قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    وزير السياحة يؤكد ادماج جميع خريجي الوكالة الوطنية للتكوين في مهن السياحة والحاجة الى رفع طاقة استيعاب وحدات التكوين    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    رسمي : محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    ميناء جرجيس… رصيد عقاري هام غير مستغل ومطالب باستقطاب استثمارات جديدة    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    7 مؤسسات ستنتفع بامتياز تكفل الدولة بفارق الفائدة على قروض الاستثمار..وهذه التفاصيل..    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    جندوبة: وزير السياحة يتابع استعدادات الجهة للموسم السياحي ومدى تقدّم عدد من المشاريع السياحية والحرفية    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    جامعة تونس المنار تحرز تقدما ب40 مرتبة في تصنيف QS العالمي للجامعات لسنة 2026    هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء النفسيين؟    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    عاجل/ الداخلية الليبية تؤكد تعرض عناصرها الأمنية لهجوم مسلح داخل طرابلس..    إيران تقدم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    صدمة في قطاع الهندسة: 95% من مهندسي الإعلامية يغادرون تونس بحثًا عن فرص أفضل!    اكتمال النصاب القانوني وانطلاق أشغال الجلسة العامة الإنتخابية    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    وفاة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب في المغرب    رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق: الولايات المتحدة ستغرق إذا ضربت إيران    كاتس يعلن تصفية قائد إيراني وموجة صواريخ إيرانية جديدة    الوجهة السياحية جربة جرجيس الأولى وطنيا وتوقعات بتسجيل أكثر من مليون زائر    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    ردّ فعل رسمي وعاجل من وزارة الخارجية بعد العثور على جثة عبد المجيد الحجري بستوكهولم    طقس اليوم السبت: أجواء صيفية مستقرة على كامل البلاد    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    كأس العالم للاندية.. الترجي ينتصر على لوس انجلوس الامريكي    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    التشكيلة المحتملة للترجي أمام لوس أنجلوس    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    بطولة برلين : من هي منافسة أنس جابر اليوم الجمعة ؟    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الصحفي محمود الذوادي
نشر في الفجر نيوز يوم 09 - 12 - 2007

انتقد الكاتب العام لنقابة الصحفيين التونسيين الصحفي محمود الذوادي سيطرة أجهزة المخابرات في تونس على الأجهزة الإعلامية. وأرجع الذوادي تدهور العمل الصحفي في تونس إلى القيود التي وضعتها السلطات على الصحفيين.
الصحفي محمود الذوادي ل"آفاق": في تونس هناك رئيس تحرير واحد لجميع الصحف
تونس- سفيان الشّورابي
وأشار الذوادي إلى العراقيل والضغوطات التي تضعها السلطات لمنع تكوين نقابة مستقلة للصحفيين.
وتحدث الذوادي في حوار مطول أجراه مراسل "آفاق" في تونس عن الأسباب التي دفعت لإنشاء نقابة لعموم الصحفيين في تونس وقال "هناك عدة دوافع كانت وراء ذلك، أولها هو عدم وجود هيكل نقابي يدافع عن حقوق الصحفيين المهنية والمادية. والثاني هو أن مكانة الصحفي في المجتمع التونسي تدهورت بشكل غريب في العقود الأخيرة التي اسميها ب"السنوات العجاف". أما بالنسبة للسبب الثالث فهو أن السلطة تقمع بشكل دائم الصحفيين وحولتهم إلى مجرد كتبة عموميين".
وعن العراقيل التي تضعها السلطات أمام تكوين نقابة مستقلة للصحفيين قال الذوادي "مارست السلطة سياسة الترهيب والترغيب على الصحفيين عن طريق شراء بعض الذمم واستغلال الأوضاع المادية الهشة لحثهم على الانسحاب من النقابة".
وأضاف "الى جانب الضغوط المهنية، حُرمت النقابة من مقر يجتمع فيه أعضائها، ومنعت السلطة من عقد مؤتمرها سنة 2005 بالرغم من تواجد أكثر من عشرة منظمات دولية كانت تعتزم حضوره إضافة إلى الملاحقات الأمنية".
وفيما يلي نص الحوار:
آفاق: في البداية، نريد أن تقدموا لنا بسطة عن دوافع إنشاء نقابة لعموم الصحفيين في تونس.
تأسست نقابة الصحفيين التونسيين في ماي 2004. عدة دوافع كانت وراء ذلك، أولها هو عدم وجود هيكل نقابي يدافع عن حقوق الصحفيين المهنية والمادية. والثاني هو أن مكانة الصحفي في المجتمع التونسي تدهورت بشكل غريب في العقود الأخيرة التي اسميها ب"السنوات العجاف". أما بالنسبة للسبب الثالث فهو أن السلطة تقمع بشكل دائم الصحفيين وحولتهم إلى مجرد كتبة عموميين. فالمعلوم أن في تونس رئيس تحرير واحد لكل الجرائد، ويقبع داخل أجهزة السلطة. والغريب أن النظام يحمل مسؤولية رداءة الإعلام إلى الصحفيين أنفسهم.
النظام سلب سلطة الصحافي وسلب حريته ولم يمكنه من مناخ طبيعي لممارسة مهنته. الإعلام التونسي خلال السنوات الأخيرة أصبح يصنف في المراتب السفلى عالميا بالرغم من أن تونس كانت رائدة المنطقة خلال فترة أواخر الثمانينات.
زد على ذلك أن نقابة الصحفيين لم تأتي من فراغ. فعندما أعلنا عن تأسيس هذه النقابة كنا نقف على أرضية صلبة، وكنا نعبر عن تتويج لنضال قام به زملائنا في السابق. المفارقة أن تونس هي البلد الوحيد مقارنة بجيرانها التي تفتقد لنقابة تجمع الصحفيين.
آفاق: واجه هذا المشروع اليافع الكثير من العراقيل والصعوبات. حدثنا عنها.
لنكون واضحين. هذه السلطة تخاف من وجود نقابة مستقلة أو لنقل القائمين على الإعلام في تونس لا يريدون التفريط في هذا القطاع. فبالنسبة لهم تمثل ضيعة خاصة. خصوصا مع تراجع دور جمعية الصحفيين التي كانت في وقت من الأوقات منبرا للدفاع عن الصحفيين، ولكنها أصبحت في السنوات الأخيرة مرتبطة بالسلطة وتخلت عن مهمتها مما ولد فراغ سعت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية لملأه. فصحيح إننا نحترم هذه الهيئات ومن حقها التكلم عن حرية التعبير وعن حرية الصحافة، لكن في المقام الأول لا بد أن يكون المسئول الأول الذي يقوم بهذه المهمة هو الطرف المعني بذلك.
أما بالنسبة للعراقيل، فبالرغم من أن النقابة أعلنت في بيانها التأسيسي أنها تريد التعاون والحوار، ومدت يدها لكل الأطراف المتداخلة في القطاع، فنحن لسنا بطرف صدامي. ولكنها تعرضت منذ اليوم الأول لتأسيسها إلى ضغوطات رهيبة. إذ مارست السلطة سياسة الترهيب والترغيب على الصحفيين عن طريق شراء بعض الذمم واستغلال الأوضاع المادية الهشة لحثهم على الانسحاب من النقابة. ولحسن حظنا أن هذه لم يؤثر علينا كثيرا.
والى جانب الضغوط المهنية، حُرمت النقابة من مقر يجتمع فيه أعضائها، ومنعت السلطة من عقد مؤتمرها سنة 2005 بالرغم من تواجد أكثر من عشرة منظمات دولية كانت تعتزم حضوره.
إضافة إلى الملاحقات الأمنية فمنذ 16 جوان 2004، وقع استدعاء رئيس النقابة وكاتبها العام من طرف البوليس السياسي. وتواصلت لتلك العملية في عدد من المرات المتتالية.
آفاق: منذ نشأتها إلى اليوم، ما هي الأنشطة التي نظمتها النقابة؟
بالرغم من قلة إمكانياتنا، قمنا مثلا ولأول مرة منذ سنوات طويلة بالدفاع عن صحفيين من المغضوب عليهم من قبل السلطة، وعرّفنا بقضاياهم في وقت لم يجدوا فيه من يقف إلى جانبهم عند تضررهم. كما أنجزنا تقريرا عن وضعية الصحافة في تونس لأول مرة أيضا، كشف عن الأوضاع المزرية للصحفيين وفضح الصحف التي تتمعش من الأموال العمومية وتستغل الصحفيين وهو ما يخالف القوانين ذات الصلة.
هذا التقرير حرّك وأحرج هذه الجرائد فهناك على سبيل الذكر بعض الصحف أو المجلات التي تشغل صحفي واحد بالرغم الدعم المالي الضخم الذي تتحصل عليه من طرف الإشهار العمومي.
آفاق: في هذا السياق، ألا ترون أن تأسيس نقابة وإصدارها لتقريرها عاد ايجابيا وأثّر على جمعية الصحفيين التونسيين التي أصدرت مؤخرا تقريرا يمكن أن نصفه بأنه نوعي؟
لكن واضحين. بالنسبة لجمعية الصحفيين نحن نحترم تاريخها العريق. حيث قامت سابقا بدورها الكامل وأنجبت مناضلين منهم من يقود منظمات دولية.
ولكن الجمعية أصبحت منذ بداية التسعينات تابعة للسلطة ولأطراف لا تهمهم مصلحة البلاد ولا مصلحة الصحفيين. ووقع تدجين هذه الجمعية. وتم فتحها ل"النطيحة والعرجاء" إلى درجة بدا من المستحيل إمكانية إصلاحها من الداخل. وارتكبت الجمعية أخطاءً فادحة ضد المهنة وضد الصحفيين. وقدمت تنازلات كبيرة. وعطلت مصالحهم. وكانت في غيبوبة وما تزال إلى اليوم.
كان من الممكن بعد تأسيس النقابة أن تستفيد الجمعية من هذه الرجة ومن هذه المبادرة، وأن ترتب بيتها من جديد. ولكن ذلك لم يحدث. بل انساقت وراء تيار داخل الجمعية تحركه السلطة.
وكما قلت لك فان السلطة اعتمدت ضغوطات كبيرة لقمع نقابة الصحفيين. واستعملت أيضا تكتيك بدعوى تحريك الجمعية حولت خلالها، حقوق الصحفيين إلى هبات ومنة.
مثال على ذلك، صندوق التآزر بين الصحفيين الذي صدر قرار بعثه مؤخرا، وهو الذي كان مشروعا قديما للصحفيين يهدف أساسا لتكريس استقلالية الصحافة، وتوفير حد أدنى من السند المالي يضمن كرامة الصحفي و يقيه من الضغوطات. ولكن فور إعلان الدولة عن إنشائه وقع الاستيلاء عليه من قبل شق من جمعية الصحفيين. وتم تنصيب مكتب يشرف عليه من دون أن يقع القيام باستشارة الصحفيين. فالصحفيون لا يحتاجون إلى صندوق نفقة بل هم في حاجة إلى صندوق تآزر حقيقي.
آفاق: نعتم الجمعية بكونها مدجنة من قبل الحكومة، ولكن هناك نقد صادر من أطراف أخرى تتهم نقابة الصحفيين التونسيين أيضا بالمشاركة في أنشطة سياسية لا تحضى بإجماع قاعدة النقابة؟
حددت النقابة منذ نشأتها مبادئها العامة وبرنامجها. واختارت طريق العمل القانوني والشرعي للقيام بمهامها، وهو ما أكسبها مصداقية في الداخل وفي الخارج وفي صلب المجتمع المدني.
وفي مسار دفاعنا عن الحريات، تقاطعنا مع منظمات مدنية تشاطرنا نفس الهموم، ونقف معا في نفس الخندق حول مواضيع الحريات وحقوق الإنسان. وهو شرف لنا. وهو ما كانت تقوم به الجمعية في وقت سابق قبل أن تصطف إلى جانب السلطة.
آفاق: ولكن أستاذ، هناك تحفظ على مشاركة رئيس النقابة في تجمع يتألف من مجموعة من الأحزاب والتيارات ليست محل اتفاق من قبل غالبية الصحفيين.
بالنسبة لهيئة 18 أكتوبر للحقوق وللحريات (تجمع أحزاب ومنظمات وشخصيات معارضة) التي تتحدث عنها، فكما قلت لك أن نقطة قوة نقابة الصحفيين التونسيين أنها كانت مستقلة عن كل المنظمات والحساسيات، ولكن في داخلها تضم صحفيين من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية.
فعشية انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات خريف 2005، دخل مجموعة من ممثلي الأحزاب والجمعيات في إضراب جوع من أجل عدة مطالب كان من بينها الدفاع عن حرية التعبير، وشارك معهم الزميل لطفي حجي نقيب الصحفيين الذي تحمل مسؤوليته الكاملة في اتخاذ القرار كفرد، لأنه كان محروم من الشغل ومن حقوقه الصحفية، وهو ما جعله يعبر بطريقته عن الحالة التي كان يعيشها. وطبعا، ساندت النقابة الإضراب ككل مكونات المجتمع المدني. وأعتقد جازما أن أغلبية المنخرطين في النقابة ساندوا أي تحرك في هذا الاتجاه، ولكن تم استغلال دخول حجي لضرب النقابة، وأعترف أنه وقع إرباك النقابة، لضربها، خصوصا وأن وضعيتنا هشة جدا بما أننا محرومين من الآليات الطبيعية والعادية المفروض أن تتوفر لكل هيئة مدنية. إذ نخضع للمراقبة المتواصلة، ولتعقب اتصالاتنا الخ.
ولكن بالرغم من الاعتراضات التي تحدثتُ عنها، فانه من الأكيد بأن هذه القضية تعد مسألة داخلية، يمكن حلها بالشكل المناسب، ونحاسب زميلنا بطريقتنا إذا كنا قد رأينا أنه أضر بالنقابة. فنحن نحترم كل رأي، وإذا حدث خطأ من جهتنا فان هياكل النقابية هي التي تعالج الأمر.
والأكيد أن غالبية الصحفيين ما يزالوا يساندون إلى الآن النقابة، حيث لم يقع انقسام داخل النقابة أو استقالات كبيرة وضخمة جراء هذا الإرباك.
في النهاية، مرت النقابة باختبار صعب، ولكنها بقيت متماسكة وتجاوزنا هذا المشكل. وستظل النقابة بالرغم من حداثتها، كما كانت، توفر دعما قويا وسندا لعديد المنظمات الحقوقية.
آفاق: بخصوص تجاوز الأزمة التي ذكرتها، هل أن قرار النقابة بالانضواء في صلب المنظمة العمالية (الاتحاد العام التونسي للشغل) يتنزل في هذا الإطار؟
نحن نبحث دائما على الطريق الأفضل. نحن طرف حواري ولسنا صداميين. فالنسبة لدخولنا لاتحاد الشغل، كان نتيجة دوافع قوية أذكر منها أن الاتحاد يعيش تحولات ومخاض داخلية، وأنه من المفيد بالنسبة لنا أن نكون متواجدين في ذلك الهيكل. وأصبح الاتحاد، على اعتباره منظمة عريقة، قادر على تحمل تواجد نقابة مستقلة للصحفيين، ونشاهد جميعا قيام أنشطة نوعية من قبل نقابات التعليم بجميع أصنافها، والصحة وغيرها.
كما أن اتحاد الشغل عبّر رسميا عن رغبته في إنشاء نقابة مستقلة للصحفيين، واتصل بالمنظمة الدولية للنقابات الحرة قبل حلّها، معلنا استعداده للتعاون مع نقابتنا. كما اتصل بالفيدرالية الدولية للصحفيين في سبتمبر 2006 وقال أنه قابل لاحتضاننا.
وكوننا، في هذا الإطار، لجنة للتحاور مع القيادة النقابية متكونة من زملاء يتميزون باستقلاليتهم وبنضالهم و باحترافهم.
آفاق: ولكن هناك نشطاء نقابيون في قطاعات أخرى يصفون قيادة اتحاد الشغل بممارسة البيروقراطية، كيف ستتعاملون مع هذه الوضعية؟
في البدء، إن دخولنا إلى اتحاد الشغل هو على أساس التفاوض المحترم والمتكافئ. وخلال الثماني أشهر التي تلت انضمامنا إلى اتحاد الشغل في ديسمبر السنة الماضية، حاولنا الوفاء بجميع التزاماتنا، واحترمنا قانونه الداخلي. وفعلا تحققت نتائج ايجابية، وانخرط في النقابة ما يناهز عن 300 صحفي، وبدأنا نعدّ اثر ذلك للمؤتمر التأسيسي.
آفاق: حول موضوع المؤتمر، لقد وقع تأجيله في الكثير من المرات، ما هي أسباب ذلك التأجيل؟
حددنا الموعد الأول في 15 جوان الفارط لعقد ذلك المؤتمر، ولكن ضغوطات سلطت على قيادة اتحاد الشغل لمنعه. وقد تجلى ذلك بوضوح لما عقدنا ندوة تشاورية سابقة للمؤتمر. وقيادة اتحاد الشغل، رضخت مع الأسف لهذه الضغوطات. لا أريد أن أتهم أي أحد، وذلك لأن عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد ساندونا. وبالرغم من ذلك، قررنا أن نعقد مؤتمرنا مهما كانت التكاليف. وحددنا موعد آخر هو 28 أكتوبر الماضي لعقده. وأصدر الاتحاد بلاغا رسميا في ذلك.
وكان من المفروض أن يقع نشر ذلك البلاغ داخل المؤسسات الصحفية مثلما يخوله التشريع التونسي، ولكن تم منع ذلك في تجاوز صارخ للقانون. وهو ما يمثل بالنسبة لنا ضربا لمصداقية اتحاد الشغل. ولكن هذا الأخير لم يتحرك في اتجاه التنديد بمثل هذه الممارسات.
زيادة إلى ذلك، مارست السلطة حملة كبيرة تجاه أعضاء النقابة، في جل المؤسسات الإعلامية. وشنت حملة تشويهية في كل الجرائد وفي يوم واحد، وهو ما يثبت أن العملية مدبرة.
في نفس الوقت، مررت الهيئات الإعلامية على غرار وكالة تونس إفريقيا للأنباء الحكومية والإذاعة والتلفزة التونسية عريضة تستهدف النقابة مستغلة هشاشة وضعية العاملين لديها، وأجبروا البعض على إمضائها عنوة وتهديدهم بالطرد إن خالفوا ذلك.
لذلك قررنا تأجيل المؤتمر لإعادة النظر في علاقتنا باتحاد الشغل، وكذلك للتشهير بهذه العمليات غير النبيلة وللتدخل لدى السلطة للكف عن هذه الضغوطات.
وفي الأثناء، واصلنا التحضير للمؤتمر، ولكن وبشكل مفاجئ ومخالف لكل التقاليد النقابية ومعارض للقانون الداخلي للاتحاد، فرض علينا اتحاد الشغل شرطا تعجيزيا يتمثل في حرمان مجموعة هامة من الزملاء العاملين في وكالات الأنباء والصحفيين المتعاونين من الترشح للقيادة الجديدة،رغم انخراطهم في نقابة الصحفيين. والغريب أن هذا الموقف جاء قبل 48 ساعة من انعقاد المؤتمر. وهو ما يعطي لنا انطباع أن هناك مجموعة تريد إفشاله. وهو ما لا نقبله. لذلك قررنا تأجيله مرة أخرى.
أما من جهة أخرى، وفي نفس الوقت، تعطى الأوامر إلى مجموعة موالية للسلطة في جمعية الصحفيين للإعلان عن تأسيس نقابة موازية تقوم على أنقاض الجمعية بعد دفنها والقضاء عليها. نحن نحترم التعدد النقابي، لكن طريقة وجودها والدعوة إليها وتوقيت نشأتها تؤكد أن دورها الوحيد هو ضرب نقابتنا وان العملية برمتها هي مدبرة، وأكبر دليل على ذلك أن هناك صحفيين صادقين في الجمعية فضحوا هذا المشروع ورفضوه.
والخطير أن هذا الإجراء يخدم بوضوح بعض الأطراف في داخل الجهات الحكومية لحسابات ضيقة لديها، سوف تضر أساسا بالجمعية التي رغم ما قيل حولها، لها شرعية تاريخية. أقول بصراحة أن هذه النقابة الموازية هي من صنيع السلطة.
آفاق: في الأخير، وقع الزج بالزميل سليم بوخذير في السجن على أساس تهم وصفتها منظمات دولية بالتلفيقية، ما هو موقف النقابة، وكيف ستتعاطى مع هذه القضية؟
نحن ندافع عن جميع الصحفيين الذين يتعرضون للاضطهاد. النظام التونسي يتحجج بأنه لا يضع الصحفيين في السجن وأنه يحمي حرية التعبير، ولكن الواقع يفند ذلك، والزميل بوخذير أحد الأمثلة على ذلك. فمع احترامنا الكامل للقضاء عندما يكون مستقلا، فإننا نرفض أن يحاكم الصحفيين بسبب مقالاتهم وأن يقع تشويه الصحفيين وإلصاق التهم التي تنال من سمعتهم. ومن حق الصحفي كتابة مقالات في المواضيع التي يراها سليمة. وقد نتفق مع بوخذير في نوعية مقالاته أو قد تختلف معه، ولكن الصحافيين التونسيين جميعهم مدعوين للدفاع عنه.
ولقد قمنا في هذا الصدد، بواجبنا في ذلك، حيث حضرنا جلسة المحاكمة. وندعو في هذه المناسبة أن يقع التراجع على هذا الحكم القاس الذي من شأنه أن يشوه سمعة تونس. وكان من المفروض، وحتى لو افترضنا أنه قام بمخالفة للحق العام، أن يعامل باحترام على اعتباره صحفي تونسي. إن ما وقع هو خطير للغاية ولا يمكن السكوت عنه. وسندافع عن زميلنا إلى النهاية لأننا نعتبر أن سجن صحفي هو خط أحمر.
المصدر: آفاق

الاحد 9 ديسمبر - كانون الأول 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.