السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا يفتح باب التسجيل للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج "تبنّى شاطئاً"    مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب    هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام الأسد انتهى...
المعارض السوري هيثم مناع ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 11 - 01 - 2012

شعبنا حطم الديكتاتورية.. وهذا ما يخيفني في العلاقة بين الإسلام والسياسة والثورة «نقلنا رسالة عتب للإخوة في تونس وطلبنا دعم الثورة وتوحيد النضال عوض الاعتراف بطرف على حساب الآخر» بعد أقل من أسبوعين على عقد المجلس الوطني السوري المعارض بقيادة برهان غليون مؤتمره في تونس في خضم مبادرة الجامعة العربية وإعلان مهمة بعثة المراقبين العرب إلى سوريا جاء دور المعارض والناشط الحقوقي السوري هيثم مناع الذي زار تونس ضمن وفد لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطنية التي يرأسها في خارج البلاد وضم الوفد خمسة قياديين من الداخل.
وهيئة التنسيق الوطنية، أومعارضة الداخل كما يطلق عليها عادة، تضم أهم التنظيمات السياسية المعارضة الممنوعة داخل البلاد والناشطة في الثورة (ستة عشر حزبا من اليسار والوسط) وأكثر من مائتي شخصية عامة وسياسية وثقافية وفنية معروفة.
غادر مناع تونس مساء الاحد الماضي في أعقاب زيارة لم تحظ بتغطية اعلامية تذكر استمرت ثلاثة أيام. كان الناشط السوري، اخصائي الطب النفسي يقيم وزملاؤه خلالها في فندق متواضع بقلب العاصمة (فاتورة الفندق الجماعية بلغت 502 دينارا تونسيا أي قرابة 265 أورو لكل أعضاء الوفد لكامل إقامتهم كما اخبرنا). وقد أجرى هيثم مناع اصيل درعا لقاءات مع ممثلي الأحزاب بالاضافة الى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ووزير الخارجية رفيق عبد السلام في محاولة لمراجعة الموقف ازاء المعارضة السورية. و قد اعتبر في حديث خص به «الصباح» أن نظام الأسد قد انتهى وشدد على رفضه تدويل الأزمة في سوريا، رافضا كل تدخل أجنبي عسكري، موضحا أن الشعب السوري يحتاج الى انتساب ودعم مختلف قوى المجتمع المدني والسياسي والاجتماعي لإنجاح الثورة السورية ولا يحتاج إلى تدخل عسكري أجنبي.. يذكر ان هيثم مناع (العودات) وهو مفكر عربي وناشط حقوقي ورئيس المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية في العالم ورئيس المعهد الأسكندنافي لحقوق الانسان، سليل أسرة سياسية معارضة طويلة العهد بالنضال والسجن والمنفى، اتخذ اسم مناع تخليدا لذكرى زوجته الأولى (منى) التي فقدها في حادث اجتماعي بعد خمسة أيام على زواجهما. ويعد هيثم مناع أحد أبرز الناشطين الحقوقيين العرب وهو المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان وهو أحد مؤسسيها مع منصف المرزوقي وفيوليت داغر ومحمد حافظ يعقوب وناصر الغزالي والفقيدين محمد السيد سعيد ومحمود الخليلي في 1998، وهو عضو في مجلس إدارة ومجلس أمناء قرابة 130 منظمة غير حكومية وشغل مناصب عربية ودولية قيادية في المنظمات غير الحكومية ورفض أي منصب حكومي، بما في ذلك ترشيحه لتشكيل حكومة إنقاذ وطنية قبل شهرين. ظل طوال ربع قرن يعيش خارج سوريا فقد منذ بداية الثورة والده وعشرة من عشيرته وشقيقه المهندس معن العودات الذي اغتيل في الثامن من أوت في مدينة درعا أثناء تشييع شهيد آخر.
اعتبر هيثم مناع أن نظام الاسد قد انتهى «الله يرحمو» وقال هذا سيحدث بأيدينا أو بأيدي غيرنا، ليس مهما كم سيستغرق ذلك من الوقت ولكن لا نريد أن يحصل في سوريا ما حصل في ليبيا: نحن طبعا ضد التدخل الخارجي ونقول لا للتدخل الخارجي, أوكامبو اعلمني أن ما حدث في ليبيا اوقع 52 ألف قتيل و300 الف جريح والثمن السوري لن يكون أقل من ذلك!!
وفيما يلي نص الحديث...

حوار آسيا العتروس

بعد أقل من أسبوعين على مؤتمر المجلس الوطني السوري في تونس بزعامة برهان غليون الذي غبت عنه، ما الذي يسعى هيثم مناع لتحقيقه في تونس وماذا وراء هذه الزيارة وهل التقيت الرئيس المؤقت وهو صديقك ورفيقك في النضال الحقوقي في المنفى؟

فعلا أجرينا، كوفد رسمي لهيئة التنسيق الوطنية عددا من اللقاءات مع ممثلي الاحزاب السياسية والتقينا وزير الخارجية كما التقينا الرئيس التونسي. لقد نقلنا لكل من التقينا به صورة عن أوضاع الثورة السورية بعد عشرة أشهر من النضال في ظروف التوحش الأمني العسكري لوقف الحراك المدني الاجتماعي السلمي، وتحدثنا في احتمالات التغيير بالقوى الداخلية وإمكانات الشعب الذاتية التي أظهرتها المعجزة السورية صمودا وتضحية وابتكارات خلاقة في وسائل النضال. وتحدثنا عن مؤسسات الدولة والاصطفافات في المجتمع الإداري والعسكري السوري.

ألم تتطرقوا لمؤتمر المجلس السوري وانعقاده في تونس؟

جرى الحديث بالطبع في هذا الموضوع، وقد أوصلنا رسالة عتبى وحيدة للثورة والمجتمع والدولة. وقلنا للأصدقاء في تونس أن من ناضل منذ 1973 ضد المادة الثامنة للدستور الأسدي التي تقول بأن حزب البعث هو القائد للثورة والمجتمع لا يمكن أن يقبل بسقوط بعض حديثي العهد بالنضال في منطق السلطة التسلطية نفسه. وأن مهمة الأخوة في تونس دعم الثورة والإسهام في توحيد نضال وأداء وهياكل فصائلها المختلفة عوضا عن الاعتراف بطرف على حساب بقية الأطراف. كذلك البحث عن وسائل عملية لدعم خطة العمل العربية لأنها وإن لم تكن مثالية، لكنها أقل السيناريوهات سوءا.

وما هو سبب الخلاف بينكم وبين غليون والمجلس؟

لم يكن هناك أي خلاف بيني وبين غليون وفي اجتماع الدوحة كنا في صف واحد يطالب بتشكيل الائتلاف الوطني السوري كصيغة توحيدية للمعارضة السورية، هذه الصيغة التي أجهضت كما أجهض اتفاق نهاية العام، إلى أن عقد اجتماع برلين الأخير. كان الدكتور برهان غليون قد وعد بحضور اجتماع برلين ل«هيئة التنسيق الوطنية» في المهجر، وكان زميل لنا في انتظاره في المطار. وإذا به يغيّر مساره باتجاه إسطنبول، من دون أي اعتذار أوتفسير أو إشعار. ومنذ ذلك اليوم، لم أتحدث معه ولم يتحدث معي حتى اجتمعنا في القاهرة في ظل مباحثات وثيقة العمل المشترك في نهاية ديسمبر. وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى شرح وتفسيرمن الدكتور غليون، وحتى اليوم لا أعرف الظروف التي جعلت برهان غليون يقدّم ما قدم من تنازلات للتيار اليميني الديني واليمين المحافظ في الدور والعدد في المجلس الذي التحق به. لقد كنت دائما محامي الحركة الإسلامية السياسية في حركة حقوق الإنسان وأول من وقع ثيقة مع الإسلاميين في سوريا بعد مجزرة حماة. لكن وثيقة جمهورية وديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار أن سوريا دولة تضم 26 مذهباً وطائفة وقومية، أي دولة لا يمكن تناول العلاقة بين الدين والدولة فيها بخفة وسطحية وأطروحات إيديولوجية إسلامية كالتي ينتجها الجراد الأسود. الثورة السورية الكبرى، سنة 1925، قامت على أساس أن «الدين لله والوطن للجميع».
واليوم، في غياب دور فاعل للأقليات، نحتاج إلى خطاب مدني يعطي الثقة لتلك الأقليات بأن سوريا ستكون بكل ولكل أبنائها أو لن تكون، وأن الحركة الإسلامية السياسية جزء من عملية الوعي المواطني والوطني والجماعي في البلاد. التجربة الإسلامية السورية تحمل قروحا وجروحا وإحباطات كثيرة، نتذكر جبهة الخلاص مع عبد الحليم خدام ثم تجميد المعارضة للنظام، ليس سرا ولادة ما أسماه سيد قطب قبل خمسين عاما بالإسلام الأمريكاني في صفوف الإسلاميين السوريين. هذه مسائل تؤثر على سياسة وخيارات وتحالفات الثورة والثوار. ولا يكفي دعم دول إقليمية وغربية لتوجهات كهذه ضمان انتساب أغلبية شعبية لها. ليس بالإمكان أن ننتصر بدون المدينة والمدنية والأقلية، هذه أمور تغيب عن خطاب المتطرفين وتحتاج لحكمة المثقفين الملتزمين وصدقهم وشفافيتهم في الأداء والخطاب.

أصوات الغرب ما انفكت تطالب الرئيس السوري بالرحيل هل تعتقد ان لها وقعا لدى النظام السوري؟

كل المطالبات الغربية بالرحيل تعطينا سعادة التضامن مع مطلب الشعب ولكنها لا تتعدى الخطابات والعقوبات. والخطاب مللناه والعقوبات إن لم تكن مشخصة للحاكم ينال المحكوم فيها نصيبا. لا يمكن لمن حرق كل الأشرعة مع السلطة أن يؤثرفي قرارها.
وفي اعتقادي أن روسيا والصين يمكنهما مطالبة السلطات السورية برحيل الأسد وكذلك ايران، وبإمكان تركيا أيضا عبر علاقاتها الثنائية شرقا لعب دور ما. لقد كلفتني هيئة التنسيق الوطنية بإسماع صوت الشعب والثورة للعالم، وأعيش منذ أشهر في الطائرة، كنت في بلجيكا الأسبوع الماضي والتقيت خلال المدة الماضية بنحو سبعة وزراء خارجية أوروبيين وعرب..

هل التقيت آلان جوبيه وزير الخاريجة الفرنسية؟

لم ألتق جوبيه، وأعتقد أن العلاقة بين فرنسا والنظام السوري تقوم على المزاج الاستعماري القديم والعلاقات الشخصية وملفات مثل قضية الحريري وغير ذلك من المعقدات، لذا لا يمكن لفرنسا، دون تغيير في المنطلقات، القيام بدور موضوعي وفعال. لكن علاقتنا مع اليسار الفرنسي ممتازة.

لماذا تعارض المجلس الوطني السوري؟

المجلس في تكوينه وفي ارتباطاته وفي تمويله تكوين غير ديمقراطي وغير شفاف والشفافية يمكن أن تفجره في ليلة وضحاها. لقد رفضت الانضمام لمنظمات حقوقية لأنها غير شفافة فلماذا أدخل تنظيما سياسيا غير واضح المعالم. للمجلس وظيفة، وكل طرف فيه أوحوله أو ممول له يقرأ هذه الوظيفة على طريقته ووفق حساباته. عندما يدافع مؤسسو المجلس عن أطروحات كوشنر وبرنار هنري ليفي في الكوريدور الإنساني ومناطق العزل ويتناغم الإعلام الخليجي معهم لتوجيه الشبيبة الثائرة للدفاع عن أطروحات استجلاب التدخل العسكري أشعر بالخطر على بلادي من الحربين الأهلية والإقليمية التي ستمزق سوريا. مشكلة المجلس أنه كما يقول مناضل أردني كبير يشبه وليمة الشحاذين. لا يمكن التعامل بخفة مع استقلال القرار السياسي لهيكل سياسي ثوري خاصة بعد التجربة العراقية. الشعب السوري حطم الدكتاتورية في الرؤوس والعقول وقادر على إكمال طريقه بقواه الذاتية لاستكمال انتصاره، ولن نعطي تضحياته هدية لأيّ طامع.

وأي مستقبل لنظام الأسد؟

نظام الأسد قد انتهى «الله يرحمو» وهذا سيحدث بأيدينا أو بأيدي غيرنا، ليس مهما كم سيستغرق ذلك من الوقت، ونريد إكمال الطريق دون تدخل عسكري خارجي يدعي بأنه يحمل رونق بابا نويل ومخمل جمعية خيرية! لا نريد أن يحصل في سوريا ما حصل في ليبيا: سنبقى ضد التدخل الخارجي ونقول لا للتدخل الخارجي, أوكامبو اعلمني أن ما حدث في ليبيا اوقع 52 ألف قتيل و300 الف جريح والثمن السوري لن يكون أقل من ذلك!

كيف تنظرون الى المشهد الراهن في سوريا وما هي تداعيات الانفجار الذي استهدف ساحة الميدان قبل أيام؟

سأعود الى ما حدث قبل هذا الانفجار. في منطقة حرستا في ريف دمشق استهدف انفجار آخر مركزا للمخابرات الجوية ذهب ضحيته جنود وعدد من المدنيين المارة. يومها أعلن «الجيش الحر تبني العملية» وبرر ذلك بأن المركز يتم فيه تعذيب الثوار. بعد ذلك بخمسة وعشرين يوما وقع انفجاران بالعاصمة لم يتبنّهما «الجيش الحر» ونسب للقاعدة. لقد صرحت عند الانفجار الأول بأن الدخول في هذا النفق الانفجاري سينعكس سلبا على الثورة وحذرت بالقول إذا استمرت ظاهرة التفجيرات فان ذلك سيؤدي حتما للقضاء على الثورة لان المتظاهرين لن يخرجوا الى الشارع اذا عرفوا بتلك الانفجارات والعمليات المسلحة. من البديهي أن المستفيد الأول من الانفجار هم أنصار الحل الأمني العسكري الذين يقولون أن هذا الحل ضرورة وليس جريمة. لهذا فالسلطة برأيي تقوم بانفجارات وتنسبها للمعارضة منذ طرح البعض قضية التسلح وتهاون مع مظاهرها المختلفة. قبل ذلك، حتى الرصاص لم يخف الناس واستمروا في التظاهر، أما السيارات المفخخة فستوجه لنا ضربة قاضية. لذا يجب اتخاذ موقف صارم من عسكرة الثورة وعدم الشعور بأن عملية اغتيال هنا أو تفجير هناك يمكن أن تكون مفيدة لمستقبل الثورة.
أما بالنسبة للجيش الحرّ، لست ممن يثق بالتكوينات التابعة. ولا أعتقد أن أوغلو أو أردوغان يمكن أن يقبلا بوجود جيش غير تركي على أراضيهما خارج عن سيطرة الجيش والمخابرات العسكرية التركية.

وماذا عن مستقبل سوريا بعد عشرة أشهر من اندلاع الانتفاضة؟

إذا لم نسقط في الحرب الاهلية واذا نجحنا في منع التدخل الخارجي فان النظام لن يفلح ولن يبقى، واذا حدث عكس ذلك، فنحن نطيل عمر النظام سواء بالتدويل أو بالعنف. فكلما انتشر العنف في مجتمع طال عمر السلطة المتسلطة فيه. حتى اليوم، الأغلبية على المدرجات تنظر للصراع بين الثوار وأجهزة السلطة. حلب فيها ستة ملايين ساكن ودمشق أربعة ملايين. لا بد للذين يجلسون على المدارج من اختيار معسكرهم، الأمرالذي يحتاج عناصر جذب للمشروع الثوري تتمثل بمدنيته وديمقراطيته وسلميته وحمله لمشروع ثقافي وحضاري كبير. التراجع عن قيم الثورة يسمح للسلط السورية بالسير في طريق «الجزأرة»، بمعنى أن تتسلح أطراف من الثورة فيخاف الناس النزول الى الشارع ويكثر المتفرجون وتتمكن الأجهزة من النيل من الأطراف المسلحة التي تحاربها.

ماذا قدم هيثم مناع في الشهر الماضي وماذا قدمت المعارضة لسوريا يوم تمزق الاتفاق؟

أحاول فعل وتقديم ما أستطيع، حتى أقول بضمير مرتاح لحظة فراق هذه الدنيا لقد بذلت ما أستطيع. قبلت بما لم أقبل به في حياتي في الحوار من أجل الوحدة، كنت مع زملاء رائعين نحاور أحيانا متدربين سياسيين. تحاورنا مع الجميع طوال شهر ونصف وتوصلنا لوثيقة القاهرة، لكن نفس الذين أحبطوا لقاءات توحيدية قبل ذلك عادوا وضربوا هذا الاتفاق. وسنعاود الكرة بصبر أيوب.

وما هي البدائل المطروحة لدى المعارضة؟

أقول ان الثورة ستنتصر بقيم الثورة، أي بوصفها ثورة أهل المواطنة، ثورة المقاومة ضد الاستبداد الداخلي والاستعباد الخارجي، وليس حركة طائفية أو مذهبية أو تحركا لثوار حسب الطلب. عندما تتعمق هذه المعطيات عند كل الأطراف السياسية المناهضة للدكتاتورية نستطيع القول بأن حقبة ما بعد الدكتاتورية قد بدأت. لدينا مشاكل ذاتية وموضوعية، وليست كل الأوراق بيدنا. فقد وضع رجال أعمال ودول أصابعهم في الصحن.
وللأسف نحن نعيش حالة تدنيس معممة للوعي عبر الفضائيات الخليجية، عندما تنقل «الجزيرة مباشر» مظاهرة مذهبية في لبنان من عشرين متظاهرا ضد العلويين والشيعة في سوريا لأكثرمن ساعة وهم يهتفون السنة هم أهل الجنة والعلوية على جهنم العالم أو مشهد أب يصرخ في طفله الشهيد, هذا طفل سني، فهي تشوه الصورة وتوجه الوعي العام نحو الطائفية مع كل نتائجها المدمرة في سوريا. هذا التوجيه الاعلامي يعزز صورة طائفية غير صحيحة للثورة السورية ويرعب الأقليات.

هل يشغلكم صعود الإسلاميين في دول الربيع العربي وهل تتوقعون تكرار المشهد في سوريا؟

سوريا بلد فيه 30 بالمائة من غير السنة وعشرة بالمائة من الشعب الكردي ويصعب حكمه من أي تيار إيديولوجي في وضع ديمقراطي طبيعي. بالنسبة للحركة الإسلامية السياسية، لا يوجد إسلام سياسي واحد، ثمة فارق كبير بين الإسلام الأمريكاني والإسلام الرباني كما يقول سيد قطب، كذلك هناك تيار ديمقراطي متقدم في الحركة الإسلامية السياسية وتيار ظلامي مخيف. هناك ثلاثة عناصر تخيفني في العلاقة بين الإسلام والسياسة والثورة.
الأول محاولة توظيف الدين في الكسب الحزبي السريع والاستفادة من ظاهرة «الدين العام» وهي بالمناسبة ظاهرة عالمية وليس فقط إسلامية، في استراتيجيات سلطة وتكتيكات سياسية سريعة وآنية تغيّب عن المشروع السياسي أبعاده الأخلاقية والتحررية والحضارية والإنسانية.
الثاني يتعلق بالمال السياسي الخليجي وآثاره المدمرة للمدنية، أي للتبرع والتطوع والمشاركة والشفافية. وأخيرا وليس آخرا، صيرورة السلطة غاية في ذاتها ومن أجل ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.