المنسق العام لمنتدى المفكرين المسلمين تعيش البحرين حالة من الفوضى والمظاهرات والشغب، والكر والفر بين المتظاهرين والسلطة، هذه الحال ليست الأولى حدوثا، ولكنها الفريدة في الحدث ومآلاته في تاريخ البحرين! لقد سبق وحدثت مشادات ومظاهر عنف، ولكنها، هذه المرة، تجري في أجواء عواصف الربيع العربي، والتدخل الإيراني السافر، وفي ظل مخططات انفضح أمرها حتى غدت متداولة بين السلطة والشعب. لكن القضية خرجت من سياقاتها الحقوقية والسياسية وتحولت (إلى)، أو تجلت اليوم، في صيغة صراع بين السنة المؤيدين للسلطة، والشيعة الممزقين بين الانتماء للعروبة والولاء لإيران. وهكذا اتفق الجميع على الحدث الاحتجاجي، لكنهم، واقعيا، اختلفوا في الأهداف والتفاصيل. من جهتنا نرى المشهد السياسي الاجتماعي شائكا وصعبا. ونظرا لتشابكه مع السياسي والطائفي والمجتمعي والأيدلوجي والإقليمي فلم يعد من السهولة تفكيك عناصر الصورة وإرجاع كل جزء إلى منظومته. فقد دخل على صورة المشهد جملة من المتغيرات، منها تدخل قوات درع الجزيرة، والتدخل الإيراني، والمجنسين من السنة والسلطة. كل هذا يزيد في تعقيد القضية وغبش الصورة، لكن ما زادها قتامة واضطرابا، تساقط الدماء وتعسف السلطة في معالجة الوضع، أملا في الحيلولة دون توسع الثورة وتمدد الثوار. إذ، منذ بدء الاحتجاجات، تميزت معالجات السلطة للحدث بشيء من الخطأ، وقد ذكرنا جانبا منه في مقالة سالفة حول موضوع البحرين وأزمته. ثم أوغلت في الخطأ متسببة بسقوط الدماء والاعتقالات، وخاصة للرموز، ولعل ما زاد المشهد بلاء هو التصدي للنساء بالقتل أو الحبس أو التعذيب وغير ذلك، مع ضعف المبادرات من قبلها، وعدم جديتها في معالجة الوضع. لا ريب أن الثورة أخطأت، في الآونة الأخيرة، في عرض مطالبها حين صعدت من حدّة خطابها من جهة، وحدّة تعاملها مع السلطة من جهة أخرى، حتى بدت، استراتيجيا، وكأنها تنتقل من سلميتها إلى عنفها عبر ما يسمى بقضية الدفاع عن المقدسات والنفس!! هذا التغيير « العنيف»، تزامن مع الانتقال في المطالب من الدعوة إلى الملكية الدستورية باتجاه الدعوة إلى تغيير النظام، وقلعه من أساسه واستبداله بالنظام الجمهوري .. انتقال، بعكس عقارب الساعة، تسبب بخلافات عميقة، أوجست منه الغالبية الساحقة من السنة في الخليج العربي خيفةً وقلقا، ورأت فيه تصعيدا خطيرا ضد السلطة، وأخطر منه على الهوية والمصير والبر العربي، وبالتالي فهو مطلب لا يمكن القبول به بأي حال. الثابت أن الحدث البحريني لا يختلف، ظاهريا، عن وقائع الربيع العربي في أكثر من بلد عربي. لكنه، بفعل تشابكاته المعقدة، التي لا تخلو من خطورة في ضوء بعض نوازعه الطائفية، الكامنة أو الظاهرة، صار مسألة بحاجة إلى تأمل أكثر، ووعي أعمق، وتحليل يغوص في الجذور .. مسألة لا بد من التوقف عندها وحلها قي صيغة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، وإلا فقد تتحول إلى بركان سياسي واجتماعي لا نظن أن أحدا يرغب فيه. 26/1/2012