قال منتصر الزيات ان المشهد الشعبي المصري يبحث عن حريته وعن حاضره ومستقبله وشدد المحامي والكاتب والمؤرخ الاسلامي الذي اشتهر بالدفاع عن الجماعات الاسلامية بأن نزول الشارع المصري الى الميدان مجددا يؤكد حرصه على التمسك بكامل حريته وحرصه على حقه في اختيار قيادته وألا يفرض عليه أحد قيادة وهمية. وانتقد المحامي المصري في حديث خص به "الصباح" أداء المجلس العسكري وقال ان الشعب المصري أعطى المجلس فرصة طوال عشرة أشهر كاملة قرر بعدها النزول الى الشارع مرة أخرى. وفي رده حول سؤال عن أهم التحديات الراهنة أمام المجلس ومطالب الشارع المصري، قال الزيات - الذي نفى أن يكون مترشحا للانتخابات ولكنه أكد في المقابل دعمه وتأييده للاسلاميين - أن هناك حاجة اساسية لبناء مؤسسات مجلس للشعب يعبر عن الشعب، وحاجة أيضا الى دستور جديد يعبر عن الشعب، وتنظيم انتخابات رئاسية، الى جانب حكومة انتقالية تلبي المطالب الشعبية وتكون قادرة على تحقيق القصاص من القتلة ورادعا للقتلة الذين استهدفوا ثوار ميدان التحرير الذين عادوا الى الشارع. مهمة الجنزوري وعن دعوة المجلس العسكري رئيس الوزراء السابق كمال الجنزوري لتشكيل الحكومة، أكد منتصر الزيات قبول الجنزوري مهمة رئاسة الحكومة وشدد على أن المهم الآن هو التشكيلة التي سيعلنها الجنزوري للخروج بالبلاد من الازمة الراهنة. وأوضح الزيات أن الجنزوري الذي كان تولى رئاسة الوزراء لمدة ثلاث سنوات في عهد مبارك قبل ابعاده في 1999 يعد رمزا من رموز النظام السابق حتى وإن انقلب عليه وقد ظل بعد طرده أو اقصائه من الخدمة يحضر مختلف الفعاليات الحزبية وغيرها، ولكنه أشار في المقابل الى أن الجنزوري يتمتع بسمعة طيبة وأن الامر يتوقف الان على تشكيلة الحكومة القادمة وهو ما يعني أن أعين الجنزوري يجب أن تكون مسلطة على مطالب الشعب وأنه سيكون أمامه ثلاثة أشهر لمواجهة الاختبار. غموض بشأن الانتخابات وعما إذا كان بالامكان في ظل الوضع الراهن المضي قدما في تنظيم الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، رد الزيات بأن الموقف على درجة من الغموض وأن هناك حرصا لدى جميع القوى السياسية على اجراء الانتخابات في موعدها، إلا أن هناك اشكاليات في عديد الدوائر الانتخابية. وأوضح الزيات أن قرار القضاة المرتقب صدوره اليوم بشأن تأمين اجراء الانتخابات مهم جدا وسيكون حاسما في ازالة قدر كبير من الغموض القائم. وحول التأخر في المطالبة بوضع دستور جديد والحال أنه تم منذ الاشهر الاولى للثورة الاستفتاء لتعديل تسعة من بنود الدستور القديم، رد المحامي بأن الاستفتاء علق لاحقا، مضيفا أن المجلس العسكري لم يحترمه وأنه أصدر في وقت لاحق اعلانا دستوريا ثم أصدر الوثيقة السلمية التي فجرت الخلافات وكل هذه أمور أسهمت في ظهور أزمة ثقة كبيرة وخطيرة. الاسلاميون والمشهد السياسي أما عن توجهات المشهد السياسي في ظل التوقعات والاستطلاعات بشأن فوز الاسلاميين في الانتخابات القادمة رد منتصر الزيات بأن التيار الاسلامي سيكون تيارا رئيسيا في التشكيلة المصرية. وأضاف أنه لا أحد بإمكانه عزله أو اقصائه وأن هذا التيار سيواصل عطاءه، وأوضح انه برغم الضربات الوقائية التي استهدفته في حكم مبارك، ورغم الاعتقالات والسجون، فإن هذا التيار يعود أقوى بعد أن نظم صفوفه وهو يعود بتشكيلة متنوعة تضم الاخوان المسلمين والتيار السلفي أيضا وهو في مكانة جيدة والجماعة الاسلامية التي كانت دخلت في دوامة عنف مع نظام مبارك. وتوقع الزيات أن يشكل الاسلاميون 60 بالمائة من البرلمان المصري القادم وهو ما اعتبر أنه سيجعل التيار أمام مسؤولية كبيرة وسيكون على المحك في اثبات قدرته على الممارسة السياسية ومدى قدرته أيضا على تنمية بيئة اقتصادية واجتماعية بعد مرحلة الوعود. تجارب فاشلة وعن المخاوف التي يبديها الكثيرون ازاء الواقع الجديد لصعود الاسلاميين في دول الربيع العربي، يقول منتصر الزيات ان هناك فعلا تجارب مشوهة كما حدث في السودان وألبانيا وقد فشلت هذه التجارب. وأشار الى أن التجربة المصرية تتطلع الى التجربة التركية في كثير من جوانبها. أما عن خصوصية التجربة التركية في اعتماد دستور يفصل بين الدين والدولة ويمنح الجيش دورا في حماية العلمانية، فقد استدرك منتصر الزيات بقوله أن المطلوب ليس استنساخ التجربة التركية أو اعادة تطبيقها كاملة مشددا على ضرورة أخذ ما يتلاءم من التجربة التركية مع المجتمع المصري وليس بالضرورة في اعتماد دستور مدني وعلماني، فتركيبة المجتمع المصري اسلامية ولكن في المقابل يمكن استنساخ التجارب التنموية وغيرها أيضا من التجارب الاقتصادية. وعن مدى الترابط بين مختلف المشاهد في دول الربيع العربي مصر وتونس وليبيا رد الزيات بأن لكل تجربة خصوصياتها وأن الأمر في مصر مختلف عما هو عليه في تونس وأن التجربة المصرية لم تكن خالية من العنف والصدامات في مرحلة سابقة. لا لاستنساخ التجربة التركية أما عن الاسباب و الدوافع وراء تموقع الاسلاميين في الساحة رد الزيات بأن الحركات الاسلامية باتت أشبه بالحصن للفقراء والغلابة وهي أمل الناس الذين باتوا يعتقدون أنهم في حاجة لاياد نظيفة لم تلوث بالفساد والواضح أن الخيارات الاسلامية هي الاكبر على الساحة والناس يريدون تجربتها بعد أن جربوا كل التوجهات من اليمين واليسار الى الامريكيين والسوفيات والاسرائيليين وكل التوجهات. وعما يجعل هذه الحركات قريبة من العامة قال الزيات أن هناك الكثير من أزلام النظام السابق وحتى من رجال الاعمال يحاولون التقرب من القاعدة الشعبية ولكنهم لا ينجحون في ذلك ملاحظا أن اعتماد الاسلاميين على الخطاب الديني يقربهم من الناس واعتبر أن الخطاب الديني في هذه المرحلة هو الاقوى وأنه سيكون له حضور مستمر طوال مرحلة الانتخابات. اما عن موقع مصر بعد مبارك اقليميا ودوليا ومستقبل العلاقات مع اسرائيل قال الزيات ان مصر تسترد عافيتها ومكانتها، وأضاف أن مصر لن تغيب عن المشهد العربي وهي التي احتضنت لقاء المصالحة بين "فتح" و"حماس" في مرحلة لا تخلو من الحساسية. وشدد الزيات على أن مصر مستمرة في تحقيق حضورها وأنه كما أن مصر في حاجة للعرب فإن العرب في حاجة لمصر. وخلص الزيات الى أن هناك قوى عديدة بينها قوى عربية صغيرة رفض تحديدها لا تريد لمصر ان تستعيد عافيتها وتريد لمصر أن تظل ضعيفة ومغيبة.