيثما كانوا..
وخلال شهر اوت الماضي تعرّضت زاوية سيدي عبد اللّه الغريبي بسيدي بوزيد إلى الحرق و تمّ الاعتداد أيضا على زاوية صوفية بالقيروان في نفس الشهر.
وفي ماي 2012 قامت مجموعة محسوبة على التيار السلفي بهدم الجزء العلوي لقبّة الولي الصالح سيدي المحارب في ولاية المنستير وهو ما أثار حنق الأهالي وجعلهم يطالبون السلطات المعنية بالتدخّل الفوري لوقف هذه الهجمة الشرسة من طرف مجموعات متشدّدة دينيا وتحمل فكرا مغايرا للصوفية الذي يتجّلى أكثر من خلال مقامات الأولياء الصالحين والزوايا حيث تقام احتفالات الزردة والحضرة.
وفي نفس الشهر تقريبا تعرّضت زاوية سيدي يعقوب بمنطقة زليطن في معتمدية مطماطة الجديدة من ولاية قابس الى اعتداء مشابه، استعمل فيه المعتدون آلة جارفة، بهدف هدم قبة الزاوية.
وفي شهر أفريل 2012 قامت عناصر محسوبة على التيار السلفي المتشدد بالاعتداء على زاوية سيدي قاسم بالكاف
و تمّ كذلك في نفس الشهر هدم ضريح الولي الصالح سيدي عسيلة في باردو من قبل نفس التيار حسب شهادات شهود عيان من الأهالي.. كما تعرّضت لاعتداءات مشابهة مقامات لبعض الأولياء الصالحين في مناطق متفرّقة من ولاية صفاقس كالصخيرة والغريبة والمحرس كما تم الاعتداء على أحد الأولياء الصالحين في ملولش من ولاية المهدية.
وحسب مصادر مختلفة تقصّت حول الحقائق الكامنة وراء هذه الاعتداءات فان أغلبها يرجّح أن مقامات الأولياء الصالحين تواجه اتهامات باحتضانها لأعمال دروشة تتمثل خاصّة في اقامة الحضرة والزردة واحتفالات "ضرب الخفيف"بالاضافة لأن التبرّك بهؤلاء الأولياء هو شرك بالله ووثنية في اعتقاد بعض التيارات الدينية خاصّة.

انطلاق أعمال ترميم مقام السيدة المنوبية
أياد مجهولة أحرقت تابوت "أم الفقراء"
وأخذت السيدة عائشة العلوم الشرعية على شيخ الصوفيين الإمام والولي الصالح أيضا أبي الحسن الشاذلي وقد شاع خبر صلاحها في البلاد التونسية فكان ينظر لها بإجلال وإكبار حتى توفيت في الحادي والعشرين من رجب سنة 665 هجري و قد حضر جنازتها اغلب علماء تونس في ذلك العصر..
اعتداء شنيع..و ترميم للمقام
أثار الاعتداء على مقام السيدة المنوبية موجة استنكار عارمة في الأوساط الشعبية وكذلك على مستوى النخب السياسية والثقافية والتي اعتبرته انتهاكا لجزء من تاريخنا وهويتنا وطمسا متعمّدا لموروث حضاري صنّفته الأمم المتحدة "بالتراث الاستثنائي"..
بعد أسابيع من إحراق مقام السيدة المنوبية ارتأت الصباح الأسبوعي زيارة المقام ,وكان أوّل ما لفت انتباهنا عند حلولنا بالمكان هو الحركة العادية للزوار رغم أن المقام مازالت تبدو عليه علامات الحرق وقد أفادتنا إحدى النساء التي تقوم باستقبال الزوار "أن زوار السيدة المنوبية مازالوا يتوافدون بنفس الكثافة ولعل معدّل توافدهم ازداد أكثر من قبل رغم أن بيت التابوت لم يرمّم بعد لكن الكل يمرّ لقراءة الفاتحة وطلب الفرج من الله"
وقد لا حظنا عند تجوالنا بالمقام انطلاق أشغال الترميم التي يشرف عليها فريق عمّال تابعين للمعهد الوطني للتراث قصد إعادة المقام إلى ما كان عليه خاصّة وأن جهات دولية مختصّة أبدت اهتماما خاصّا بالمقام وشجبت ما تعرّض له من اعتداءات..ومن المؤكّد أن ترميم المقام لن يستغرق وقتا طويلا رغم أن أثار الحرق ما زالت بادية للعيان على الشبابيك والأبواب وخاصّة غرفة التابوت..
منية وعبد الرحمان

بعد تحذيرات للكفّ عن «الشرك» في سيدي محرز
«سلطان المدينة».. يطلب الحماية!
عبور أسواق المدينة العربي في اتجاه مقام الولي الصالح سيدي محرز ,يشعرك بأنك تعبر وسط زخم من التاريخ الذي تشابكت أحداثه وتداخلت لتصنع ذاكرة جماعية للتونسيين مازالت متوهجة بأحداث لا تنسى ومراحل حاسمة عكست تطوّر الذهنية التونسية واستيعابها لمقتضيات العصر لكن دون طمس أو تجاوز مراكمات "الجدود" وموروثهم الحضاري..
عند وصولنا أمام مقام الولي الصالح محرز بن خلف كانت حركة البيع والشراء على أشدّها..على جوانب مدخل المقام تناثرت دكاكين بيع البخور التي أصبحت جزءا من مقام الولي الصالح..
المؤدب ..الذي حمى يهود تونس
وفي حديث عابر مع أصحاب أحد هذه الدكانين الصغيرة التي لا تكاد تتسع لإنسان متوسّط الحجم عبّر عن تذمّره من المنافسة غير المتكافئة والتي انتشرت في الأحياء الشعبية وفي الأسواق التي تمتهن بيع المنتوجات الصينية المقلّدة وهو ما جعل إشعاع هذه الدكاكين ينحسر بعد أن كان قبلة جميع التونسيين كما أشار إلى أن تراجع زوار المقام أثّر على عملية بيع البخور..
ونحن نلج زاوية محرز بن خلف الصديقي(تثبت الوثائق التاريخية أن محرز بن خلف من نسل أبو بكر الصديق رضي الله عنه) أو سيدي محرز الملقب بسلطان مدينة تونس الروحي والذي توفي في 1022م والمولود بضاحية اريانة سنة في 957م. وقد كان رجل دين وطريقة، عرف بورعه الشديد وكرمه الاشد. قضى حياته يعلم القرآن ولهذا عرف بالمؤدب، وهو مدفون في المحل الذي كان يلقي فيه دروسه حيث بنيت الزاوية. ويكنّ التونسيون اليهود لهذا الولي بالغ التقدير لانه حماهم واسكنهم في حومة الحارة بالقرب من مسكنه بعد ان كانوا يسكنون خارج اسوار المدينة.
رفض التصوير ومحاولة اعتداء
منذ أن دخلنا الزواية ونحن نحمل الة التصوير شعرنا بأعين مختلفة ترقبنا خلسة خاصّة من طرف القائمين على الزواية من النساء أو من طرف الزوار الذين بدا عددهم قليلا بالمقارنة مع السنوات الماضية ناهيك ويوم زيارتنا يصادف يوم الزردة بالزاوية ,في أركان المقام كانت "مثارد" الكسكسي المعهودة في مثل هذه الاحتفالات متناثرة هنا وهناك..وعدد قليل من النساء منكبين على الضريح للتبرّك وطلب الفرج تحت أنظار القائمات على الزاوية وهن نساء في أواخر كهولتهن يرتدين زيّا موحّدا وعند محاولتنا الحديث مع واحدة منهن رفضن بإصرار غريب.
لنفاجأ بعد ذلك برجل عريض المنكبين متوسّط القامة يقف أمامنا وملامح الغضب تعلو وجهه ليأمرنا بلهجة صارمة بمغادرة المكان والادعاء بأن شيخ الزاوية غادر منذ قليل ولا يحق لأحد في غيابه الحديث عن أي موضوع.. محاولاتنا اليائسة لجرّه للكلام لم تفلح بل وحاول حتى منعنا بالقوة من البقاء !!
الخوف يتربص بكل من في الزاوية
راضية يوسف من النساء المتطوّعات لخدمة الزاوية بتنظيفها والقيام على شؤونها يوم الزيارة كانت ترقبنا من بعيد وتشير لنا خفية عن رغبتها في الحديث لكن خارج الزاوية ,في الخارج انتحينا ركنا خلفيا للمقام ففسرت لنا أن هناك حالة من الهلع والخوف تتملّك القائمين على الزواية وهو ما يفسّر رد الفعل العنيف تجاه الصحافة فهم لا يريدون الأضواء أو لفت الانتباه ناهيك وأن هناك بعض المتشددين دينيا يتصلون بالقائمين على الزواية ويدعونهم للكف عن الأعمال التي يعتبرها هؤلاء شرك ووثنية كالتبرّك بالضريح وطلب الوسيلة منه ,راضية تقول أن عدد زوار المقامات والزوايا تراجع منذ الهجمات الأخيرة خاصّة الهجوم الذي تعرّض له مقام السيدة المنوبية ,لكن الأمر حسب ما ذكرت بدأ منذ الثورة لأن النظام السابق كان يولي عناية خاصّة للأضرحة والزوايا..
وعلى أثر هذه الجولة نعتقد أنه لا بدّ للدولة من أن تتحمّل مسؤوليتها في حماية الزوايا والأضرحة التي تعتبر في الان ذاته معالم تاريخية وحضارية.

تونس..«أرض» الأولياء الصالحين
تضم مدينة تونس العاصمة لوحدها أكثر من 123 زاوية بني أغلبها خلال عهد الدولة الحفصية (بين عامي 1229 و1574 ميلادية) وترتبط كل زاوية تاريخيا بشخصية اشتهرت بين السكان بالتدين وفعل الخير والبر بالفقراء والمحتاجين في زمنها.
سيدي البشير بريف ماطر
سيدي البشير هو عبد الله بن عبد الرحمان السعدي الونيسي وأشهر ما اشتهر به هذا الولي هو الزواج وفق منظور هذا الولي الصالح وتعني التخفيض من تكلفة العرس وذلك بعدم الإشتراط على الرجل تقديم الحلي (الذهب) والاكتفاء بالوليمة "اليسر في الزواج" وهي عادة معمول بها في أكثر أسر الشمال التونسي.
الولي الصالح محرز بن خلف
او سيدي محرز الملقب بسلطان مدينة تونس قضى حياته يعلم القرآن ولهذا عرف بالمؤدب والملفت للانتباه أن التونسيين اليهود يكنّون لهذا الولي بالغ التقدير لأنه حماهم وأسكنهم في حومة الحارة بالقرب من مسكنه بعد أن كانوا يسكنون خارج أسوار المدينة.
أبو الحسن الشاذلي
هو أبو الحسن بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي، الزاهد، شيخ الطائفة الشاذلية تتلمذ أبو الحسن الشاذلي في صغره عن أبي محمد عبد السلام بن مشيش في المغرب، وكان له كل الاثر في حياته العلمية والصوفية. ثم رحل الى تونس، والى جبل زغوان تحديدا حيث اعتكف للعبادة وهناك ارتقى منازل عالية ورحل بعد ذلك الى مصر واقام بالاسكندرية، حيث تزوج وانجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبو الحسن علي، وأبو عبد الله محمد وابنته زينب.
أبي سعيد الباجي (ريّس الابحار(
ولد أبو سعيد بن خلف التميمي الباجي سنة 1156 ه وتوفي سنة 1231 ه وكان صوفيا دافع عن الاسلام ضد حملات المشركين عندما كان من بين الجنود الذين يراقبون السّاحل، ووهب نفسه للتأمل والتمارين الروحية وتفرّغ الى الصلاة وتقديم الدروس الى التلاميذ.
دفن أبو سعيد في مدينة سيدي بوسعيد التي سميت باسمه تخليدا لذكراه الطاهرة.
السيدة المنوبية
الولية الصالحة السيدة عائشة المنوبية او "السيدة المنوبية" هي سيدة تونسية عرفت بالتواضع والبركة والعفة والعطف على الفقراء والمساكين.
سيدي بومخلوف بالكاف
سيدي منصور بصفاقس
سيدي الصحبي بالقيروان
سيدي بولبابة بقابس

د.مراد الرويسي
الوهابية تعتبر زيارة الزوايا ومقامات الأولياء شركا ووثنية
الجماعات المتشددة ثارت على لعب الميسر والدعارة وبيع الخمر خلسة داخل الزوايا في الزردة
تتضارب الأقوال حول ما يحدث داخل الزوايا ومقامات الأولياء خاصّة في الاحتفالات التي تسمّى ب"لزردة"..وفي هذا السياق ارتأت "الصباح الأسبوعي" التوجه بالسؤال الى د. مراد الرويسي المختص في السوسولوجيا والناشط السياسي حول الحقيقة الكامنة وراء مهاجمة الزوايا ومقامات الأولياء وكذلك حقيقة ما يروّج من أخبار داخل هذه الزوايا..
في البداية يقول د. الرويسي "أولا و من منطلق إنساني بحت فانه ينبغي تكريم أي قبر من القبور فالنفس البشرية مكرّمة من فوق سبع سماوات حيّة أو ميتة ,والرسول الأكرم وقف لمرور جنازة يهودي وبقطع النظر عن المعتقد الاسلامي والمرجعية الفقهية فان الذات البشرية يجب أن تكرم وتصان ولا يجب الحاق الأذى بها..
سألت محدّثي عن حقيقة المقولة التي تذهب الى كون الاعتداء على مقامات الأولياء الصالحين يتنزّل في خانة الصراع غير المعلن بين التيار الصوفي والتيار السلفي الجهادي وقد أكّد الدكتورالرويسي "أن التنافس بين التيار الصوفي والتيار السلفي في الأمة الاسلامية ليس بجديد اذ كثيرا ما تتصارع أو تتنافس الطوائف الاسلامية كما هو الشأن بين الوهابية والشيعة..وبالنسبة للصوفية فانها وصمتها بعض الفرق الإسلامية كونها تقوم بالتبرّك بالأضرحة والتقرب لهم وهو ما تعتبره بعض المراجع الفقهية كفرا وشركا بالله لأن هناك ضوابط فقهية في التعامل مع الأموات إذ يرى علماء الفقه أن زيارة القبور تكون فقط لتذكّر الموت عند مختلف المذاهب الإسلامية لكن هناك مذاهب تقول بإقامة الطقوس والشعائر والتبرّك بالموتى وطلب الوسيلة رغم أن ما يجوز من حيث الشرع هو التوسّل للّه عن طريق الرجل الحي الصالح..ولذلك ترى الوهابية أن التبرّك بالأولياء شرك ووثنية خاصّة وأن العلماء توصّلوا الى كون بعض الأضرحة لا تضمّ ضرورة رفات الأولياء الصالحين وبالتالي اتخذ التبرّك الشكل الأسطوري بالنظر لما عرف عن هذه الشخصيات بزهدها ومساعدتها للفقراء.
وقد لاحظت بعض التيارات الدينية المتشدّدة أن انحرافات أخلاقية تحدث داخل بعض الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين خاصّة الميسر وبيع الخمر خلسة وحتى ممارسة الدعارة.. وبالتالي كانت هناك ردة فعل عنيفة ليس فقط على الممارسات الشركية ولكن كذلك على مثل هذه الانحرافات الأخلاقية بالإضافة إلى أن هناك إقرارا بممارسات الشرك والكفر داخل الزوايا كالذبح تبرّكا بالأولياء رغم أن النحر شرعا لا يجوز لغير الله.. ولا ننسى أن النظام البائد شجّع الدروشة و"ضرب الخفيف" الذي قد يقبل عليها البعض للتخلّص من الضغط النفسي أو البحث عن متنفّس حسب ما يعتقده البعض."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.