مهندسون تونسيون يطوّرون جهازا للتحليل الطبي بالذكاء الاصطناعي    تراجع في عائدات تصدير زيت الزيتون رغم زيادة في الكمية…    وزارة الصحّة تحذّر من خطر استهلاك الأغذية المعلّبة على الصحّة العامّة..    عميد المحامين: ليست للهيئة حسابات سياسية    النواب يحتجون    موعد معرض سوسة الدولي    السفن تتجمّع في المياه الإقليمية استعدادا للانطلاق: أسطول الصمود يبدأ رحلة التحدّي    قمّة الدوحة...خيبة أمل جديدة للعرب    طقس الليلة    بعد الاحتفاظ بمنفذ السطو على بنك ببومهل...بنوك بلا حراسة ولا كاميرات رغم السرقات ؟    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية (AVC)    «قمة الدوحة»... دعم مطلق لقطر ضد العدوان    عاجل/ هيئة الانتخابات: جاهزون لإجراء الانتخابات البلدية ولكن..    وزارة التجارة: الانطلاق في تنفيذ برنامج خصوصي للمراقبة المشتركة عبر الطرقات    قيس سعيّد: التعليم حقّ مقدّس لا يخضع للإملاءات    عاجل: التسجيل في أكاديمية الترجي متاح بداية من هذا التاريخ... الشروط والأوراق اللاّزمة!    تونس تعزز حضورها في السوق السياحية الصينية مع تزايد إقبال السياح الصينيين على الوجهة التونسية    عاجل: تعرّف على العطل المدرسية للثلاثي الأول    محرز الغنوشي:''ليلة تسكت فيها المكيفات''    وداع المدرسة: كيفاش نخليوا أولادنا يبداو نهارهم دون خوف؟    وزيرة الأسرة تفتح أبواب مستقبل الأطفال... شوف التفاصيل!    كافة أسلاك التربية ينفذون الاربعاء 17 سبتمبر 2025 وقفة احتجاجية بساعتين داخل المؤسسات التربوية وأمام المندوبيات الجهوية    رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم معز الناصري رئيسا للجنة الاستئناف بالاتحاد العربي لكرة القدم    عاجل: وزارة الداخلية توقف أبرز المضاربين وتحرر محاضر عدلية..شنيا لحكاية؟!    تونس/اليابان: جناح تونس ب"إكسبو 2025 أوساكا"يستقبل أكثر من 500 ألف زائر    عاجل و مهم : ابتكار طبي جديد لعلاج الكسور في 3 دقائق    في بالك تفاحة وحدة في النهار.. تقوي قلبك وتنظّم وزنك!    بطولة العالم لألعاب القوى: مروى بوزياني تبلغ نهائي سباق 3000 متر موانع    اعتقال مديرة مكتب وزيرة إسرائيلية في فضيحة فساد ومخدرات    كأس إفريقيا للأمم لكرة اليد أكابر: المنتخب الوطني في تربص اعدادي بقرمبالية من 15 الى 19 سبتمبر    شركة نقل تونس توفّر 140 حافلة و68 عربة بالشبكة الحديدية بمناسبة العودة المدرسية..    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل المالطية    الرابطة الثانية: تعديل في برنامج مواجهات الجولة الإفتتاحية    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تطلب الحكومة بسحب تراخيص العلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني.. #خبر_عاجل    عشرات الجرحى والشهداء في غارات للجيش الصهيوني على قطاع غزة    تونس تحرز ميدالية فضية في البطولة العربية للمنتخبات لكرة الطاولة    عاجل/ وفاة عامل وإصابة آخريْن في حادث بمصنع في هذه الجهة..وهذه التفاصيل..    عاجل/ الكشف عن الأسرار المظلمة.. من وراء اغتيال الناشط الأمريكي "شارلي كيرك"؟    كفاش تتعامل العائلة مع نفسية التلميذ في أول يوم دراسة؟    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة الافتتاحية    البطولة الإسبانية : برشلونة يفوز على فالنسيا 6-صفر    سوسة: تسجيل 14 مخالفة خلال عملية مراقبة اقتصادية مشتركة    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    من حريق الأقصى إلى هجوم الدوحة.. تساؤلات حول جدوى القمم الإسلامية الطارئة    من مملكة النمل إلى هند رجب ...السينما التونسية والقضية الفلسطينية... حكاية نضال    "دار الكاملة" بالمرسى تفتح أبوابها للجمهور يومي 20 و 21 سبتمبر    سوق المحرس العتيق...نبض المدينة وروح التاريخ    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    وزارة الصحة تحذر    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اجعلوا أضحيتكم وحجكم المكرر لأهل غزة!!!:د.خالد الطراولي
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 11 - 2008


[email protected]
كتبت يوما نثرا عنونته "عذرا لا أريد أن أكتب عن غزة "...[1] كانت مرارة الحديث عن هذه المدينة الصامدة كالحنظل في الحنجرة، سقط النثر والشعر، وتعست قوافل الحروف وتعس كل خطاب إذا لم يحمل قيد أنملة من ممارسة عينية على أرض الواقع لمساندة أهلنا هناك...
أعود إلى غزة ولم تغادر مخيلتي، وإذا نسيت ذكراها لمشاغل الحياة تأتي الأخبار من هنا وهناك وتصدمك الصور الحزينة لأطفال وشيوخ وعجز، تذكرك إن كنت ناسيا، تهزك إن كنت غافلا، ترجك إن كنت جاهلا أو متجاهلا، توقظك إن كنت نائما... أن هناك قريبا من حينا، على مرمى حجر من بيتنا، يتعذب إخوة لنا، يبكي صبية لفقدان الحليب، ويتألم المرضى لعدم وجود الأدوية الكافية، ويعجز آباء على تلبية نظرات يلقيها عليهم أبناء رضع، وتبكي نسوة أو يخفين دمعاتهن حتى لا يزدن الصورة ظلاما وظلما...
صور حزينة منغصة تترك الحليم حيران وأحوال لا يستوعبها نص أو إطار...[ وأضاف والدموع تملأ عينيه "فور وصولنا للمستشفى بدأت الممرضات بتجهيز زوجتي للولادة.. الكهرباء خانتنا وانقطعت.. لحظتها شعرت بقلبي يسقط بين قدمي وروحي تخرج، زوجتي فقدت الوعي ودخلت في غيبوبة، وعمل الأطباء جاهدين على إنقاذ حياتهما، ولكن كان الوليد يعاني من الاختناق وضيق التنفس". ...وأدى الحصار إلى وفاة 260 مريضا، نصفهم أطفال؛ بسبب نفاد الأدوية ومنع نقلهم إلى المستشفيات في الخارج.] [2]
غزة تموت ولكنها لن تموت، غزة تتعذب تتألم لوحدتها لعزلتها لفقدان النصير والمعين، طوابير أمام محلات الأغذية، استعمال حبوب الحيوانات لتغذية البشر، ليال شتاء باردة تتقارب، وظلام دامس يزحف، على أصوات بكاء طفل صغير يمسك بتلابيب أمه... يريد حليبا فقط... الكهرباء تنقطع حتى يرضى الجار المغتصب للأرض والسماء، طفلة صغيرة تريد إتمام واجباتها المدرسية على نور خافت..، عيونها تؤلمها وتدمع بين الحين والآخر لقلة الضوء وظلمة المكان..، حروف أمامها تتلوى وتلتوي، تزيد نقطة أو تنقصها، تسقط حروفا وتظهر أخرى، لتكتب تارة مأساة أو مواساة، مقاومة أو مساومة، عرب أو غرب، إعدام أو إعلام، عين أو غبن، غيب أو عيب، قوافل أو نوافل، مغرب أو مشرق، إبادة أو إعادة...؟؟؟
قلت لن أكتب ولكني كتبت... لأقول للجميع اجعلوا هذا العام أضحيتكم لأهل غزة، لن نموت إذا لم نأكل اللحم، لن نسقط واجبا إذا لم يكن لدينا ما نتصدق به لإخوة لنا يكادون يموتون جوعا..، صوموا هذا العيد عن اللحم، ولعل الغاية النبيلة من هذه الأضحية والتي كثيرا ما تغيب عنا ونحن نتجمع والأهل والأقارب حول المشواة، أن الأضحية تقرب إلى الله أولا وطلب مرضاته وتراحم وتآلف وتقوى " لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ " [الحج 37]
من كان يقدر على الأضحية والصدقة بمثلها لأهل غزة فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن لم يستطع فأهلنا هناك أحوج والأضحية أنفع وأفضل، والله عالم بالنوايا والله أعلم.
أما من حج الفريضة وتعوّد على الحج نافلة كل عام، فليتخلف هذه المرة عن الداع وليجعلها صدقة لأهل غزة، كان الإمام أحمد يقول " يقول أحدهم أحجّ أحجّ, وقد حججت! صِلْ رحماً, تصدّق على مغموم, أحسن إلى جار. " وقصة عبد الله بن مبارك في هذا الشأن معروفة حيث تخلف عن الحج لما اعترضته امرأة فقيرة تلتقط الميتة من قارعة الطريق فسلمها ابن مبارك ما يملك وعاد إلى منزله فسخر الله له ملكا حج مكانه. حيث أنبأه الجميع بعدما عادوا من الحج أنهم صاحبهم في المشاعر وشكروه على عونه لهم... ولم يفهم ابن مبارك ما حدث وهو الذي لم يغادر بلدته، وفي الليل وفي أثناء نومه جاءه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأعلمه بقصة الملك الذي عوضه في الحج نتيجة كرمه وجزاء صدقته وإخلاص نيته! وإن من النوايا لما يغلب الأفعال إذا كان الصدق شعارها والعزم والإرادة إطارها...
غزة سؤال سوف يلقى على الجميع أمام التاريخ أولا وأمام الأجيال القادمة، ولكن أشده وقعا وأصعبه تجاوزا هو سؤال اللقاء الأخير يوم يجعل الولدان شيبا... فأين نحن من غزة وأين غزة منا؟ وكيف بنا وسؤال غزة لم يجد جوابا في رحلنا وترحالنا؟ وسيظل يؤرق ليلنا ويقض أيامنا لمن كان يحمل داخله نطفة من رحمة وجاء الله بقلب سليم.
هوامش
[1] موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
[2] موقع اسلام أون لاين "مستشفيات غزة تئن وتحتضر"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.