أثار منح حكومة علي لعريض أغلبية الأصوات العديد من نقاط الاستفهام أهمها ماذا يمكن أن تفرز قراءة عملية التصويت وتأثير ذلك على المشهد السياسي؟. قبل الاجابة عن هذه الأسئلة البعض من التونسيين تفاجأ بمنح حزب المبادرة مثلا الذي يمتلك 5 نواب داخل المجلس التأسيسي بتصويت كلي وعن أسباب هذا التأييد لحكومة لعريض ومبرراته قالت سميرة الشواشي (ناطقة رسمية باسم حزب المبادرة) «صوتنا للحكومة في تناغم مع حزب المبادرة بوصفه حزبا يدخل في مساندة نقدية ولم نعلن أننا في المعارضة، واضافت الشواشي ان الحزب يساند كل ما هو اجراء يضمن استمرارية الدولة والحفاظ على الشرعية وفي هذا الاطار صوتنا لهذه الحكومة الانتقالية بما هي جهاز سيضمن هذا الاستمرار في الدولة».
وأكدت أن الحزب ضد أي فراغ من أي نوع كان وأنه سيحافظ على دوره النقدي وأن النواب الذين يمثلونه في المجلس التأسيسي عبروا عن تحفظهم على بعض الأسماء التي وردت في الحكومة,
وكما أن التفويض مشروط بمدى التزام الحكومة بتنفيذ ما تعهدت به من برامج وتأتي في مقدمتها فرض الأمن والاستقرار والتحييد الفعلي لوزارات السيادة ومقاومة ظاهرة ارتفاع الأسعار. وكشف محمد بنور(الناطق الرسمي باسم التكتل) عن أن 8نواب من الحزب صوتوا للحكومة التي هم يمثلون ضلعا من أضلعها ومشاركون في الائتلاف الحاكم الذي لم يقبلوا الانضمام اليه الا بعد التعهد بتحقيق بعض الشروط التي تأتي في مقدمتها تحييد وزارات السيادة ومراجعة التسميات في صلب هاته الوزارات والادارة بصفة عامة.
وقال «حزبنا كان سينسحب وهدد بمغادرة الحكومة والترويكا لو لم تتم الاستجابة لمطالبه وشروطه». واعتبر خالد كريش (قيادي في حركة الشعب) أن طريقة التصويت لم تتغير وسينتج عنها ترويكا 2 وقال « لم ألاحظ أي اجراءات جديدة وحتى الحكومة وماعدا بعض الشخصيات المستقلة فإنها تبدو نسخة مكررة لحكومة الجبالي وبالتالي سوف ينتج عنها نفس النتائج السلبية وسوف تتدعم التجاذبات السياسية ونقع في نفس الاشكال».
واعتبر أن نقطة الضوء الوحيدة التي ربما تساعد على تفادي الحكومة الوقوع في التجاذبات السياسية وتنقذها من الأزمة تكمن في قصر مدة توليها الحكم والتي من المفروض كما أقر رئيسها لعريض أن لا تتجاوز 9 أشهر لتجعلها بمثابة حكومة تصريف أعمال. وأكد قيس سعيد (الخبير في القانون الدستوري) في قراءة لطريقة تصويت النواب على الحكومة ومنحها الثقة أن منح الثقة للحكومة يشترط أن تمنح من الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس التأسيسي.
وتمنح الثقة للحكومة على أساس البرنامج الذي يقدمه رئيس الحكومة المكلف وتمنح لها كهيكل جماعي أو كهيأة جماعية وهو ماجرت عليه العادة في الأنظمة البرلمانية على وجه الخصوص, علما أن النظام الحالي في تونس ليس نظاما برلمانيا, ولكن الحكومة يجب أن تكون منبثقة عن الأغلبية داخل المجلس. وكما يمكن أن تمنح الثقة يمكن أن تسحب منها أو تسحب من أحد أعضائها في صورة توجيه لائحة لوم ضدها أو في صورة سحب الثقة من عضو منها.
وأفاد «ليس هناك ما يبرر على الاطلاق في ظل النظام المؤقت الحالي التصويت بالثقة على الحكومة كهيئة جماعية وعلى كل عضو من أعضائها فردا فردا. والحالة الوحيدة التي يجب أن يمنح فيها عضو الحكومة الثقة بصفة فردية هي الحالة المتعلقة بسحب الثقة من أحد أعضائها وتعويضه بآخر ولا يمكن للوزير الذي تم تعيينه أن يباشر مهامه الا بعد تصويت بالثقة عليه».
ولاحظ أن الحكومة تستند الى أغلبية مريحة وأنها من حيث العدد دون الأغلبية التي تمتعت بها الحكومة السابقة لكن هل سيتواصل الانسجام؟ أم يمكن أن تنفرط حبات العقد بين مكونات الائتلاف الحاكم خاصة مع اقتراب المواعيد الانتخابية؟، وكل ذلك يبقى رهين التوافق داخل كل عنصر من عناصره.