نواكشوط توترت العلاقة بين الجبهة المناهضة للانقلاب في موريتانيا وزعيم المعارضة أحمد ولد داداه بسبب جملة شروط أعلنتها الجبهة للقبول بحوار ثنائي حول الأوضاع الراهنة التي خلفها انقلاب السادس من أغسطس/آب الماضي.ورغم أن الانقلاب والتطورات الممهدة له أحدثت مسافة بين أغلب مكونات الجبهة الرافضة للانقلاب وحزب التكتل الذي يقوده ولد داداه, فإن خلاف الطرفين ظل طيلة الفترة الماضية بعيدا عن التصعيد الإعلامي، وظلت الاعتبارات السياسية ولغة المجاملات الدبلوماسية تحكم تعاطي كلا الطرفين مع الآخر. وفيما وصف بأنه منعطف جديد في العلاقة بين الطرفين, التقى ولد داداه مع قادة الجبهة قبل يومين في محاولة للدفع ب"الحوار المشروط". وقد أعلن إثر ذلك فشل الحوار المنتظر، واتهم ولد داداه في بيان تسلمت الجزيرة نت نسخة منه الجبهة ب"التصلب في المواقف". "التكتل اتهم الجبهة بالتناقض في التصريحات والمواقف معتبرا أن فشل الحوار يعود بالأساس إلى أن الجبهة تريد حوارا مقصورا على التكتل لوحده دون بقية الأطراف"
وقال إنه عرض عليها "تنظيم حوار سياسي مغلق بغية البحث عن حل توافقي للخروج من الأزمة السياسية القائمة في البلاد"، وإنه لم يدخر جهدا طيلة ستة أسابيع من أجل إقناعها بتجاوز حالة الرفض لأي حوار مع الأغلبية الحاكمة، ولكن رد الجبهة على مبادرته ظل "بمثابة تكرار لعرض تحفظاتها ومواقفها المتصلبة". وكشف ولد داداه أنه عرض مبادرته على مكونات الأغلبية الحاكمة وكانت -على عكس الجبهة- مستعدة للحوار، مشيرا إلى أنه إزاء ذلك سيعكف على دراسة مقترحه. مفاجأة واستياء في المقابل وردا على ولد داداه، قالت الجبهة في بيان للجزيرة نت إنها تلقت بيان التكتل ب"استياء واستغراب"، متهمة إياه بإخراج خلافهما إلى وسائل الإعلام. وقالت إنها وضعت أربعة شروط للحوار مع التكتل وإن المحادثات التمهيدية بينهما أسفرت عن اتفاق حول اثنين منها وهما عدم مشاركة التكتل في "الأيام التشاورية للانقلابيين" وأن الحل يجب ألا يكون "تحت سقف الانقلاب أو بإشراف من الانقلابيين". وأوضحت أنه حصل تباين في تفسير النقطة الثالثة المتفق عليها وهي أن الحل يجب أن يكون في إطار الدستور، أما النقطة الرابعة فقد وقع الاختلاف فيها وهي تاريخ انعقاد اللقاء المقترح "أيكون قبل الأيام التشاورية للانقلابيين أو بعدها". كما قالت إن "المفاجأة كانت كبيرة حينما تنكرت قيادة التكتل في اجتماعها بالجبهة لما تم الاتفاق عليه، مما جعل اللقاء ينتهي بالفشل وهو فشل بالنسبة للجبهة لا يفسره إلا محاولة التكتل القيام بدور لا يسمح لهم به موقفهم الذي أكدوه بشهادة التزكية لحلفائهم الجدد وشهادة التصلب في حق الجبهة". "جوهر الخلاف برأي الجبهة هو أن التكتل وزعيمه ولد داداه يريد حوارا يكرس الانقلاب ويبعد الشرعية ويستأنف المسلسل وكأن شيئا لم يقع؛ بينما الجبهة ترفض أي حوار تحت سلطة العسكر" تكذيب رواية الجبهة لما حدث كانت محل تكذيب من قبل القيادي في التكتل إسماعيل ولد أعمر الذي قاد جانب التكتل في المفاوضات التمهيدية. واعتبر ولد أعمر في تصريح للجزيرة نت أن رواية الجبهة لا أساس لها من الصحة، وأنه لم يحدث أي اتفاق بشأن أي من النقاط المذكورة. واتهم ولد أعمر الجبهة بالتناقض في التصريحات والمواقف مشيرا إلى أن فشل الحوار يعود بالأساس إلى أن الجبهة تريد حوارا مقصورا على التكتل لوحده دون بقية الأطراف السياسية، وهو ما يرفضه حزبه ويعتبر أن الخروج من الأزمة لا يمكن دون اتفاق من جميع الأطراف. أهلية مفقودة لكن القيادي في الجبهة والبرلماني محمد المصطفى بدر الدين رفض الاتهامات السابقة وشدد على صحة ما ورد في بيان الجبهة؛ قائلا إن "المشكلة الأساسية هي أن التكتل يريد أن يلعب دور الوسيط، وهو غير مؤهل له بحكم كونه بارك الانقلاب منذ اللحظات الأولى، بل وحتى دعمه في الأرحام وقبل أن يولد". وشدد بدر الدين في تصريح للجزيرة نت على أن "جوهر الخلاف هو أن ولد داداه يريد حوارا يكرس الانقلاب ويبعد الشرعية، ويستأنف المسلسل وكأن شيئا لم يقع؛ بينما الجبهة ترفض أي حوار تحت سلطة العسكر، وتشترط أن يكون الحل دستوريا".