التدخين هذا الآفة المباحة أصبحت ظاهرة لا يمكن السكوت عن استفحالها خاصة انها اصبحت تمس الشباب والنساء فضلا عن المدمنين من الكهول والشيوخ، العالم كله يتحدث اليوم عن كيفية التخلص من هذه الآفة فاستصدر القوانين لمنعها وشدد العقوبات ورفع الأسعار وكثف الحملات التحسيسية واستنبط العديد من الوسائل لتخليص المدمنين منها إلا انها مازالت مستعصية تستنزف صحة المدمن. والواقع ان هذه الظاهرة في تونس رغم كل ما بذل من جهد لاستصدار القوانين والتثقيف الصحي مازالت مستفحلة حيث تفيد الدراسة التي انجزت سنة 1994 ان 35.5 من الكهول (من 15 سنة الى ما فوق) من المدخنين ذكورا وإناثا وان الدراسة التي تمت سنة 1993 تؤكد ادمان نسبة 29.2 من الشباب (بين 17 و24 سنة) وقد اكدت دراسة أخرى سنة 1997 ان نسبة 20.5 من التونسيين البالغين من العمر 25 سنة فما فوق هم من المدخنين. هل يمكن السكوت إذن عن استفحال هذه الظاهرة خاصة وان مكوّنات التبغ تتألف من 4000 مادة أغلبها خطيرة على الصحة وخاصة المواد السامة منها والتي تتألف من النيكوتين وأول أكسيد الكربون والمواد المهيجة للأنسجة والمواد المسرطنة. ولن نضيف جديدا اذا اشرنا الى ان التدخين يسبب اكثر من 25 مرضا معظمها قاتل مثل السرطان الذي يتسبب التدخين في وفاة 30 من حالاته. كما ان 20 من كل الوفيات في العالم سببها التبغ و45 من المدخنين يموتون من جراء امراض ناتجة عنه، والمعروف كذلك ان التدخين يسبب اكثر من 90 من حالات سرطان الرئة الى جانب انه يعتبر السبب الرئيسي والمباشر في نسبة عالية من حالات سرطان الفم والحلق والحنجرة والمعدة والمثانة وعنق الرحم والكلى والبنكرياس كما يسبب الانتفاخ الرئوي والإلتهاب الشعبي الى جانب الالتهابات الحادة للجهاز التنفسي كما ان التدخين يعتبر السبب في ثلث الوفيات بأمراض القلب. ويفيد الاطباء ان المدخنين الذين يبدؤون التدخين في سن المراهقة ويستمرون في ذلك بانتظام يعرضون انفسهم للوفاة بسبب التدخين بنسبة 50 ويتوفى نصف هؤلاء في منتصف العمر وقبل بلوغهم سن السبعين وهو ما يعني خسارة 22 سنة من العمر المأمول. اما المدخنون الذين هم في الثلاثين والاربعين من العمر فيتعرضون للإصابة بأزمة قلبية تزيد على خمسة اضعاف ما يتعرض له غير المدخنين. كما ان التدخين يؤدي الى مضاعفات اثناء الحمل ويضر بالجنين مع امكانية حدوث إجهاض تلقائي ونقص في الوزن عند الولادة وينجر عنه كذلك نقص في الخصوبة لدى النساء والرجال بل تأكد ان التدخين السلبي يتسبب كذلك في الامراض المرتبطة به خاصة بالنسبة للأطفال. الواقع ان قائمة المضار التي تتأتى من هذه الآفة اكثر من ان تعد والغريب ان كل المدخنين واعون بها بل ان العديد من القوانين والتشريعات قد تم اتخاذها في تونس لمقاومة هذه الظاهرة الا ان الواقع لا يدعو الى التفاؤل لذلك لا مناص من مزيد التحسيس والتوعية، بل لابدّ من تفعيل مختلف القوانين التي تم اعتمادها في بلادنا والاهتداء الى أقوم السبل الكفيلة بالحدّ من هذه الآفة من خلال كافة وسائل الردع بما فيها الردع المادي حتى لا يتم تيسير اقتناء هذه السموم بأقل التكاليف على غرار ما اعتمدته عديد البلدان في الفترات الاخيرة.