اختتمت قمة مجلس دول التعاون الخليجي أعمالها اليوم بدعوة المجتمع الدولي "لتحمل مسؤوليته في حماية الشعب الفلسطيني والوقف الفوري"لآلة العدوان الإسرائيلي" ولم يتوصل قادة الدول الست إلى أي اتفاق بشأن القمة العربية الطارئة، لكن يوسف بن علوي وزير خارجية عمان أكد في ندوة صحفية أن "هناك جهودا مكثفة من أجل التوصل إلى سلام في قطاع غزة." وأضاف في سؤال ما إن كانت الدوحة ستستضيف القمة بأنه يجب التنسيق مع القاهرة والأطراف الأخرى لعقدها.
ظلال غزة وفي بيان ختامي صدر عن القمة، حمل المشاركون إسرائيل مسؤولية ما يقع الآن في قطاع غزة، ودعوا مجلس الأمن في الأممالمتحدة للتدخل لوقف ما أسماه البيان بالهجمة الشرسة لآلة العدوان الإسرائيلي والتي يروح ضحيتها مئات الفلسطينيين. ومن جهة أخرى طالب البيان كل الفصائل الفلسطينية أن تتوحد وأن تعود الى طاولة الحوار. مجلس التعاون الخليجي
وخيمت الأحداث الدائرة في قطاع غزة على جدول أعمال القمة ذو الطابع الاقتصادي والذي تضمن مصادقة القادة الخليجيين على مخطط دمج العملات النقدية للدول الأعضاء الستة والوصول إلى وحدة نقدية مشتركة بحلول عام 2010.
قال عبد الرحمن العطية، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في تصريحات سابقة، أن قمة مجلس التعاون الخليجي هدف لإنشاء مجلس النقد الخليجي، ومنه سينبثق البنك المركزي الخليجي الذي سيشرف على إدخال العملة الخليجية الموحدة في دول الخليج بعد سنتين. وأمام هذا التفاؤل يطرح خبراء ومحللون اقتصاديون السؤال حول ما إن كان هذا الأجل قابل للتحقيق؟!! .
العملة الموحدة لكن حلم التوصل إلى عملة موحدة في دول مجلس التعاون الخليجي بدأ يهتز في الفترة الأخيرة بعد أن أعلنت مسقط أنسحابها من تلك الاتفاقية. وكان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي عبر عن انسحاب بلاده نهائيا من المشروع، مشككا في أن تكون العملة الخليجية الموحدة ذات مزايا اقتصادية وإستراتيجية، وأضاف أن العملات الخليجية الستة ما تزال مستقرة وقوية، وأن المشروع لم يدرس بما فيه الكفاية من ناحية ما يمكن أن يضيفه للاقتصاد الخليجي والاستقرار المالي في الدول الأعضاء في المجلس. وزاد من الشكوك في نجاح المشروع إقدام دولة الكويت على فك ارتباط عملتها بالدولار الأمريكي خلافا لما هو عليه الحال بالنسبة إلى باقي دول مجلس التعاون الخليجي.
ولا تملك دول المجلس، والذي أنشأ عام 1981 أي سلطة مالية موحدة فيما بينها، لكن تأمل حكومات المجلس إلى التوصل إلى سياسة نقدية موحدة على خطوات ومراحل. ومن أهم تلك الخطوات إنشاء بنك مركزي خليجي مستقل عن حكومات الدول الستة. وتضمنت الاتفاقية الاقتصادية التي أنشأ مجلس التعاون الخليجي بموجبها مجموعة من الخطوات التي تؤدي على مراحل إلى التكامل الاقتصادي بين دول الخليج الستة، ومن بين تلك الخطوات التوصل إلى عملة نقدية وتعريفة جمركية موحدتين بين تلك الدول، بالإضافة إلى ما تضمنته المادة اثنين وعشرين من الاتفاقية التي تنص بأن "تقوم الدول الأعضاء بتنسيق سياستها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون ارضية للتكامل الاقتصادي المنشود فيما بينها ". وشهدت سنوات الثمانينات تنسيقا خليجيا في اتجاه التكامل المالي والاقتصادي دون التوصل إلى الآن لأية نتائج ملموسة في القطاع المالي والنقدي. ويعتقد الكثير من المحللون والاقتصاديون أن العملة الخليجية الموحدة هدف ليس من السهل تحقيقه في ظل التباين بين الإقتصادات الستة المكونة لمجلس التعاون الخليجي، لكن أيضا بسبب الانقسام الحاصل بين المجموعة بعد انسحاب سلطنة عمان من المشروع وفك ارتباط الدينار الكويتي بالدولار.
وتحوم الشكوك لدى بعض الأوساط السياسية والمالية حول ما إذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على الوفاء بتاريخ 2010 للتوصل إلى العملة الخليجية الموحدة. ويحتج المشككون بأن الدول الستة ليست مهيأة بما فيه الكفاية لتوحيد عملاتها في ظرف سنتين، خاصة وأن أمامها الكثير مما يجب عمله من إصلاح مالي واقتصادي وأهمه حرية تنقل الرساميل والتعريفة الجمركية الموحدة. ويستند هؤلاء إلى الخطوات الهادئة والطويلة التي قامت بها دول الإتحاد الأوربي، والتي دامت لأكثر من خمسة وثلاثين عاما، تمكن فيها الأوربيون بهدوء من تأسيس سياسة مالية ونقدية شاملة انتهت باستبدال العملات الوطنية بالعملة الأوربية الموحدة اليورو.
التجربة الأوربية دخلت دول الإتحاد الأوربي المرحلة الفعلية للوصول إلى العملة الموحدة سنة 1990 بعد سن القوانين المنظمة لحرية تنقل الأموال ثم تلتها خطوة إنشاء المعهد الأوربي للعملات. وأختص المعهد المذكور بدعم سياسة التعاون النقدي بين دول الإتحاد، وفي مرحلة ثانية تم إنشاء النظام المركزي للبنوك المركزية، وهو النظام المسئول في الأخير على استصدار العملة النقدية الموحدة، تلتها خطوة أخرى وهي اعتماد الأورو عملة نقدية وحسابية بين المصارف والبوصات والمؤسسات المالية. ظهر اليورو في آخر مرحلة في سبتمبر أيلول 2001 حيث تعرف المواطنون على العملة الجديدة والأوراق النقدية التي عرضت في كل مكان ورافقتها حملات إعلامية للتعريف بها، ولم تدخل حيز التداول الفعلي في الحياة اليومية إلا في يناير كانون الثاني 2002 وبعدها حل اليورو محل العملات الأوربية الوطنية.
وكان وزراء مالية دول مجلس التعاون الخليجي درسوا في أيلول سبتمبر الماضي في مؤتمر بمدينة جدة السعودية على وثيقة هذا المشروع، على أن يتم التصديق عليها واعتمادها من طرف القادة المجتمعين أمس واليوم في قمة لدول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة العمانية مسقط. تقرير: عبد العالي رقاد