رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلسلة في البناء: الرّسالة الثّامنة: البديل الاقتصادي 2/2

مرّ بك أخي القارئ في العدد السّابع لهذه المبادرة والذي ناقش الوضع الاقتصادي التّونسيّ والعالمي... وقد انتهى البحث إلى التّبشير بالحلّ الإسلاميّ ثمّ شرعت في وضع اللّبنة الأولى لإصلاح ذلك القطاع وهي ردّ الاعتبار للإيمان والعمل الصّالح ثمّ ردّ الكرامة للإنسان عبر تنمية جانبي المسؤوليّة والأمانة فيه ولا يكون ذلك إلاّ بتعبئته تعبئة روحيّة عظيمة...ومواصلة مع ذلك الأمر أقول:
التّوحيد: إنّ أساس الإصلاح لا بدّ أن يقوم على الاعتقاد الصّحيح و العبوديّة المطلقة هذا هو منهج الله عزّ وجلّ في كلّ عمل إصلاحيّ"اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ"1، والعبادة هي اسم جامع لكلّ ما يحبّه الله تعالى ويرضاه من الأفعال والأقوال الظّاهرة والباطنة، والاقتصاد منه، والدّعوة إلى التّوحيد هو منهج كلّ الأنبياء في الإصلاح من طغيان السّياسيّ أو الرّأسمالي فهذا شعيب عليه السّلام يؤسّس لقضية الإصلاح الاقتصادي بالتّمسّك بالعقيدة أوّلا:"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ " 2، "قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ".3
إنّ دواعي الفساد والإفساد إنّما مبعثها مخالفة حكم اللّه عزّ وجلّ، وإنّ العباد لو أخذوا بمنهج الله تعالى ووافقوا شرعه، وجانبوا محادته ومشاقته ومخالفة أمره، لسعدوا ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ 56 مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ 57 إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ 58 "4 وقال:" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى"5. فمن جعل غاية وجوده عبادة ربّه فقد سعد وأفلح لأنّ الله تعالى تكفّل لمن عبده ووحّده بكفالة الرّزق والأمن " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ"6. فإن كان للنّاس شكّ في هذه الحقيقة الضّخمة الثّابتة أنّ الله هو الرّزّاق المنعم فقد أقسم لهم عزّ وجلّ أنّ ذلك حقّ فقال:" وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ 22 فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ23"7. روى الإمام الطّبري رحمه الله تعالى في تفسيره عن الحسن البصري قال:" بلغني أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:" قاتل الله أقواما أقسم لهم ربّهم ثمّ لم يصدّقوا". إنّ تقوى الله تعالى وعبادته وتحكيم منهجه الاقتصاديّ من أهمّ الأسباب الجالبة للأمن الغذائيّ والاجتماعي قال تعالى:"فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10 يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا 12"8. وقال:" وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ"9. "
ضبط طرق كسب المال وإنفاقه على الحلال:" وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا "10" وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ"11، وأنّه يترتّب عليه العقاب والثّواب يوم الحساب"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع"... وذكر منها:"وعن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟"12 وجعل الحلال سببا لقبول العبادة والدّعاء كما جعل الحرام سببا لحرمان الرّحمة: "الرجل أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب! يا رب! وملبسه حرام، ومطعمه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب له؟!"، وواجه الاستهلاك والنّزوات الطاّئشة بكلّ هوادة: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"13."وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا " 14. وأمر بالحجر على السّفيه "وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا" 15.
تدويل المال بين جميع أيدي الشّعب وعدم حصره في يد طائفة: وهذا يقتضي بثّ ثقافة العمل والشغل والإنتاج والنّماء والتّعاون حتّى يتحرّك المال ويصبح البلد منتجا ايجابيا يعتمد على ذاته ولا يعتمد على غيره كما يسهم في تخفيف الاعتماد على الدولة وفي الحديث "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"16.
تثقيف الأمّة و تمليكها بأدوات المشاركة والمحاسبة في المال العامّ تحقيقا للسّيادة و الشّورى " إنّ الله سائل كلّ راع عمّا استرعاه حفظ أم ضيّع" " كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته ..." فللأمّة حقّ إدارة الاقتصاد عبر التّثقيف وتمكين المعطيات لإدارة الشورى والمحاسبة والشفافية، وعليه فالدّولة مطالبة بدفع النّاس نحو دينهم معرفة وعملا وهي مكلفة بمنع التعامل بالحرام كالرّبا والاحتكار وهي مطالبة بتسهيل إجراءات الحلال والتّشجيع عليه.
المال مال الله يستخلفه بين النّاس: ودليله قوله تعالى " وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ "17،وزاد النّبيّ في توضيح الأمر بقوله:" إنّ رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حقّ فلهم النار"، فالمال إذن ليس ملكا لأحد مهما كان، ولا لطائفة ولا لعائلة، بل هو أمانة في يد الأمّة، والأمّة وضعته واستخلفته في يد السّلطة حتى نرى كيف تتصرّف فيه. فالدّولة نائب وأمين ووكيل عن الأمّة في خدمة هذا المال العام، وما على تلك السّلطة بكافّة مؤسّساتها إلاّ أن تتصرّف فيه حسب الشّرع تتبّعا للنّبيّ القائل"" ما أعطيكم ولا أمنعكم ، إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت "18. وعليه فللشّعب حقّ تقرير سياسة جمع المال وحفظه وصرفه وتعيين مسئوليه ومتابعتهم ومحاسبتهم وضبط ميزانيّة الأمّة في مجالاتها. وإنّ من حقّ الشّعب صاحب الأمر أن يعرف كلّ التفاصيل فيما يجري للمال العام تتبّعا لفعل الصّحابة الكرام مع أمرائهم!!!
إنّ هذه الأمّة تمتلك ثروة عظيمة من النّصوص الدّافعة إلى تفجير كلّ طاقاتها العظيمة وإمكانيّاتها الضّخمة من أجل تحقيق التّنمية الشّاملة، إلى درجة أنّها تدعو إلى الغرس قبل قيامة السّاعة بلحظات قليلة! سئل رسول الله: أيّ الكسب أفضل؟ قال: "عمل الرّجل بيده وكلّ بيع مبرور"19، وقال: "ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإنّ نبيّ الله داود كان يأكل من عمل يده"20 و في صحيح مسلم أنه قال: "كان زكريا عليه السلام نجّارا" وقال "التّاجر الصّدوق الأمين، مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء"، وجعل السّعي من أجل الولد أو الوالدين أو عفّة النّفس كالمجاهد في سبيل الله.
ليس لأهل السّلطة أيّا كان موقعهم حقّ زائد في أموال الأمّة ولا استثمار نفوذهم للاستثراء وكلّ زيادة يأخذونها لم تضبطها لهم الأمّة فهو غلول قال تعالى:" وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"21 وقال الرّسول:" لا يحلّ لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسٍ منه"22. "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"23"كلّ لحم نبت من سُحت فالنّار أولى به"24. وهذا الخطاب يوجّه إلى أعلى هرم السّلطة وذويه كما يطال ممثّليه ونوّابه وكلّ من يمثّل الدّولة وكلّ موظّف فيها: " من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول"25. غير أنّ الدّولة مطالبة بتحقيق أساسيّات حياة كريمة لموظّفيها لكي لا تمتدّ أيديهم إلى السّحت، فمن اقتطع ما ليس له بحقّ فقد اقتطع لنفسه النّار، ومن ثمّ منع الشّرع العزيز الهدايا لممثّلي السّلطة وموظّفيها سدّا لكلّ باب شّرّ وفساد، وشدّد في منعه ولو لم يكن هناك قصد سيّء من طرف الهادي والمهدى له، استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملا، فجاءه العامل حين فرغ من عمله ، فقال : يا رسول الله ، هذا لكم وهذا أهدي لي . فقال له: " أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك، فنظرت أيهدى لك أم لا !". ثم قامّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة ، فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال: " أمّا بعد، فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول : هذا من عملكم ، وهذا أهدي لي ، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر : هل يهدى له أم لا ، فوالذي نفس محمد بيده ، لا يغلّ أحدكم منها شيئا إلاّ جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، إن كان بعيرا جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار ، وإن كانت شاة جاء بها تيعر ، فقد بلغت!!!" 26.
ليس للحاكم حقّ الجمع بين السّلطة والتّجارة والأمّة هي التي تحدّد أجرته، وكلّ زيادة يأخذها من أموال الأمّة فهي غلول وقد حكم رسول الله لرجل بالنّار لأنّه غلّ عباءة ولآخر قتل في معركة بالنّار في بردة غلها وآخر بشملة وآخر بخرز من خرز يهوديّ لا يساوي درهمين.لقد ضرب الصّحابة لخلفائهم قسطا من بيت مال المسلمين فقرضوا لأبي بكر شطر شاة وبضع دراهم، وهكذا فعلوا مع عمر وغيره من أمراء المؤمنين فالأمّة هي التي تقطع المال الذي يأخذه حاكمها الخادم لها، كما يجب عليه أن يقسم لشعبه كلّ ما ينعم به الله على الأمّة، قال عمر رضي الله عنه "لولا آخر النّاس ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر"والحاكم لم يطالب بتحقيق ذلك للجيل الذي يحكمه فحسب، بل هو مطالب كذلك بضمان حقّ الأجيال القادمة، فإنّه لمّا طلب من عمر الفاروق أن يقسم سواد العراق أبى وقال " فما لمن جاء بعدكم من المسلمين؟"27.
إنّ الدّولة مكلفة بكفاية الحاجات الأساسية للمواطنين من قبيل الحصول على الماء والطاقة اللازمة والتعليم والثقافة والنقل العام والصحة وأمن الأفراد، فلا بدّ أن تكفي الحاجات الأساسيّة للشّعب: "أيّما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمّة الله تعالى"28. والحاكم يجب عليه أن يحقّق ذلك بشكل عادل فلا يخصّ قوما دون قوم " ليس من والي أمّة قلّت أو كثرت لا يعدل فيها إلاّ كبّه الله تبارك وتعالى على وجهه في النّار" "ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلول لا يفكّه من ذلك الغل إلا العدل". لا يحلّ للحاكم أن يتساهل أدنى تساهل في طريقة الصّرف أو أيّ شكل من أشكال التّصرّف في المال العام إلا بحذر شديد وبطريقة شرعيّة في وجوه مشروعة، ولذلك جاء التّحذير الشّديد في التّصرّف في أموال الأمّة بالباطل "إن رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة "29.
الحاكم مطالب منه أن يحقّق كرامة مواطنه بتأمين الدّخل الأساسي لهم "إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى"30.وعلى السّلطة أن توفّر كلّ لوازم العيش الكريم لكلّ الموظّفين"من كان لنا عاملاً فلم يكن له زوجة فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً، ومن اتخذ غير ذلك فهو غالّ أو سارق".وعلى السّلطة إذا أعطت الأجور فعليها أن تغني عن الحاجة ففي كتاب الأموال لأبي عُبيد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إذا أعطيتم فأغنوا"، وكان عمر رضي الله عنه يحلف ثلاثاً ويقول"والله ما أحد أحقّ من هذا المال من أحد، وما أنا أحقّ به من أحد، ووالله لو بقيت لأوتين ّالراعي بجبل صنعاء حظّه من هذا المال وهو يرعى مكانه"، كما أمر المشغّل أن يعطي أجرة العامل كاملة "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"31. "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة وذكر منهم ...ورجل استأجر أجيراً، فاستوفى منه ولم يعطه أجره"32. وأن يجعل له من مصارف الفيء إن كان في حاجة " وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ..." 33. "مَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ "34.
وللشّعب حقّ التّمتّع بنصيب الزّكاة، إذ هم أولى النّاس في مصارفها " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"35، ولهم حقّ ما أخرجت الأرض وما في جوفها من ركاز ثروات الكنوز والذّهب و الفضّة والمعادن والبترول والغاز وغير ذلك...
فالحاصل، لا يمكن لاقتصاد شرعيّ، مسيّر شوريّا، إلا أن يؤتي ثمارا طيّبة. أفلم ينعم ربّنا عزّ وجلّ على هذه الأمّة الخالدة بأعظم ثروات الأرض كما آتاها أعظم مرجعيّة وأصحّها وأحسنها؟ ولذلك كلّفها وبحرص شديد أن تشرف على أمورها بنفسها إشرافا شوريّا مباشرا ومستمرّا، إذ لا يمكن إغفال دورها في هذه المهمّة الضّخمة التي تعنيها، فإذا كان الشّرع العزيز قد منع إيتاء المال للسّفهاء، فكيف يترك أمرا حيويّا دون أن يخطّط له، ومن ثمّ فإنّ الصّحابة مثلا هم الذين حدّدوا الأجر للخليفة، وحاسبوه على كلّ صغيرة وكبيرة، ولربما يأمرهم الفاروق عمر بأمر فلا يستمعوا له حتّى يبيّن لهم من أين له ثوبين وهو يعطي شعبه ثوبا واحدا !!! إنّ هذا الأنموذج يفرض علينا تحسّسا بالمسؤولية المتزايدة التي يخاطب بها السّياسي المسؤول كما يخاطب المواطن العادي تماما.
إنّ العلمانيّة كعقيدة ظهر فشلها فمن الطّبيعي أن يكون نظامها الاقتصاديّ فاشلا بالضّرورة إذ بدت حقيقته لكلّ ذي عينين أنّه آليّة سيطرة. ولأنّ البديل الحقيقيّ والوحيد للاقتصاد هو الحلّ الإسلاميّ، ولأنّ النّظام الاقتصادي الرّأسماليّ وراءه عقيدة تناقض الدّين فرجاله يرفضون ذلك الحلّ فاكتفوا بترقيع ذلك النّظام دون تبديله خوف أن يهدم عقائدهم الباطلةويلجأ العالم إلى الحلّ الصّحيح وهو الإسلام الخالد. يقول روجي تري في "كتابه جنون الاقتصاد":" يعرف الأمريكيون أنّ هناك خطأ ما في أمريكا, ولكنّهم لا يعرفون ما هو, ولا يعرفون لماذا ذاك الخطأ, والأهمّ من كل ذلك فهم لا يعرفون كيف يصلحون ذلك الخطأ..وكلّ ما بإمكانهم هو الإشارة إلى أعراض المرض فقط...وفي الحقيقة فإنّ بعض ما يسمّى حلولا يزيد الطّين بلّة, ذلك أنّ تلك الحلول تحاول أن تغيّر نتائج النّظام دون تغيير النّظام الذي أفرز تلك النّتائج..."36. ويقول ويليس هارمن:" يبدو أنّ مجرّد التّرقيع في النّظام الرّأسمالي المعلومالي لم يعد كافيا... وحقيقة الأمر هي أعمق من ذلك وتتطلّب تغييرا أساسيّا في المفاهيم والافتراضات للنّظام نفسه"37.
وكان الرّئيس الأمريكي الأسبق هربرت هوفر «1929 1933» أوّل من أشار إلى أنّ مشكلة الرّأسمالية تكمن في الرّأسماليّين أنفسهم، حين قال إنّهم «جشعون إلى ابعد الحدود" وتجسّدت تلك المشكلة في أجلى صورها خلال انهيار سوق «وول ستريت» عام 1929، ولقد كان ذلك الانهيار الذي اختفت فيه مليارات الدّولارات من قيم الأسهم في بورصة نيويورك واحداً من أهم ّالأحداث الماليّة في القرن العشرين الذي جلب كساداً عالمياً كان بمثابة أطول وأقسى هبوط اقتصادي في تاريخ العالم الصناعي. ففي 29 أكتوبر من تلك السّنة تم بيع 76 مليون سهم وانهارت أسعار الأسهم مخلفة خسائر رهيبة فتبخرت30 مليار دولار من سوق بورصة نيويورك. واستغرق الأمر 25 عاماً بعد ذلك، حتّى استعادت بعض الأسهم قيمتها الأصلية.وبحلول عام 1932، كان مؤشر داو جونز قد انخفض إلى 41 نقطة فقط، بلغت بذلك خسائر المستثمرين 74 مليار دولار، وانهار أكثر من 1100 مصرف أمريكي. بعد أن اصطفّ العملاء بالطّوابير لتمويل ممتلكاتهم إلى سيولة نقديّة لتغطية ديونهم ومصاريفهم في الأيّام العجاف. لقد تلاشت الثقة بالاقتصاد الأمريكي، وارتفعت معدّلات البطالة إلى 25 بالمائة و نمت مدن الأكواخ لتأوي المشرّدين الجدد في ضواحي معظم المدن الأمريكية. وأصبح البعض يطوفون في مرادم القمامة بحثا عن الطّعام بعد أن كانوا أغنياء. وانتشر ذلك الكساد الاقتصادي الأمريكي إلى أنحاء العالم كالفيروس المعدي. كما أفاق التّاريخ يوم 19 أكتوبر لعام 1987 على موعد مع ثاني أكبر انهيار حدث في تاريخ البورصة العالمية حيث تعرضت بورصة وول ستريت لكارثة قوية أخرى عندما انهارت أسعار الأسهم فيها بحيث بلغت الخسائر في ذلك اليوم 500 مليار دولار كادت أن تؤدي إلى انهيار وول ستريت (بورصة نيويورك) ومعها الاقتصاد الأميركي لو أنها استمرت على ذات الوتيرة لغاية اليوم الثاني كما كان لها أثرها على أسواق رأس المال في باقي دول العالم. وبعد شهر واحد من تلك الكارثة اجتمع في نيويورك ثلاثون خبيراً اقتصادياً من ثلاث عشرة دولة، وكان التّقرير الذي انتهوا إليه بعيداً عن التّفاؤل فيما يتعلّق بمستقبل الاقتصاد الرّأسماليّ.
إنّ النّظام الاقتصادي الغربي نظام فاسد مفلس أطال في بؤس البشريّة وأشقى عليهم دنياهم، قال لوثار كومب وهو مدير أوروبا لنشرة (Economics Intelligence):"
آن الأوان لنضع حدّا للمماطلة في إعلان إفلاس هذا النّظام، ولنحرّر حكومات العالم حتّى تسلك الطّريق نحو إعادة إنشاء أنظمتها الماليّة والنّقدية والاقتصاديّة العالميّة بشكل كامل"38. بل كان الأستاذ موريس آليه أكثر وضوحا في مقاله التّاريخيّ الذي نشره في جريدة (لومند) في شهر جويلية عام 1989 وقد بيَّن فيه أن النظام البنكي الغربي ليس فاشلا فحسب، بل سبّب أضراراً فادحةً بالاقتصاد العالمي، ولخَّص تلك الأضرار في:
1 زرع مرض خطير متجذّر في الاقتصاد العالمي يهدِّده بالانهيار والأزمات الحادَّة، إذ أصبح الاقتصاد العالمي بفضل النّظام البنكي الحالي عبارة عن أهرامات من الدّيون يتمركز بعضُها على بعض على أساس ضعيف.
2 استعمل المال في غير وظيفته الطّبيعيّة، إذ يسر النظام البنكي عمليات الاسبكيوليشن، فأصبح العالم أشبه بمائدة قمار واسعة، وأصبح Speculation
يستأثر بسبعة وتسعين في المائة (97%) من تدفُّق النّقود بين بلدان العالم، ويبقى للتّجارة الحقيقيّة ثلاثة في المائة (3%) فقط.
3 كان ذلك سبباً لما يعانيه العالم من ضنك، وبطالة، وانخفاض في مستوى العدالة الاجتماعية. ورأى أن لا سبيل للخلاص من الواقع والمستقبل المظلم إلا ّبتغيير النظام البنكي الحالي من الأساس.
يضاف إلى هذه الأضرار الواقعية والمشاهدة التي أشار إليها الأستاذ آليه:
أ - أنّ اقتصاد الرّأسمال الغربيّ ربوي فهو بطبيعته نظام متحيِّزٌ لجدارة الائتمان على حساب الجدوى الاقتصاديّة، فيفضّل في التّمويل المشاريع الأقوى ائتماناً على المشاريع الأجدى إنتاجيّة، فتتّجه الأموال إلى الأسواق الأقلّ حاجةً إليه، وتحرم منه الأسواق الأكثر حاجة إليه، ممّا يعيق النموُّ الاقتصادي.
ب - تشجيع الاستهلاك الطّائش، وخلق حاجات غير حقيقيّة لدى متلقّي التّمويل، والعمل المستمرّ على لفّ حبال الرقِّ والعبوديّة على رقبته لصالح السّيّد المموِّل
زد على ذلك تأثيراته السّلبية الأخرى على الاقتصاد من عدم الاستقرار وتشويه المناخ المناسب للاستثمار وغير ذلك ممّا لاحظه خبراء الاقتصاد...
إنّ سمات ثلاثة ظالمة ومدمّرة تلازم النّظام الرّأسماليّ وهي لا يمكن أن تحقّق العدل والأمن بأيّ حال من الأحوال. وهذه السّمات هي:
1 استعمال المال في غير وظيفته الطّبيعيّة أي إخراجه عن أن (يكون قياماً للنّاس) .
2 اتّخاذ المال طريقاً ذا اتّجاه واحد من الفقير إلى الغنيّ( ليكون المال دولة بين الأغنياء).
3 حتميّة الظّلم بين طرفي المعاملة في عقود المخاطرة وعقود الرّبا (تَظلمون وتُظلمون ).
ولا شكّ أنّ هذه السّمات قد أشار إليها القرآن الكريم رفضا واستنكارا بل حربا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ"39..
إنّ نتائج هذه السّياسات الماليّة لا تخفى على أحد، فانظر إلى ما يعانيه العالم من ضنك، وبطالة، وانخفاض في مستوى العدالة الاجتماعية وفساد البيئة التي تهدد مئات الملايين من الناس بالفقر والجوع والموت، وإذا كان تحوّل روسيا وجمهوريات الاتحاد السّوفيتيّ، والصّين إلى الاتّجاه الرّأسمالي ممّا أنعش قوى الضّغط على المساهمة في تعمية وإبعاد تغطية العولمة الإعلاميّة على تأجيل الإعلان عن بداية ظهور التّوقّعات المتشائمة عن الاقتصاد الرّأسمالي الذي يعيش اليوم خطر انعدام استقرار أكبر، ولذلك بدأت قوى الاستكبار الرّأسمالي المسيطرة على الآلة الاقتصادية بالتّغذّي بالحرب حيث استهلّوا القرن الواحد والعشرين بأرباح الحروب.
كتب الخبير الاقتصاديّ الأوّل لبنك مورجان ستانلي في شهر أفريل الماضي يقول "إنّ أزمة كبرى ترتسم أمامنا وأنّ المؤسّسات العالميّة من صندوق النّقد الدّوليّ إلى البنك الدّوليّ وسائر آليّات الهندسة الماليّة الدوليّة غير مجهزة لمواجهتها. وكتب في جوان الماضي:"إنّ اتّجاهاً نحو الفوضى يسيطر على النّخب الأكاديميّة والسّياسيّة العاجزة عن تفسير كيفيّة سير العالم الجديد" وأبلغ من ذلك أن يشير التّقرير السّنويّ لبنك التّصفيات الدّوليّ الصّادر في نهاية يونيو الماضي إلى أنّه (نظراً لتعقيد الوضع وحدود معلوماتنا فمن الصّعب جدّاً تخيّل كيف ستتطوّر الأمور) ويقرّ التّقرير بإمكانيّة حدوث انفجار يزعزع الأسواق إذ يعتبر أنّ (هناك أسباباً عديدة للقلق من المستوى المعين من الفوضى.)
وإذا صحّ ما استنتجه موريس آليه من أنّ استعمال المال في غير وظيفته الطّبيعيّة هو سبب ما يعانيه العالم من عنت وضيق في العيش وغياب للعدالة الاجتماعيّة وتعقّد مشاكل التّشغيل فإنّ ذلك يهدينا في مجال الإصلاح الاقتصاديّ إلى وجوب أن نعيد النّظر في مدى الحكمة من تسارع مسيرتنا في اتّجاه الاقتصاد الرّأسماليّ. ويعزّز هذا الواجب واقع نظامنا المصرفيّ الرّبويّ وحقيقة أنّه يعبد الطّريق لتتّجه مدّخرات مجتمعاتنا إلى الأسواق الدّوليّة التي ليست في حاجة إليها والتي تتّسم بالمنافسة الحادّة مما يؤثّر على الجدوى الاقتصاديّة لاستثمار المال الوطنيّ وفي ظلّ العولمة الاقتصاديّة إذا لم تثبت مؤسّساتنا المصرفيّة في معركة البقاء أمام عمالقة المصارف العابرة القارّات فالمتوقّع أن يزداد الأمر سوءاً. أضف إلى كلّ هذه المسائل أنّ هذا النّظام الاقتصادي المستورد أو المفروض نبت في تربة النّظام الرّأسمالي، وهذه التّربة مخصبة بالمحرّمات والكبائر كالقمار والربا والفرديّة والأنانيّة وحضور الشحّ والتّغالب، ولا محل فيها لمعاني في سبيل الله و الإخلاص والبرّ التّقوى والاحتساب و التّسامح والإحسان و التّعاون والصّدقات المنوّعة التي وسعت سبعة أبواب منها الزّكاة التي لها هي بدورها مصارف ثمانية.
إنّنا بابتعادنا عن المبادئ التي نصّ عليها شرعنا العزيز للتّعامل في المال أي بأن يكون قياماً للنّاس يستعمل في وظيفته الطّبيعيّة لمواجهة حاجات الإنتاج والاستهلاك والتّوزيع وأن لا يكون دُولة بين الأغنياء وأن لا يظلم به المتعامل فيه ولا يظلم فإنّ القانون الإلهيّ "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا" "فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ" لا بدّ أن يتحقّق...
نقاط الاختلاف الجوهرية بين الاقتصاد الإسلامي و اقتصاد الرّأسمال الغربي الذي تقوده وتدعو إليه بجنون الولايات المتحدة الأمريكية كثيرة جدا منها:
أنّ الاقتصاد الإسلاميّ منهج ربّاني ثابتة أساسيّاته ذلك أنّه يقوم على:
1 الحلال ومنع أشدّ المنع الرّبا.
2 أنّ المال يحجّر على السّفهاء" وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً ".
3 أنّ المال يجب أن يدور على كلّ الشّعب: " مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ ".
4 أنّه يسعى لتحقيق الرّخاء المادّي لكافّة شرائح المجتمع المتآخي المتحابب والموحّد والشّركاء في الخير:" أحبّ الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي "40 وعن وحشي بن حرب أنّ الصّحابة رضي الله عنهم قالوا:يا رسول الله! إنّا نأكل ولا نشبع! فقال:"فلعلّكم تأكلون متفرّقين؟ قالوا: نعم! قال:فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يُبارك لكم فيه".بل كانت القيادة تغضب إذا لم أبطأ شعبه بواجب التّآزر والمساعدة والنّجدة، عن جرير بن عبد الله قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثّ النّاس على الصّدقة ، فأبطئوا حتى بان في وجهه الغضب، ثمّ إنّ رجلا من الأنصار جاء بصرّة، فتتابع النّاس حتّى رئي في وجهه السّرور، فقال: من سنّ سنّة حسنة كان له أجره، ومثل أجر من عمل بها، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزره، ومثل وزر من عمل بها، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"41 " إنّ الأشعريّين إذا أرملوا في الغزو، أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثمّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسّويّة، فهم منّي وأنا منهم"42.
5 أنّ النّظام الرّأسمالي يحمل مشروعا ثقافيّا متوحّشا إذ لا يقيم معنى للقيم والأخلاق والجماعة البشريّة بل حتّى للبيئة التي أشرف على تدميرها وتدمير سكّانها، ممّا يكشف عن طبيعة تلك الإيديولوجية المنفلتة الآبقة المحقّرة للإنسان والمستحمرة له وجعله حيوانا خاضعا لقيم الاستهلاك يسرح في سوق كبير كما تسرح البهائم في حدائق الحيوانات تماما. إنّه اقتصاد لا يستجيب إلاّ لتطلّعاتهم وأحلامهم ومصالحهم.وما البشر عندهم إلاّ أكداس استهلاك وإنتاج.
إنّ طواغيت الرّبا آلهة الباطل الجدد لهذا العصر هم الذين شرعوا للإنسان دينا جديدا قوامه الاستهلاك بمعنى أن هويّة الإنسان المعاصر لا تتحدّد بدينه أو تقواه أو نفعه للبشريّة بل تحدّد بما يمتلكه من أشياء، وهكذا يتقرّر أنّ للرّأسماليّة قيم مادّيّة بحتة تحملها ورسائل أنانيّة تقوّم بها الكون والحياة والإنسان، ولقد تنبّه عقلاء الغرب إلى أنّ المادّة هي التي دمّرت المعايير الصّحيحة للحياة، ومن هؤلاء كارل جاسبرز الذي قرّر أنّ الثّورة التّكنولوجيّة هي الأساس المادّي للكارثة الرّوحية:"وإنّنا ندرك معنى انهيار المعايير الصّحيحة، وندرك كيف يكون العالم قلِقاً حينما لا يدعو إلى تماسكه إيمان أو وعي اجتماعي". ليس للنّظام الاقتصادي الغربيّ جانب قيمي وأخلاقي أبدا، بل هو قائم على الأنانية والجشع والاحتكار لبحثه عن الرّبح والنّموّ فحسب، لذلك دارت ثروة العالم بين أيدي ثلّة قليلة من مستعمرين جدد استعملوا المال في القمار الذي تهيمن عليه دول ثماني"كبرى" عبر صناديقها الرّبويّة ذات الفوائد المركّبة المتراكمة والمستمرّة حيث تعجز كلّ الدّول المدينة قياسا إلى مواردها أو التزاماتها من أن تسدّد فوائد هذه الدّيون فضلا عن أصل الدّيون.
لقد أفسد هذا الرّأسمال علينا كلّ شيء بما في ذلك البيئة والمناخ، كما حكموا على 80 بالمائة من شعوب العالم بالفقر والجوع والمرض، نرى بعضهم يتسكّعون بين مزابل نيويورك وواشنطن ولندن وباريس.
وقارن بين ذلك الاقتصاد المتوحّش وبين نظامنا الاقتصادي الرّبّانيّ الرّشيد البنّاء الذي قام على أمتن الأسس، وأنبل المثل، وأكرم المقاصد، وأشرف الغايات، وأحسن الأخلاق فتعانق فيه المال الحلال بالدّين القويم والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة. لقد جعل الإسلام الأموال محترمة ومصانة و قواما وأحد الضّرورات الخمس التي جاءت الشّريعة بحفظها، فدعا إلى كسبها بالتّراضي "يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَاٰرَةً عَن تَرَاضٍ مّنْكُمْ"، وأمر بكسبها بطيب نفس "لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه". وجعل الكسب المحرّم سبيلا إلى جهنّم "كلّ لحم نبت من سُحت فالنّار أولى به"، وجعل "التّاجر الأمين الصّدوق مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء"43
وبيّن أنّ التّعامل المالي بالصّدق يحضى بمباركة الله عزّ وجلّ وتزكيته ونمائه "فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا مُحقت بركة بيعهما"44
وحرّم الغشّ والخداع بأنواعه المختلفة وأشكاله المتعددة "من غشّنا فليس منا"45،"لا يحلّ لامرئ مسلم يبيع سلعةً يعلم أن بها داءً إلا أخبر به"46
وحرّض على السّماحة في التّعامل بين كلّ أطراف السّوق "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى"47 ودعا إلى الإقالة "من أقال مسلماً أقال الله عثرته"48، والإقالة هي الاستجابة إلى فسخ عقد البيع إذا رغب المشتري في ذلك. وروى البخاري عن رسول الله أنّه قال:"أُتي بعبد من عباد الله آتاه الله مالاً فقال له الله: ماذا عملت به في الدّنيا؟ قال: يا ربّ، آتيتني مالاً، فكنت أبايع النّاس، وكان من خلقي الجواز، فكنت أيسِّر على الموسر، وأنظر المعسر، فقال الله: أنا أحقّ به منك، تجاوزوا عن عبدي"49. ومن ذلك الوفاء الكامل بأجرة الأجير حينما يستوفي صاحب العمل عمله،: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه"وقال:"ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة وذكر منهم ورجل استأجر أجيراً، فاستوفى منه ولم يعطه أجره" وقال:" مطل الغنيّ ظلم"50 وأعظم من هذا كلّه حرّم الرّبا وجعله من أعظم الذّنوب وقد أعلن الحرب على ممارسيه.
إنّ الاقتصاد الإسلامي إنسانيّ وأخلاقيّ عادل لأنّه دين وعبادة، وقصّة عمر بن الخطاب مع اليهودي المتسوّل معروفة حين قال له:" ما أنصفناك أن أكلنا شبابك ثمّ تركناك تسأل النّاس في شيبتك، ثمّ ضرب له من بيت المال له و لأمثاله، ثمّ أسقط عنهم الجزية، وقارن بينه وبين الولايات المتّحدة الأمريكية وبريطانيا ضمن حربهما الاقتصادية على الإسلام بتجميد أموال الدّول والمنظمات والجماعات الإسلامية. ستبقى قيم الإسلام نقطة تفوّق كبرى في ديننا العظيم الذي يربط الاقتصاد بالثّواب والعقاب، ألم يبعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليتمّم مكارم الأخلاق!
الخلاصة:
إنّي على يقين أنّ السّلطة في تونس متمكّنة من معطيات الملفّ الاقتصادي غير أنّ من حقّنا كتونسيّين أن نعلم ذلك الواقع لنشترك جميعا في إيجاد الحلّ الذي لا أخاله خارج شرعنا وإمكاننا، وإنّي على علم كذلك أنّ كلّ تونسيّ يدرك واقعنا الاقتصادي التّابع الهشّ، ولكن قوى التّبعيّة والمحافظة والضّغط والاستفادة لا تسمح بتمليك الشّعب المعطيات الحقيقيّة لأنّها حسب تبريرها لا تريد تيئيس الشّعب من جهة كما لا تريد أن تمدّ شعبنا بموادّ الانفجار، والذي نرجوه أن يرجع النّاس الماسكين بالسّلطة إلى رشدهم إسهاما منهم في التّغيير والإصلاح.كما أدعو الإخوة أهل الاختصاص في الميدان أن يدلوا بدلوهم، وان يتخلّوا عن العمل السّياسي الحزبيّ وأن يبيّنوا ويبشّروا بالحلّ الإسلاميّ في تفصيلاته الاقتصاديّة البنّاءة.
لا بدّ من حلول وطنيّة لتحقيق التّنمية وإنّ الشّعور بالتّفوّق والعزّة بما نملك من بدائل يقينيّة وصل إليها الغرب نفسه وتعمل بها أكثر بنوك اليابان. إنّه لا خلاص لنا إلاّ بالاستناد إلى هويّتنا الإسلاميّة من أجل التّعجيل بنهاية الاستعباد والاستعمار الجديد. إنّ الالتحام بديننا باعتباره صار مطلبا شعبيّا لأنّه الحصن القادر على الحلول فضلا عن مقاومته اكتساح العولمة التي تريد الإطاحة بكلّ الهويّات الأخرى. فإلى متى نبقى عالة على غيرنا أو إلى متى يبتزّنا غيرنا؟ إلى متى يبقى حالنا كما قال الشّاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الضّمأ
والماء فوق ظهورها محمول
ألا هل بلّغت اللّهمّ فاشهد، والله المستعان وعليه البلاغ ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم. " قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ".
الرّابط لهذا المقال من تونس المسلمة:
http://www.tunisalmoslima.com/modules.php?name=News&file=article&sid=231
1 الأعراف:59
2 هود:84.
3 الأعراف:85
4 الذّاريات.
5 طه 132..
6 فاطر3.
7 الذّاريات.
8 سورة نوح.
9 هود 52
10 البقرة:275.
11 البقرة:188.
12 أخرجه الدّارمي رقم 537 و التّرمذي: رقم 2417 وقال: "حديث حسن صحيح"، وصحّحه الألباني في السّلسلة الصّحيحة رقم 946.
13 الأعراف:31.
14 الإسراء:26 27.
15 النّساء:5.
16 مسلم رقم:1522.
17 الحديد 7 .
18 صحيح البخاري الجامع الصحيح رقم: 3117
19 رواه الطبراني وهو صحيح.
20 صحيح البخاري الجامع الصحيح رقم: 2072
21 آل عمران 161.
22 أخرجه أحمد 5/425، والبزار 3717، والطحاوي 4/241 وصححه ابن حبان 5978، وقال الهيثمي في المجمع 4/171: "رواه أحمد والبزار ورجال الجميع رجال الصحيح".
23 جزء من حديث طويل في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق، أخرجه أحمد 5/72، والدّارقطني 3/26، وأبو يعلى 1570، والبيهقي 6/100 قال الهيثمي في المجمع 3/266: "رواه أحمد، وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين، وفيه علي بن زيد وفيه كلام"، ويشهد له حديث أبي حميد المتقدم، وكذا حديث عمرو بن يثربي عند أحمد 3/423والبيهقي 6/97 قال الهيثمي في المجمع 4/171-172: "رواه أحمد وابنه من زياداته أيضا والطبراني في الكبير والأوسط... ورجال أحمد ثقات"، ويشهد له أيضا حديث ابن عباس عند البيهقي 6/96 حسن إسناده الألباني في الإروا ء 5/281.
24 أخرجه ابن جرير 10/323 و عبد الرزاق 20719، وأحمد 3/321، والبزار 1609، وصححه ابن حبان 1723، والحاكم 4/422، ووافقه الذّهبي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 867، 1728، 1729.
25 سنن أبي داود رقم: 2943.
26 رواه البخاري رقم 6636.
27 رواه أبو عبيد في كتاب الأموال.
28 رواه الإمام أحمد وصحّحه أحمد شاكر، وأبو نعيم في الحلية 6/106.
29 صحيح البخاري رقم2272.
30 طه118 119.
31 أخرجه ابن ماجه 2443، والقضاعي في مسند الشهاب 744، صحّحه الألباني في الإرواء 1498، وانظر: نصب الراية 4/129.
32 أخرجه البخاري: رقم2270.
33 الأنفال 41.
34 الحشر 7.
35 التوبة 60.
36 نذر العولمة, د. عبد الحي زلوم ص 392\393.
37 المصدر السّابق ص388.
38 عن إمبراطوريّة الشّرّ الجديدة، لعبد الحيّ زلوم، ص 378.
39 البقرة 278 279.
40 رواه أبو يعلى وابن حبان.
41 سنن الدّارمي حديث رقم: 520.
42 البخاري رقم 2486.
43 أخرجه الدّارمي رقم 2539 و التّرمذي رقم 1209من طريق الحسن البصري عن أبي سعيد رضي الله عنه، وقال: "هذا حديث حسن، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه"، وحكم الحاكم 2/6 بانقطاعه، لكن له شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند ابن ماجه رقم 2139، والدارقطني رقم291 ، والبيهقي 5/266، وقال الحاكم عن أحد رواته: "كلثوم هذا بصري قليل الحديث"، وقال الذهبي في الميزان (3/413): "هو حديث جيد الإسناد،صحيح المعنى، ولا يلزم من المعية أن يكون في درجتهم".
44 البخاري رقم2079 و مسلم: 1532.
45 صحيح مسلم: رقم101.
46 رواه مالك في الموطأ وعلقه البخاري في صحيحه: كتاب البيوع، باب إذا بيّن البيعان ولم يكتما، فقال: "وقال عقبة بن عامر: لا يحلّ لامرئ..."، وقال الحافظ في الفتح 4/311: "في رواية الكشميهني: أخبر به" يعني:رفعه، وقد وصله أحمد 4/158، وابن ماجه رقم 2246، وصحّحه الحاكم 2 /8، وحسّن الحافظ إسناده، وصحّحه الألباني في صحيح التّرغيب 1775.
47 أخرجه البخاري: رقم 2076.
48 سنن أبي داود: رقم 3460، سنن ابن ماجه: رقم 2199، وأخرجه أيضاً أحمد 2/152 وصححه ابن حبان رقم 5030، والحاكم 2/45، ووافقه الذّهبي، وصحّحه ابن حزم في المحلّى 9/3، وابن دقيق العيد كما في الفيض 6/79، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه3/18: "إسناد صحيح على شرط مسلم"، ورمز له السيوطي بالصّحّة، وصحّحه أيضاً الألباني في إرواء الغليل1334.
49 البخاري رقم 2077، و مسلم: رقم 1560.
50 صحيح البخاري: رقم2287 ومسلم: رقم1564.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.