حذر الإسلام كل الحذر من التهاون في أداء الدّين أو المماطلة والتأخير في قضائه أو التساهل وعدم الاكتراث في أدائه، فديون النّاس وحقوقهم في نظر الإسلام أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة يقول عزّ وجل {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (النساء 58) والله يأمر عباده أمراً جازماً بقوله {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ }(البقرة 283) وقال {أَوْفُواْ بِالْعُقُود}ِ (المائدة 1) بل جاء التشديد من الشرع في التهاون بردّ الحقوق والديون حتى استثناه الله من قاعدة المكفرات: فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلاّ الدّين. (صحيح مسلم) وقال صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلاّ الدّين. (صحيح مسلم) وعن أبي قتادة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إن قتلت في سبيل الله، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عنّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إن قتلت وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلاّ الدَّين، فإن جبرائيل قال لي ذلك. (رواه مسلم)
عقوبة الذي لا يسدّد دينه
1 يقتص الله منه: روى الحاكم والطبراني مرفوعا: ومن تداين بدين وليس في نفسه وفاؤه ثم مات اقتص الله تعالى لغريمه منه يوم القيامة.
2 يحمل أوزار المدين: روي الطبراني: ومن استدان دينا وهو لا يريد أن يؤديه فمات، قال الله عزّ وجلّ يوم القيامة ظننت أنّي لا آخذ لعبدي حقه فيؤخذ من حسناته فتجعل في حسنات الآخر فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات الآخر فتجعل عليه.
3 يتلفه الله: عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ومن أخذ أموال النّاس يريد إتلافها أتلفه الله. (صحيح البخاري)
4- يلقى الله يوم القيامة سارقا: روى ابن ماجه والبيهقي مرفوعا: أيّما رجل تداين دينا وهو مجمع أن لا يوفيه إيّاه لقي الله سارقا.
5- لا يدخل الجنّة حتّى يسدّد دينه: روى النسائي والطبراني والحاكم واللّفظ له وقال صحيح الإسناد مرفوعا: والذي نفسي بيده لو قتل رجل في سبيل الله، ثم ّعاش، ثمّ قتل، ثمّ عاش، ثمّ قتل، ثمّ عاش، ثمّ قتل وعليه دين ما دخل الجنّة حتى يقضي دينه.
6- المماطلة بالدين من أعظم الذنوب: روى أبو داود والبيهقي مرفوعا: أنّ أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه بها عبد بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع قضاءه.
7- المماطلون يؤذون أهل النّار: روى ابن أبي الدنيا والطبراني مرفوعا: أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى فذكر منهم: ورجل معلق عليه تابوت من جمر فيقال: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إنّ الأبعد مات وفي عنقه أموال النّاس لا يجد قضاء أو وفاء.
8 إنّ المطل من الغنيّ في أداء الدّين ظلم شنيع، والتسويف والتأخير في توفية الحق عند الوجدان اعتداء فظيع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: مطل الغنيّ ظلم. (صحيح البخاري)
9 المماطل عند موته لا يصلى عليه: حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه ثم أُتي بجنازة أخرى فقال له: عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: فصلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: عليّ دينه يا رسول الله، فصلى عليه.» (رواه البخاري) 10 كما أنّه يعذب في القبر: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. (رواه أحمد والترمذي وحسنه)
من مات قبل أن يؤدي دينه وهو ينوي أن يؤديه تجاوز الله عنه: روى الحاكم والطبراني مرفوعا: من تداين بدين وفي نفسه وفاؤه ثمّ مات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما يشاء. و يؤديه الله عنه: روى النسائي وابن ماجه وابن حبان: ما من أحد يدان دينا يعلم الله أنّه يريد قضاءه إلاّ أداه الله عنه في الدنيا. وأداء الله سبحانه يكون في الدنيا بأن يسهل للمدين أداءها، وإلاّ فالله يؤديها في الآخرة فيرضي غريمه بما شاء. {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}