نعم المعارضة كلمة حق في مسار، كلمة نقد وتقييم وتقويم، كلمة بناء وتشييد من أجل الوطن...لعبة الديمقراطية لا تكتمل دون حاكم ومعارض، دون مشهد سياسي متعدد، بديهيات ومسلمات كثيرا ما يرمى بها عرض الحائط، قصة وعي النخبة والطبقة السياسية مازالت لم تكتمل، وفي انتظار ذلك يتلوى الوطن ويستغيث أحيانا دون مجيب، صحراء الفعل الرصين والواعي تهيمن على حساب وطن ومواطن. نقول هذا الكلام دون وصاية أو أستاذية، ونتجاذب أطرافه حين نلاحظ المسار الضيق والمشوب بالمخاطر التي دخل فيه المشوار الديمقراطي في تونس، نقول هذا وبعض المظاهر السلبية تكاد تطغى على المشهد في دفع بوعي أو بغير وعي للبلاد نحو المجهول. نتقاسم جميعا ولكن بدرجات مسؤولية الأزمة... حاكم مازال يتردد في كثير من المواقف، معارضة تلعب بالنار في بعض المشاهد، أجندات داخلية وخارجية لم تعد تتوارى وتختبئ، شعب يرى أحواله لا تتحسن كما كان يأمل، وضباب كثيف بدأ يملأ البقاع في طرق واضح على أبواب المجهول. إن دور المعارضة أساسي في هذه المرحلة الانتقالية ومفصلي، وهي مسؤولية تاريخية ووطنية وأخلاقية لا يجب الاستهانة بها، وهو موضوع هذه الورقة. نعم مسؤولية الوطن مسؤولية جماعية يتقاسمها الحاكم والمحكوم، يتقاسمها شعب ومجتمع مدني، تتقاسمها نخب وقواعد، تتقاسمها سلطة ومعارضة، ولكن للمعارضة دورها الاستثنائي والرمزي في فترة استثنائية رمزية وحاسمة. مرحلة لها ما بعدها، يذوب فيها كل طموح شخصي وحسابات حزبية وممارسات سياسوية من أجل تونس للجميع ومن أجل وطن آمن ومستقر. كنت أود وكما ذكرته في مقال آخر أن هذه المرحلة الانتقالية ليس فيها سلطة ومعارضة، ولكن توحد الجميع لحكم البلاد حتى ينتهي المجلس التأسيسي من صياغة الدستور، لأنها فترة خاصة وحساسة وخطيرة بامتياز في ظل أزمة معيشية داخلية وأزمة إقليمية ودولية متصاعدة، مرحلة هامة تستدعي توحد القوى لتجاوز المحظور، ولكن شاء الحاكم أن يكون حاكما والمعارض أن يكون معارضا!!! إن المعارضة كما فهمتها يوما هي لقاء أخلاقي يحمل مسؤولية أخلاقية وتاريخية من أجل إنقاذ الوطن، لقاء لا يقصي أحدا ولا يستصغر أحدا و لا يحقرنّ أي إضافة من أجل البناء والإنقاذ. إن الطريق لبناء الوطن لا يزال طويلا ومفروشا بالأشواك والاستدراجات، والمعارضة في حاجة دائمة إلى كسب الصوت الجديد والقلم الجديد، ولكن في إطار أخلاقي وقيمي رفيع وكل معارض بنّاء نفقده هو انتصار للفوضى والجهل، ولكن كل صوت حيّ يصمت هو صوت جور يعلو من جديد، وكل قلم سليم ينضب هي أقلام مأجورة تشتعل... إن غياب أو تهميش البعد الأخلاقي والإنساني في الحراك السياسي ، والذي يتجاوز المشاريع السياسية الخاصة للزعيم ولحزبه، والتحالفات بين الأفراد والمجموعات يجعل الوطن رهين لعبة سياسية ضيقة أنّى كان أطرافها في الحكم أو المعارضة. إننا نزعم أن المعارض أو الحاكم قبل أن يحمل برنامج حكم أو خطة عمل، هو رفيق درب وأخ وطن وصاحب منظومة قيم تجعل من المعارض قبل أن يعارض، والحاكم قبل أن يحكم أن يكون إنسانا وكفى، وتلك في الحقيقة إحدى أبعاد الأزمة الهيكلية التي تعيشها بعض الأطراف السياسية في الحكم والمعارضة منذ زمان. * رئيس حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي والناطق الرسمي ل"حلف الجماعة"