زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة استعدادا لمحادثات مع ترامب    مراد المالكي: اللاعبون كانوا خائفين أكثر من اللازم.. وترشح المنتخب ب"أيدينا"    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    منخفض جوي قوي يضرب غزة.. خيام النازحين تتطاير أمام هبوب الرياح العاتية    عبد الحق العلايمي: مباراة للنسيان.. وسامي الطرابلسي مطالب بمراجعة هذه النقاط    تنظيم سلسلة من المعارض الثقافية ضمن فعاليات المهرجان الدولي للصحراء بدوز    خسارة تونس أمام نيجيريا    تونس تُشارك في الصالون الدولي للفلاحة بباريس    سيدي حسين: المنحرف الخطير المكنّى ب«ب بألو» في قبضة الأمن    انقطاع جزئي للكهرباء بالمنستير    لجنة مشتركة تونسية سعودية    مع الشروق : «الإبراهيمية» تغزو الشرق الإفريقي    قرقنة تكشف مخزونها التراثي .. الحرف الأصيلة تتحوّل إلى مشاريع تنموية    جهاز استشعار للكشف عن السرطان    عاجل/ كأس أمم افريقيا: التشكيلة الأساسية للمنتخب التونسي ضد نيجيريا..    تراجع خدمات الدين الخارجي المتراكمة ب 13،8 بالمائة    الرصد الجوي: درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية متوقعة خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2026..    مسرحية "كحلة الأهذاب"... إنتاج جديد لفرقة مدينة تونس للمسرح احتفالا بذكراها السبعين    الدورة الثانية للمؤتمر الدولي حول التقنيات المبتكرة والذكية للمعلومات (IC3IT'26) في الفترة من 26 إلى 28 مارس 2026 بالحمامات    كاس امم افريقيا 2025: السنيغال يتعادل مع الكونغو الديمقراطية 1-1    الليلة: الحرارة في انخفاض مع أمطار غزيرة بهذه الجهات    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    مجموعة الخطوط التونسية: تراجع طفيف في العجز خلال سنة 2022    المستشفى الجامعي شارل نيكول يحقق أول عمليات ناجحة بالفيمتو ليزك بتونس!    نجاح جراحة عالية الدقة لأول مرة وطنيًا بالمستشفى الجامعي بقابس    متابعة مدى تقدم رقمنة مختلف العمليات الإدارية والمينائية المؤمنة بالشباك الموحد بميناء رادس محور جلسة عمل    خبايا الخطة..ماذا وراء اعتراف اسرائيل بأرض الصومال..؟!    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    هام/ بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    تقدم أشغال بناء المستشفى الجهوي بالقصرين مع توقع انطلاق استغلاله بداية السنة    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    اخلاء هذا القصر بقرار قضائي..وهذا هو السبب..#خبر_عاجل    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    إعادة انتخاب محرز بوصيان رئيسًا للجنة الوطنية الأولمبية التونسية    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كُتاب عرب يعبدون البقرة بالوراثة كتبه : أ . تحسين يحيى أبو عاصي


– كاتب مستقل -
يأبى كثير من الكتاب العرب " إلا من رحم ربي وقليل ما هم " إلا أن يستمروا في غيبوبتهم شقاقا ونفاقا ، يبيعون ضمائرهم من غير أن يقفوا مع أنفسهم وقفة حق أمام محكمة الضمير البشري ، برمجتهم المصالح الضيقة والأنانية المفرطة ، كبرمجة الآلة الحاسبة التي لا تفكير ولا فعل لها ، إلا من خلال الهيمنة عليها وإرادة الغير ، وقد غيبوا عقولهم بالكامل ، ولم يفكروا ، بل لم يتأثروا ولو للحظة واحدة ، وهم ينظرون إلى تلك الدماء والأشلاء ، والحرق والتجريف والتدمير، والاعتقالات والإهانات التي تجري في مصر ، وكأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا ، ماتت ضمائرهم وهم يرون مشاهد قتل النساء والأطفال والشيوخ والأبرياء ، سيطرة عليهم غيبوبة العقل ، فلا تفكير ولا إنصاف ، وغيبوبة الروح فلا حياة ولا ضمير ولا شعور ، وغيبوبة القلب وكأن القتل في مصر هو بحق قطيع من أضاحي عيد الأضحى ، وجهلوا معاني شرف الخصومة ، وشمتوا وطاروا فرحا ، أعرفهم جيدا ولي معهم صولات وجولات من النقاش ، واتهموني بأني إخواني تارة ، وتارة أخرى ردوا على كتاباتي بالشتم ؛ ليثبتوا من جديد عقم تفكيرهم لكل من عارضهم ، بدلا من مقارعة البرهان بالبرهان والحقيقة بالحقيقة ، وعندما كنت أضعهم في زاوية ضيقة من النقاش ، ثاروا وزمجروا ، وتوعدوا وهددوا ، وأظهروا مخالبهم وأنيابهم التي طالما كانوا يغطونها بوجوههم الكالحة ، التي كانت تبدي للسطحيين أنها وجوه جميلة ، وهي تخفي من ورائها كل معاني الحقد والعدوانية ، يقولون : لا بد من اجتثاث الإخوان المسلمين ، ولا بد من قتلهم ، ولا بد من تعليقهم على أعواد المشانق ؛ لأنهم عملاء أمريكا ورجال المرحلة الجديدة من أجل ترتيب أوراق المنطقة لصالح أمريكا وإسرائيل " وفق قولهم " ، وعندما سقط الإخوان من الحكم قلت لهم : أين ما كنتم تدعون إفكاً وظلما !؟ " قاتلهم الله " .
كانوا يجيدون بمهارة كيل الاتهامات ، ويمتازون بدهاء الماكرين بلغة الشتم والتخوين ، وكأنهم وأتباعهم هم الذين حموا البلاد والعباد ، وأعادوا مجد الأمة من جديد ، وحققوا أهداف شعبنا الفلسطيني ، لم ألمس منهم وعيا ، ولم أجد لديهم دينا ولا ضميرا ولا أخلاقا ، فهم كالنبات الأخضر طعمه مر وشكله جميل ، يجيد تسلق الجدران بمهارة ، وتعيش بداخله الحشرات ، ويتشدقون بالوطنية ويدّعون الانفتاح والحداثة والوعي والتطور ، وهم ذئاب بأشكال بشرية ، فو الله لم أظلمهم بهذه النعوت ، بل هذه هي صفاتهم الحقيقية ، صفات يعرفها كل من تعامل معهم من المخلصين الذين يرفضون بيع ضمائرهم وإلغاء تفكيرهم وذواتهم ، تراهم يجيدون فلسفة التنظير الملوَّن ، ويتفنَّنون في التعليل والتحليل ، هم أرباب الكذب وتزييف الحقائق ، وهم آلهة الفشل والدماء ، وهم عبيد السُّكارى المخمورين من رجال الملاهي الليلية واللصوص والعملاء ، وهم الذين يرقصون أمام القادة ، يتفننون بكل أشكال النفاق والكذب ؛ من أجل مصالحهم ، هم الطابور الخامس ، هم المتسترون والمنافقون ، هم أشد على شعبنا من الاحتلال ، وما تباكيهم على الوطن إلا لأنهم فقدوا امتيازاتهم ، وصاروا كمَّا مهملا ، لذلك فهم في كمد وحسرة ولَّدت فيهم الحقد على كل شيء ، فلم يعد يرون إلا القبيح المعشش في عقولهم والمُعبر عن قبح قلوبهم السوداء ، فلا تعنيهم وطنية ولا وطنا ولا شعبا ولا هوية ، هم مع فتح فتحاويون ومع حماس حمساويون ، ومع اليهود يهود ...
كنت ألتقي بالكثير منهم من خلال الندوات والمنتديات والزيارات ، وطالما سألتهم السؤال الآتي " ما القيمة التي يجنيها شعبنا من خلال هذه اللقاءات وانتم تدَّعون أنكم نُخب الشعب ، وما الهدف والغاية منها ؟ " وتيقنت أن القيمة والهدف والغاية ليست أكثر من نسج مزيدا من العلاقات ، وأن يشهد الحاضرون بأن فلان مفكر وكاتب ومحلل ، وأنهم يريدون الاستمتاع بالوقت فقط ، وأن رغبة حب الظهور متأصلة في ذواتهم ، ينفخون بطونهم ، ويهزون أردافهم وأكتافهم ، ويكونون سعداء سعادة لا نظير لها عند الإطراء عليهم ، والويل لمن ينتقدهم ، بل كل منهم يطعن بظهر زميله في غيابه ، ويتهمه بأبشع وأحط النعوت ، وعندما يلتقي به يكيل له المدح والثناء ...
هؤلاء الكُتّاب " إلا من رحم ربي وقليل ما هم " يميلون حيث مالت بهم الأيام ، دينهم وديدنهم المزاح والضحك والسخرية وحديث الجنس ، فتسمع ضحكاتهم من بعد عشرات الأمتار ، يعشقون النساء كما يعشق نبات عباد الشمس نور الشمس ...
طلبت منهم كثيرا أن يكونوا منصفين ، وأن يُحكِّموا عقولهم ، وألا يكن أحدهم كالإمعة ، وأن يبتعدوا عن التعصب الذي تنفيه الحقائق ، ولكن إجاباتهم كانت دائما " عنزة ولو طارت " ، يعبدون تنظيماتهم وقادتهم من دون الله ، شممت منهم روائح الحقد الأعمى ، والتجرد من القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية ... هذه هي أخلاق العبيد الذين لا ينتصرون ، ولا يتذوقون ولا يستوعبون معنى الحرية مطلقا ، يصفقون للسيسي على مذابحه وقتله للأبرياء ،
فماذا سنقول عن الأحذية أكثر من أنها أحذية ! ...
وأود التأكيد هنا على أنني لست إخوانياً ولكنهم إخواني ، ولست من التيار الإسلامي ، بل من التيار الوطني ، مستقل بكل ما يعني مفهوم الاستقلالية السياسية ، ومن أنصار الديمقراطية وحقوق الإنسان ، ومن نشطاء المجتمع المدني ، ولا يعني أنني مستقل ألا أدافع عن قضية المظلومين ، أو أن أقف على الحياد ، كما يرى أشباه المثقفين والمراهقين السياسيين ، فالمستقل غير محايد ، وليس تحت عباءة أحد ، بل هو ينحاز للحق المدني ، ويدفع ثمن ذلك ولا ظهير له إن صدق ، ولا يرضى عنه أحد أبدا ، ولا يستجدي رضى أحد ؛ لأنه ينتقد كل شيء من أجل المصلحة العامة ، بأسلوب علمي ، يدعمه الدليل والحدث ، والحقيقة والرقم ، غير منتفع من أحد أبدا ، ولا يطمح لشيء مطلقا إلا لقول الحقيقة ، والدفاع عن الحق المدني العام على جميع أصعدته... فقلم المستقل لا ينتصر للظالم ، ويصدع من أجل إنصاف المقهورين والمعذبين في الأرض ، هكذا كنت وسأظل بإذن الله تعالى ، واقفا إلى جانب المضطهدين ، ولا تشرفني صداقة كاتب يجعل من قلمه معول هدم لا أداة بناء ، من أولئك الممسوخين والمهزومين الذين يؤيدون الانقلاب الدموي الفاشي ، علما بأنني انتقدت الإخوان أثناء حكمهم ، وعارضت بعضا من سياستهم وهذا أمر حيوي ، والآن أقف بجانب الحقيقة ، بجانب الدماء ، بجانب الحق المستباح ، أقف مع تلك الظاهرة الإنسانية النبيلة ، في التعبير السلمي ، ظاهرة أبهرت العالم في وقفتها وقوتها وتماسكها ، يشهد كل من اقترب منهم أنهم من أرقى وأشرف ظاهرة بشرية في العصر الحديث ، افترشوا الأرض مع أطفالهم حوالي شهرين في الميادين ، متحدِّين الجوع والعطش ، ودرجة حرارة الشمس ، ومتحدين الحرب النفسية القذرة ، صمدوا وثبتوا رغبة في تحقيق أهدافهم النبيلة السامية ، يؤدون صلواتهم ، ويغضون أبصارهم ، ويتراحمون فيما بينهم ، ويكفُّون الأذى ، ويحترم كل منهم الآخر ، يتعاطفون ويتوادّون ؛ رغبة في الآخرة ؛ ومن أجل كرامة شعبهم ، بينما ميادين أنصار الانقلاب هي ميادين التحرش الجنسي ، وتعاطي المخدرات ، وشرب الخمور ، والرقص والطبول ...
إنها كلمة الحق التي لا بد منها ، فالذي لا يؤيد الإخوان ليس بالضرورة أن يؤيد السيسي ، والكل يعلم أن الإخوان أخطأوا ، ولكن بالمقابل أنجزوا انجازا يُحسب لهم ، خاصة وانه إنجاز في مدة وجيزة ، رغم عمليات إجهاضهم ومحاولات إفشالهم ، من بعد أن ورثوا إرثا ثقيلا على جميع الأصعدة ؛ بسبب ممارسات الحكم السابق ، وتلك الأخطاء التي وقع بها الإخوان سرعان ما أن تتلاشى في بحر التضحيات والجهود المضنية التي بذلوها خدمة لبلدهم وأمتهم ، ولا يمكن مقارنة أخطائهم بتلك الجرائم البشعة التي ارتكبها الانقلابيون ، والتي أعطت العالم مزيدا من قبح وجوههم ، عندما ينقلبون على رئيس شرعي تم انتخابه ديمقراطيا ، وعندما يتنكرون لخمسة استحقاقات ديمقراطية ، بل ينبغي إعطاء الإخوان فرصتهم القانونية في إدارة الدولة ، فإما أن يعيد الشعب انتخابهم ، وإما أن يسقطهم ، كما يحدث في الدول المتقدمة عند تداول السلطة ، فذلك خير من شلالات الدماء ، ولكنها المؤامرة التي باتت واضحة المعالم والأركان ...
أولئك الكُتَّاب " إلا من رحم ربي وقليل ما هم " يتهمون الإسلاميين بالظلامية ، والجمود ، والجهل ، والتخلف ، والتحجر ، والانغلاق ، وأنهم فقط هم النورانيون والمثقفون ، والحداثيون والتقدميون والمنفتحون ، ويبدو أن نورانيتهم ما هي إلا بارات الخمر ، وملاهي الليل ، وبيوت الدعارة ، وتجارة المخدرات ، وثقافتهم ثقافة إقصاء الآخر ، وثقافة الإباحية ، وتشجيع الزنا والسحاق واللواط ، وحداثيتهم الاعتراف بإسرائيل تحت مسمى الأمر الواقع والموضوعية ، واعتبارها جارة وصديقة ، ولا مانع لديهم من أن تنسج إسرائيل الجارة الصديقة شبكة من الخونة الذين يمدونها بالمعلومات أولا بأول ، فهم القومجيون ، والعربنجيون ، والعونطجيون ، والدوونجيون ، والعاهرون ، والمارقون ، والساقطون ، جميعهم من المطبلين والمصفقين ، والراقصين على خشبات كل المسارح ، الذين حصدت بسببهم الجماهير الويل ، والمرارة ، والحرمان ، والألم ، فهم أعجز من أن يحققوا لشعوبهم العزة والكرامة والمجد ولو ليوم واحد فقط ، بل سرقوا أموال شعبهم ، ونهبوا مقدرات وطنهم ، ولا نسمع منهم إلا جعجعة التنظير الأجوف ، ونعيق الشعارات الكاذبة ، ونهيق العبارات الرنانة كرنين النحاس الصدئ ، باسم الحداثة والتنوير، والتقدمية ، والحرية ، والعلمانية ، واتهامهم للإسلاميين بكل تلك النعوت ما هو إلا ظلما وعدوانا ، خوفا على رقابهم ، وحفاظا على امتيازاتهم وسرقاتهم ، وخشية أن يقادوا إلى أعواد المشانق ، ويطلقون على الإسلاميين لفظ خراف أو خرفان ؛ ليجسدوا حقيقة حقدهم ، ومكنون مكرهم ، بل فاشيتهم ووحشيتهم وخِسَّتهم ، وقد شاهدنا ذلك جليا من خلال عمليات القتل والتنكيل ، ضد أولئك الأحرار الذين يصفونهم بالخراف – قطع الله ألسنتهم - ، وسيأتي يوم قريب بإذن الله ، يعلمون فيه أنهم النعاج ، وأن الأحرار هم الأسود الذين لم بفرطوا ، ولم يتنازلوا ، ولم يتهاونوا ، ولم يهادنوا ، ولم يبيعوا ، كما فعل أولئك النعاج ولا يزالون ... هم الذين يرفعون لواء القومية العربية ، ولا يقتلون إلا شعبهم العربي ، بغباء سياسي منقطع النظير، ليشكلوا بأيديهم مزيدا من الانتحار الوطني ، والخيانة العظمى .. فكيف يستقيم فكرهم القومي والوطني والتحرري والإنساني واللبرالي و.... الخ من كل تلك الخزعبلات والأكاذيب ، التي حملها وتحدث بها من قبلهم كل الساقطين ، مع تلك الدماء التي تسيل على أيديهم !؟.
وهم يدركون أنهم عاجزون وفاشلون ولصوص ، يمتهنون الكذب والتضليل ، ويجيدون الترقيع والتجويع ، تساندهم قوى البطش والظلم والعدوان ، التي لا يهمها إلا مصالحها ، ويسيرون في الفلك الصهيو أمريكي ، لا يستطيعون أن يزيغوا عنه قيد أنملة ، ليس ذلك كلاما مرسلا ، فلمصلحة مَن يؤيد الكُتاب ذلك ؟ ولمصلحة من يفرحون ويرقصون على الدماء والأشلاء ؟ ، ونسي هؤلاء العُمي أن مصر تعيش اليوم مفترقا هو الأخطر في التاريخ المعاصر ، وربما هو أسوأ من مفترق هزيمة حرب 1967 ، ليس فقط على صعيد الوضع السياسي فحسب ، بل على صعيد الأوضاع الإنسانية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والأمنية ، والدينية ، فقد بات المخطط واضحا من خلال آليات التنفيذ والوقائع على الأرض ، ومن خلال تصريحات قادة الانقلاب أنفسهم ، والتي تنسجم تماما مع تصريحات قادة الاحتلال الإسرائيلي العسكريين والسياسيين ، والإعلاميين والأكاديميين والدينيين .
أيها الكُتّاب المأجورين والمنتفعين ، ماذا فعل بكم الشعب المصري لكي تشمتوا به ، بينما كنتم بُكم عمي صُم في عهد مبارك بكل مساوئه وعذاباته ، قطعا لأنكم لصوص مثلهم .
ونسيتم أن إرادة الشعب المصري ستقهر الرصاص ، وستواجه الجلاد والدبابات بسلميتهم ، وبصدورهم العارية بإذن الله ، حتى يتم قهر الانقلابيين ، وعودة الشرعية المغتصبة إلى أصحابها ، ولن تذهب دماء الشهداء هدرا ، ولم يعرف التاريخ المعاصر أشد بشاعة ووحشية وتنكيلا على أيدي رجال كامب ديفد وتلاميذ السادات ومبارك وعمر سليمان ، وأصدقاء بن آل عيزر وشارون ، من سماسرة موت العبارات ، والأبنية المنهارة ، وحوادث القطارات ، ومروجي العملة المزورة ، ومرض الإيدز ، وشبكات التجسس لصالح إسرائيل ، وبيع المبيدات المسرطنة ، والبيض الفاسد ، وبائعي ثروات الوطن من العملاء الخائنين الجواسيس والمخبرين ، أولئك الذين حرقوا جثث الشهداء ثم تبولوا عليها وفق كثير من الشهادات ، ومارسوا ضد الأبرياء العزل ممارسات تفوق أبشع كوابيس الخيال الإنساني ، وأكثر فظاعة من جرائم الصهاينة ضد شعبنا الفلسطيني ، في دير ياسين وقبية ، وجنين وصبرا وشتيلا .
يا معشر الكُتَّاب من أولئك الأبواق المبرمجة آلياً ، يا رجال الشامبانيا وشارع الفاكهاني وشاليهات الليل على بحر غزة ، لقد ذهب عصر ظلام الأوكار التي كانت تتقاسم المال والسلطة ، ليتم تقسيم الوطن على مائدة الخمر، على أيدي حثالة من اللصوص وشُذَّاذ الآفاق ، وعملاء أمريكا وإسرائيل ، من تجار الوطن والأراضي ، الذين يعتبرون أنفسهم نخبا وطلائع الشعب ، ذرفتم جميعا الدموع ، لا من أجل الفقراء الذين ينامون على أسطح الأبنية وفي المقابر ، ولا من أجل أطفال الشوارع والأسر المشردة ، ولا من أجل مناصرة طبقة المستضعفين أمام بطش الظلم ، ولا من أجل ارتهان مقدرات الوطن وأراضيه لصالح أمريكا ودولة بني صهيون ، ولا من أجل انتهاك السيادة الوطنية والكرامة العربية ، بل من أجل الدولارات والامتيازات ، والعرى والبكيني ، وسيجارة الحشيش ، ومن أجل خلوات الشقق ، تثورون كما يثور الثور كلما رأى اللون الأحمر ، يساندكم معشر الكًتّاب والمفكرين " إلا من رحم ربي " مشايخ العسكر والسلطان ، الذين أغراهم وأغراكم ذهب المعز الذي يمنح ويمنع ، ألا لعن الله فتنة السلطة والسلطان . أولئك الذين يسكرون بنخب الدم ، بكؤوس جماجم الذين أفتوا بقتلهم حرقا وخنقا وتعذيبا ، دعاؤهم مثل دعاء أبي لهب الذي قال فيه : اللهم انصر من هو على الحق ، وثقافتهم ثقافة حورس الذي ينقذ مصر بعد ضياع اوزوريس ، يسبحون للات والعُزَّى ، ويطيعون أمر كل كذاب مريد وجبار عنيد ، فهم كالحمر الوحشية التي تحمل على ظهورها أسفارا ، لا يعرفون طعم الحرية ، ويعشقون العبودية ، حتى لو حُرق الوطن ، وحتى لو تعرض لاحتلال صهيوني غير مباشر، كما يجري حاليا بشكل واضح على أرض الكنانة لكل ذي لُب وبصيرة .. لن تنفعكم عبادة البقرة المقدسة التي عبدتموها بالوراثة ، ولن تتعلموا منها إلا الغباء الذي رضعتموه من ثديها ، مهما بلغت بكم الرتب والمراتب والرواتب .
أتوقع أن يرجمني السفهاء من القوم ، فهم لا يفاجئوني بذلك ، لأنهم هم هكذا ، هبوط في الوعي ، وفقر في الثقافة ، وجمود في التفكير ، وعقم في الوطنية ... ارجموني بما شئتم أيها الحمقى ... فأنا أكتب ما أشاء لا كما يُشاء لي .
" الخميس 31 أكتوبر 2013 ميلادى - الموافق - 26 ذو الحجة 1434 هجرى "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.