في 9/9/1993 وقع ياسر عرفات وثيقة الاعتراف بشرعية الاحتلال الصهيوني ل¯ 76 في المئة من أرض فلسطين وأنها حق صرف لليهود مقابل وعد وهمي شفهي تلقاه عرفات همسا في أذنه بأن يتم التفاوض مستقبلا على بقية ال¯ 24 في المئة من فلسطين بما فيها القدس وأن يقيم دولته العتيدة في جزء من قطاع غزة وجزر متناثرة من الضفة الغربية. وكان أتباعه يبررون هذه الجريمة النكراء بدعوى »أن الختيار يتكتك« وأن هذه الخطوات تمثل القرار الوطني المستقل بعيدا عن التدخلات العربية في الشأن الفلسطيني, ليكتشف المتسائلون من العرب والفلسطينيين بأنهم حمقى وأن عقولهم قاصرة عن فهم واستيعاب تكتيكات الختيار. إن النهج الذي قامت عليه مواقف وتكتيكات ياسر عرفات طوال ما يقارب الأريعين عاما كان مبنيا على الأسس التالية : الأساس الأول إبقاء الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده المكثف بحالة من الصدام والقلق المستمر وذلك باتخاذ مواقف سلبية ومعادية ضد الدول التي يقيم فيها هذا الشعب وهذا ما حصل بالضبط في الأردن حينما كان أزلام عرفات يستعرضون مراجلهم في شوارع عمان وما نتج عن ذلك من شرخ عميق ومأساوي أثر سلبا على حياة مليوني فلسطيني يعيشون في الأردن. ولم يلبث عرفات أن انتقل إلى لبنان ومعه أزلامه تاركا الفلسطينيين في الأردن يكابدون جراحهم جراء الخطايا التي ارتكبها ثم أعاد الكرة في لبنان عندما جعل القضية الفلسطينية رقما أساسيا في الحرب الأهلية اللبنانية وتنصيب نفسه حاكما عرفيا على لبنان ناهيك بسلوكيات الزعران والأبوات من حوله لتكون النتيجة مأساة مروعة أودت بحياة عشرات الآلاف من أبناء المخيمات المساكين, و لا ننسى محاولات ياسر عرفات الإساءة إلى القيادة السورية التي تتبنى قضية فلسطين وتحتضن نصف مليون فلسطيني ومحاولاته التحالف مع المعارضة السورية العميلة بهدف التشويش على وضع الفلسطينيين المقيمين في سورية , ولكن القيادة الحكيمة في سورية منذ أيام الرئيس حافظ الأسد تنبهت إلى مخاطر التحركات العرفاتية فكان القرار بطرد عرفات من الأراضي السورية غير مأسوفاً عليه في حزيران 1983, وهنا نورد الآتي ((ضمن حوار تنشره على حلقات مع ياسر عبدربه قالت صحيفة "الحياة" نقلا عن عبدربه "إن الزعيم الراحل ياسر عرفات كان يسبح في مياه عربية شديدة التعقيد. خوفه الأول كان من الأنظمة التي ترفع شعارات قومية ولا تستسيغ تشديده الدائم على القرار الفلسطيني المستقل. لهذا مرت علاقاته ببغداد ودمشق بفترات صعبة تخللتها مواجهات)) ." ولم يقف عرفات عند هذا الحد وما سببه للفلسطينيين من المعاناة والمآسي لينتقل إلى الساحة الخليجية ويتنكر للكويت وأهل الكويت الذين وقفوا ومازالوا مع فلسطين وشعبها وهم لا ينتظرون الشكر بل يعتبرون هذا من صميم واجبهم القومي والإسلامي, ولكن مواقف عرفات كانت عقوقا ونكرانا وجحودا لاصطفافه المقيت مع الغزو العراقي وما آل إليه من تداعيات كانت وخيمة على ربع مليون فلسطيني احتضنتهم الكويت كوطن ثان لهم.. ولا يخفى على الجميع في أيامنا هذه ما تشهده الضفة وغزة من اضطراب أمني خطير, وكيف أن عباس يجرد الحكومة من صلاحياتها الدستورية لدرجة أن وزير الداخلية صيام لا يمكنه تكليف شرطي من رجال الأمن لأن الأجهزة الأمنية الستة تتبع الرئيس مباشرة ,ثم يأتي عباس ليتحفنا بإلقاء اللوم على هنية وحكومته ويحمله مسؤولية التدهور الأمني . الأساس الثاني : من يملك المال يملك السلطة والرجال فبدلا من أداء عرفات واجبه كقائد يكرس جهوده لوضع ستراتيجيات تدعم الاقتصاد الوطني الفلسطيني ليكون أكثر استقلالية وأقل اعتمادا على اقتصاد العدو الإسرائيلي, فإنه كان ينفق الأموال إما لشراء الذمم و الولاءات لشخصه وإنشاء الأجهزة الأمنية في فلسطين ليحشد فيها أتباعه فأدخل الشعب الفلسطيني في موسوعات الأرقام العالمية حيث تشكل قوات الأمن 10 في المئة من عدد السكان على أصغر رقعة أرض, ويستخدمهم بعد ذلك وريثه عباس لقمع الناس وسجنهم وللهجوم على منشآت مجلس الوزراء والمجلس التشريعي والوزارات باعتبارها عقوبة لأنها لم تعد خاضعة لحركة فتح والمثير للعجب والغرابة أن يذهب العامل الفلسطيني صباحا ليبني البيوت والمرافق والمستوطنات لليهودي الذي يحتل أرضه وهي حالة فريدة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا والمسؤول الأول والأخير عنها هو ياسر عرفات فيما ينفق عرفات ملايين الدولارات التي تلقاها على حياكة المؤامرات وعلى زعرانه في شارع الحمراء في بيروت ثم أريحا أو على ملذات أعوانه في أوروبا ,,إطلاق عبارة الشهيد البطل على من يموت منهم في فنادق باريس, وهكذا تبخرت مليارات الدولارات التي منحتها السعودية والكويت والإمارات والدول الأوروبية لجيوب هؤلاء الحثالة ولم يصل منها إلا القليل لخدمة الشعب الفلسطيني وذلك ما أظهره تقرير الاتحاد الأوروبي حول النزاهة المفقودة في إدارة عرفات ومن بعده عباس, ليشير تقرير آخر للاتحاد الأوروبي صدر حديثاً يعتبر الإدارة الحمساوية من أكثر الإدارات في العالم نزاهة . إن هذا النهج الذي ورثه الفتحاويون من بعد عرفات يتجلى الآن في معاناة الفلسطينيين بسبب الحصار الظالم عليهم لنكتشف أن خزانة قصر المقاطعة فيها الآن ما يقارب الخمسمئة مليون دولار تم تحويلها من دول عدة لكن محمود عباس يمسك بها كي يسقط حكومة حماس فيما أرسلت هذه الأموال أصلا لدفع الرواتب, وفيما يقاطع عباس رئيس الوزراء هنية نجده يعانق أولمرت بمنتهى الود والمحبة. كما أننا نلاحظ كيف أن الآلاف من الكفاءات العلمية والأكاديمية والسياسية قد تم إقصاؤها عن مراكز القرار بينما ترتع مجاميع الأزلام والجهلة والأبوات والمنتفعين في أروقة القصر الرئاسي . الأساس الثالث :الظهور بمظهر الوطني المخلص وادعاء الحنكة السياسية واستجهال الآخرين وهذا لازم من لوازم الاستفراد بالسلطة والاحتفاظ بها, وفيما يعانق عرفات شريكه في السلام رابين ويقبل يد أرملته ويبكي على قبره, نجد أزلامه يحاولون أن يفهموا الناس أن هذا تكتيك سياسي رفيع المستوى لم ترق إليه عقولهم المسطحة, ويتنازل عباس عن القدس في وثيقة عباس بيلين ويتم إنكار الوثيقة ثم يتم فضح الوثيقة من قبل اسرائيل ليقولوا لنا أنه تكتيك سياسي من الصعب على السذج أمثالنا فهمه, وهنا نذكر كيف يتنازل عباس عن حق العودة للاجئين إلى ديارهم فكيف يكون رئيسا للفلسطينيين وهو الذي يفرط بحقوقهم, لقد فقد عباس شرعية بقائه بصفة رئيس وذلك بتنازله عن حق العودة لستة ملايين فلسطيني في الشتات قدموا آلاف الشهداء كي يعودوا إلى ديارهم. وفيما ينسق دحلان مع شاهين ونبيل عمرو وصائب عريقات مع الموساد الاسرائيلي لاغتيال رئيس الوزراء هنية ليطل علينا سيئو السمعة عباس ودحلان وشاهين ليحاولوا إفهامنا أن هذا كذب وأن هنية خلال محاولته الانتحار على المعبر أصاب ابنه وقتل مرافقه وأن الأمن الرئاسي تدخل حفاظا على حياته وإنقاذه من تهوره . ولابد لنا أن نذكر أن هذا النهج العقيم الذي سلكه عرفات وتوارثه من بعده الأزلام القابعون في القصور الرئاسية في رام الله و المتباكون على عرفات من بقايا اليسار هم أنفسهم كانوا يصمون عرفات بالرجعي يذرفون عليه الدموع الآن و يتمسّحون بأذيال خليفته عباس, هذا النهج قد أساء لقضية فلسطين وأضر بمصالح الشعب الفلسطيني المجاهد ولا بد من زوال هذا النهج وزوال رموزه وأدواته بانتفاضة شعبية عارمة تعيد لشعب فلسطين عزته وكرامته . وأن القضية الفلسطينية أكبر بكثير من هذه القيادات الهزيلة ,,وربما كان رجال حماس هم الأنسب لقيادة مسيرة التحرير الفلسطينية