عاجل/ خطايا مالية: تطبيق هذه العقوبات بداية من غرة جويلية..وهذه التفاصيل..    بنزرت: اختتام الدورة الأولى لمعرض الورود ومنتجات النحل بمعتمدية تينجة    تقدّم موسم الحصاد بنسبة 26% وتجميع 4.5 ملايين قنطار إلى حدود 19 جوان 2025    عاجل/ الحرس الثوري الإيراني: إطلاق صاروخ "خيبر شكن" لأول مرة على الكيان الصهيوني    الحرس الديواني ببن قردان وصفاقس وقابس يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار..    إحباط تهريب أكثر من 22 ألف حبة "إكستازي" و2.2 كلغ من الكوكايين بمعبر رأس جدير    توأمان يتألقان في بكالوريا 2025 بتحقيق أعلى معدل وطني في شعبة الآداب 16.64 ومعدل 17.77 في شعبة الرياضيات    عاجل/ إيران تهدّد ب "رد بلا حدود" في حال استهداف المرشد الإيراني على خامنئي..    تحذيرات من موجة حرّ شديدة تسبق مواجهة تشيلسي والترجي في كأس العالم للأندية    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    عاجل/ في هجوم وصف الأعنف منذ بدأ القصف: ايران تدك الكيان بعشرات الصواريخ..    لقاءات للشراكات التضامنية بين ناشرين مستقلين من العالم العربي والفضاء الفرنكفوني يوم الإثنين بتونس العاصمة    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    عاجل: دليل التوجيه الجامعي 2025 متاح الآن.. وكلمة العبور بداية من هذا التاريخ    محرز الغنوشي: منشفتك وباراسولك.. والبحر ينادي!    انطلاق دورة المراقبة لامتحان البكالوريا...في هذا التاريخ    أوفيدو يعود إلى "الليغا" بعد 24 عاماً من الغياب    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    الرقبي 7 – كأس الأمم الإفريقية بموريشيوس 2025: فوز لتونس في الدور الثاني    القيروان: وفاة أب بعد سماعه خبر نجاح ابنته في الباكالوريا    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    إيران: لا تلوث إشعاعي بعد القصف الأمريكي على منشآت نووية    كأس العالم للاندية.. فلومينينسي البرازيلي ينتصر على أولسان الكوري الجنوبي    ترامب يوجه خطابا للأمة والعالم بعد قصف منشآت إيران النووية    التلفزيون الإيراني: تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة    بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    وزارة الفلاحة تحذّر    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. صابر الرباعي في الافتتاح وغزّة حاضرة    شارع الفل ببن عروس.. خزنة توزيع الكهرباء خطر محدّق؟    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    النادي الافريقي: انتخاب محسن الطرابلسي رئيسا جديدا    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختطاف الطائفة أم اختطاف العقل! عبدالرحمن الجميعان
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 05 - 2012


المنسق العام لمنتدى المفكرين المسلمين
لم تكن هناك طائفة بالمعنى السياسي ولا الاعتقادي لمفهوم الشيعة والتشيع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في حياة علي رضي الله عنه، و إنما كانت اللفظة تطلق على المناصرين من جانب علي أو من جانب معاوية، فيقال شيعة علي رضي الله عنه، وشيعة معاوية!
بعد حادثة الحسين بدأ يتبلور مفهوم ضيق للتشيع، لم يكن بعيداً عن مفهوم الأمة، بل كان الشيعة جزء أصيلا في الأمة إلى زمن الدولة العباسية. كما رأينا لدى كثير من المحدثين يوسم أحدهم بأن « فيه تشيع». والثابت أن الشيعة كانوا يرون أفضلية علي على عثمان رضوان الله عليهما، ولكن لظروف موضوعية وتاريخية وسياسية، تفكك الشيعة وانشطروا إلى فرق وأحزاب،خاصة بعد موت إسماعيل بن جعفر الصادق.
من بعد ما يقارب 260ه وهي السنة التي أرخت لما سمي بعد ذلك بالغيبة الكبرى، وتبعها افتراضات أسطورية، بدأ العمل السياسي، والعقدي للشيعة يتبلور أكثر كفرقة منفصلة عن الأمة بكل أطر الدين وملحقاته!
ومع السرية ، والشعور بالاضطهاد، وعدم المراجعة والنقد، طغى جانب اللامعقول في الفكر الشيعي، وتضخمت الأسطورة كأحد عناصر العقيدة الشيعية، وافترضت افتراضات سياسية وعقدية لتتوازى وتتناسق مع المفهوم الغالي للتشيع، فظهرت قضية تحريف القرآن، وعصمة الأئمة واغتصاب الخلافة وغيرها من لوازم الانفصال عن الأمة.
ثم ظهر مصطلح « الإخباريين»، و « الأصوليين»، ليمايز بين فريقين، فريق العقل « الأصولي»، وفريق اللاعقل « الإخباري»، وكان من المفترض أن تكون القوة للعقل على حساب اللاعقل وعلى حساب التفكير الأسطوري، و لكن الغلبة كانت للإخباري ضد كل من ينادي بانفلات التشيع من هذه القبضة، ومع أن الإخباريين كانوا الأضعف، و إلا أن قابلية الفكر والتفكير الشيعي لمنطق الأسطورة واللامعقول انتهى إلى انتصار الجانب الإخباري، حتى لا يكاد أحدا يفرق اليوم بين الاثنين!
وقد تبدو عند البعض هنا إشكالية القول بوصم السنة أو بعضهم، بالإخباريين، وبالتالي فالمعادلة متساوية الطرفين، ولكن هذه مقاربة منافية للواقع وبعيدة كل البعد عما يروجه الشيعة الإخباريون! فالإخباريون، إن صحت التسمية عند أهل السنة، هم المحدثون، وهم من جمع الأخبار، و لكن المحدثين السنة، منذ عهد الصحابة إلى أن انتهى عصر التدوين والضبط، قاموا بتمحيص النصوص الحديثية، وفرزوا الضعيف والمعتل و الموضوع عن الأحاديث النبوية الشريفة، و حموا الأحاديث من دخول الضعيف، وتحرزوا لذلك. وحتى و لو كانت النسبة 1٪، و إلا أن المجدثين تشددوا في الاحتراز حتى لا يختلط الصحيح بالضعيف، ووضعوا الضوابط والقواعد الحديثية التي عرفت بعد ذلك بمصطلح علم الحديث، ونبغ منهم رجال كالبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن حنبل و غيرهم كثير، بينما لم ينبغ في تخصص علم الأخبار أحد في الجانب الشيعي، بل كان علماؤهم يدعون العصمة في أخبار الأئمة، وأضفوا عليها طابعا قدسيا، وخلطوها بالأحاديث الموضوعة والصحيحة ودافعوا عنها، وحموها من التأثير من الخارج، وسوروها بسياج الأسطورة والتقديس، واستدلوا بعرضها على القائم فاستحسنها، ولهذا كان يقال حديثنا صعب مستصعب، ومن أفشى سر الأخبار فجزاؤه النار وهكذا، حتى تحمى الأسطورة، وتدخل في البنية الفكرية الشيعية!
إن التجديد والدفع نحو تغيير التفكير، والمحافظة على ثبات الدين القويم، هي أسس عدم الانحراف، ولهذا حفظ الله تعالى الأمة بالمجددين، و لكن الشيعة برزت فيهم قضية التجديد بصورة متأخرة جدا كما يذكر ذلك الكاتب صباح الموسوي في مقالته (اجتهادات فاعلة في إصلاح الفكر الشيعي)، فنحن إذن إزاء فكر قد تكلس، وطغى عليه اللامعقول من خلال التكرار والتعميق في مسألة المظلومية والمقتل!
بعض التساؤلات:
من يقود الشارع الشيعي اليوم؟ ولم لا يوجد صوت للمثقفين والعلماء المتحررين من التفكير الأسطوري؟ هل يراد للتشيع أن يكون هكذا؟ لمَ بدأت تظهر صور المشايخ الذين ليس لهم هم إلا تعميق الفجوة بين السنة والشيعة؟ و لمَ يطغى جانب اللطم و الضرب، على الوعي والفعل العقلي؟ لمَ لا تثار في الحسينيات الأسئلة التي يثيرها السنة - الجانب العلمائي- ويجاب عليها بكل صراحة وصدق؟ و إن تعجب فعجب ممن يصدق ذلك كله، فيصدق أن التربة الحسينية تهدأ من ثوران البحر، وأن كلمات مثل (يا علي) مائة مرة تشفي من المرض؟ بل كيف يتم تصديق أن هناك في بلاد الغرب مسميات لمدن تعني فاطمة الزهراء والحسين وهكذا؟ هل يراد من الشيعة أن يعيشوا بلا عقل ليسهل ابتزازهم و تحريكهم و تأجيجهم ومن ثم تجييشهم ضد الأمة لتحقيق مآرب زمنية؟
للمثقفين الشيعة اليوم دور لم يقوموا به أبدا، بل إن مواقفهم تبدوا ضعيفة إزاء هذا الزخم الأسطوري، و استلاب العقل الشيعي، والانكفاء على لا معقول يستمد وجوده من سنة 60ه، و 260ه، هل عجزوا عن التطوير والتجديد، فانتكسوا وتراجعوا وتركوا الساحة لهؤلاء؟ أم أن هناك شيئا آخر؟ هل لا يملكون أدوات التغيير، ويخشون ضغط الواقع و الناس؟
أسئلة بحاجة إلى إجابة شافية، خاصة أننا نرى أوزاغا متفرقة ممن يتهامسون في ضرورة التجديد في الفكر و لكن دون ضجيج، ولا رفع صوت،و هذا يدل على وجود إشكالية فكرية كبيرة داخل المنظومة الشيعية.
إن التغيير من الخارج - من الجانب السني- وإن تم سيكون تأثيره قليلا جدا، بالنسبة إلى طائفة، ولكن التجديد و كسر المحرمات و التقديس للأصنام و الأوثان المنضوبة هو الذي سيكون تأثيره أكبر بكثير، و لهذا نجد التحريم يطال كتب علي شريعتي، لأنه كسر وهم القداسة في هذا الفكر، وأطلق العنان لفأسه ليعيث و يصلح في رأس المؤسسة الدينية، و كذلك البرقعي أو موسى الموسوي،والكاتب، وإن كنا نرى أن تأثير شريعتي لا يزال حاضرا رغم غيابه الطويل، ومن العجيب أننا نسمع تطاولا على الرجل ومن داخل منظومة المثقفين الشيعة، لأنه استطاع تحريك الماء الراكد أو الذي أريد له الركود، وحرك العقل نحو قضايا مصيرية في هذا الفكر.
إنه لمما يحزن أن تنزوي الطائفة، وتنكفئ على نفسها، وتأخذ من الأساطير ما يروق لها، وتترك هذا الدين الفسيح، الذي ينمي العقل والوجدان، إذ أن قصر مفهوم التشيع على ضلع فاطمة، وتحريف القرآن واغتصاب الخلافة، ومصيبة كربلاء، لهو تسفيه كبير لمفهوم التشيع، فالتشيع لم يأت للطم الخدود وشق الجيوب على فاجعة كربلاء واستحضاره للحضور السلبي الذي سيعطل التطوير والتجديد، لأن الحسين قام للتجديد، و للدفاع عن الأمة، وكان يستطيع أن يجلس في بيته، ولكنه أراد أن يعلم أتباعه معنى المسئولية الدينية ومعنى حب هذه الأمة والانتماء إليها، والقتل لأجلها، حتى تسلم أمور المسلمين، و من قبله الحسن عليهما السلام، الذي باع الدنيا و اشترى الدين، وهكذا، نجد هذه التضحيات، وهذا التراث الاستشهادي الضخم، والدماء الزكية، ثم يأتي من يسرق هذا كله ويجيره لنفسه ويستغفل العقول المسكينة ويلطم ويبكي وأن التشيع سيكون في خطر إن لم يبك الشيعة في محرم، بل كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشور!
إنه التجييش اللاواعي، واللامعقول، وإنني أحمل المثقفين والعلماء الصادقين من الشيعة، مسئولية هذا الانحدار في الخطاب وسرقة الطائفة، بل سرقة العقل الشيعي المرتمي في أحضان الأسطورة، فإلى متى تتركون هؤلاء ينتشون بسرقاتهم؟!
2/5/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.