هو لدى البعض «غدّار» لا يؤتمن له جانب لدى البعض الآخر «موش نورمال» ولدى البعض الآخر وهم أغلبية يعتبرونه «مجنون». الكلام هنا عن «الطقس» وليس على أي شيء آخر فتقلباته التي لا يستقر لها حال إذ تتغير بين الساعة والأخرى اثارت اشمئزاز وتأفف الكثير من التونسيين. عن هذا الطقس المتقلب يتحدث سيد اسكندر وهو شاب تونسي ليقر بأن تأثيره على نفسيته كبير «فمن ذلك أنني كلما كان الطقس على هذه الشاكلة من التقلب كلما وجدتني أفضل البقاء في الفراش وأفضل الخلود للنوم». الأسوأ من ذلك ان تقلبات المناخ والتي أصبحنا نلاحظها بكثرة خاصة هذه السنة تبطل مشاريعك وبرامجك إذ من المعتاد أن أرافق زوجتي وابني مساء كل يوم سبت أو يوم الأحد للتنزّه أو لقضاء بعض الحاجات ولكن أعدل عن ذلك بسبب تقلبات الطقس حقيقة انه أمر محيّر. ومثل هذا الاحساس بالحيرة ينقلب إلى احساس بالحزن لدى البعض الآخر إذ تعتبر السيدة سلمى «ان التقلبات المناخية هذه وفي ظلّ ما نعايشه يوميا من فترات مشمسة تنقلب إلى برد ومطر ورياح وهي تقلبات تشعرنا بالكآبة والحزن». ماذا سأرتدي؟ وفي خضم هذه التقلبات يعايش الكثير منا يوميا حيرة إذ نعجز عن تحديد نوعية اللباس الذي سنرتديه قبل الالتحاق بمقرات عملنا ووظائفنا أو بمؤسساتنا الجامعية التي ندرس فيها، ماذا سأرتدي؟ هل أحمل المطرية أم لا؟ يقول محمد وهو موظف: «كل صباح على نفس الحيرة أقرر أن أرتدي ملابس صيفية لكن أخاف أن ينقلب الطقس، وفي بعض الأحيان أحمل مطريتي ولكنها لا تمطر ومثل هذه الأشياء تقلقني». ومن المواطنين من يحاول أن يتحيل على الطقس فيحمل معه كلّ أشكال الملابس ليقي شرّ تقلباته، يقول فتحي: «تعودت على التقلبات المناخية التي تحدث في كل فترة لذلك فأنا آخد احتياطاتي فأرتدي ملابس صيفية وأحمل معي في نفس الوقت ما يقيني من النسمات الباردة أو الأمطار التي قد تنزل من حين لآخر». طقس متغير ومجنون بتقلباته هذه لكن البعض الآخر يجد في أمطاره ورياحه راحة نفسية قد لا تتوفر يقول مراد: «أحب هذه الفترة بكلّ ما تتميّز به من تقلبات وبما تحمله من أمطار وبرد ورياح لأمر بسيط أنني من مواليد هذه الفترة.. حتى لو كانت هذه التقلبات لها تأثير صحي إذ تكثر الاصابات بالقريب: فذلك لا يهمّ لأن نفسيتي ترتاح». حيرة التجار بالاضافة إلى حيرة المواطنين الذين التجأ بعضهم إلى ارتداء ملابس صيفية وحمل أخرى شتوية فإن تجار الملابس كانوا أكثر حيرة فما هي أنواع الملابس التي سيضعونها في واجهات محلاتهم؟ السيد البشير بن بلقاسم أحد تجار الملابس الجاهزة أكد أنه في ظل تقلبات الطقس وعدم استقراره على حال نلجأ إلى وضع ملابس صيفية وأخرى شتوية وأخرى «نصف وقت» كما يقال عندنا بحيث تكون واجهة المحلّ تحتوي على كل أذواق الحريف.. وبخلاف ذلك فإن البعض منهم (الحرفاء) من يقدم للشراء لكنه يحتار ماذا سيشري في هذا الطقس المتقلب ونحن عادة ما ننصحه بشراء الملابس الصيفية لأن تقلبات الطقس هذه لن تدوم طويلا». * السيد عبد العزيز كبيّر (رئيس مصلحة التنبؤات الجوية): «تقلبات تلفت الانتباه... والتلوث البيئي أحد الأسباب» يؤكد السيد عبد العزيز كبير، رئيس مصلحة التنبؤات الجوية بالمعهد الوطني للرصد الجوي أن هذه التقلبات التي تظهر في مثل هذه الفترة من كل سنة هي في الحقيقة تقلبات عادية بمعنى أنها لم تتسبب في كوارث فلم نسجل حدوث فيضانات جراء سقوط الأمطار مثلا ولم نسجل رياح قوية وعاتية فالمعدلات الحرارية هي في مجملها معدلات عادية... لكن ما يلاحظ ويثير الانتباه وذلك من خلال متابعتنا الدائمة للحركات الهوائية التي تحدث في الغلاف الجوي أن الكتل الهوائية متداولة ومتنقلة من مكان إلى آخر وهو يفسر التغيرات المناخية... كذلك قد يكون للتلوث البيئي اسهاما أيضا لكن ليس السبب الوحيد الذي يفسر تقلبات الطقس». ويوضح هذا المختص في الرصد الجوي أنه مقارنة بسنين مضت نسجل تقلبات أكبر وهي تقلبات تمسّ كلّ العالم وإلى حدّ الآن فإنه لا يوجد لدينا علامة وحيدة يمكن بها الاقرار بأن الأجواء المناخية ستستقر فالتقلبات ستتواصل.