اعتبر الحداثيون والذين يدعون إلى المدنية أن المبادرة الرئاسية الجديدة للسيد المنصف المرزوقي وذلك ببيع جميع القصور الرئاسية بالمزاد العلني باستثناء قصر قرطاج مبادرة مجانبة للصواب، والحال أن غاية الرئيس من ذلك هي صرف هذه الأموال التي ستجمع بعد البيع لمقاومة البطالة. وذكروا أن هذا التصرف من قبل رئيس الجمهورية ينمّ عن تصوّر شعبوي من شأنه أن يعجب فئات واسعة من الشعب التونسي، إذ أن التفويت في الممتلكات العمومية ليس من خصائص رئيس الجمهورية وإنما هو من مشمولات رئاسة الحكومة بموافقة المجلس التأسيسي. كما أن رئيس البلاد وبسابقة فريدة من نوعها تنازل عن جزء من مرتبه للعاطلين عن العمل إذ كان سيتقاضى 30 ألف دولار إلا أنه اكتفى بمرتّب يقدر ب 2000 دولار. ماذا فعلت سيدي الرئيس لقد أثبتت من خلال بيعك القصور الرئاسية التي شيّدت من أجل التنعّم والتلذذ بمباهج الحياة وتخفيضك لمرتبك الذي كنت ستتقاضاه كرئيس للجمهورية أنك الرجل المناسب في المكان المناسب. وللشعب أن يفخر بإرادته، فلقد منحكم ثقته وصوّت لكم وها هو الآن يجني ثمار رهانه عليكم، فكما أن خادم القوم سيّدهم فأنت خادم الشعب وسيدنا وعليك أن تكون منّا وإلينا تشعر بما نشعر وتتألم بما نتألم وتعيش كما نعيش. لا أن تسكن القصور وشعبك يسكن القبور، فأنت بحق بحركتك المتميزة هذه بدأت تقرب شيئا فشيئا من المسار الصحيح للعدالة الاجتماعية التي فقدت من البلاد وأتمنى أن ترجع وتعود يوما. انتهت هذه العدالة بفقداننا الخلافة الراشدة اسمع سيدي ماذا يقول الناظم مادحا الفاروق عمر : يا من رأى عمر تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتزّ كسرى من غيضه فلقا من بأسه وملوك الروم تخشاه أخشى عليكم سيدي الرئيس من الحسّاد ومن الذين يصطادون في الماء العكر. بفعلتكم الإصلاحية هذه عليك أن تحذر من الحداثيين ودعاة التمدّن فهم لئام ويتقنون الطعن بالخناجر في الظهر. معارضوك هم خصومك ما دامت القصور في حوزة الدولة ورئيس الجمهورية يتمتع بجراية خيالية. لقد قسمت ظهور بعض خصومك إن لم نقل كلهم. ولم يعد عندك معارضين وأظن أن أحزاب المعارضة سوف تنسحب، الحزب تلو الآخر من الحلبة السياسية وفي رأيي سوف لن يدخلوا الانتخابات الرئاسية المقبلة لأن الأجر الزهيد الذي تتقاضاه لا يسيل اللعاب بل الطامعون في المناصب يتقاضون أكثر بكثير مما تتقاضاه. بفعلتكم هذه، تبيّن للشعب من الذي يريد خدمة تونس بضمير ممن هو كاذب ويطمع في تشييد القصور والتلذّذ بما لذّ وطاب. فيصل البوكاري تونس