قالوا في الأخبار أمس أن اللجنة المركزية مستعدة للتعاون مع الأطراف للوصول إلى معرفة الأسباب التي كانت وراء استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات في مقر المقاطعة عام 2004. وأضافوا أن تحقيق لقناة الجزيرة استمر تسعة أشهر أكد العثور على مستويات عالية من مادة البولونيوم المشع والسام في مقتنيات شخصية للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات استعملها قبل فترة وجيزة من وفاته وذلك بعد فحوصات أجراها مختبر سويسري مرموق. وهنا ثارت في ذهني العشرات من التساؤلات المجنونة كرياح الخريف الهوجاء عندما تثور في آب. وهل اللجنة المركزية موضع اتهام كي تعرب فقط عن استعدادها للتعاون مع الأطراف للوصول إلى الحقيقة..!! وهل الأمر يخص الجزيرة وحدها ولا يخص لا الشعب الفلسطيني ولا اللجنة المركزية لينحصر دور المركزية في التعاون مع الأطراف..!! إذا كان البولونيوم هو من قتل عرفات فمن دسه في طعام الزعيم إذا كان كل من حوله كانوا من الخلصاء المقربين..!! وماذا كانت الدبابات تحاصر في مقر المقاطعة إبان مرض ياسر عرفات قبل نقله إلى باريس إذا لم تكن تحاصر حلم عرفات الأول خوفا من تسربه خارج الأسوار ليعبر عن نفسه ثورة نضالية جديدة..!! وإذا كان الزعيم ومن حوله من قادة فتح و م.ت.ف هم خلصاء الثورة وقادة القضية فمن قتل القضية إذا ...!! ومن الذي فرط وباع ثلاثة أرباع الوطن في اتفاقات أوسلو مقابل التفاوض على الربع الأخير عفوا مقابل أن ندفن في الربع الأخير من الوطن...!! لا استغرب حقيقة من تقرير الجزيرة الذي جاء بعد سبع سنوات ليثبت المثبت وليقرر الحقيقة المعلومة وهي أن الزعيم عرفات قتل مسموما، وأن الذي قتله هم أعداء الوطن والقضية، وأن الذي دس له السم هم أذناب العدو مهما كانت مسمياتهم ومناصبهم. ولكني أستغرب في الحقيقة من أن تكون الجزيرة كوكالة إعلامية وكفضائية عربية هي من يحاول أن يثبت أن زعيم القضية الفلسطينية قتل مسموما، ومتى ..بعد مرور هذه السنوات الطويلة، وليست السلطة التي أنشأها وقادها ياسر عرفات، وليست حركة فتح التي ملأت الدنيا نحيبا وضجيجا اثر موت قائدها لكنها لم تتحرك على الأرض بشكل فعلي للكشف عن الأيدي الخفية والمقربة التي دست له السم، ربما خوفا من الفضيحة، وربما خوفا على الشعب من صدمة سقوط القيادة في الخيانة والعمالة..!! فهل الجزيرة باتت تملك من الشجاعة والجرأة والوطنية والقدرة المادية أكثر مما تملك حركة فتح أو سلطتها في رام الله..!! إذا كان وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على رحيل الرمز الفتحاوي، لا يزال اللغز قائما حول ظروف مقتله، فان اللغز حول من ضيع القضية في دهاليز التفاوض العبثي بات واضحا وجليا لكل ذي عينين. في الحقيقة أننا لم نعد بحاجة إلى لجان تحقيق بالأمور أوضح من الشمس في رابعة النهار. حقيقة موت عرفات مسموما لم تعد بحاجة إلى إثبات، وحتى لو أثبتها العلم والبينات..فماذا بعد..!! وهل حقيقة تهجير شعبنا الفلسطيني لغز بحاجة إلى حل، أو بحاجة إلى لجان تحقيق لإثباتها..فماذا فعل العالم حيال هذه الجريمة الانسانية البشعة بحق شعب بأكمله...!! وماذا فعل العالم حيال تقرير غولدستون الذي أثبت ذبح العدو لشعبنا نهارا جهارا وببث حي ومباشر ..!! وماذا تتوقعون أن يفعل هذا العالم حيال مقتل زعيم الثورة الفلسطينية إذا لم يفعل هذا العالم الظالم شيئا حيال كل المجازر البشعة المرتكبة بحق هذا الشعب الأعزل..!! قتل عرفات بالبولونيوم أو بغيره تعددت الأسباب والموت واحد، فالموت حق على كل حي، وبدلا من الاشتغال بهذه التفصيلة من التفاصيل النكدة في حياة شعبنا الفلسطيني فلنشتغل بانقاذ ما تبقى من القضية التي ضعيتها القيادة باسم الوطن وباسم المصلحة الوطنية العليا...!! صحفي وباحث سياسي