قريبا في تونس: شركة الألبان تستأنف نشاطها    بنزرت: حجز أطنان من اللحوم والمواد الغذائية المخزّنة في ظروف غير صحية    آخر مستجدّات رحلة أسطول الصمود في اتجاه غزّة..#خبر_عاجل    من بينها تونس: 8 دول عربية تستقبل الخريف    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    عاجل: السجن لعاملين بمستشفى القصرين من أجل قضايا فساد ببنك الدّم    60 يوما فقط للمغادرة الطوعية.. إدارة ترامب تنهي وضع "الحماية المؤقتة" لآلاف السوريين    لكلّ من فهم بالغالط: المغرب فرضت ''الفيزا'' على هؤلاء التوانسة فقط    تدشين خط انتاج جديد لشركة القنوات بسوسة يوم الاثنين 22 سبتمبر الجاري    صرف الدفعة الأولى من المساعدات المالية بمناسبة العودة المدرسية في هذا الموعد    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    أكثر من 100 ألف تونسي مصاب بالزهايمر ومئات الآلاف من العائلات تعاني    الفيفا يتلقى 4.5 مليون طلب لشراء تذاكر مباريات كأس العالم 2026    الرابطة الأولى: برنامج مباريات اليوم و النقل التلفزي    ستة أشهر سجنا لشاب أشهر سلاحا ناريا مزيفا خلال فعاليات "أسطول الصمود"    الكشف عن مصنع عشوائي للصلامي وحجز مئات الكيلوغرامات..#خبر_عاجل    عاجل: تأخير وإلغاء رحلات جوية بسبب هجوم إلكتروني    "يوتيوب" يحظر حساب مادورو    عاجل/ عقوبة سجنية ضد الشاب الذي صوّب سلاحا مزيّفا تجاه أعوان أمن    اليوم: استقرار حراري وأمطار محدودة بهذه المناطق    مسؤول إيراني: لم نصنع سلاحا نوويا حتى الآن لكننا نمتلك القدرة على تصنيعه    بعد موجة من الانتقادات.. إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها وتكتفي بالاحتفال العائلي    وكالة إحياء التراث تحتفي باليوم العالمي للغة الإشارة تحت شعار "حتى التراث من حقي"    "كنز القدس" يثير غضب إسرائيل.. وأردوغان يرفض تسليمه    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    منزل وزير الصحة الأمريكي يخضع للتفتيش بعد إنذار    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    أمين عام الأمم المتحدة.. العالم يجب ألاّ يخشى ردود أفعال إسرائيل    استراحة «الويكاند»    نفذته عصابة في ولاية اريانة ... هجوم بأسلحة بيضاء على مكتب لصرف العملة    في عرض سمفوني بالمسرح البلدي...كاميليا مزاح وأشرف بطيبي يتداولان على العزف والقيادة    تتويج مسرحي تونسي جديد: «على وجه الخطأ» تحصد 3 جوائز في الأردن    ميناء جرجيس يختتم موسمه الصيفي بآخر رحلة نحو مرسيليا... التفاصيل    28 ألف طالب يستفيدوا من وجبات، منح وسكن: شوف كل ما يوفره ديوان الشمال!    وزارة الدفاع تنتدب    توقّف مؤقت للخدمات    عاجل/ المغرب تفرض التأشيرة على التونسيين.. وتكشف السبب    الاتحاد الدولي للنقل الجوي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ مشاريعها ذات الصلة    عفاف الهمامي: أكثر من 100 ألف شخص يعانون من الزهايمر بشكل مباشر في تونس    رابطة أبطال إفريقيا: الترجي يتجه إلى النيجر لمواجهة القوات المسلحة بغياب البلايلي    أكثر من 400 فنان عالمي يطالبون بإزالة أغانيهم من المنصات في إسرائيل    البنك التونسي للتضامن يقر اجراءات جديدة لفائدة صغار مزارعي الحبوب    عائدات زيت الزيتون المصدّر تتراجع ب29،5 بالمائة إلى موفى أوت 2025    بعد 20 عاماً.. رجل يستعيد بصره بعملية "زرع سن في العين"    مهذّب الرميلي يشارك في السباق الرمضاني من خلال هذا العمل..    قريبا القمح والشعير يركبوا في ''train''؟ تعرف على خطة النقل الجديدة    أغنية محمد الجبالي "إلا وأنا معاكو" تثير عاصفة من ردود الأفعال بين التنويه والسخرية    البطولة العربية لكرة الطاولة - تونس تنهي مشاركتها بحصيلة 6 ميداليات منها ذهبيتان    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    حملة تلقيح مجانية للقطط والكلاب يوم الاحد المقبل بحديقة النافورة ببلدية الزهراء    هذه الشركة تفتح مناظرة هامة لانتداب 60 عونا..#خبر_عاجل    بطولة العالم للكرة الطائرة رجال الفلبين: تونس تواجه منتخب التشيك في هذا الموعد    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    سعيد: "لم يعد مقبولا إدارة شؤون الدولة بردود الفعل وانتظار الأزمات للتحرّك"    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2008 أو عام الرمادة العربي : سعيد مبشور

الدار البيضاء
لعل الحديث عن سنة مضت، وأخرى جديدة تشارف على الدخول، لا يغير من وجه الحقيقة العربية شيئا، إذ أن الواقع العربي لم يخرج عن الصفات التي لازمته طوال عقود الهزيمة وما تلاها من الترهل والانكسار، وهكذا تعمقت مظاهر الأزمة في مفاصل الجسد العربي المنهك، ولأن الوضع العربي مرتهن إلى حسابات التوازن والحراك العالميين، فقد أثر الارتباك والفوضى التي شابت الساحة الدولية سياسيا واقتصاديا على الوضع في داخل البلدان العربية، ولأن النظام الرسمي العربي في حالته الراهنة ليس في وضع يسمح له بأن يكون فاعلا ومؤثرا في حركة التاريخ، بل إنه لا يشكل في كثير من الأحيان سوى ساحة تجارب لهذا المعسكر أو ذاك، ولتلك القوة العظمى أو لمثيلاتها، فإن بلداننا أصبحت تعيش أكثر فأكثر تحت وطأة التخلف والانحطاط.
الاحتلال الصهيوني: محرقة عمرها ستون عاما
في بحر العام الذي نودعه، كان السرطان الصهيوني قد وصل إلى حالة استعصت معها وصفات العلاج الموضعي، ووقفت آلة المفاوض العربي عاجزة عن فهم البنية المتحكمة في العقل السياسي الصهيوني، ووصل مسلسل التسوية بعد أنابوليس إلى أنفاسه الأخيرة، خصوصا مع حالة الجمود التي تعرفها الساحة الفلسطينية، من جراء الصراع الناتج عن تضاد قطبي الجسد الفلسطيني الممثلين في حركتي فتح وحماس.
هذا الصراع بين أطراف الساحة الفلسطينية، وجد فيه الصهاينة مبررا كافيا للإجهاز من جديد على ما كان بين أيدي الفلسطينيين من مكاسب عقد التوافق الوطني، والاستفراد بفلسطينيي القطاع في مجازر فاشستية مريعة، وهو الصراع الذي أعطى للمجتمع الدولي فرصة أخرى للتملص من الالتزامات المعلنة تجاه الشعب الفلسطيني، ومنح لجهات عربية رسمية عديدة مختلف الذرائع للتخلص من عبء قضية ناءت بحملها أروقة الديبلوماسية العربية، وتحركت بالتالي مقولة أن على الفلسطينيين إيجاد الحلول لأنفسهم قبل أن يطالبوا أي جهة أخرى بالتدخل لصالحهم لدى المجتمع الدولي.
وماذا كانت النتيجة ؟ مجزرة جديدة تنضاف إلى سلسلسة الإنجازات الدموية في رصيد الكيان الصهيوني، بعد حصار وحشي شامل على قطاع غزة عجل بكسر أي تهدئة محتملة، وجعلها هشة أمام حرب الاستنزاف التي تمارسها عصابات الدولة العبرية، والأطراف الراعية لها تضغط على الغزاويين من أجل الرضوخ للأمر الواقع، والقبول بوقف المقاومة ومعه القبول بنزيف الكرامة.
وفي الوقت الذي حضرت فيه الإدانات والتنديدات بالصراع الداخلي الفلسطيني، غابت أو حضرت بشكل محتشم المبادرات الرسمية من أجل فتح المعابر، وإنقاذ الأطفال والمرضى والعجزة، بله إنقاذ القدس والأقصى من التهويد، أو إطلاق سراح الأسرى، أو عودة اللاجئين.
هذا في الوقت الذي حرص فيه البعض على حضور ما سمي بحوار الأديان جنبا إلى جنب مع مجرمي الحرب والقتلة وسفاكي دماء الشعب الفلسطيني، بينما تهافت البعض الآخر على الظفر بحظوة مصافحة رئيس وزراء الدولة "الصديقة".
وإذا كان الرفض العربي غير المعلن، لتولي إسلاميي القطاع لمقاليد الأمور في غزة أو غيرها، مبررا بما قد نسميه "فوبيا" التفوق الانتخابي الإسلامي، فما الذي يبرر السكوت على محرقة يتعرض لها أكثر من مليون ونصف إنسان في سجن كبير اسمه غزة؟.
حقوق الإنسان: خروقات الستين عاما
إن الخرق الحقوقي الأكثر إثارة واستدامة على مر التاريخ المعاصر هو ذلك المتعلق بالاحتلال الصهيوني لأراضينا في فلسطين، وهو الخرق الذي يمتد عبر السنين بالموازاة مع ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لقد أضحى الجسد العربي مشوها من كثرة الندوب، وانضافت إلى الجرح الفلسطيني الغائر، مآسي العراق ولبنان والسودان وغيرها من البلدان العربية التائهة وسط حسابات الخارج وتناقضات الداخل، وفي ظل انعدام التوازن القطبي العالمي، غدت كثير من بلداننا مرتهنة لهيمنة الأجندة الجديدة للغرب، والتي قوامها التدخل السافر في الشؤون الأكثر حميمية لبلداننا بدعوى مكافحة ما يسمى بالإرهاب، هذه الأجندة التي زادت من حدة التوتر داخل المجتمع العربي، وفاقمت من وتيرة الانتهاكات لحقوق الإنسان داخليا كما هو الحال عبر العالم.
وفي لحظة تاريخية مثيرة واستثنائية، تخلى المجتمع الدولي عن كل الشعارات والقيم التي أسس لها بعد الحرب العالمية الثانية، وبدا أن هذه المثل والمبادئ والإعلانات هي أطروحات عملية ونافذة عندما يكون مجال حركتها داخل حدود القوى الكبرى وفي تعاملاتها البينية، أما حين يتعلق الأمر ببلداننا فالمسألة محض شعارات للاستهلاك السياسي ليس إلا.
الأزمة المالية العالمية: بداية النهاية !
مع بداية 2009، قد يدخل العالم عصر ما يسميه بعض المحللين بالرأسمالية الجديدة، إذ يعكف خبراء النظام الليبرالي العالمي على البحث عن بدائل أكثر نجاعة، بعد الأزمة الخانقة التي قطعت أوصال المؤسسات المالية العالمية، وأحالت الاقتصاد العالمي في صيغته الراهنة إلى كائن هلامي منكمش على ذاته.
وفي بلداننا دأبت الدوائر الرسمية على إيهامنا بكوننا في منأى عن أي تأثر بالأزمة المالية العالمية، وكأننا نعيش بمعزل عن التاريخ المعاصر، أو أننا بالفعل نعترف بأننا لسنا طرفا في المعادلة الاقتصادية الدولية، وفي واقع الأمر فإن هذه التطمينات تمثل جزءا من الحقيقة، إذ أن وضع الاقتصاد في أغلب بلاد العرب لا يحتاج إلى أزمة كونية حتى تأرق جفوننا أو تهتز منا الفرائص خوفا على ضياع حساباتنا المالية وأوضاع شركاتنا الرائدة في مجال التصنيع والإنتاج العالميين.
لذلك فمن حق مسؤولينا أن يكونوا في غاية السكينة، فاقتصادنا في مأمن من الخطر، مادامت عقلية الريع تتحكم فيه، وسيولاتنا المالية مستقرة، سهلة التداول في الداخل، وصعبة في الصناديق السوداء ببنوك ومؤسسات الودائع الأجنبية، والأمن الغذائي العربي في أقوى حالاته، والدليل على ذلك .. رغيف الخبز النادر في غزة المحاصرة !
- أوباما: الاستثمار في السوق السوداء
العام الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، يتسم بدخول سياسي جديد، مع تسلم الرئيس المنتخب باراك أوباما مفاتيح البيت الأبيض، وهو الرئيس الفائز في حملة غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي، سال معها مداد كثير، وكان نصيب الأقلام العربية منها نزر غير يسير.
لقد استبشر الجميع بتولي أوباما قيادة أقوى دولة في العالم، وهللت الأبواق تبشيرا بالفارس الأمريكي الأسود، القادم من أدغال إفريقيا لإنقاذ العالم من براثن الأزمات التي قاده إليها استراتيجيو البيت الأبيض على عهد الجمهوريين.
ونسي الجميع أو تناسوا، أن مهندسي السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، عندما اختاروا باراك أوباما كوريث للرئيس الأقل شعبية في تاريخ الولايات المتحدة، إنما أطرتهم عدة عوامل لعل أهمها هو الأزمة العميقة التي وصل إليها النظام العالمي بالقيادة الوحيدة للولايات المتحدة، ثم النفق المسدود الذي وصلت إليه تطبيقات نظام اقتصاد السوق وانهيار جزء كبير منها في الوقت الذي لم تستقر فيه كل أسس العولمة وأنساقها النظرية والعملية، ناهيك عن وجود أزمة عميقة في المجتمع الأمريكي، فمع بوادر الأزمة الاقتصادية تفاقمت الوضعية الاجتماعية لفئات عريضة من الشعب الأمريكي، ومست الإجراءات الاحترازية التي مارستها الشركات والمؤسسات المالية بالنسيج الاجتماعي، وكان المتضررون الأساس هم السود، أولئك الذين يعيشون على هامش المجتمع، ويشكلون نسبة 13 بالمائة من مجموع الساكنة، وهم الفئة الأكثر تأثرا بالفقر والبطالة خصوصا في ما يسمى بالولايات الصناعية في شمال البلاد، ولذلك فانتخاب رئيس أسود قد يخفف من درجة الاحتقان ويؤجل فورة اجتماعية وشيكة بسبب اتساع دائرة الآثار الناجمة عن الأزمة الاقتصادية الخانقة، فضلا على أن أقليات أخرى كالإسبان والهنود طالما منوا أنفسهم برئيس يمثل على الأقل إحدى الأقليات، حتى يدافع عن مصالحهم ويتخذ خطوات تخرجهم من عزلتهم الاقتصادية والاجتماعية، وتجعلهم شريكا ذا قيمة حقيقية في صنع القرار، وليس فقط أداة في مجال مراهنة انتخابية وسلعة في سوق السياسة، مما يجعل النجاح الباهر لأوباما فرصة لإحداث فجوة انفراج مؤقتة في جدار هذه الأزمة، ويؤكد أن لون الرئيس الجديد كان له دور محدد سلفا من قبل صانعي الواقع السياسي الأمريكي.
ولقد أقر أوباما نفسه، وفي أكثر من مناسبة، بصعوبة تخطي الأزمة الحالية، ليس في العام المقبل فقط، وإنما طيلة مدة ولايته، وحتى على امتداد العشرية القادمة، وهو الذي يبدأ عمله على رأس الإدارة الأمريكية وفي درج مكتبه ملفات كبرى ساخنة من أجل معالجتها، فإضافة إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي المحلي والعالمي، تبرز مخلفات الحقبة "البوشية" والمتمثلة أساسا في الحربين العراقية والأفغانية، وهما الحربان المندرجتان ضمن المشروع الأمريكي العام في الحرب الكونية على ما يسمى بالإرهاب، زيادة على الوضع المتأهب للحرب في ما يخص الملف الإيراني، وهو الملف المرتبط رأسا برغبة العديد من الدول والقوى في امتلاك تكنولوجيات التسلح النووية المتطورة، ناهيك عن الجرح الممتد في خارطة الشرق الأوسط بسبب استمرار الغطرسة الصهيونية في المنطقة، فضلا عن بروز بؤر أخرى مزعجة للأمريكان كما هو الشأن بالنسبة للمواقف الجديدة المعلنة من طرف الروس، وإرادات بعض بلدان أمريكا الجنوبية في التمرد والاستقلال في القرار.
هذا فيما تعول المؤسسة السياسية الخارجية في الولايات المتحدة على أوباما لشغل وظيفة الوسيط من أجل الحد من موجة النقد والكراهية الموجهة إلى الساسة الأمريكان، خصوصا في المنطقة العربية الأكثر تضررا من التدخل الأمريكي في سياساتها.
إن أول أرباح الولايات المتحدة من الاستثمار في أوباما، هو توقيع الاتفاقية الأمنية مع الحكومة العراقية، وهي الاتفاقية التي دافعت إدارة جورج بوش على توقيعها في الأنفاس الأخيرة قبل انتهاء ولايته، وساهم انتخاب الرئيس الجديد في التعجيل بالتصديق عليها، أمام التفاؤل العربي الكبير بمجيء عهد جديد قد يكون أكثر ثمرة من سابقه، أو على الأقل يخفف من وطأة الضغط الكبير الذي عانى منه النظام الرسمي العربي من الإدارة البوشية، خصوصا في مجال الانخراط الغير مشروط في ما سمي بالحرب على الإرهاب.
وفي الوقت الذي دعت قيادات سياسية أوربية إلى ضرورة تجديد الحوار الأورو-أمريكي على أسس مغايرة، والدعوة إلى احترام الاختلاف والتباين السياسي في الساحة الدولية، اكتفت الساحة العربية كعادتها بانتظار ما قد يتغير، دون محاولة فرض واقع جديد على الساحة العربية والإسلامية، أو إعادة التأسيس لعلاقات أمريكية عربية قوامها الاحترام المتبادل وعدم فرض الأجندات، بل إن أوباما عبر عن عزمه المضي في تنفيذ المشروع الذي بدأه جورج بوش، من خلال الإبقاء على بعض رموز الإدارة المنتهية ولايتها على رأس حقائب الأمن القومي والدفاع على الخصوص، ومن خلال العزم على توجيه الجهد الأكبر إلى الساحة الأفغانية، دون الإشارة إلى أي تغيير محتمل على المستوى الاستراتيجي في نظرة الولايات المتحدة إلى العالم الإسلامي، وكذا من خلال تقديمه ضمانات متوالية للإسرائيليين كطرف في الصراع الشرق أوسطي، بل إنه وفي معرض توجهه بالخطاب إلى اللوبي اليهودي لم يختلف كثيرا عن نهج سابقيه من مغادري البيت الأبيض.
منتظر الزيدي، أو عندما ننتفض من أسفل
تميزت نهاية العام الحالي بالحدث الفريد، الذي صنعته فردتا حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، وقد كتب عن هذا الواقعة الكثير من التعليقات والتحليلات والقراءات، وأثارت سيلا واسعا من النقاشات، حتى أن مداس الزيدي قد غطى على الحدث الرئيس الذي صاحبه، وهو الاحتفال بتوقيع الاتفاقية الأمنية في العراق.
لقد أبان الفعل العفوي لمنتظر الزيدي، أو هكذا يبدو على الأقل، على أن مخزون الغضب من السياسات الأمريكية في المنطقة العربية كبير، وعلى أن اندماج الشعوب العربية في واقع الهزيمة صعب التحقق، والدليل على ذلك هو الكم الهائل من التفاعل الشعبي العربي مع حادثة الحذاء، بل إن الأمر تجاوزه ليشمل كافة الشعوب والدول المتضررة من النهج السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة، ومناهضي العولمة، وعموم المثقفين ومناضلي السلام وحقوق الإنسان، ثم إن الأحذية فرضت نفسها كأداة للاحتجاج في مختلف حركات الرفض والتظاهرات.
إلا أن ما نحتاجه حقا هو أحذية قادرة على تحمل ثقل الجسد العربي المنهك من تأثيرات عقود الانتكاس والتخلف، وقادرة على ضبط خطواتنا في اتجاه الغد الأفضل الذي تحلم به كل شعوب العالم العربي وأحراره، من المحيط إلى الخليج، ولعل فينا من يقول الآن مقتبسا من حسان بن ثابت )رض(:
عدمنا "رجلنا" إن لم تروها تثير "الرفض" موعدها "حذاء"
سعيد مبشور – الدار البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.