وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء الفجرنيوز:دعا المطران إيسيدور بطيخة المسيحيين والمسلمين إلى التلاقي فكرياً وحياتياً وليس التعايش وحسب، وأكّد أن المشتركات بين المسيحية والإسلام هي أكثر مما يعتقد الناس، وقال إن الظروف المتوترة في تاريخ العرب، مسلمين و مسيحيين، ساهمت في لم شملهم. ورأى أن الإسلام في العالم العربي اصطبغ عموماً بصبغة التسامح، ورغم ذلك لم يخل التاريخ الإسلامي من تجاوزات، واعتبر تزامن عيد الميلاد والسنة الهجرية والميلادية "علامة من السماء" لمزيد من التقارب والانفتاح والأخوة وأوضح المطران بطيخة، متروبوليت حمص وحماه ويبرود وتوابعها، في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء أن العالم "قرية صغيرة تداخلت فيها الحضارات وتحاورت وانصهرت في بوتقات جغرافية واضحة المعالم، وتمازجت الثقافات لتحمل كلها آثار تلك التي اصطدمت بها أو تقاربت معها، هكذا أيضاً حال الأديان التي كان التوحيد فيها من مشكاة واحدة، نبعت من قلب الله عز وجل، في أرض اختارتها السماء لتكون مسرحاً للقاء كلمة الله بالإنسان الذي كان يفتش عنها في كل مكان، إلى أن بلغ ملء الزمان فأرسل الله كلمته بيننا، لتتجسد الكلمة في قلوبنا إيماناً، ويصبح الإيمان أعمالاً والدين معاملة، فكانت المقولة الشهيرة: قل لي من هو إنسانك أقول لك من هو إلهك" حسب تعبيره وأضاف بطيخة، من مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك "حمل العالم القديم، والعربي جزء منه، بين طياته حضارات متعددة، وثقافات متنوعة، نُسجت كلها متشابكة الخيوط في تلك الرقعة من الأرض، التي تضم بلاد الشام وبلاد الرافدين والأصقاع المصرية والجزيرة العربية، لتتخطى حدودها وتنتشر في ما نسميه اليوم الشرق الأوسط أو العالم العربي" وفق قوله وتابع "في هذا العالم العربي انتشر الإسلام انتشاراً واسعاً، حتى ظن كثيرون أن كل ما هو عربي هو إسلامي، وهذا خطأ فادح.. لأنه ليس كل ما هو عربي إسلامي وليس كل ما هو إسلامي عربي.. فالإسلام دين انتشر أولاً في العالم كله، وانصب في كل الثقافات والأصقاع كما أنه احترم في انتشاره وفتوحاته اليهودية والمسيحية، خاصة على مبدأ لا إكراه في الدين... ورغم ذلك النفَس التسامحي فإننا نرى في تاريخ الإسلام تجاوزات عديدة حتى ظن بعضهم أن الإسلام دين عنف وقهر وسيف" حسب تعبيره ورأى بطيخة، الذي تعتبر أبرشيته إحدى أوسع الأبرشيات مساحة ضمن حدود البطريركية الملكية الأنطاكية، أن العلاقات ين المسلمين وغير المسلمين "اصطبغت بألوان الشعوب التي اعتنقت الإسلام ديناً. فكان منها المتسامح، ومنها المتسامي، ومنها المعتدل، ومنه المتشدد، ومنها الإرهابي الذي حكم الأرض باسم السماء. لذلك نقول إن الإسلام في العالم العربي اصطبغ عموماً بصبغة التسامح، متقبلاً من كان قبله في أرض انتشاره، خاصة المسيحيين بينهم الذين ألزمه (كتابه المنزل) ببعض معتقداتهم، وأمره بحسن معاملتهم، لأن بينهم قسيسين ورهبان وإنهم لا يستكبرون" وفق قوله وأشار إلى أن "الظروف المتوترة في تاريخ العرب، مسلمين ومسيحيين، ساهمت في لم شملهم، وتوحيد كلمتهم، فوقف المسلمون منهم يدافعون عن بني أوطانهم في وجه المعتدي المسلم، وهكذا فعل المسيحي منهم يوم كان المعتدي مسيحياً" حسب تعبيره وتابع "هكذا تبنى الأوطان بتلاحم أبنائها وتضامن المواطنين فيها في لحمة وطنية، هي حزام الأمان يوم الشدة والضيق. هذا ما جعلنا نناشد جميع المواطنين، من مسيحيين ومسلمين، ليتمسكوا بوحدتهم الوطنية ولحمتهم القومية التي هي ترجمة لمعتقداتهم، وتجسد لدينهم الذي يملي عليهم أولاً احترام الإنسان، وقبول الآخر، فيصبح الإنسان شرطاً أساسياً للخلاص" وفق قوله وشدد سيادته على أن المشتركات بين المسيحية والإسلام "هي أكثر مما نعتقد فلنبحث عنها بانفتاحنا على الآخر، كما فعل أجدادنا وأسلافنا، فعاشوا معاً أكثر من ألف وأربعمائة سنة لا يتجادلون إلا بالتي هي أحسن، ويحبون بعضهم بعضاً كما أوصاهم دينهم، متطلعين إلى ما فيه خير الإنسان على أرض الوطن" حسب تعبيره وأكّد أن المطلوب "هو التلاقي وليس التعايش وحسب لأن المعايشة هي تلاصق اجتماعي، تراكم فئات تتجاور ولكنها غير متلاقية بتداخل فكري وحياتي، وغالباً ما يحول أمام هذا التلاقي الحياتي أفكار مغلوطة وجهل للآخر. فالبحث الديني ليس بالضرورة مدعاة تفريق وما علينا أن نتحاشى ما تقوم عليه حياتنا القومية ويتطلبه العصر الحديث، بما فيه من انفتاح، لنتلهى بالأحاديث الباطلة ونغطي خلافاتنا بالمجالسة المجردة عن المقابلة الفكرية ونتحالف ونحن مثقفون مع القوى المتعصبة العمياء في طائفتنا.. فالطائفية بغيضة" وفق قوله وأعرب المطران بطيخة عن أمنيته أن تحمل السنة الجديدة "الخير والبركات والسلام لكل أخواننا وإخوتنا في الوطن العربي، فنحقق بعضاً من السلام الذي أخبرتنا عنه السماء يوم مولد عيسى إذ هتف الملائكة: المجد لله في العلي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة"، وتمنى ميلاداً مجيداً وسنة هجرية وميلادية جديدة مباركة"، واعتبر أن تزامنهما معاً "ما هو علامة من السماء لمزيد من التقارب والانفتاح والأخوة" حسب تعبيره