المتأمل في خارطة المهرجانات الثقافية بالبلاد هذه الايام وتحديدا منذ انطلاق عطلة الربيع يكتشف أننا ربما حطمنا الرقم القياسي في عدد المهرجانات في أقل مدة زمنية ممكنة. ففي كل مدينة إن لم نقل في كل قرية هناك ربيع للثقافة والفنون الى درجة ان هناك من أنشأ مهرجانين بالتوازي. ايجابي ولكن؟ هذه الظاهرة وإن تبدو في الظاهر ايجابية تنم عن رغبة حقيقية في التنشيط الثقافي وايصال الثقافة الى كل المواطنين أينما كانوا الا انها في الباطن تحمل تشويهات كثيرة وخصوصا في المادة الثقافية المبرمجة.. هذا اضافة الى غياب التنسيق بين ادارات التظاهرات وضعف البرامج المقترحة وخلط المشرفين عليها بين النشاط الثقافي والانشطة الاخرى. تناسل مسرح الطفل ولعل أهم ما كشفه هذا التناسل الغريب والمذهل لهذه المهرجانات الربيعية ظهور فرق أو شركات انتاج مسرحي كثيرة تدعي كلها اختصاصها في مسرح الطفل.. وهذه الشركات لا ينزل عليها الالهام الا في الربيع على أساس عطلة الربيع الخاصة بالاطفال... فتجد مسرحيات مثل »فار بوطميرة« و»أمك طنقو« و»أمّي سيسي«! وهي كلها أعمال لأسماء لا علاقة لها في الواقع بالمسرح ولا بالفن. وحتى في مجال الغناء والموسيقى تجد كورالات وفرق ومجموعات لا تدري من أين جاءت... خلط بين الانشطة والغريب ان بعض هذه الشركات والمجموعات والفرق المسرحية والموسيقية تكاد تكون حاضرة في كل مهرجان أو تظاهرة ربيعية بحيث لا يوجد أي تنسيق بين المهرجانات رغم قربها من بعضها أحيانا. ويبقى الاشكال الكبير في الخلط أحيانا ضمن برامج هذه المهرجانات بين النشاط الثقافي والنشاط الرياضي وغيره من الأنشطة الاخرى.. فهناك من المهرجانات ما جمع بين ألعاب القوى والكونغ فو والشعر.. كل ذلك من أجل تأثيث برنامج المهرجان ولا يهم إن كان النشاط حتى »لعب الورق«، المهم تسجيل الحضور. الانتباه والواضح ان هذه الظاهرة تذكرنا بالمهرجانات الصيفية عندما تكاثفت الى درجة انشاء مهرجان بكل عائلة.. واذا كانت المهرجانات الصيفية غايتها ترفيهية تبقى التظاهرات الربيعية الموجهة أساسا للتلاميذ والأطفال تثقيفية أكثر منها ترفيهية.. وفي هذه الحالة يجب الانتباه الى كل مادة تقدم أو تبرمج للأطفال.