عاجل/ أول تعليق لرئيس الدولة على التجمعات الحاشدة للتونسيين الذين نزلوا لشارع الحبيب بورقيبة لمساندته والاحتفال بذكرى الثورة..    رئيس الجمهورية يستقبل سفير اسبانيا بتونس بمناسبة انتهاء مهامه    نقابات مسدي الخدمات الصحية تدعو إلى إيجاد الحلول بخصوص مشاكل "الكنام"..#خبر_عاجل    تبرعات ضخمة لبطل بوندي أحمد الأحمد    صور إبستين تفضح علاقات مفاجئة.. أسماء بارزة في عالم السياسة والتكنولوجيا والإعلام تظهر في الأرشيف    ماكرون.. علينا محاورة بوتين في أقرب وقت    بعد تتويج المغرب.. هذا اللاعب يعلن اعتزاله اللعب دوليا..#خبر_عاجل    طقس اليوم..أمطار أحيانا غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة..#خبر_عاجل    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    الفيفا يحسم مصير مباراة المركز الثالث في بطولة العرب 2025    رئيس الجمهورية وسفير إسبانيا يؤكدان حرص البلدين على شراكة متينة ومتواصلة    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    فظيع/ وفاة كهل حرقا داخل سيارته..وهذه التفاصيل..    القيروان: وفاة كهل حرقا داخل سيارته    التفاح والبرتقال: أيهما أغنى بفيتامين 'سي' والألياف؟    كشفها حجز حسابات بنكية وسيارات فخمة .. خفايا سقوط «امبراطورية» القمار    المغرب يتوّج بلقب كأس العرب فيفا قطر 2025 بعد نهائي مثير أمام الأردن    منزل بورقيبة .. فضاء نموذجي للمطالعة بالمكتبة العمومية.... والتربية الوالدية تحت المحك    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    غيّرت عقيدتها .. استراتيجية أمريكا... تُغضب إسرائيل!    قتلى بعد تحطم طائرة أثناء هبوطها في مطار أميركي    الليلة: أمطار والحرارة تتراوح بين 9 درجات و17 درجة    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    افتتاح الدورة 14 من معرض مدينة تونس للكتاب    لقاء علمي حول اللغة العربية بكلية الآداب بمنوبة    انتداب خريجي التعليم العالي : الشروط اللى تخليك تسجّل في المنصّة    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    ماكرون يؤكد رفض فرنسا توقيع اتفاقية "ميركوسور" بصيغتها الحالية    القيروان :حادث مرور يسفر عن احتراق سيارة و تفحّم السائق داخلها    بودربالة يجتمع بممثّليْن إثنين عن عمال الإعاشة لدى الشركات البترولية بصحراء تطاوين    عاجل/ هذا موعد أوّل رحلة للحجيج وآخر موعد لاستكمال إجراءات السفر..    القصرين: سائقو التاكسي الفردي يجدّدون احتجاجاتهم للمطالبة بالترفيع في عدد الرخص    تأجيل محاكمة العميد الأسبق للمحامين شوقي الطبيب إلى 12 فيفري المقبل    رسميا: نعيم السليتي جاهز للمشاركة في كأس أمم إفريقيا    فيلم "هجرة" للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين : طرح سينمائي لصورة المرأة وصراع الأجيال    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    زيلينسكي: روسيا تتهيأ ل"سنة حرب" جديدة في أوكرانيا    تزايد حالات التهابات الأنف والأذن والحنجرة: تحذيرات من دكتورة تونسية    دار الصناعات التقليدية بالدندان تحتضن معرض "قرية وهدية" من 22 الى 30 ديسمبر الجاري    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    لا تفوتوا نهائي كأس العرب لكرة القدم بين المغرب والأردن..موعد والنقل التلفزي..    كأس القارات للأندية فيفا قطر 2025: لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان سعيد بالتتويج    كرة اليد: اليوم النظر في إثارة النادي الإفريقي ضد لاعب الترجي الرياضي    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    رحلات وهميّة نحو تونس: عمليّات تحيّل كبيرة تهزّ الجزائر    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    بطولة الكويت: طه ياسين الخنيسي ينقذ الكويت من الخسارة امام السالمية    الستاغ: هاو كيفاش تتمتّع بإجراءات تسهيل الخلاص بداية من 22 ديسمبر    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    مستشفى شارل نيكول: نجاح أول جراحة الكلى الروبوتية في تونس    عاجل/ "الستاغ" توجه بلاغ هام للمواطنين..    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة تحتضن العلمي د. مصطفى يوسف اللداوي
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 02 - 2012

عاد الرجل الصموت الهادئ الرزين، صاحب العقل الراجح والرأي المستنير، المتواضع حجماً العظيم مكانةً، النحيل جسماً الكبير عقلاً، الخافت صوتاً السليط بالحق لساناً، الذي لا يعرف غير الحق طريقاً، والعدل ميزاناً، والحكمةِ بياناً، والصدق سبيلاً، والتواضع حياةً، والحب صفاءً، وسلامة الصدر طهراً، وحب الخير سلوكاً، الرجل الذي ما أحب يوماً الأضواء وما سعى إليها، فعمل سنين طويلة في الخفاء وبعيداً عن الأنظار، فكان قائداً جندياً وجندياً قائداً، لم ينتظر مكرمة، ولم يتوقع من أحدٍ غير الله منزلة، أحبه المقربون، وتمنى التعرف عليه الكثيرون، لا يعرفه الناس إذا حضر، ولا يفتقدونه إذا غاب، فكان حضوره كالطيف، وغيابه كالندى، لا يعاسيب كالنحل حوله، ولا مظاهر يكرهها تطوف به وتطوقه وتكاد عن الأرض تحمله، وعن الناس تحجبه، وعن بساطته تحرفه، وعن تواضعه تبعده، بسامُ الوجه، عذب الكلمات، رقيق الإحساس، صادق النجوى، نحسبه من الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل التقوى.
عاد اليوم إلى قطاع غزة عماد العلمي بعد اثنتين وعشرين سنة من الإبعاد عن أرض الوطن، التي أخرج منها عنوةً وقسراً، وقد كانت أحب أرض الله إليه، وأعزها إلى نفسه، وأقربها إلى قلبه، ولكنه عنها أبعد، وعن أرضها أقصي، ومن بين أهله وأحبابه نزع، ولكنه أقسم في جنبات القدس، وسمعت رباها كلماته وإخوانه، وتردد صداها في رحاب المسجد الأقصى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخاطب دهاقنة الكيان الصهيوني وقضاته في محكمتهم المسماة عليا "أننا سنعود يوماً إلى فلسطين، وسنخرجكم منها"، فاليوم يعود العلمي إلى غزة ثالث أربعة مرفوع الرأس، عالي الجبين، منتصب القامة، موفور الكرامة، ثابت الخطى، وواثق الخطوة، مؤمناً بأن الذي أعاده إلى غزة بعد نصر الله الذي تنزل عليها، قادرٌ على أن يعيد الأرض كلها، ويعيد إليها أهلها وأصحابها وإن طال بهم الشتات، ومزق شملهم الزمن.
الناظر إليه لا يرى فيه رجلاً مفتول العضلات، عريض المنكبين، جهوري الصوت، شديد القبضة، يرهب من حوله، ويخيف من يعترضه، ويرعب من يلقاه، ولكنه يرى رجلاً يذكرنا بأول صادحٍ بالقرآن الكريم، عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال عنه أن مكانته عند الله أثقل من جبل أحد، فها هو يعود إلى غزة عظيماً كجبل أحد، راسخاً كمكة وجبالها، مزهواً بنصرها، مفتخراً بحريتها، فرحاً بعزتها، يرى فيها الدنيا كلها، وسعة العالم بأسره.
اليوم تَغْنى وتثرى فلسطين وشعبها، وتسعد غزة وأهلها، بعودة رجلٍ لا هم له في الحياة إلا الوطن، ولا شيء يشغله في الدنيا غير فلسطين، التي سكنت قلبه، وعمرت فؤاده، فمنحها غاية ما يملك، وضحى في سبيلها ومن أجلها لتبقى ويعود إليها أهلها، أعزةً كراماً، لا عدو يتربص بهم، ولا احتلال يتآمر عليهم، ولا خطر يحدق بهم، إنما هم بين أهلهم وعلى أرض وطنهم، فاليوم غزة غنية بفكرٍ نير، وعقلٍ راشد، وروحٍ صافية، وإخلاصٍ نادر، وحبٍ متجرد، وثورةٍ صادقة، وغيرةٍ عاقلة، فلتصغِ إليه السمع، ولتنشد عنده الحكمة وفصل الخطاب، ولتتبع توجيهاته، ولتسمع نصحه، وتصدق كلماته، فهو يرى ما لا ترون، ويعرف ما لا تعرفون، ويدرك ما لا تدركون، وليس له فيما يقول مأربٌ شخصي، وحاجةٌ خاصة، إنما غايته وطنه، وهدفه شعبه، وعيونه تتطلع إلى الحرية، وتشرئب إلى الانتصار، هنيئاً لغزة عودة ابنها وأحد أصدق رجالها، وهنيئاً له أنه حقق وعده، وأنجز عهده، وعاد إلى فلسطين التي أحب من جديد.
جالسوه إذا أحببتم أن تسمعوا عن أهلكم وشعبكم في الشتات، واطلبوا منه أن يطمئنكم عن قضيتكم ومستقبل وطنكم، واسألوه عن سبل النجاة ومسالك الفوز، وعن عدة النصر وأسباب الانتصار، وخذوا من يقينه بالنصر وإيمانه بدحر العدو، وعددوا معه مناقب القيادة وصفات الجند، ورأيه في الحاكم العادل وفي الحكومة الرشيدة، ووجهة نظره في سلوك الحاكم وصفات القائد، واسمعوا منه عن الربيع العربي وثورات الشعوب، ومآل العدل ومصير الجور، وليحدثكم عن الأنصار والمحبين، وليحذركم عن الخصوم والمتخاذلين، ولا تترددوا عن سؤاله عن حركة حماس العظيمة التي إليها ينتمي، وفي صفوفها عمل، ولبرنامجها ومنهجها آمن وأخلص، اسألوه عما يقلقكم ويخيفكم، وبما يدور في نفوسكم ويختلج في نفوسكم، وبما يتردد على ألسن غيركم، وبما يشاع في وسائل إعلامكم، ويروج له في محافل غيركم، وعلى لسان من لا تعرفون من شعبكم، واسمعوا لرأيه في كل ما يجري حولكم ولكم، وما يرتب ويخطط في الخفاء لشعبكم وقضيتكم ووطنكم ولحركات المقاومة في وطنكم، وليعطكم من تجربته التي أغناها صمته، وأثراها عمله، وعمقها صدقه، وصقلها علمه وأدبه، وألحوا عليه في السؤال ليحدثكم فهو مقلٌ في الكلام، لا تخرج منه الكلمة إلا في موضعها وعند حاجتها.
فلسطين لا ينساها أحد، ولا يفرط فيها مسلم، ولا يتخلى عنها أهلها وحماتها، ومهما طال الزمن أو قصر فإن النصر حليف هذه الأمة، ولن يتر الله عباده المخلصين أعمالهم وجهادهم، بل سيكللها يوماً بنصرٍ أغر، وفوزٍ عظيم، نفخر به ونعتز، ونسجله في صفحات تاريخنا، ونعلمه لأجيالنا من بعدنا، نصرٌ يصنعه رجالات هذه الأمة، الذين يتطلعون إلى النصر أو الشهادة، والذين لا يلتفتون لغير المقاومة، ولا يعيرون الدنيا اهتماماً ولا زخرف الحياة تمسكاً، وكما عاد عماد فسيعود الآخرون من أبناء الوطن جميعاً، ومن أخرج يوماً ضعيفاً فإنه سيعود غداً لا محالة قوياً، معززاً بالقوة والقدرة والإرادة والتمكين، مجدداً هنيئاً لك عماد العودة الكريمة الميمونة، وهنيئاً لمن أحببت وقابلت ولاقيت، أهلاً وأصحاب وجيران، وإن موعدنا معكم في غزة وعلى بحرها الهادر هذا الصيف، أليس الصيف بقريب؟ ...
دمشق في 6/2/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.