بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام الأسد انتهى...
المعارض السوري هيثم مناع ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 11 - 01 - 2012

شعبنا حطم الديكتاتورية.. وهذا ما يخيفني في العلاقة بين الإسلام والسياسة والثورة «نقلنا رسالة عتب للإخوة في تونس وطلبنا دعم الثورة وتوحيد النضال عوض الاعتراف بطرف على حساب الآخر» بعد أقل من أسبوعين على عقد المجلس الوطني السوري المعارض بقيادة برهان غليون مؤتمره في تونس في خضم مبادرة الجامعة العربية وإعلان مهمة بعثة المراقبين العرب إلى سوريا جاء دور المعارض والناشط الحقوقي السوري هيثم مناع الذي زار تونس ضمن وفد لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطنية التي يرأسها في خارج البلاد وضم الوفد خمسة قياديين من الداخل.
وهيئة التنسيق الوطنية، أومعارضة الداخل كما يطلق عليها عادة، تضم أهم التنظيمات السياسية المعارضة الممنوعة داخل البلاد والناشطة في الثورة (ستة عشر حزبا من اليسار والوسط) وأكثر من مائتي شخصية عامة وسياسية وثقافية وفنية معروفة.
غادر مناع تونس مساء الاحد الماضي في أعقاب زيارة لم تحظ بتغطية اعلامية تذكر استمرت ثلاثة أيام. كان الناشط السوري، اخصائي الطب النفسي يقيم وزملاؤه خلالها في فندق متواضع بقلب العاصمة (فاتورة الفندق الجماعية بلغت 502 دينارا تونسيا أي قرابة 265 أورو لكل أعضاء الوفد لكامل إقامتهم كما اخبرنا). وقد أجرى هيثم مناع اصيل درعا لقاءات مع ممثلي الأحزاب بالاضافة الى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ووزير الخارجية رفيق عبد السلام في محاولة لمراجعة الموقف ازاء المعارضة السورية. و قد اعتبر في حديث خص به «الصباح» أن نظام الأسد قد انتهى وشدد على رفضه تدويل الأزمة في سوريا، رافضا كل تدخل أجنبي عسكري، موضحا أن الشعب السوري يحتاج الى انتساب ودعم مختلف قوى المجتمع المدني والسياسي والاجتماعي لإنجاح الثورة السورية ولا يحتاج إلى تدخل عسكري أجنبي.. يذكر ان هيثم مناع (العودات) وهو مفكر عربي وناشط حقوقي ورئيس المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية في العالم ورئيس المعهد الأسكندنافي لحقوق الانسان، سليل أسرة سياسية معارضة طويلة العهد بالنضال والسجن والمنفى، اتخذ اسم مناع تخليدا لذكرى زوجته الأولى (منى) التي فقدها في حادث اجتماعي بعد خمسة أيام على زواجهما. ويعد هيثم مناع أحد أبرز الناشطين الحقوقيين العرب وهو المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان وهو أحد مؤسسيها مع منصف المرزوقي وفيوليت داغر ومحمد حافظ يعقوب وناصر الغزالي والفقيدين محمد السيد سعيد ومحمود الخليلي في 1998، وهو عضو في مجلس إدارة ومجلس أمناء قرابة 130 منظمة غير حكومية وشغل مناصب عربية ودولية قيادية في المنظمات غير الحكومية ورفض أي منصب حكومي، بما في ذلك ترشيحه لتشكيل حكومة إنقاذ وطنية قبل شهرين. ظل طوال ربع قرن يعيش خارج سوريا فقد منذ بداية الثورة والده وعشرة من عشيرته وشقيقه المهندس معن العودات الذي اغتيل في الثامن من أوت في مدينة درعا أثناء تشييع شهيد آخر.
اعتبر هيثم مناع أن نظام الاسد قد انتهى «الله يرحمو» وقال هذا سيحدث بأيدينا أو بأيدي غيرنا، ليس مهما كم سيستغرق ذلك من الوقت ولكن لا نريد أن يحصل في سوريا ما حصل في ليبيا: نحن طبعا ضد التدخل الخارجي ونقول لا للتدخل الخارجي, أوكامبو اعلمني أن ما حدث في ليبيا اوقع 52 ألف قتيل و300 الف جريح والثمن السوري لن يكون أقل من ذلك!!
وفيما يلي نص الحديث...

حوار آسيا العتروس

بعد أقل من أسبوعين على مؤتمر المجلس الوطني السوري في تونس بزعامة برهان غليون الذي غبت عنه، ما الذي يسعى هيثم مناع لتحقيقه في تونس وماذا وراء هذه الزيارة وهل التقيت الرئيس المؤقت وهو صديقك ورفيقك في النضال الحقوقي في المنفى؟

فعلا أجرينا، كوفد رسمي لهيئة التنسيق الوطنية عددا من اللقاءات مع ممثلي الاحزاب السياسية والتقينا وزير الخارجية كما التقينا الرئيس التونسي. لقد نقلنا لكل من التقينا به صورة عن أوضاع الثورة السورية بعد عشرة أشهر من النضال في ظروف التوحش الأمني العسكري لوقف الحراك المدني الاجتماعي السلمي، وتحدثنا في احتمالات التغيير بالقوى الداخلية وإمكانات الشعب الذاتية التي أظهرتها المعجزة السورية صمودا وتضحية وابتكارات خلاقة في وسائل النضال. وتحدثنا عن مؤسسات الدولة والاصطفافات في المجتمع الإداري والعسكري السوري.

ألم تتطرقوا لمؤتمر المجلس السوري وانعقاده في تونس؟

جرى الحديث بالطبع في هذا الموضوع، وقد أوصلنا رسالة عتبى وحيدة للثورة والمجتمع والدولة. وقلنا للأصدقاء في تونس أن من ناضل منذ 1973 ضد المادة الثامنة للدستور الأسدي التي تقول بأن حزب البعث هو القائد للثورة والمجتمع لا يمكن أن يقبل بسقوط بعض حديثي العهد بالنضال في منطق السلطة التسلطية نفسه. وأن مهمة الأخوة في تونس دعم الثورة والإسهام في توحيد نضال وأداء وهياكل فصائلها المختلفة عوضا عن الاعتراف بطرف على حساب بقية الأطراف. كذلك البحث عن وسائل عملية لدعم خطة العمل العربية لأنها وإن لم تكن مثالية، لكنها أقل السيناريوهات سوءا.

وما هو سبب الخلاف بينكم وبين غليون والمجلس؟

لم يكن هناك أي خلاف بيني وبين غليون وفي اجتماع الدوحة كنا في صف واحد يطالب بتشكيل الائتلاف الوطني السوري كصيغة توحيدية للمعارضة السورية، هذه الصيغة التي أجهضت كما أجهض اتفاق نهاية العام، إلى أن عقد اجتماع برلين الأخير. كان الدكتور برهان غليون قد وعد بحضور اجتماع برلين ل«هيئة التنسيق الوطنية» في المهجر، وكان زميل لنا في انتظاره في المطار. وإذا به يغيّر مساره باتجاه إسطنبول، من دون أي اعتذار أوتفسير أو إشعار. ومنذ ذلك اليوم، لم أتحدث معه ولم يتحدث معي حتى اجتمعنا في القاهرة في ظل مباحثات وثيقة العمل المشترك في نهاية ديسمبر. وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى شرح وتفسيرمن الدكتور غليون، وحتى اليوم لا أعرف الظروف التي جعلت برهان غليون يقدّم ما قدم من تنازلات للتيار اليميني الديني واليمين المحافظ في الدور والعدد في المجلس الذي التحق به. لقد كنت دائما محامي الحركة الإسلامية السياسية في حركة حقوق الإنسان وأول من وقع ثيقة مع الإسلاميين في سوريا بعد مجزرة حماة. لكن وثيقة جمهورية وديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار أن سوريا دولة تضم 26 مذهباً وطائفة وقومية، أي دولة لا يمكن تناول العلاقة بين الدين والدولة فيها بخفة وسطحية وأطروحات إيديولوجية إسلامية كالتي ينتجها الجراد الأسود. الثورة السورية الكبرى، سنة 1925، قامت على أساس أن «الدين لله والوطن للجميع».
واليوم، في غياب دور فاعل للأقليات، نحتاج إلى خطاب مدني يعطي الثقة لتلك الأقليات بأن سوريا ستكون بكل ولكل أبنائها أو لن تكون، وأن الحركة الإسلامية السياسية جزء من عملية الوعي المواطني والوطني والجماعي في البلاد. التجربة الإسلامية السورية تحمل قروحا وجروحا وإحباطات كثيرة، نتذكر جبهة الخلاص مع عبد الحليم خدام ثم تجميد المعارضة للنظام، ليس سرا ولادة ما أسماه سيد قطب قبل خمسين عاما بالإسلام الأمريكاني في صفوف الإسلاميين السوريين. هذه مسائل تؤثر على سياسة وخيارات وتحالفات الثورة والثوار. ولا يكفي دعم دول إقليمية وغربية لتوجهات كهذه ضمان انتساب أغلبية شعبية لها. ليس بالإمكان أن ننتصر بدون المدينة والمدنية والأقلية، هذه أمور تغيب عن خطاب المتطرفين وتحتاج لحكمة المثقفين الملتزمين وصدقهم وشفافيتهم في الأداء والخطاب.

أصوات الغرب ما انفكت تطالب الرئيس السوري بالرحيل هل تعتقد ان لها وقعا لدى النظام السوري؟

كل المطالبات الغربية بالرحيل تعطينا سعادة التضامن مع مطلب الشعب ولكنها لا تتعدى الخطابات والعقوبات. والخطاب مللناه والعقوبات إن لم تكن مشخصة للحاكم ينال المحكوم فيها نصيبا. لا يمكن لمن حرق كل الأشرعة مع السلطة أن يؤثرفي قرارها.
وفي اعتقادي أن روسيا والصين يمكنهما مطالبة السلطات السورية برحيل الأسد وكذلك ايران، وبإمكان تركيا أيضا عبر علاقاتها الثنائية شرقا لعب دور ما. لقد كلفتني هيئة التنسيق الوطنية بإسماع صوت الشعب والثورة للعالم، وأعيش منذ أشهر في الطائرة، كنت في بلجيكا الأسبوع الماضي والتقيت خلال المدة الماضية بنحو سبعة وزراء خارجية أوروبيين وعرب..

هل التقيت آلان جوبيه وزير الخاريجة الفرنسية؟

لم ألتق جوبيه، وأعتقد أن العلاقة بين فرنسا والنظام السوري تقوم على المزاج الاستعماري القديم والعلاقات الشخصية وملفات مثل قضية الحريري وغير ذلك من المعقدات، لذا لا يمكن لفرنسا، دون تغيير في المنطلقات، القيام بدور موضوعي وفعال. لكن علاقتنا مع اليسار الفرنسي ممتازة.

لماذا تعارض المجلس الوطني السوري؟

المجلس في تكوينه وفي ارتباطاته وفي تمويله تكوين غير ديمقراطي وغير شفاف والشفافية يمكن أن تفجره في ليلة وضحاها. لقد رفضت الانضمام لمنظمات حقوقية لأنها غير شفافة فلماذا أدخل تنظيما سياسيا غير واضح المعالم. للمجلس وظيفة، وكل طرف فيه أوحوله أو ممول له يقرأ هذه الوظيفة على طريقته ووفق حساباته. عندما يدافع مؤسسو المجلس عن أطروحات كوشنر وبرنار هنري ليفي في الكوريدور الإنساني ومناطق العزل ويتناغم الإعلام الخليجي معهم لتوجيه الشبيبة الثائرة للدفاع عن أطروحات استجلاب التدخل العسكري أشعر بالخطر على بلادي من الحربين الأهلية والإقليمية التي ستمزق سوريا. مشكلة المجلس أنه كما يقول مناضل أردني كبير يشبه وليمة الشحاذين. لا يمكن التعامل بخفة مع استقلال القرار السياسي لهيكل سياسي ثوري خاصة بعد التجربة العراقية. الشعب السوري حطم الدكتاتورية في الرؤوس والعقول وقادر على إكمال طريقه بقواه الذاتية لاستكمال انتصاره، ولن نعطي تضحياته هدية لأيّ طامع.

وأي مستقبل لنظام الأسد؟

نظام الأسد قد انتهى «الله يرحمو» وهذا سيحدث بأيدينا أو بأيدي غيرنا، ليس مهما كم سيستغرق ذلك من الوقت، ونريد إكمال الطريق دون تدخل عسكري خارجي يدعي بأنه يحمل رونق بابا نويل ومخمل جمعية خيرية! لا نريد أن يحصل في سوريا ما حصل في ليبيا: سنبقى ضد التدخل الخارجي ونقول لا للتدخل الخارجي, أوكامبو اعلمني أن ما حدث في ليبيا اوقع 52 ألف قتيل و300 الف جريح والثمن السوري لن يكون أقل من ذلك!

كيف تنظرون الى المشهد الراهن في سوريا وما هي تداعيات الانفجار الذي استهدف ساحة الميدان قبل أيام؟

سأعود الى ما حدث قبل هذا الانفجار. في منطقة حرستا في ريف دمشق استهدف انفجار آخر مركزا للمخابرات الجوية ذهب ضحيته جنود وعدد من المدنيين المارة. يومها أعلن «الجيش الحر تبني العملية» وبرر ذلك بأن المركز يتم فيه تعذيب الثوار. بعد ذلك بخمسة وعشرين يوما وقع انفجاران بالعاصمة لم يتبنّهما «الجيش الحر» ونسب للقاعدة. لقد صرحت عند الانفجار الأول بأن الدخول في هذا النفق الانفجاري سينعكس سلبا على الثورة وحذرت بالقول إذا استمرت ظاهرة التفجيرات فان ذلك سيؤدي حتما للقضاء على الثورة لان المتظاهرين لن يخرجوا الى الشارع اذا عرفوا بتلك الانفجارات والعمليات المسلحة. من البديهي أن المستفيد الأول من الانفجار هم أنصار الحل الأمني العسكري الذين يقولون أن هذا الحل ضرورة وليس جريمة. لهذا فالسلطة برأيي تقوم بانفجارات وتنسبها للمعارضة منذ طرح البعض قضية التسلح وتهاون مع مظاهرها المختلفة. قبل ذلك، حتى الرصاص لم يخف الناس واستمروا في التظاهر، أما السيارات المفخخة فستوجه لنا ضربة قاضية. لذا يجب اتخاذ موقف صارم من عسكرة الثورة وعدم الشعور بأن عملية اغتيال هنا أو تفجير هناك يمكن أن تكون مفيدة لمستقبل الثورة.
أما بالنسبة للجيش الحرّ، لست ممن يثق بالتكوينات التابعة. ولا أعتقد أن أوغلو أو أردوغان يمكن أن يقبلا بوجود جيش غير تركي على أراضيهما خارج عن سيطرة الجيش والمخابرات العسكرية التركية.

وماذا عن مستقبل سوريا بعد عشرة أشهر من اندلاع الانتفاضة؟

إذا لم نسقط في الحرب الاهلية واذا نجحنا في منع التدخل الخارجي فان النظام لن يفلح ولن يبقى، واذا حدث عكس ذلك، فنحن نطيل عمر النظام سواء بالتدويل أو بالعنف. فكلما انتشر العنف في مجتمع طال عمر السلطة المتسلطة فيه. حتى اليوم، الأغلبية على المدرجات تنظر للصراع بين الثوار وأجهزة السلطة. حلب فيها ستة ملايين ساكن ودمشق أربعة ملايين. لا بد للذين يجلسون على المدارج من اختيار معسكرهم، الأمرالذي يحتاج عناصر جذب للمشروع الثوري تتمثل بمدنيته وديمقراطيته وسلميته وحمله لمشروع ثقافي وحضاري كبير. التراجع عن قيم الثورة يسمح للسلط السورية بالسير في طريق «الجزأرة»، بمعنى أن تتسلح أطراف من الثورة فيخاف الناس النزول الى الشارع ويكثر المتفرجون وتتمكن الأجهزة من النيل من الأطراف المسلحة التي تحاربها.

ماذا قدم هيثم مناع في الشهر الماضي وماذا قدمت المعارضة لسوريا يوم تمزق الاتفاق؟

أحاول فعل وتقديم ما أستطيع، حتى أقول بضمير مرتاح لحظة فراق هذه الدنيا لقد بذلت ما أستطيع. قبلت بما لم أقبل به في حياتي في الحوار من أجل الوحدة، كنت مع زملاء رائعين نحاور أحيانا متدربين سياسيين. تحاورنا مع الجميع طوال شهر ونصف وتوصلنا لوثيقة القاهرة، لكن نفس الذين أحبطوا لقاءات توحيدية قبل ذلك عادوا وضربوا هذا الاتفاق. وسنعاود الكرة بصبر أيوب.

وما هي البدائل المطروحة لدى المعارضة؟

أقول ان الثورة ستنتصر بقيم الثورة، أي بوصفها ثورة أهل المواطنة، ثورة المقاومة ضد الاستبداد الداخلي والاستعباد الخارجي، وليس حركة طائفية أو مذهبية أو تحركا لثوار حسب الطلب. عندما تتعمق هذه المعطيات عند كل الأطراف السياسية المناهضة للدكتاتورية نستطيع القول بأن حقبة ما بعد الدكتاتورية قد بدأت. لدينا مشاكل ذاتية وموضوعية، وليست كل الأوراق بيدنا. فقد وضع رجال أعمال ودول أصابعهم في الصحن.
وللأسف نحن نعيش حالة تدنيس معممة للوعي عبر الفضائيات الخليجية، عندما تنقل «الجزيرة مباشر» مظاهرة مذهبية في لبنان من عشرين متظاهرا ضد العلويين والشيعة في سوريا لأكثرمن ساعة وهم يهتفون السنة هم أهل الجنة والعلوية على جهنم العالم أو مشهد أب يصرخ في طفله الشهيد, هذا طفل سني، فهي تشوه الصورة وتوجه الوعي العام نحو الطائفية مع كل نتائجها المدمرة في سوريا. هذا التوجيه الاعلامي يعزز صورة طائفية غير صحيحة للثورة السورية ويرعب الأقليات.

هل يشغلكم صعود الإسلاميين في دول الربيع العربي وهل تتوقعون تكرار المشهد في سوريا؟

سوريا بلد فيه 30 بالمائة من غير السنة وعشرة بالمائة من الشعب الكردي ويصعب حكمه من أي تيار إيديولوجي في وضع ديمقراطي طبيعي. بالنسبة للحركة الإسلامية السياسية، لا يوجد إسلام سياسي واحد، ثمة فارق كبير بين الإسلام الأمريكاني والإسلام الرباني كما يقول سيد قطب، كذلك هناك تيار ديمقراطي متقدم في الحركة الإسلامية السياسية وتيار ظلامي مخيف. هناك ثلاثة عناصر تخيفني في العلاقة بين الإسلام والسياسة والثورة.
الأول محاولة توظيف الدين في الكسب الحزبي السريع والاستفادة من ظاهرة «الدين العام» وهي بالمناسبة ظاهرة عالمية وليس فقط إسلامية، في استراتيجيات سلطة وتكتيكات سياسية سريعة وآنية تغيّب عن المشروع السياسي أبعاده الأخلاقية والتحررية والحضارية والإنسانية.
الثاني يتعلق بالمال السياسي الخليجي وآثاره المدمرة للمدنية، أي للتبرع والتطوع والمشاركة والشفافية. وأخيرا وليس آخرا، صيرورة السلطة غاية في ذاتها ومن أجل ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.