محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    وزارة الدفاع تنتدب تلامذة ضباط صف بجيش البحر    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    كرة اليد: منتخب الاصاغر ينسحب من ربع نهائي المونديال    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    7 مؤسسات ستنتفع بامتياز تكفل الدولة بفارق الفائدة على قروض الاستثمار..وهذه التفاصيل..    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    جندوبة: وزير السياحة يتابع استعدادات الجهة للموسم السياحي ومدى تقدّم عدد من المشاريع السياحية والحرفية    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    ميناء جرجيس… رصيد عقاري هام غير مستغل ومطالب باستقطاب استثمارات جديدة    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    الاحتلال يضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة تحتضن العلمي د. مصطفى يوسف اللداوي
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 02 - 2012

عاد الرجل الصموت الهادئ الرزين، صاحب العقل الراجح والرأي المستنير، المتواضع حجماً العظيم مكانةً، النحيل جسماً الكبير عقلاً، الخافت صوتاً السليط بالحق لساناً، الذي لا يعرف غير الحق طريقاً، والعدل ميزاناً، والحكمةِ بياناً، والصدق سبيلاً، والتواضع حياةً، والحب صفاءً، وسلامة الصدر طهراً، وحب الخير سلوكاً، الرجل الذي ما أحب يوماً الأضواء وما سعى إليها، فعمل سنين طويلة في الخفاء وبعيداً عن الأنظار، فكان قائداً جندياً وجندياً قائداً، لم ينتظر مكرمة، ولم يتوقع من أحدٍ غير الله منزلة، أحبه المقربون، وتمنى التعرف عليه الكثيرون، لا يعرفه الناس إذا حضر، ولا يفتقدونه إذا غاب، فكان حضوره كالطيف، وغيابه كالندى، لا يعاسيب كالنحل حوله، ولا مظاهر يكرهها تطوف به وتطوقه وتكاد عن الأرض تحمله، وعن الناس تحجبه، وعن بساطته تحرفه، وعن تواضعه تبعده، بسامُ الوجه، عذب الكلمات، رقيق الإحساس، صادق النجوى، نحسبه من الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل التقوى.
عاد اليوم إلى قطاع غزة عماد العلمي بعد اثنتين وعشرين سنة من الإبعاد عن أرض الوطن، التي أخرج منها عنوةً وقسراً، وقد كانت أحب أرض الله إليه، وأعزها إلى نفسه، وأقربها إلى قلبه، ولكنه عنها أبعد، وعن أرضها أقصي، ومن بين أهله وأحبابه نزع، ولكنه أقسم في جنبات القدس، وسمعت رباها كلماته وإخوانه، وتردد صداها في رحاب المسجد الأقصى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخاطب دهاقنة الكيان الصهيوني وقضاته في محكمتهم المسماة عليا "أننا سنعود يوماً إلى فلسطين، وسنخرجكم منها"، فاليوم يعود العلمي إلى غزة ثالث أربعة مرفوع الرأس، عالي الجبين، منتصب القامة، موفور الكرامة، ثابت الخطى، وواثق الخطوة، مؤمناً بأن الذي أعاده إلى غزة بعد نصر الله الذي تنزل عليها، قادرٌ على أن يعيد الأرض كلها، ويعيد إليها أهلها وأصحابها وإن طال بهم الشتات، ومزق شملهم الزمن.
الناظر إليه لا يرى فيه رجلاً مفتول العضلات، عريض المنكبين، جهوري الصوت، شديد القبضة، يرهب من حوله، ويخيف من يعترضه، ويرعب من يلقاه، ولكنه يرى رجلاً يذكرنا بأول صادحٍ بالقرآن الكريم، عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال عنه أن مكانته عند الله أثقل من جبل أحد، فها هو يعود إلى غزة عظيماً كجبل أحد، راسخاً كمكة وجبالها، مزهواً بنصرها، مفتخراً بحريتها، فرحاً بعزتها، يرى فيها الدنيا كلها، وسعة العالم بأسره.
اليوم تَغْنى وتثرى فلسطين وشعبها، وتسعد غزة وأهلها، بعودة رجلٍ لا هم له في الحياة إلا الوطن، ولا شيء يشغله في الدنيا غير فلسطين، التي سكنت قلبه، وعمرت فؤاده، فمنحها غاية ما يملك، وضحى في سبيلها ومن أجلها لتبقى ويعود إليها أهلها، أعزةً كراماً، لا عدو يتربص بهم، ولا احتلال يتآمر عليهم، ولا خطر يحدق بهم، إنما هم بين أهلهم وعلى أرض وطنهم، فاليوم غزة غنية بفكرٍ نير، وعقلٍ راشد، وروحٍ صافية، وإخلاصٍ نادر، وحبٍ متجرد، وثورةٍ صادقة، وغيرةٍ عاقلة، فلتصغِ إليه السمع، ولتنشد عنده الحكمة وفصل الخطاب، ولتتبع توجيهاته، ولتسمع نصحه، وتصدق كلماته، فهو يرى ما لا ترون، ويعرف ما لا تعرفون، ويدرك ما لا تدركون، وليس له فيما يقول مأربٌ شخصي، وحاجةٌ خاصة، إنما غايته وطنه، وهدفه شعبه، وعيونه تتطلع إلى الحرية، وتشرئب إلى الانتصار، هنيئاً لغزة عودة ابنها وأحد أصدق رجالها، وهنيئاً له أنه حقق وعده، وأنجز عهده، وعاد إلى فلسطين التي أحب من جديد.
جالسوه إذا أحببتم أن تسمعوا عن أهلكم وشعبكم في الشتات، واطلبوا منه أن يطمئنكم عن قضيتكم ومستقبل وطنكم، واسألوه عن سبل النجاة ومسالك الفوز، وعن عدة النصر وأسباب الانتصار، وخذوا من يقينه بالنصر وإيمانه بدحر العدو، وعددوا معه مناقب القيادة وصفات الجند، ورأيه في الحاكم العادل وفي الحكومة الرشيدة، ووجهة نظره في سلوك الحاكم وصفات القائد، واسمعوا منه عن الربيع العربي وثورات الشعوب، ومآل العدل ومصير الجور، وليحدثكم عن الأنصار والمحبين، وليحذركم عن الخصوم والمتخاذلين، ولا تترددوا عن سؤاله عن حركة حماس العظيمة التي إليها ينتمي، وفي صفوفها عمل، ولبرنامجها ومنهجها آمن وأخلص، اسألوه عما يقلقكم ويخيفكم، وبما يدور في نفوسكم ويختلج في نفوسكم، وبما يتردد على ألسن غيركم، وبما يشاع في وسائل إعلامكم، ويروج له في محافل غيركم، وعلى لسان من لا تعرفون من شعبكم، واسمعوا لرأيه في كل ما يجري حولكم ولكم، وما يرتب ويخطط في الخفاء لشعبكم وقضيتكم ووطنكم ولحركات المقاومة في وطنكم، وليعطكم من تجربته التي أغناها صمته، وأثراها عمله، وعمقها صدقه، وصقلها علمه وأدبه، وألحوا عليه في السؤال ليحدثكم فهو مقلٌ في الكلام، لا تخرج منه الكلمة إلا في موضعها وعند حاجتها.
فلسطين لا ينساها أحد، ولا يفرط فيها مسلم، ولا يتخلى عنها أهلها وحماتها، ومهما طال الزمن أو قصر فإن النصر حليف هذه الأمة، ولن يتر الله عباده المخلصين أعمالهم وجهادهم، بل سيكللها يوماً بنصرٍ أغر، وفوزٍ عظيم، نفخر به ونعتز، ونسجله في صفحات تاريخنا، ونعلمه لأجيالنا من بعدنا، نصرٌ يصنعه رجالات هذه الأمة، الذين يتطلعون إلى النصر أو الشهادة، والذين لا يلتفتون لغير المقاومة، ولا يعيرون الدنيا اهتماماً ولا زخرف الحياة تمسكاً، وكما عاد عماد فسيعود الآخرون من أبناء الوطن جميعاً، ومن أخرج يوماً ضعيفاً فإنه سيعود غداً لا محالة قوياً، معززاً بالقوة والقدرة والإرادة والتمكين، مجدداً هنيئاً لك عماد العودة الكريمة الميمونة، وهنيئاً لمن أحببت وقابلت ولاقيت، أهلاً وأصحاب وجيران، وإن موعدنا معكم في غزة وعلى بحرها الهادر هذا الصيف، أليس الصيف بقريب؟ ...
دمشق في 6/2/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.