أحيلت صباح أمس امام احدى الدوائر الجناحية بابتدائية العاصمة امرأة في الاربعين من العمر، لأجل جرم متعلق بقضية أخلاقية والسكر... الا ان ما يجلب الانتباه هو المأساة التي دفعت بامرأة محافظة ومن عائلة عريقة لارتكاب مثل ما اقترفت. حب وقائع القضية فان المتهمة خرجت فجأة من منزل والديها بأحد أحياء العاصمة، وهي تعاني اضطرابات نفسية، وتوجهت نحو حانة لتصب جام غضبها في مشروبات مسكرة، واحتست كمية كيرة ثم غادرت الحانة وخرجت مترنحة ومتموجة ثم أطلقت عقيرتها للكلام البذيء وصدرت عنها ألفاظ نابية ثم تشابكت مع بعض النسوة وحصل خصام بينهن الى أن حلّ أعوان الامن فتبين لهم أن المعتدية كانت في حالة سكر شبه مطبق، ممّا جعلهم يقتادونها الى مركز الشرطة. وبعد فوات الآجال التي تجعلها قادرة على الاجابة عن أسئلة المحققين ثم التحرير عليها، فاعترفت بتفاصيل جريمتها وبما صدر عنها، لتتم احالتها على ممثل النيابة العمومية بابتدائية تونس الذي أصدر في شأنها بطاقة إيداع بالسجن بعد أن وجّه لها لائحة التهم المستوجبة. وبمثولها أمس أمام هيئة المحكمة لم تجد غير ان تشكي امرها للقضاء اذ أفادت المتهمة أنها امرأة محافظة ومعروفة بين جيرانها بأخلاقها العالية، وروت انها تعرفت على شخص من احدى الدول الخليجية العربية، فتزوجته وسافرت معه الى بلاده حيث عاشت صحبته بهدوء وسعادة وانجبت منه ابنين. وبعد أن كبر ابناها طرأت بعض المشاكل بين الزوجين بسبب المعاملة السيئة لزوجها الذي كان لا يتردد في اهانتها وضربها، وعندما بلغ الامر حدّه قرّرت الرجوع الى أرض الوطن، وأخذت ابنيها وتوجهت نحو المطار، الا ان شقيقة الزوج أبلغت شقيقها بأمر هروبها، فلحق بها وافتك منها الابناء لتسافر بمفردها وبوصولها الى تونس سعت الى استرجاع ابنيها، الا انها أبلغت بقرار طلاقها، ورغم محاولاتها المتكررة للوصول الى معلومات عن زوجها وابنيها غير انها لم تحصل على أي شيء منذ خمسة أعوام، وهي المدّة التي كانت كافية لتدخلها في حلقة مفرغة من الاضطراب والارتباك النفسي حتى بلغت المأساة أوجها فخرجت دون قدرة على التماسك لتتوجه مباشرة الى حانة وتحتسي كمية كبيرة من الخمر قبل ان تفقد وعيها وترتكب الجرم الذي احيلت من أجله. لسان الدفاع أعاد عرض مأساة هذه المرأة الموقوفة منذ شهر بسجن النساء بمنوبة ليؤكد ان ذلك أثر سلبيا على معنوياتها ومعنويات عائلتها وطلب محاميها من هيئة المحكمة الأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية والذاتية التي أحاطت بمنوبته لتدفعها لارتكاب جريمة كانت موجهة للانتقام من نفسها أكثر من الاجرام في حق المجتمع، وطلب على أساس ذلك بالنظر اليها بعين الرحمة والقضاء في شأنها بأخف العقوبات الممكنة قانونا واسعافها بعقاب مؤجل التنفيذ او الاكتفاء بالمدة التي قضتها بالسجن. وبعد ان استمعت هيئة المحكمة لكافة أطراف القضية، قررت حجزها للتصريح بالحكم بعد المفاوضة القانونية في وقت لاحق. وقد بدا على كل الحاضرين سواء من المحكمة او المحامين او المتقاضين التأثر والأسى، لما دفع امرأة محافظة لارتكاب جرم له ما يدينه أخلاقيا وقانونيا.